يهدد قناة السويس... ما خط شمال جنوب الذي يربط روسيا بإيران؟
يروج البلدان للمشروع على أنه يهدف لتقليل الاعتماد على قناة السويس الأكثر ازدحاما في العالم، التي يمر عبرها نحو 12 في المئة من التجارة العالمية.

السياق
في مسعى إلى فك خناق العقوبات عليهما، وضمن سياسة تقارب اقتصادية وعسكرية، تسعى روسيا وإيران لتنفيذ مشروع مشترك للنقل، وتقديمه بديلًا لقناة السويس المصرية.
الممر الدولي الذي يوفر 10 أيام في عملية نقل البضائع من الهند لروسيا، يبلغ طوله 7200 كيلومتر يمتد من شمال روسيا عبر بحر قزوين إلى جنوبي إيران عبر مضيق هرمز مرورًا ببحر العرب والمحيط الهندي، ويضم خطوطًا بحرية وبرية.
ويروج البلدان للمشروع على أنه يهدف لتقليل الاعتماد على قناة السويس الأكثر ازدحاما في العالم، التي يمر عبرها نحو 12 في المئة من التجارة العالمية.
وبعد أعوام من النقاش، أبرمت طهران وموسكو اتفاقية إنشاء خط سكك حديدية، يربط مدينتين شمالي شرق إيران، هما رشت وأستارا الحدودية مع أذربيجان والمطلة على بحر قزوين، ما يتيح عمليًا الربط التجاري البري بين جنوب شرق آسيا وشمال أوروبا.
تأتي الاتفاقية في إطار "الممر الدولي للنقل بين الشمال والجنوب" المعروف اختصارًا بـ "خط شمال جنوب"، الموقَّع مطلع الألفية الثالثة بين روسيا والهند وإيران، ويتيح نقل البضائع برّاً من الأولى الى الثانية مرورًا بأراضي الثالثة.
وفي دلالة على أهمية الاتفاقية، حضر حفل توقيعها في طهران الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، وعبر الاتصال بالفيديو نظيره الروسي فلاديمير بوتين.
وقال رئيسي إن الاتفاقية "مرحلة استراتيجية مهمة في التعاون بين جمهورية إيران الإسلامية والاتحاد الروسي"، مشددًا على أن "الإمكانات" بين البلدين "هائلة".
وأكد أن الاتفاقية "لا تنحصر في التعاون بين ايران وروسيا بل تصبّ أيضًا في صالح دول المنطقة"، وأن الممر "سيكون مفيدًا للمنطقة، ويمتد من آسيا الشرقية إلى جنوبها ويصل إلى القوقاز وشمال أوروبا".
هدف البلدين الخاضعين لعقوبات تفرضها دول غربية أبرزها الولايات المتحدة، إنجاز مشروع الممر بين الشمال والجنوب، وهو شبكة من الطرق البرية والبحرية والسكك الحديدية بطول 7200 كيلومتر، تتيح للبضائع الروسية بلوغ المحيط الهندي، من دون المرور عبر ممرات بحرية غربية وقناة السويس.
تتعلّق الاتفاقية بإنشاء خط سكة حديدية بطول 164 كلم بين أستارا ورشت، ما يتيح نقل البضائع الروسية برّاً من بحر قزوين شمالًا، عبر الأراضي الإيرانية الى الموانئ الجنوبية في طهران مثل بندر عباس وجابهار، ومنها شرقًا نحو آسيا وغربًا نحو دول الخليج وجنوبًا نحو دول شرق إفريقيا.
ويمكن لروسيا بذلك الاستغناء عن ممرات بحرية تقليدية لصادراتها، مثل بحر البلطيق والبحر الأسود وقناة السويس.
ميزة تنافسية كبيرة
وقال بوتين في كلمته خلال التوقيع: "سيساعد ممر النقل الفريد بين الشمال والجنوب، الذي سيكون خط سكة حديد رشت - أستارا جزءًا منه على تنويع تدفقات النقل الدولي بشكل كبير".
وأضاف: "ستكون لنقل البضائع عبر الممر الجديد ميزة تنافسية كبيرة، لأن تسليم البضائع من سانت بطرسبرغ (روسيا) إلى بومباي (الهند) سيستغرق قرابة 10 أيام. للمقارنة تستغرق الرحلة عبر الطرق التجارية التقليدية 30 إلى 45 يومًا".
وتوقع الرئيس الروسي "زيادة ملحوظة في تبادل البضائع" سيتيحها إنجاز خط النقل هذا، متحدثًا على وجه الخصوص عن "المنتجات الغذائية والزراعية" المخصصة "إلى دول الخليج وإفريقيا".
وتتوقع السلطات الإيرانية أن ينتهي العمل بخط سكك حديد أستارا-رشت في غضون ثلاثة أعوام.
كان نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، توقع خلال زيارة لطهران هذا الأسبوع، أن تتيح السكك الحديدية لخط شمال جنوب عبور ما يصل إلى 15 مليون طن من البضائع الروسية سنويًا بحلول عام 2030.
ويشكك خبراء في نجاح مشروع شمال جنوب، خصوصًا أن المصالح السياسية لأطرافه قد لا تكون دائمًا متطابقة، كما أن العلاقة بين إيران وأذربيجان التي يمرّ الخط عبر أراضيها ليست في أفضل أحوالها.
لكن تبعات الحرب الروسية على أوكرانيا، أعادت فتح النقاش بين طهران وموسكو بشأن إنجاز السكك الحديدية على الخط.
وفرضت دول غربية عدة عقوبات على موسكو في أعقاب غزوها لأوكرانيا من فبراير 2022. وتعاني طهران بدورها عقوبات قاسية فرضت أغلبيتها على خلفية برنامجها النووي.
وسرّعت طهران وموسكو وتيرة تقاربهما في المجالات الاقتصادية والطاقة والعسكرية منذ بدء حرب أوكرانيا، رغم التنافس بينهما في بعض المجالات الاقتصادية، لا سيما صادرات النفط الخاضعة للعقوبات الغربية.