فايننشال تايمز: محادثات سعودية للانضمام إلى بنك بريكس الصيني

المحادثات مع السعودية تأتي في وقت يستعد البنك للشروع في تقييم رسمي لخيارات التمويل الخاصة به، التي أصبحت موضع تساؤل، بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا

فايننشال تايمز: محادثات سعودية للانضمام إلى بنك بريكس الصيني

ترجمات – السياق

يجري بنك التنمية الجديد متعدد الأطراف، الذي يتخذ من مدينة شنغهاي الصينية مقرًا له، المعروف باسم "بنك بريكس"، محادثات مع المملكة العربية السعودية، لانضمامه كعضو تاسع في أغسطس المقبل، في خطوة من شأنها تعزيز خيارات التمويل، إذ تكافح روسيا، المساهم المؤسس في البنك، تأثير العقوبات الغربية.

وحسب صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، من المقرر أن تعزز عضوية السعودية العلاقات بين البنك، الذي أسسته أكبر الاقتصادات النامية في العالم، كبديل لمؤسسات بريتون وودز التي يقودها الغرب، وثاني أكبر منتج للنفط في العالم.

وبينما تقدمت 12 دولة لنيل العضوية، قال مصدر في "مصرف التنمية" الجديد التابع لـ"بريكس" للصحيفة البريطانية: "في الشرق الأوسط، نولي أهمية كبيرة للمملكة العربية السعودية، ونجري حوارًا مهنيًا معها".

يذكر أن مجموعة بريكس، منظمة دولية تضم روسيا والبرازيل والهند والصين وجنوب إفريقيا، وتشكل اقتصاداتها 23 بالمئة من حجم الاقتصاد العالمي، و18 بالمئة من حجم التجارة الدولية.

ويسعى عدد من الدول إلى الانضمام لهذه الكتلة الاقتصادية الضخمة، كالجزائر والأرجنتين وإيران وتونس، ووفقًا لوزارة الخارجية الصينية، تسعى كذلك للانضمام إلى المجموعة، إندونيسيا وتركيا.

هل ينجح ولي العهد السعودي في الحصول على ما يريده من واشنطن؟

مساهم رئيس

وبينت "فايننشال تايمز" أن المحادثات مع السعودية تأتي في وقت يستعد البنك للشروع في تقييم رسمي لخيارات التمويل الخاصة به، التي أصبحت موضع تساؤل، بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا.

ومن المقرر أن يعقد البنك اجتماعه السنوي الثلاثاء والأربعاء المقبلين.

وستعزز العضوية روابط الرياض مع دول "بريكس" في وقت تسعى السعودية -أكبر مُصدر للنفط الخام في العالم- إلى علاقات أوثق مع دول آسيوية، خصوصًا الصين.

كان الرئيس الصيني شي جين بينغ قد أشاد بـ"حقبة جديدة" في العلاقات بين البلدين، عندما زار المملكة نهاية العام الماضي، بينما توسطت بكين -مارس الماضي- في اتفاق بين السعودية وإيران لاستئناف العلاقات الدبلوماسية.

وأنشئ بنك التنمية الجديد عام 2015 مما تسمى دول "بريكس"، البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، لإقراض مشاريع التنمية في الاقتصادات الناشئة.

وأقرض البنك 33 مليار دولار لأكثر من 96 مشروعًا في الدول الأعضاء الخمس المؤسسة، ووسع عضويته لتشمل الإمارات ومصر وبنغلاديش.

نشأت فكرة تأسيس بنك التنمية عام 2013، خلال قمة ديربان في جنوب إفريقيا، وفي القمة التالية بمدينة فورتاليزا البرازيلية عام 2014، وقعت اتفاقية بشأن المصرف، وانطلق المصرف في عمله بشكل رسمي بالاجتماع الافتتاحي لمجلس محافظي المصرف في 7 يوليو 2015 بموسكو، وهدف هذه المؤسسة تمويل مشاريع البنية التحتية والتنمية المستدامة بالدول الأعضاء في "بريكس" والبلدان النامية.

وستمثل السعودية مساهمًا رئيسًا آخر، إذ يقيم البنك قدرته على حشد الأموال، بعد أن أثارت الحرب في أوكرانيا مخاوف من اعتماد البنك على روسيا العضو المؤسس له، إذ إنها تمتلك حصة تبلغ نحو 19 في المئة.

وبالفعل، اضطر بنك التنمية الوطني إلى التوقف عن تمويل المشاريع الروسية الجديدة -التي تصل قيمتها لنحو 1.7 مليار دولار، أو قرابة 6.7 في المئة من إجمالي أصوله- لطمأنه المستثمرين بأنه يمتثل للعقوبات التي يقودها الغرب ضد موسكو.

وشدد المدير العام لمكتب التقييم المستقل في بنك التنمية الجديد أشواني موثو للصحيفة البريطانية، على أن خيارات جمع التبرعات "أهم أمر في الوقت الحالي"، مضيفًا: "نكافح لتعبئة الموارد".

وأوضح موثو -الذي رفض التعليق على المحادثات السعودية - أن مجلس الإدارة أراد دراسة أدوات وعملات بديلة لجلب الموارد.

يذكر أن بنك التنمية الجديد جمع أموالاً بـ"الرنمينبي" الصيني، ويسعى إلى جمع "الراند" الجنوب إفريقي هذا العام.

وأضاف أشواني موثو: "علينا أولًا تحليل الوضع في روسيا وأثر الحرب الدائرة بأوكرانيا في المنطقة عمومًا، وعلى دول المجموعة بشكل خاص".

 

مواجهة العقوبات

وحسب "فايننشال تايمز" تعد موسكو، البنك أداة مهمة للمساعدة في تخفيف أثر العقوبات الغربية والابتعاد عن مبيعات النفط المرتبطة بالدولار.

وصرح رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين، في زيارة للصين هذا الأسبوع، بأن موسكو ترى أن "أحد أهداف البنك" الدفاع عن الكتلة من "عقوبات غير مشروعة من الغرب".

كما جمد البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية -وهو بنك متعدد الأطراف آخر تعد الصين فيه أكبر مساهم- أعماله في روسيا العام الماضي، رغم تعرضه لأخطار أقل بكثير.

وحسب الصحيفة البريطانية، تكشف التحركات التي اتخذها بنك التنمية الجديد والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، كيف تعاونت المؤسسات التي يُقصد منها أن تكون منافسة للمنظمات الغربية متعددة الأطراف إلى حد كبير مع عقوبات القطاع المالي ضد روسيا، بسبب اعتمادها على الوصول إلى التمويل بالدولار.

وسبق أن خفضت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، تصنيف بنك التنمية الجديد إلى (ضعف إيه) من (دبل إيه بلس) في يوليو الماضي، محذرة من أن "مخاطر السمعة" من حصتها الروسية قد تحد من الوصول إلى سوق السندات بالدولار.

ولكن، خلال مايو الجاري، عدّلت الوكالة توقعاتها للبنك من "سلبية" إلى "مستقرة"، مشيرة إلى الخطوات التي اتخذها للتخفيف من تعرضه لموسكو.

وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن المقرضين متعددي الأطراف يعتمدون على التصنيفات العالية وتكاليف التمويل المنخفضة للإقراض بتكلفة أقل.

وحال انضمامها، ستكون السعودية -التي تتقارب علاقاتها مع الصين إحدى مؤسسي "بريكس"- العضو التاسع في البنك.

وتتوسع الصين، ثاني أكبر اقتصاد عالمي -المنافس الرئيس للولايات المتحدة- في علاقاتها بدول الشرق الأوسط على المستويين السياسي والاقتصادي، حيث قادت مباحثات للاتفاق بين إيران والسعودية، بينما انضمت الرياض مؤخرًا كشريك حوار لمنظمة شنغهاي للتعاون ومقرها الصين.

ويضم التجمع 5 دول مؤسسة: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، ويكتسب قوة اقتصادية بمرور الوقت، حتى أن تقديرات تشير إلى أنه يُمثل نحو ثلث حجم الاقتصاد العالمي، وهو مصدر أساسي للحبوب في العالم.

وفي محاولة لتوسيع التجمع، أعلِن قبول عضوية مصر والإمارات وأوروغواي وبنغلاديش، بينما تسعى الجزائر للانضمام كملاحظ كمرحلة أولى.

أما البنك التابع للتجمع، فتأسس عام 2015 برأسمال 100 مليار دولار، ويطرح كبديل للمؤسسات المالية الدولية كالبنك الدولي، ويستهدف تمويل مشاريع البنية الأساسية والتنمية المستدامة في الدول الأعضاء، والاقتصادات الناشئة والنامية.

تأتي المحادثات مع المملكة العربية السعودية، في الوقت الذي يستعد البنك -الذي يعقد اجتماعه السنوي الثلاثاء والأربعاء- لتقييم رسمي لخيارات التمويل الخاصة به، بعدما عرقلت الحرب مساهمة روسيا، بحسب الصحيفة.