قصف غربي ليبيا مستمر.. تركيا تتنصل وتبعات كارثية لاستمرار العمليات العسكرية

على مدى الأيام الماضية، قصفت حكومة عبدالحميد الدبيبة مدينة الزاوية غربي ليبيا وبعض المناطق المحيطة بالطائرات المسيرة، في عملية تقول إنها لمكافحة أوكار الجريمة والاتجار بالبشر.

قصف غربي ليبيا مستمر.. تركيا تتنصل وتبعات كارثية لاستمرار العمليات العسكرية

السياق

قصف استمر أيامًا، إلا أنه طوى -بانتهاء أولى مراحله- صفحة من الاتهامات التي لاحقت تركيا، خلال الفترة الأخيرة، بمسؤوليتها السياسية أو الضمنية عنه وتبعاته، لأنها تؤيد حكومة عبدالحميد الدبيبة منتهية الولاية، التي تتخذ من الغرب الليبي مقرًا لها.

وعلى مدى الأيام الماضية، قصفت حكومة عبدالحميد الدبيبة مدينة الزاوية غربي ليبيا وبعض المناطق المحيطة بالطائرات المسيرة، في عملية تقول إنها لمكافحة أوكار الجريمة والاتجار بالبشر، إلا أن معارضيها يتهمونها بأنها محاولة لتصفية الحسابات السياسية مع بعض التشكيلات العسكرية، التي تؤيد رئيس الحكومة (الموقوف) التي يعترف بها البرلمان فتحي باشاغا.

أيام خلت، والأوضاع في الشارع الليبي تغلي، والاتهامات تلاحق حكومة الدبيبة وتركيا، لم تتثن حكومة غربي ليبيا، عن إعلان انتهاء العمليات، بل إنها تحدت البيانات المحلية والأممية، مشيرة إلى أنها ماضية في مرحلة ثانية.

وأعلن مكتب الإعلام الحربي بوزارة الدفاع التابعة لحكومة الدبيبة -في بيان مقتضب- انتهاء المرحلة الأولى من العملية التي أطلقتها لمكافحة التهريب والاتجار بالبشر، وبدء المرحلة الثانية منها.

وبينما أكدت حكومة الدبيبة دقة عملياتها، واتباعها إجراءات حماية المدنيين، دعت المواطنين إلى الابتعاد عن الأماكن المشبوهة.

 

كيف يراها معارضوها؟

في بيان ثان، عقب جلسة الاثنين، أدان مجلس النواب الليبي القصف الجوي، الذي تتعرض له مدينة الزاوية منذ أيام، بالطيران المسير، قائلًا -في بيان- إن القصف جاء لتصفية حسابات سياسية وليس لمكافحة التهريب كما يدعى من وراءه، في إشارة لحكومة الدبيبة.

واستدل البرلمان الليبي على رؤيته بقوله، إن الدليل على ذلك هو القصف الذي تعرض له منزل عضو المجلس عن الزاوية النائب على أبوزيبة من دون التنسيق مع الجهات المختصة، مشيرًا إلى أن هذا القصف يعد خرقًا لقرار مجلس الأمن 2570/ 2021 وأنه سيخاطب اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) والبعثة الأممية ومجلس الأمن ومحكمة الجنايات الدولية والبرلمان التركي، بخصوص الاعتداء على مدينة الزاوية.

في السياق نفسه، اتهم عضو مجلس النواب في الزاوية علي أبوزريبة، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، طائرات مسيرة تركية باستهداف منزله بمدينة الزاوية، مشيرًا إلى أن أوكار المخدرات معروفة في الزاوية، «واستهداف منزلي كان مقصودًا».

من جانبه، قال المرشح للرئاسة الليبية سليمان البيوضي في «فيسبوك»، إن ما صرح به عضو مجلس النواب علي أبوزريبة بخصوص قصف الطيران المسير، يؤكد ما أدرجته، مشيرًا إلى أن ردود الفعل في المنطقة الغربية عمومًا والزاوية خصوصًا، تؤكد أن هناك محاولة لإشعال فتيل الحرب في ليبيا، وتأكيدًا أن الدبيبة لم يعد شخصية جامعة، بل أضحى خطرًا على استقرار ليبيا.

وأوضح البيوضي أن «حالة التجييش والتشنج تتطلب موقفًا واضحًا من قيادات مصراتة السياسية والأمنية، ضد بعض المحسوبين عليها، ممن يحاولون توريط المدينة في حرب متسلسلة، تبدأ من الزاوية وغربي البلاد، لتمر نحو الجنوب والهلال النفطي، تحقيقًا لرغبات إقليمية، وسعيًا لحماية مكاسب سياسية واقتصادية لأفراد وعائلات».

 

تركيا تتنصل

في محاولة من تركيا، للتنصل من الاتهامات الموجهة إليها، التقى سفيرها في ليبيا كنعان يلماز، النائب بالمجلس الرئاسي عبدالله اللافي، لبحث قصف الزاوية وبعض القضايا.

وثمَّن السفير التركي دور المجلس الرئاسي، في المحافظة على وحدة المؤسسات، وتحقيق المصالحة بخطوات ثابتة، وبأسس علمية متينة، مؤكدًا حرص بلاده على دعم استقرار ليبيا وأمنها.

وأكد السفير التركي عدم صحة أنباء مشاركةٍ تركية مفترضة في العمليات الأمنية الأخيرة غربي البلاد، مجدداً التعبير عن عمق العلاقات بين تركيا وليبيا.

 

هل تستطيع تركيا التنصل؟

يقول المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي، في تصريحات لـ«السياق»، إن هذا التصريح غير مهم، فمشاركة تركيا إن لم تكن بشكل صريح، فقد جاءت عبر أمراء الحرب الخاضعين للأوامر التركية.

وأوضح المحلل السياسي الليبي، أن الكل يعلمون أن الدولة التركية الآمر الناهي غربي البلاد، مشيرًا إلى أن حكومة الدبيبة تحت الأوامر التركية.

وتابع: شاهدنا بعد الانتخابات التركية وفوز الرئيس رجب طيب أردوغان، كيف بدأت القيادات غربي البلاد تتسابق على تهنئته بالفوز، ما يعد أكبر دليل على استمرار العلاقة بين تركيا والدبيبة.

وعن أسباب نفي السفير، قال المحلل الليبي، إن هذا الأمر ليس بجديد على ممثلي الدولة التركية في ليبيا، فمنذ دخول القوات التركية ليبيا والسلطات تنفي وجودها، ثم تحول هذا النفي إلى شرعنة هذه القوات، بالاستناد إلى الاتفاقيات الموقعة مع حكومة الوفاق وحكومة الوحدة الوطنية بعد ذلك.

وأضاف أن تركيا تنفي مشاركة طائرتها المسيرة في العمليات العسكرية الأخيرة غربي البلاد، مشيرًا إلى أن هذا النفي الذي عده «غير مفاجئ» ديدن الأتراك منذ دخولهم ليبيا.

 

تبعات القصف

على وقع استمرار القصف الجوي، أغلق بعض أهالي مدينة الزاوية وضواحيها الطريق الساحلي الذي يمر بالمنطقة غربي طرابلس، بينما أغلقت سيارات مسلحة الطريق في ضاحية المطرد غربي الزاوية.

يأتي ذلك، بينما قال المتحدث الإعلامي لمدينة ورشفانة محمد مسيب، إن الأهالي أغلقوا الطريق الساحلي في منطقة الماية شرقي الزاوية، احتجاجًا على الضربات الجوية التي استهدفت ممتلكات المواطنين، وألحقت الضرر بالصيادين ممن يعملون في ميناء الماية.

وحمَّل المسؤول الليبي في تصريحات محلية، حكومة الوحدة الوطنية المسؤولية عما قد يسفر عنه الإغلاق، مطالبًا بإعادة النظر في العمليات العسكرية والضربات الجوية، التي تنفذها في الزاوية وضواحيها واتخاذ ما يلزم حيالها.

في السياق نفسه، أغلقت مجموعة مسلحة الخطوط الخاصة بنقل الوقود والغاز من مصفاة الزاوية لتكرير النفط، إلى محطات توليد الكهرباء في طرابلس، بينما حذر المتحدث باسم الشركة العامة للكهرباء، من انخفاض إنتاج المحطات، إذا استمر إغلاق خطوط النقل من المصفاة.