من المرشد الأعلى القادم لإيران؟

حتى الآن لايزال من غير المعروف، الشخصية التي يُمكنها ملء مكان خامنئي، الذي امتنع بعد 3 عقود في السلطة عن تسمية خليفة له، حال وفاته.

من المرشد الأعلى القادم لإيران؟

ترجمات – السياق

مع تزايد الشائعات بشأن صحة المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، وخضوعه لعمليات جراحية خلال الفترة الأخيرة، تساءلت مجلة إيكونوميست البريطانية، عن هوية الزعيم القادم في إيران، مرشحة عددًا من أبرز الأسماء المتوقعة لخلافته في المنصب الأهم والأبرز في البلاد.

وذكرت أن المزاج الحالي في إيران، يختلف تمامًا عن الفترة التي خلف فيه خامنئي (84 عامًا) مؤسس الجمهورية الإيرانية الخميني بعد وفاته عام 1989.

وأوضحت أن الإيرانيين احتشدوا في الشوارع، بعد وفاة الخميني خائفين مما قد يحدث بعد رحيله، لكنهم احتشدوا أكثر من 6 أشهر في الشوارع، خلال مظاهرات جماعية، مرددين: "الموت لخامنئي".

ولفتت المجلة إلى أنه -حتى الآن- لايزال من غير المعروف، الشخصية التي يُمكنها ملء مكان خامنئي، الذي امتنع بعد 3 عقود في السلطة عن تسمية خليفة له، حال وفاته.

 

هل هي النهاية؟

وتساءلت "إيكونوميست" عن إمكانية الاتفاق على خليفة لخامنئي خلال الفترة المقبلة، أم أنه سيكون آخر مرشد لأبرز دولة ثيوقراطية في الشرق الأوسط.

وأشارت إلى أنه رغم أن المرشد الحالي قد يعيش سنوات، لكن الشكوك في صحته، وقوة نظام ولاية الفقيه، آخذة في الازدياد، حتى أن الإيرانيين المتدنيين بدأوا يفقدون الثقة باستمرار ولاية الفقيه.

ومع تراجع شعبية النظام، نقلت المجلة عن بيغمان عبدالمحمدي، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط بجامعة ترينتو في إيطاليا، قوله: إن عملية اختيار خليفة خامنئي "ستؤدي إلى زعزعة الوضع الراهن"، مضيفًا: "يمكن أن تؤدي إلى تسريع استيلاء استبدادي أو إطلاق شرارة انتقال ديمقراطي".

المرشد الأعلى له الكلمة الأخيرة في جميع شؤون الدولة، ما يجعله أعلى بكثير من الرئيس، الذي ينتخب -في ظروف غير ديمقراطية- كل أربع سنوات، وفقًا للمجلة.

وعلى النقيض من ذلك، يختار المرشد الأعلى من قِبل جمعية من 88 رجل دين، فإذا كانت هذه النخبة المعممة غير متأكدة من الذي ستختاره، فإن حكومة ثلاثية من الرئيس ورئيس القضاة وكبير الحقوقيين، تقرر ويؤكد الاستفتاء اختيارها.

وبينّت المجلة، أنه عام 1989، اختار الثلاثي -بمن في ذلك نجل الخميني- خامنئي، وهو رجل دين متوسط المستوى، لكن بعد ثلاثة عقود، امتنع خامنئي عن تسمية خليفة له.

في غضون ذلك، هزت النظام مظاهرات ومعارضة شديدة، بعد وفاة فتاة تدعى مهسا أميني في سبتمبر الماضي على يد شرطة الأخلاق، بدعوى عدم ارتدائها الحجاب بالشكل اللائق.

 

المتنافسون

ونوهت "إيكونوميست" إلى أن المتنافسين الرئيسين لتولي منصب المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية، هما: الرئيس الحالي إبراهيم رئيسي، وهو رئيس المحكمة العليا سابقًا، وقضى وقتًا قصيرًا نسبيًا في الدراسة بالمعاهد الدينية، ومجتبى، الابن الثاني لخامنئي، وكلاهما لديه تاريخ ديني أضعف من المرشد الحالي.

وفي ما يتعلق برئيسي، يرى مصطفى فهد، وهو أكاديمي شيعي في لبنان ومراقب للأحداث في إيران، "أن رئيسي مؤهل فقط لوظيفة إمام مسجد.

وأضاف فهد أن "والد زوجة رئيسي رجل دين محافظ للغاية ويريد، -بين أمور أخرى- حظر الموسيقى وهذا يبعد الرئيس الحالي عن معظم الإيرانيين.

وترى المجلة أن الأوفر حظًا هو مجتبى، الذي يدير مكتب المرشد الأعلى وهو مُقرب من حسين الطيب، الذي كان -حتى وقت قريب- رئيس المخابرات القوي في الحرس الثوري الإيراني.

وأشارت إلى "الترحيب بخامنئي الصغير في الآونة الأخيرة على التلفزيون الحكومي، كأعلى رتبة في رجال الدين، لكنه لم يشغل أي منصب رسمي ونادرًا ما يظهر علنًا".

وذكرت المجلة أن العائق أمام خلافة مجتبى لوالده، أن كثيرين من أنصار النظام يكرهون فكرة العائلة الحاكمة، بالنظر إلى أن ثورتهم تأسست على إطاحة حكم الشاه.

وترى المجلة أن التطور الوحيد في عملية الانتقال المحتملة لمنصب المرشد الأعلى في الفترة الحالية عن نظيرتها عام 1989، هو صعود الحرس الثوري الإيراني.

فللحرس اليد العليا على رجال الدين، وساعد خامنئي في تقويته خلال 3 عقود ليدافع عنه ضد خصومه، وليحميه من خطر المعارضة في الشارع.

في غضون ذلك، ارتفعت عضوية الحرس الثوري في البرلمان الإيراني من 6% عام 1980 (بعد عام من الثورة) إلى 26%، بينما انخفض تمثيل رجال الدين من 52% إلى 11%، وفقًا لـ"تشاتام هاوس"، وهي مؤسسة فكرية في لندن.

ووفق الخبير علي ألفونه المقيم في الولايات المتحدة، الذي ألف كتابًا عن خلافة القيادة الإيرانية، فإن الحرس الثوري يدرب رجال دين وينشرهم في الحلقات الدراسية.

ومع اكتساب الحرس الثوري الإيراني مزيدًا من القوة، يعتقد كثيرون من مراقبي إيران أنه يمكن لقادة الحرس الثوري أن يحافظوا على المرشد الأعلى في منصبه، لكن يحولونه إلى مجرد شخصية صورية.

ويرى الخبير في الشؤون الإيرانية سعيد غولكار –وهو إيراني مقيم في الولايات المتحدة- أن الحرس الثوري قد يفضل رئيسي، كما يمكن تصور أن يتولى الحرس الثوري المسؤولية، ويتخلص من حُكم رجال الدين غير المرغوب فيهم، ببديل سلطوي مماثل.

ويقول غولكار: الحرس الثوري الإيراني قد يُفضل رئيسي على أنه "أحمق مفيد يناسب القانون".

وقد يكون البديل أكثر واقعية من نظام ولاية الفقيه، ويتجنب الصدام مع الطبقة الوسطي الساخطة.

لكن في الوقت ذاته، وفقًا لتلك القوة، قد يسقط الحرس الثوري فتوى خامنئي، التي تحرم استخدام سلاح دمار شامل، ويتسابق لبناء قنبلة نووية، وفق غولكار.

وبينما يستمر بمعارضة الوجود الأمريكي في الخليج، قد يكون -رغم ذلك- أكثر مرونة في التفاوض مع "الشيطان الأكبر" -الولايات المتحدة- حسب الخبير في الشؤون الإيرانية.

 

عقد اجتماعي جديد

وحسب "إيكونوميست" هناك من يجادل بأن الحرس الثوري الإيراني يمكن أن يفرض عقدًا اجتماعيًا جديدًا، يتمتع فيه الإيرانيون بمزيد من الحرية في ارتداء الملابس والرقص كما يحلو لهم، كما قد يكون لإيران وزيرة تعليم، للمرة الأولى منذ أكثر من 40 عامًا (قُتلت آخر وزيرة على يد فرقة إعدام عام 1980) لكن مقابل ذلك ستتقلص الحرية السياسية أكثر.

وأشارت إلى أن تلك المرحلة ربما تكون بدأت بالفعل، فغالبًا ما تترك شرطة الأخلاق غير المحجبات وشأنهن، لكن القمع ضد المعارضة والجريمة، أصبح أكثر قسوة من أي وقت مضى.

ونوهت إلى أن عمليات الإعدام ارتفعت -العام الماضي- بأكثر من 80%، لتصل إلى 576، موضحة أنه "إذا كان النظام الاستبدادي في الحرس الثوري الإيراني سيعيد الاستقرار مع تهدئة العادات الشخصية، فقد يقبله كثيرون من الإيرانيين".

في المقابل -وفق المجلة البريطانية- سيحاول الإصلاحيون بالتأكيد إقامة نظام مدني علماني، بدلًا من سيطرة الحرس الثوري على الحكم أو حتى رجال الدين.

ففي وقت سابق من هذا العام، دعا الرئيس السابق محمد خاتمي إلى "تحول جوهري"، كما كسر المرشح الرئاسي السابق الشهير مير حسين موسوي صمته، بعد 12 عامًا من الإقامة الجبرية، للدعوة إلى إجراء استفتاء للانتقال من نظام الجمهورية الديني.

وحسب الأكاديمي مصطفى فهد، فإنه "مهما كان شكل عملية انتقال السلطة في إيران، من الممكن أن يكون فوضويًا"، مشيرًا إلى أن "هناك شيئًا واحدًا مؤكدًا، هو أن خامنئي سيكون آخر فقيه حقيقي كزعيم لإيران، أو بعبارة أخرى، سينتهي حكم رجال الدين كما تصوره الأب المؤسس لثورة 1979".