الزايط مسؤولًا عن إخوان مصر... ما تأثيره على الصراع بين جبهتي الجماعة؟
قال الخبير في شؤون الإسلام السياسي، الدكتور عمرو عبدالمنعم، في تصريحات لـ السياق، إن تعيين محيي الدين الزايط مسؤولًا عن مكتب مصر قرار بسحب بعض اختصاصات صلاح عبدالحق، لحساب المجموعة التي كانت تريد السيطرة على الجبهة.

السياق "خاص"
جولة جديدة من جولات الصراع، الذي يقتات على ما تبقى من تنظيم الإخوان، حتى بات يهدد بنسف إرث حسن البنا، الذي لم يعد قادرًا على جذب مؤيدين جدد لأفكاره التي عفا عليها الزمن، ما يرجح سيناريو قرب انهيار التنظيم.
تلك الجولة، التي اتخذت من «إخوان مصر» هدفًا وغاية، كون التنظيم داخل مصر أحد مفاتيح الصراع بين الجبهات المنشقة، والكفة التي ترجح حسم ملف الصراع بين الجبهات المتناحرة.
واتكاءً على قاعدة أن مصر بلد المقر لقيادة تنظيم الإخوان، ومحور الأحداث، والأكثر عددًا في التنظيم، حاولت جبهة لندن اتخاذ مسار مخالف لذلك الذي خطه قائدها السابق إبراهيم منير بالانكفاء على العمل الدعوي، وترك السياسة.
ماذا فعلت جبهة لندن؟
في محاولة لاستقطاب «إخوان الداخل»، أعلنت مصادر مقربة من «جبهة لندن» اتخذ القائم بأعمال المرشد صلاح عبدالحق، قرارًا، عين بموجبه محيي الدين الزايط مسؤولًا عن الإخوان في مصر.
اختيار الزايط، قرار حاولت من خلاله جبهة لندن، استقطاب الكتلة الأكبر للتنظيم في مصر، وسد الفراغ، وكسب جولة في الصراع الدائر بينها وبين جبهة اسطنبول.
إلا أن اختيار الزايط، الذي يعد أحد القيادات الكبيرة في التنظيم، يكشف عن سياسة جديدة، تحاول جبهة لندن انتهاجها، بالتصعيد مع السلطات المصرية، خاصة أن الرجل كان أحد رجال خيرت الشاطر نائب المرشد، المعروف بالرجل القوي في الجماعة، المقبوض عليه حاليًا في مصر.
يأتي ذلك، بينما تولى الزايط مهمة الهجوم على القوات المسلحة إعلاميًا، متخذًا من مواقع التواصل الاجتماعي سلاحًا ضد الجيش المصري، خلال فترة حكم الإخوان وما بعدها، ما يعني الإعداد لخطة نشر شائعات عن النظام والدولة والمؤسسة العسكرية المصرية.
تأثير القرار في التنظيم
يقول الباحث في شؤون الجماعات الأصولية أحمد سلطان، إن تعيين الزايط، يعد تحولًا في رؤية «جبهة لندن» التي كانت ترى أن تنظيم الخارج هو الضمان لاستمرار الجماعة، خاصة بعد تعرض التنظيم في الداخل إلى ضربة قوية على يد أجهزة الأمن المصرية، التي فككت بنيته الأساسية.
ويقول الباحث في شؤون الجماعات الأصولية، في تصريحات لـ«السياق»، إن جبهة لندن تحاول سحب البساط من جبهة اسطنبول، التي كانت تحتكر طريقة التواصل مع الداخل، بينما جبهة لندن كانت بعيدة عن المشهد المحلي فترة طويلة.
وعن دلالات اختيار الزايط لهذا المنصب، قال سلطان، إن القرار -الذي ليس جديدًا- استمرار لسيطرة «إخوان شرق القاهرة» على المناصب القيادية الحاسمة في التنظيم، إذ خرج منهم قيادات كبيرة مثل: المرشد الخامس مصطفى مشهور، وبعده جاء نائب المرشد محمود عزت، وغيرهم من مجموعة «التنظيم الحديدي» أو ما يسمي «التنظيم السري».
وأشار إلى أن تولي الزايط، رسالة بأن الجماعة هدفها توثيق الصلة مع إخوان الداخل، وأنه لا فصل بين الداخل والخارج، عكس ما كانت «جبهة لندن» تروج له في بعض الأوقات، بأن العمل في الخارج هو الأساس.
وأوضح الباحث في شؤون الجماعات الأصولية، أن تولي الزايط هذه المسؤولية، رسالة أخرى بأن جماعة الإخوان تتنصل من الوعد الذي لوحت به، الذي مفاده أنها ستتوقف عن المنافسة السياسية وعن بعض الأنشطة المثيرة للجدل.
وبينما قال إن تعيين الزايط محاولة للضغط على مصر للسماح لها بقدر من الوجود، رغبة منها في العودة إلى المشهد مرة أخرى، أكد أن هذا المنصب يعني أيضاً ضعف نفوذ «جبهة لندن» في مصر.
أولويات التنظيم
في السياق نفسه، قال الخبير في شؤون الإسلام السياسي، الدكتور عمرو عبدالمنعم، في تصريحات لـ«السياق»، إن تعيين محيي الدين الزايط مسؤولًا عن مكتب مصر قرار بسحب بعض اختصاصات صلاح عبدالحق، لحساب المجموعة التي كانت تريد السيطرة على الجبهة.
وأوضح الخبير في شؤون الإسلام السياسي، أن القرار محاولة أخرى لتوريط الداخل بمصر في مزيد من المواجهات مع السلطات المصرية وأجهزة الأمن، متسائلًا: ما معنى وجود منصب مسؤول التنظيم؟
وأشار إلى أنه بينما تعاني جماعة الإخوان أزمات داخلية وخارجية، تسعى لإثبات أن لها فاعلية على الأرض، حتى لو كلفها الأمر مزيدًا من ضحايا التنظيم والانشقاقات وتوظيف مجموعات جديدة.
وكشف عبدالمنعم، أن فتح مكتب خاص بمصر، كان أحد الخلافات بين جبهتي لندن واسطنبول، ما يعني أن استحداث هذا المنصب محاولة جديدة من جبهة لندن، لإثبات أن مصر في مقدمة أولويات التنظيم، مهما اختلفوا على الشخصيات.
خداع سياسي
رؤية أخرى أشار إليها الخبير في شؤون الحركات الجهادية صبرة القاسمي، قائلًا إن جماعة الإخوان الإرهابية ما زالت تصر على الخداع السياسي لشباب الجماعة، مشيرًا إلى أن الشواهد تؤكد أن الجماعة ماتت إكلينيكيًا، لكنها تحاول إيهام الشعوب بأن لديها القدرة التنظيمية على الاستمرار والانتشار.
المراوغة السياسية تتمثل في فتح «جبهة لندن» لما يسمى «مكتب مصر»، المنوط به إدارة شؤون الجماعة من أفراد وتنظيم في البلاد، ما يخالف الواقع الذي يشير إلى عدم وجودهم بشكل مؤثر على الأرض، بخلاف عدم قدرتهم على الدخول في مفاوضات أو طرح مع الدولة المصرية، خصوصًا في ظل الرفض الرسمي لهذا الأمر، بحسب صبرة القاسمي.
وأكد الخبير في شؤون الحركات الجهادية، في تصريحات لـ«السياق»، أن اختيار الزايط محاولة لاستكمال الصورة التي تحاول «جبهة لندن» رسمها بين قواعدها، بأنها مازلت قادرة على قيادة التنظيم والانتشار، في محاولة لتجاوز الصراع مع جبهة اسطنبول بقيادة محمود حسين.