صلاح عبدالحق يشعل الخلاف داخل جبهتي الإخوان... هل يتفكك التنظيم؟
ماذا يعني تسمية جبهة لندن صلاح عبدالحق قائمًا بأعمال مرشد الإخوان؟

السياق
من جديد اشتعلت جذوة الصراع داخل تنظيم الإخوان، بين جبهتي اسطنبول ولندن، في ما بات ينذر بنهاية وشيكة للتنظيم الإرهابي، الذي بات في مرحلة التفكك والانهيار.
ذلك الصراع على إرث حسن البنا، فشلت جهود الأشهر الماضية، التي كان يتزعمها قيادات في التنظيم الإرهابي، في الوصول إلى صيغة توافقية لحسمه، خاصة مع إصرار كل من الجبهتين المتناحرتين على أنها الممثل الوحيد للجماعة.
ومع اتخاذ جبهة اسطنبول خطوة استباقية، بإعلان الأمين العام السابق للجماعة محمود حسين نفسه قائمًا بأعمال المرشد، تحركت جبهة لندن على الجبهة المضادة، بإعلان صلاح عبدالحق قائمًا بالأعمال خلفًا لإبراهيم منير الذي وافته المنية مطلع نوفمبر.
خطوة لندن أشعلت الخلاف الإخواني مجددًا، وأذكت النيران بين الجبهتين المتناحرتين، وألقت بثقلها على المستقبل الذي ينتظر تنظيمًا شاخت أوصاله، وباتت شهادة الوفاة الحل الأخير، لإنهاء ذلك الصراع.
هل ضحت جبهة لندن بقيادات السجون؟
فماذا تعني تسمية صلاح عبدالحق قائمًا بأعمال المرشد؟
يقول الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية عمرو فاروق، في تصريحات لـ«السياق»، إن تسمية جبهة لندن صلاح عبدالحق قائمًا بأعمال مرشد الإخوان، يعني أن التنظيم مقبل على مرحلة جديدة من الصراع والتشرذم والتفكك.
وأوضح فاروق: نحن أمام جماعتين وليست واحدة، وهو مؤشر يؤكد أن الأزمة مازالت قائمة بين الجبهتين، وأنه ليس هناك أي مساعٍ للتوافق، مرجحًا أن تشهد المرحلة المقبلة تراشقًا بين كل جبهة تعلن خلالها مشروعها وأطروحاتها.
وأشار إلى أن المرحلة المقبلة لن تكون مرحلة صمت، بل ستشهد كشف كثير من فضائح الجماعة، وتسريب مقاطع صوتية لاستغلال نفوذ وفساد مالي، مؤكدًا أن كل جبهة تريد أن تبرز أنها الأحق وأن قائدها هو الأفضل.
ما تأثير التقارب التركي المصري؟
يقول عمرو فاروق الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية، إن التقارب بين القاهرة وتركيا سيؤثر في جبهة اسطنبول بشكل كبير جدًا، مشيرًا إلى أن أنقرة قد تلجأ إلى ترحيل قيادات الإخوان أو تسليم بعضهم إلى السلطات الأمنية المصرية.
وأوضح أن المشهد ما زال مفتوحًا، بينما لم تعلن التفاصيل الخاصة بالجانب الأمني، مع الأخذ في الاعتبار أن بعض مؤسسات الدولة في تركيا ترى الخروج عن الإطار العام لحزب العدالة والتنمية.
أسباب التأخر في تسمية عبدالحق؟
يقول عمرو فاروق، الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية والأصولية، إن السبب خلافات داخل جبهة لندن على اختيار عبدالحق، خاصة أنه متقدم في السن (٧٩ عامًا) بينما توجد شخصيات أخرى أصغر سنًا، هناك من يراها مناسبة لما تحتاجه الجماعة، من نشاط مكثف خلال المرحلة المقبلة.
وأضاف الباحث المتخصص في الجماعات الإرهابية، أن عبدالحق كان بعيدًا عن الوجهة السياسية والتنظيمية للجماعة، خاصة أنه كان مهتمًا بالعمل التربوي داخل التنظيم، مشيرًا إلى أن هذه الشخصيات لا تجيد العمل العام بشكل أو بآخر.
وأكد فاروق، أن تأخر إعلان تسمية صلاح عبدالحق، الذي يعد غير معروف للقواعد التنظيمية بالجماعة، يعود إلى تكتلات داخل جبهة لندن، أحدها يسير باتجاه تأييد محمد البحيري والأخير مؤيد لحلمي الجزار.
انشقاق واستعانة بالتنظيم الدولي.. جبهة جديدة في صراع الإخوان
ما رد فعل جبهة اسطنبول؟
يقول فاروق، إن صراعًا سينشب بينهما خلال المرحلة المقبلة، وسيظهر على السطح في ظل استمالة بعض المكاتب، إذ تسعى كل جبهة إلى فرض سيطرتها على اللجان والفروع والمكاتب.
إلا أنه قال إن 70% من القواعد التنظيمية تؤيد جبهة لندن، خلافًا للانقسام داخل بعض المكاتب بمصر بشأن محمود حسين نفسه.
وأشار إلى أن لقاءً كان داخل تركيا لدعم حلمي الجزار، حتى تنصيبه قائمًا بأعمال مرشد الإخوان، كما كانت هناك تحركات لتغيير المشهد وإطاحة جبهة لندن، لكنها لم تأتِ بنتيجة.
دلالات التوقيت
بدوره، يقول الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية سامح عيد، في تصريحات لـ«السياق»، إن اختيار صلاح عبدالحق جرى منذ فترة طويلة، لكن تأخرت تسميته رسميًا، لعدم التوافق عليه، إذ رأى فريق أحقية حلمي الجزار، بينما أيد آخرون البحيري.
وأكد أن من أهم أسباب عدم التوافق على عبدالحق، افتقاده الخبرة والمعرفة بطبيعة وأعضاء الجماعة في مصر، إذ كان مقيمًا في السعودية، فضلًا عن ممارسته للعمل المكتبي التربوي خلال نشاطه في التنظيم.
ما تأثير تولي عبدالحق في جبهة لندن؟
وأشار إلى أنه بينما كان صلاح عبدالحق يتولى قسم التربية وإعداد المناهج، لم يحتك بشباب الجماعة إلى جانب سنه الكبيرة، وهي عوامل جعلته غير مطلع على المشكلات الحالية للتنظيم وعمقها، خصوصا في المجموعات خارج مصر.
وأعرب سامح عيد، عن توقعه بتفكك جبهة لندن، إذ إن جيل الشباب لن يقبل بتسمية صلاح عبدالحق مرشدًا للجماعة، كما لن يقبل حلمي الجزار ولا محبيه ولا مؤيديه، مؤكدًا أن عبدالحق ليست لديه قدرة على مواجهة الإعلام والتحديات والمشكلات القائمة والعلاقة مع السلطات المصرية وقضية المعتقلين وغيرها من الملفات الساخنة.
وأشار إلى أنه غير قادر على كسب تأييد الشباب أو معالجة المشكلات القائمة، مرجحًا أن يتفاقم الأمر ويزهد الشباب في التنظيم، ما يعرض جبهة لندن إلى التفكك.
من هو صلاح عبدالحق؟
وُلد صلاح عبدالحق في القاهرة عام 1945. تعرف إلى جماعة الإخوان في المرحلة الثانوية عن طريق طلاب الجماعة السوريين، الذين قدموا للتعليم في الجامعات المصرية، بعد إعلان الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958، ثم التحق بصفوفها بعد 4 أعوام، وتحديدًا عام 1962، ذلك العام الذي التحق فيه بكلية الطب في جامعة عين شمس.
وتأخر تخرجه في كلية الطب إلى عام 1976، بعد انقطاع عن الدراسة بسبب ضبطه والحكم عليه بالسجن 9 سنوات.
شارك صلاح عبدالحق بداية نشاطه بالجماعة، بالترويج لأفكار الإخوان بين الأوساط الطلابية بالجامعات في السبعينيات، وتولى مسؤولية «المنتدى الإسلامي العالمي للتربية» أكثر من 15 عامًا.
اختير صلاح عبدالحق عضواً بمجلس الشورى العام لجماعة الإخوان، وممثلًا لرابطة الإخوان المصريين في الخارج، خلال فترة تولي إبراهيم منير أعمال المرشد العام.
ووفق تعريف الصفحة الرسمية لجماعة الإخوان الموالية لجبهة لندن، فإن من أولويات العمل لدى صلاح عبدالحق: إعادة تعريف الجماعة، وتعزيز مكانتها، ولمّ شملها، وإدارة ملف المعتقلين وأسرهم، وتمكين الشباب في إدارة المرحلة المقبلة.