سيناريوهان لنهاية صراع الإخوان.. أي مسار يسلكه صلاح عبدالحق؟

يقول الخبير في شؤون الجماعات الأصولية أحمد سلطان، في تصريحات لـ السياق، إن عودة الإخوان كجماعة موحدة أصبحت بعيدة المنال في الوقت الحالي

سيناريوهان لنهاية صراع الإخوان.. أي مسار يسلكه صلاح عبدالحق؟

السياق

رسائل متواترة وأجنحة منقسمة وطرق إلى رأب الصدع مسدودة، ملامح مشهد ملتبس يعيشه تنظيم الإخوان، بجهتيه في لندن واسطنبول، بعد انتخاب صلاح عبدالحق قائمًا بأعمال المرشد العام.

ذلك المشهد يحاول صلاح عبدالحق السيطرة عليه، بظهوره المتكرر ورسائله شبه الأسبوعية، أملاً بأن ينتزع شرعية غائبة وتستقر له الأمور بقيادة الجماعة، بينما جبهة اسطنبول الرافضة لتوليه منصبه، لا تحرك ساكنًا، حتى اللحظة. 

إلا أن تلك التحركات التي قادتها جبهة لندن، كانت مجرد فورة لـ«بركان خامد» ينتظر لفظ حممه البركانية، فكثير من الانقسامات ما زالت العنوان الأول لجماعة الإخوان بجبهاتها، التي يمثل تيار الكماليين جزءًا رئيسًا فيها، ما جعل سيناريو التفكيك و«الانهيار الذاتي»، لا مفر منه، إذا سلكت الجماعة، ما بعد عبدالحق الطريق نفسه.

بر الأمان أم الانهيار؟

يقول الخبير في شؤون الجماعات الأصولية أحمد سلطان، في تصريحات لـ«السياق»، إن عودة الإخوان كجماعة موحدة أصبحت بعيدة المنال في الوقت الحالي، مشيرًا إلى أن صلاح عبدالحق يقدم نفسه كجزء من التيار الإصلاحي المؤمن بالتدرج والابتعاد عن المعارك، رغم أن وصوله إلى منصب القائم بأعمال مرشد الإخوان، جاء بعد رفض مبادرات المصالحة بين التيارات المنشقة.

وأوضح الخبير في شؤون الجماعات الأصولية، أنه كانت هناك مبادرة من أعضاء مجلس شورى الإخوان بإنهاء الانقسام، وعودة التنظيم كجماعة موحدة، لكن جبهة لندن رفضتها، مشيرًا إلى أن صلاح عبدالحق رفض لقاء وسطاء من قيادات الإخوان، عندما عرضوا فكرة المصالحة مع جبهة اسطنبول.

تلك التطورات، عدها سلطان، مؤشرًا لعدم نجاح جبهة لندن وعلى رأسها صلاح عبدالحق في احتواء «جبهة اسطنبول» أو الكتل الشبابية وما تسمى «جبهة المكتب العام»، التي ترفض صلاح عبدالحق، وتجده «مهادنا وقانعًا»، وأنه جاء بوساطة دول إقليمية، لها مصلحة في تثبيت الأوضاع داخل الإخوان.

وتوقع استمرار الصراع الداخلي على وتيرته الحالية.

التأسيس الثالث

ورغم ذلك، فإن الباحث في العلوم السياسية إبراهيم أحمد، قال إن تدخل قوى خارجية والتنظيم الدولي لحسم الصراع بين جبهات الإخوان، يعني أن الأخير سيكون له دور الفترة المقبلة لاستمرار «فكر الجماعة» حتى حسم الصراع، أو إعادة بناء الجماعة.

وأوضح إبراهيم أحمد، في تصريحات لـ«السياق»، أن تدخل التنظيم الدولي لحسم الصراع بين قيادات جبهة لندن لصالح عبدالحق، يكشف عن مخطط استراتيجي يهدف لما سماه «التأسيس الثالث» للجماعة، بعد التأسيس الأول لحسن البنا، والثاني الذي ينسب ضمنًا إلى عبدالمنعم أبو الفتوح المنشق تنظيميًا عن الإخوان، خلال سبعينيات القرن الماضي.

وأشار إلى أن القائم بأعمال المرشد، سيعمل على تكرار خطوات البنا في بناء الجماعة عبر مراحل عدة، تبدأ بنشر الأفكار، ثم الانتقاء للتجنيد بإعادة دعم «الأسر»، فإعادة الهيكلة وتعديل اللائحة الداخلية لتصبح أكثر مرونة مع متطلبات المرحلة، مؤكدًا أنه سيستعين في هذا الأمر، ماديًا ولوجستيًا، بالتنظيم الدولي أو الجماعات المنشقة هيكليًا عن الجماعة الأم، سواء في أوروبا أم أمريكا.

تنفيذ المخطط

وأكد الباحث في العلوم السياسية، أن عبدالحق بدأ تنفيذ استراتيجيته، عبر عودة الرسائل الأسبوعية، التي ركزت على فكر البنا، وهو ما بدا واضحًا في رسالته الأولى التي جاءت بعد أقل من 24 ساعة من إعلان توليه، بعنوان «التأسيس الواعي»، متضمنة محاور تأسيس الجماعة، بحسب رؤية البنا، وسرد تكتيكات الإخوان في تخطي أزمات مشابهة لما تمر به.

وأشار إلى أن حالة الكمون الراهنة في ما يتعلق بالصراع الداخلي، تؤشر إلى أن ثمة مقاربات للتوفيق بين الجهات المتصارعة، تقودها جهود إقليمية وأعضاء من التنظيم الدولي، للتوافق على استراتيجية إعادة التأسيس، لوضع استراتيجية لاختراق المجتمع المصري مرة أخرى.

وتضمنت رسالة عبدالحق الأسبوعية، ما سماه «أسلوب المحترف» في الدعوة، الذي يعتمد فيه على تقليل الأخطاء و«انتهاز الفرص»، بحسب إبراهيم أحمد، الذي قال إن هذه الرسالة رسمت أولى خطوات الاستراتيجية الجديدة للإخوان بقيادة عبدالحق، التي تعتمد على «الدعوة» فقط.

وأشار إلى أن جماعة الإخوان تتأهب للخروج من الصراع الحالي، عبر سيناريوهين، الأول: نجاح محاولات التوفيق بين الجهات المتصارعة لاستتباب الأمر لـ«جبهة لندن»، أما الآخر أو «الخطة البديلة»، فيتمثل في إقرار فصل أعضاء «جبهة اسطنبول»، بدعم من التنظيم الدولي وقوى إقليمية، في رسالة تهديد لـ«تيار التغيير» والكتلة الشبابية، للانضمام إلى جبهة لندن والاعتراف بها قائدة للجماعة.

إلا أنه قال إن السيناريو الثاني يواجه معضلة، تتمثل في سيطرة جبهة اسطنبول على القطاع الأكبر من اقتصاد الجماعة، ما يجعلها أقرب إلى التحرك، واستقطاب القوى الإقليمية، للانشقاق عن محمود حسين، كحل لهذه المعضلة.