وول ستريت جورنال: لقاء رئاسي مرتقب بين السيسي والأسد
السيسي والأسد يلتقيان أواخر الشهر الجاري... فهل تعود سوريا إلى الجامعة العربية؟

السياق
خطوات متسارعة على طريق إعادة سوريا إلى الحضن العربي، بعد سنوات من القطيعة، في أعقاب أحداث 2011، وما تلاها من أزمات واختلاف وجهات النظر بين الدول العربية.
فمن اتصالات هاتفية جمعت الرئيس السوري بعدد من القادة العرب، مرورًا بزيارات دبلوماسية إلى دمشق تسارعت وتيرتها خلال الفترة الأخيرة، إلى المسارعة بمساندة البلد العربي، في أزمته التي فاقمها زلزال السادس من فبراير 2023.
آخر خطوات ذلك الحراك الدبلوماسي المكثف، كانت زيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، إلى العاصمة المصرية القاهرة، التي تعد الأولى منذ أكثر من عشر سنوات.
فماذا دار في تلك الزيارة؟
في بيان اطلعت «السياق»، على نسخة منه، قالت وزارة الخارجية المصرية، إن الوزير سامح شكري، عقد مع نظيره السوري فيصل المقداد، لقاءً مغلقًا، أعقبته جلسة محادثات شملت الوفدين المصري والسوري.
وبحسب البيان، فإن الزيارة تناولت العلاقات الثنائية وسبل دفعها وتعزيزها، بما يعود بالنفع على الشعبين، إضافة إلى عدد من الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية السفير أحمد أبو زيد، إن مباحثات الوزيرين تناولت سبل مساعدة الشعب السوري، لاستعادة وحدته وسيادته علي أراضيه، ومواجهة التحديات المتراكمة والمتزايدة، بما في ذلك جهود التعافي من آثار الزلزال، إضافة إلى التسوية السياسية الشاملة للأزمة السورية.
وبحسب البيان، فإن الوزير شكري جدد دعم بلاده لجهود التوصل إلى تسوية سياسية شاملة للأزمة السورية، في أقرب وقت بملكية سورية، بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2254 تحت رعاية الأمم المتحدة، مؤكداً مساندة مصر لجهود المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا ذات الصلة، وأهمية استيفاء إجراءات التوافق الوطني بين السوريين، وبناء الثقة، ومواصلة اجتماعات اللجنة الدستورية السورية.
تسوية شاملة
وأشار رئيس الدبلوماسية المصرية إلى أن التسوية السياسة الشاملة للأزمة السورية، من شأنها أن تضع حداً للتدخلات الخارجية في الشئون السورية، وتضمن استعادة سوريا لأمنها واستقرارها، وتحفظ وحدة أراضيها وسيادتها، وتصون مقدرات شعبها، وتقضي على الإرهاب والتنظيمات الإرهابية، وتتيح العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين، بما يرفع المعاناة عن الشعب السوري وينهي أزمته، الأمر الذي يعزز الاستقرار والتنمية، في الوطن العربي والمنطقة.
بدوره، قدم الوزير المقداد تقدير بلاده لدور مصر، الداعم والمساند لسوريا وشعبها خلال سنوات الأزمة، مقدماً الشكر على المساعدات الإغاثية الانسانية، التي قدمتها مصر في أعقاب الزلزال.
وأعرب عن تطلعه لأن تشهد المرحلة المقبلة مزيدًا من التضامن العربي مع سوريا، كي تتمكن من تجاوز أزمتها وتضطلع بدورها التاريخي الداعم لقضايا أمتها العربية.
وبحسب البيان المصري، فإن الوزيرين اتفقا على تكثيف قنوات التواصل بين البلدين، لتناول القضايا التي تمس مصالح البلدين والشعبين المصرى والسورى الشقيقين.
لقاء رئاسي
تلك المحادثات المتقدمة، قالت عنها «وول ستريت جورنال»، إنها مهدت للقاء قريب بين الرئيسين المصري عبدالفتاح السيسي والسوري بشار الأسد، بعد شهر رمضان بفترة وجيزة.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مصادر مطلعة قولها، إن مصر وسوريا تجريان محادثات لاستعادة العلاقات الدبلوماسية، بعد أكثر من عقد من انهيار العلاقات، مشيرين إلى أن هناك استعدادًا لدى الدول العربية لإعادة دمشق إلى الحضن العربي، في تطورات سريعة تعيد تشكيل الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط.
وقال المصدران إن الرئيسين المصري عبدالفتاح السيسي والسوري بشار الأسد، قد يجتمعان بعد وقت قصير من انتهاء شهر رمضان المبارك، أواخر أبريل المقبل، مشيرين إلى عدم تحديد موعد ومكان عقد قمة محتملة بين الزعيمين.
عودة سوريا إلى الجامعة العربية
بحسب الصحيفة الأمريكية، فإن مسؤولين من سوريا ومصر، قد يناقشون -خلال عطلة نهاية الأسبوع- عودة سوريا المحتملة إلى جامعة الدول العربية، التي علقت عضوية دمشق عام 2011.
وقال مطلعون على المحادثات، إن الشركات المصرية تأمل الفوز بعقود إعادة إعمار محتملة بمليارات الدولارات في سوريا، بمجرد استعادة العلاقات.
ومصر أحدث دولة عربية تعيد العلاقات مع حكومة الأسد بعد قطعها أكثر من عقد بسبب الأحداث التي ضربت سوريا عام 2011.
وقالت «وول ستريت جورنال» الشهر الماضي، إن السعودية وسوريا تقتربان أيضًا من اتفاق لإعادة العلاقات الدبلوماسية، بعد مفاوضات بوساطة روسية.
وقدمت دول عربية -بينها مصر والإمارات والسعودية والأردن- مساعدات بعد الزلازل التي دمرت مساحات شاسعة من سوريا في فبراير الماضي.
بينما حاولت حكومة الرئيس السوري بشار الأسد الدفع قدمًا في اتجاه توثيق العلاقات بالدول العربية والضغط لإنهاء العقوبات النفطية والمصرفية الصارمة، التي فرضها الغرب منذ بداية أحداث 2011.
وبحسب «وول ستريت جورنال»، فإن الأسد زار عمان والإمارات العربية المتحدة، في الأسابيع الأخيرة وسط حملة أوسع لعودة العلاقات الدبلوماسية.
قرقاش يمتدح
في السياق أشاد الدكتور أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، بزيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى مصر.
وقال قرقاش في تغريدة على حسابه بموقع "تويتر" إن "زيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى مصر الشقيقة خطوة إيجابية أخرى في اتجاه عودة سوريا الشقيقة إلى محيطها العربي وتجاوز تداعيات عقد الفوضى".
وأضاف قرقاش أن "ترسيخ البعد العربي يتعزز مع كل خطوة والإمارات في عمق هذا التوافق الخيّر".
عزل سوريا... لا يجدي
كان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، قال في فبراير الماضي، إن الإجماع يتنامى في الوطن العربي على أن عزل سوريا لا يجدي، وأن الحوار مع دمشق ضروري، لمعالجة القضايا الإنسانية على الأقل، بما في ذلك عودة اللاجئين.
إلا أنه مع ذلك، فإن بعض الدول العربية مثل قطر صمدت ضد تجديد العلاقات مع حكومة الأسد، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي نقلت عن الدوحة قولها، إنها «لن تطبع العلاقات مع سوريا ما لم يتخذ الرئيس السوري الأسد خطوات جادة لإصلاح الأضرار التي تسبب فيها في الداخل، تكون مقبولة لجميع السوريين».
وكانت الولايات المتحدة والدول الأوروبية قدمت استثناءات من العقوبات الاقتصادية الصارمة المفروضة على دمشق، ما سمح بتسليم المساعدات الإنسانية بعد زلازل فبراير الماضي، لكنها قالت إن الكارثة لن تدفعهم إلى تليين العلاقات مع حكومة الأسد.
وفي أعقاب كارثة الزلازل، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس: «نشجع التطبيع فقط إذا نفذ نظام الأسد خارطة الطريق نحو انتخابات حرة».
إلا أنه مع ذلك، فإن عودة سوريا المحتملة إلى الجامعة العربية، تذكير بأن نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة يتضاءل، رغم أنها لا تزال القوة العسكرية والدبلوماسية البارزة في الشرق الأوسط، بحسب وول ستريت جورنال.
وفي إشارة إلى إعادة التنظيم الجيوسياسي الأوسع في الشرق الأوسط، أعادت المملكة العربية السعودية علاقات دبلوماسية مع إيران الشهر الماضي، في صفقة توسطت فيها الصين.