بعد 20 عامًا.. هل فشلت الحرب على الإرهاب؟
عميل سابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي: الولايات المتحدة عادت إلى فترة 11 سبتمبر

ترجمات - السياق
قال العميل الخاص السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، علي صوفان، إنه في نهار اليوم التالي لأحداث 11 سبتمبر 2001 بدأت الولايات المتحدة تدرك الانهيار الكبير، الذي حدث داخل مجتمعي الاستخبارات وإنفاذ القانون الأمريكيين، وهو ما سمح بحدوث هذه الهجمات، معتبراً أن كل ما حدث بعد ذلك، على مدى الـ 20 عاماً التالية، وكل الأخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة كان "إضافة ملح على هذا الجرح القديم".
وأضاف صوفان، في مقابلة مع شبكة بلومبرج الإخبارية الأمريكية، أن الولايات المتحدة ذهبت إلى أفغانستان، للرد على مقتل أكثر من 3 آلاف أمريكي، وهي الحرب التي وصفها بـ "المبررة" بعد مهاجمة تنظيم القاعدة للبلاد، ورفض حركة طالبان تسليم قادة التنظيم.
ولكن نهاية عام 2002 وصلت أمريكا إلى "مفترق طرق" في أفغانستان، إذ نجحت طالبان والقاعدة، في إعادة تجميع صفوفهما في بعض المناطق، لاسيما في الجنوب بولاية هلمند ومواقع أخرى، كما كانت شبكة حقاني نشطة على الحدود الأفغانية الباكستانية.
وتابع: "في هذا الوقت كان جيش الولايات المتحدة، يتلقى أوامر بمغادرة أفغانستان، من أجل الاستعداد لحرب العراق، وذلك رغم أنه كان وقتاً مهماً بالنسبة لنا للوجود في كابل، لحماية هذا المجتمع الجديد، بعد أن تخلَّصنا من طالبان، لكننا -لسوء الحظ- سلكنا الطريق الذي قادنا في النهاية، إلى الخروج الكارثي من أفغانستان، حيث عدنا إلى النقطة نفسها، بل إلى وضع أعتقد أنه أكثر خطورة مما كان عليه في 11 سبتمبر".
ورأى صوفان، رئيس مجلس الإدارة، الرئيس التنفيذي لمجموعة صوفان، وهي شركة استشارية خاصة للأمن القومي ومكافحة الإرهاب، أن حركة طالبان ربحت في الحرب بأفغانستان، بينما خسرت الولايات المتحدة، الأمر الذي قال إنه يعزِّز الدعاية للإرهاب، مشيراً إلى أنه قبل الحادي عشر من سبتمبر، ربما كان هناك 400 إرهابي يبايعون أسامة بن لادن، لكن الآن هناك الآلاف يبايعونه.
وتابع: "قبل الحادي عشر من سبتمبر، كان يمكن القول إن هناك دولة واحدة تسيطر عليها الميليشيات هي أفغانستان، لكن اليوم يمكننا النظر إلى ما يحدث في منطقة الساحل الإفريقي، وإلى ليبيا واليمن والصومال وسوريا، فالعوامل التي سمحت لهذه الجماعات الإرهابية، بالعمل في أفغانستان، موجودة أيضاً في أماكن مختلفة".
ورأى صوفان، الذي تولى التحقيق والإشراف على بعض أهم قضايا الإرهاب في العصر الحالي، أنه لا يمكن النظر بعيداً عما يحدث والأمل في أن يزول تهديد الإرهاب، وقال: "لقد فعلنا ذلك عام 1989، عندما أغلقت الولايات المتحدة سفارتها في كابل وغادرت مع السوفييت، وانتظرنا 12 عاماً، متجاهلين كل ما كانت تفعله القاعدة وطالبان في البلاد، ثم أخيراً استيقظنا بعد 11 سبتمبر، والآن، هناك ظروف مماثلة في بلدان عدة، تتزايد فيها النزعة العسكرية، لكن يبدو أن أمريكا في حالة تراجع، على مستوى تقديم المبادرات والحضور الدبلوماسي، فضلاً عن الوجود على الأرض".
ووصف صوفان طالبان بأنها ليست "حركة متجانسة"، موضحاً: "صحيح أنها تضم قادة سياسيين، يريدون رؤية أفغانستان في وضع أفضل، لكن هناك العديد من الفصائل المتطرفة، التي ستسبِّب الكثير من المشكلات، للذين يريدون أن يكونوا معتدلين".
وعن إمكانية عودة صعود القاعدة من جديد، قال صوفان: "تنظيم القاعدة لم يغادر أفغانستان، ولا تزال لديه معسكرات عمليات وتدريب هناك، ولديه علاقات بطالبان، وربما تكون القيادة السياسية لطالبان ترفض ذلك، لكن يتعين عليهم التعايش مع الأمر، مثل القادة المعتدلين في إيران، الذين لا يحبون الكثير من الأشياء، التي يفعلها الحرس الثوري".
وتابع: "أفغانستان كبيرة جداً وتصعب السيطرة عليها، فإذا كانت الولايات المتحدة -بكل قوتها العسكرية والتكنولوجيا- لم تستطع السيطرة على جميع المناطق، فكيف يمكن أن نتوقَّع من طالبان أن تفعل ذلك وحدها؟".
وبسؤاله عمّا إذا كانت استراتيجية الرئيس الأمريكي جو بايدن المسماة بـ"مكافحة الإرهاب وراء الأفق" ستمكن الولايات المتحدة من مراقبة الوضع في أفغانستان عن بُعد؟، قال صوفان: قبل نحو ست سنوات، كان هناك معسكر للقاعدة على الحدود الأفغانية الباكستانية، واستغرق الأمر 63 غارة جوية لقوات التحالف، فضلاً عن وجود 200 من القوات الخاصة على الأرض لتدمير المعسكر، وهو ما قال إنه قد يوضح مدى تعقيد الموقف.
وتابع: "الآن لم تعد لدينا حتى مصادر على الأرض، وليست لدينا عيون وآذان، نعم، لدينا إشارات استخباراتية، لكن ذلك لا يساعد كثيراً، إذا لم تكن لدينا موارد بشرية، تخبرنا بما يحدث، وهو ما لم يعد موجوداً".
وعن وجود حلفاء آخرين، يمكن للولايات المتحدة الاعتماد عليهم، قال صوفان: يمكن لواشنطن التعامل مع الباكستانيين، عندما يتعلَّق الأمر بأفغانستان، إلا أنه أشار إلى أن إسلام آباد لديها أجندتها الخاصة، معتبراً أنها أكثر توافقاً مع الصينيين هذه الأيام من الناحية الجيوسياسية.
وأضاف: "لدينا لاعبون مختلفون في أفغانستان، من إيران إلى روسيا إلى الهند، وبصرف النظر عمن سيفوز في أفغانستان، أرى أن لديهم وِجهات نظر معادية لأمريكا، وسيخلقون وضعاً خطيراً للأمن العالمي والولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة".
وفي نهاية المقابلة، قال صوفان: "عندما ذهبت الولايات المتحدة إلى أفغانستان، أطاح الجيش نظام طالبان ووفَّـر بيئة مواتية لإجراء انتخابات، ومجتمع مدني ومدارس وجامعات، لكن الحل السياسي في كابل، لم يكن من مهام الجيش، لأن بناء الأمة ليس من اختصاصاته، فقد وفَّرت القوات الأمريكية الظروف التي تسمح لرجال السياسة بالتدخل، لكنهم لم يحضروا، لأنهم ركزوا على العراق ثم على أشياء أخرى، إذ أنه طالما كان يُنظر إلى أفغانستان باعتبارها أولوية متأخرة".