أردوغان أم المعارضة... من يستدرج أصوات الشباب في الانتخابات؟

بينما يسعى الجميع لحسم الانتخابات لصالحه، يعولون بقدر كبير على أصوات الشباب، في ترجيح كفة الفوز أو تقريب النتيجة، والأهم كسب تأييد قطاع عريض وحيوي من المجتمع التركي.

أردوغان أم المعارضة... من يستدرج أصوات الشباب في الانتخابات؟

السياق

ساعات تفصلنا عن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية، وسط احتدام المنافسة بين الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، ومن ورائه حزب العدالة والتنمية وأحزاب متحالفة، والمعارضة في عدد من المرشحين أبرزهم كليغدار أوغلو.

وبينما يسعى الجميع لحسم الانتخابات لصالحه، يعولون بقدر كبير على أصوات الشباب، في ترجيح كفة الفوز أو تقريب النتيجة، والأهم كسب تأييد قطاع عريض وحيوي من المجتمع التركي.

ويرى قطاع عريض من الشباب تضادًا كبيرًا بين "الحرية" والرئيس أردوغان، وهو ما أكده الشاب عمر علي فرلي (18 عامًا) ولم يعرف سوى الرئيس الحالي بقوله: "لقد سئمت الاستيقاظ كل يوم وأنا أفكر في السياسة. حين يرحل الرئيس أردوغان، سيتمكن الشباب من التركيز على امتحاناتهم والتعبير عن آرائهم بحرية".

وقال آخر:" إذا فاز رجب طيب أردوغان مرة أخرى، ستكون الحياة كابوسًا لنا جميعًا".

وأكد كلاهما أنه سيصوت في الانتخابات الرئاسية، 14 مايو لصالح مرشح المعارضة كمال كليغدار أوغلو.

على غرار عمر، هناك 5.2 مليون من الناخبين الشباب، نشأوا في ظل حكم أردوغان، أي نحو 8% من المقترعين، وهم مدعوون للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات المرتقبة.

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن أغلبية واضحة منهم تميل -لأسباب مختلفة- للتصويت إلى مرشح المعارضة الأبرز كمال كليغدار أوغلو، وهو ما يعيه الأخير جيدًا، ودائمًا ما سعى -خلال حملته الانتخابية- إلى مغازلة هذا القطاع المهم والحيوي من اليافعين.

 

إغراءات ووعود

قال كمال كليغدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري، المرشح تحالف من ستة أحزاب معارضة، أمام شبان، منتصف أبريل في أنقرة: "بكم سيأتي هذا الربيع".

حسب استطلاع رأي حديث، فإن 20% فقط من شريحة الشباب، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عامًا، سيصوتون للرئيس التركي وحزبه، في الانتخابات الرئاسية والتشريعية في 14 مايو، التي تعد الأخطر على أردوغان، منذ توليه السلطة عام 2003.

ومع اقتراب الانتخابات، يتنافس أردوغان (69 عامًا) وكليغدار أوغلو (74 عامًا) على وعود لاستمالة جيل الشباب، مثل إلغاء الضريبة على شراء الهواتف النقالة، وحزمة إنترنت مجانية وبطاقة الشباب.

ويقول أرمان باكيرجي، الباحث في معهد الاستطلاع كوندا: "التصويت لصالح أردوغان أقل لدى الشباب، الناخبون الذين يصوتون للمرة الأولى أكثر حداثة وأقل تدينًا من الناخب العادي، وأكثر من نِصفهم غير راضين عن الحياة التي يعيشونها"، بحسب بي بي سي.

 

"لست أنا"

في حي كاسيمباسا الشهير باسطنبول، يعبر الشباب صراحة عن سأمهم.

يقول غوكان جيليك (19 عاما): "أردوغان يجب أن يرحل! كل جيراني سيصوتون له لكن لست أنا".

من جهته يقول فرات يورداييت، عامل النسيج (21 عامًا) إن أردوغان بنى مطارًا ثالثًا في اسطنبول "بدلًا من الاهتمام بالناس".

أما بلال بويوكلير (24 عامًا) فسيصوت لأردوغان، لكنه يقر في الوقت نفسه، بأن الرئيس التركي "مسؤول جزئيًا" عن التضخم الذي بلغ 50% وعن انهيار الليرة التركية.

وقال: "لا يمكنني إيجاد وظيفة بسبب اللاجئين السوريين ولا يمكنني الزواج، إنه مكلف جدًا، لكنني لا أرى أي بديل".

ويضيف هذا الشاب: "لا يمكنني التصويت لصالح كليغدار أوغلو بسبب الدين. لقد داس بحذائه سجادة صلاة...!" مشيرًا إلى خطأ فادح لهذا المرشح، واستغله كثيرًا الرئيس المنتهية ولايته والصحافة المؤيدة للحكومة.

أما صالح (20 عامًا) فقال لـ "بي بي سي": "أعتقد أن رجب طيب أردوغان زعيم يتمتع بشخصية كاريزمية، ومن المهم أن تكون لديك مثل هذه الكاريزما في السياسة التركية".

يشار إلى أن مرشح المعارضة كليغدار أوغلو دائمًا ما يوصف بأنه بيروقراطي لا يتمتع بقوة شخصية وجاذبية، كالتي يمتلكها أردوغان.

 

"عقبة أمام أحلامي"

لكن كمال كليغدار أوغلو حرص على محو الصورة العلمانية لحزبه، التي طالما سببت نفورًا للناخبين المحافظين.

ووصل المرشح إلى حد اقتراح قانون يضمن وضع الحجاب، وهي وسيلة لاستمالة قاعدة المحافظات اللاتي يصوتن تقليديا لأردوغان، الذي سمح للمحجبات بالذهاب إلى الجامعة.

ووعد كليغدار أوغلو -نهاية مارس في نداء إلى المحافظات- قائلًا: "السيد كمال لن يدعكن تفقدن مكتسباتكن".

 

خلط الدين بالسياسة

وتحالف حزبه أيضًا مع ثلاثة تنظيمات من التيار الإسلامي المحافظ وهي "رسالة مصالحة إلى الناخبين المتدينين، يفترض أن تترك أثرًا" في صناديق الاقتراع، بحسب ما رأت سيدا ديميرالب المحاضرة في العلوم السياسية بجامعة إيشك في اسطنبول.

وتقيم سيفجي (20 عامًا) في حي أيوب، إحدى المناطق المحافظة في اسطنبول، وستصوت في 14 مايو لكنها لا تريد "خلط السياسة بالدين" وهي قلقة بشكل خاص على وضع الاقتصاد.

وتقول هذه الشابة، التي اضطرت إلى العمل لتمويل دراساتها المستقبلية: "أردوغان العقبة الرئيسة أمام أحلامي".

ويقاطعها صديقها معددًا النجاحات التي تنسب إلى أردوغان.

وتهز رأسها قائلة: "حتى لو كان رئيسًا جيدًا، يجب ألا يتمكن من الحكم هذه الفترة الطويلة".

أما الشابة سيود، فمثل صديقيها، تنوي التصويت للمعارضة قائلة لـ"بي بي سي": "لا أشعر بالأمان للتعبير عن مشاعري أو آرائي، لأنني أتعرض للهجوم كلما فعلت ذلك".

وحسب "بي بي سي" فإن هناك حُكمًا على سيود بالسجن 12 شهرًا مع وقف التنفيذ، لمشاركتها في احتجاجات بجامعة بوغازيتشي.