عرين الأسود رقم جديد في معادلة الفصائل الفلسطينية.. فماذا نعرف عن الجماعة؟
في فبراير 2022، بدأت -عرين الأسود- نشاطها المسلح باسم -كتيبة نابلس-، بعدد لم يتجاوز عشرة مسلحين، ما يعيد إلى الأذهان، قصة تكون كتيبة جنين، التي بدأت عملها المسلح في مخيم جنين للاجئين.

السياق
بزي منضبط وموحد، وبخطى ثابتة حاملين أسلحتهم على ظهورهم، وبشكل فاجأ الجميع، خرج عشرات من جماعة «عرين الأسود» من أزقة البلدة القديمة في نابلس، التي تتخذها مقرًا لها.
ففي عرض عسكري داخل البلدة القديمة بمدينة نابلس شمالي الضفة الغربية، خرج عشرات المسلحين التابعين لـ«عرين الأسود»، في ديسمبر الماضي، في ذكرى مرور أربعين يوماً على قتل قائد المجموعة وديع الحوح.
خروج هؤلاء في ذلك التوقيت، كان رسالة إلى قادة إسرائيل، الذين زعموا إنهاء المجموعة إثر اغتيال عدد من قادتها، بأن الجماعة ما زالت موجودة، بل في «أوج» قوتها.
تلك الجماعة لم تغب عن المشهد في الضفة الغربية، منذ أن أطلت برأسها لأول مرة، فكانت عملية نابلس الأخيرة خير دليل على وجودها وتمركزها، وتأثيرها وحاضنتها الشعبية.
فردًا على اقتحام الجيش الإسرائيلي مدينة نابلس، الأربعاء، ما أدى إلى اشتباكات أسفرت عن 10 قتلى وإصابة أكثر من 100، أعلنت «عرين الأسود» الفلسطينية أنها نفذت أول عملية نوعية، استهدفت معسكر صرة الإسرائيلي، مؤكدة تحقيق إصابتين خطيرتين في صفوف الجنود.
بيان السبت، الذي لم تعقب عليه إسرائيل، قال إن العملية تأتي "رداً على المجزرة التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في مدينة نابلس الأربعاء، إنها أول عملية نوعية في عمليات الثأر".
وبينما تتصاعد حدة التوتر الأمني في الضفة الغربية، بعد الاقتحامات المتكررة من الجيش الإسرائيلي من جانب، والعمليات التي تنفذها الكتائب المسلحة الفلسطينية ضد الجنود الإسرائيليين والمستوطنين من جانب آخر، برز دور «عرين الأسود»، التي خرجت تظاهرات قبل يومين لدعمها.
فهل تستطيع «عرين الأسود» إيقاف الجيش الإسرائيلي؟ وماذا عنها؟
هي مجموعة مسلحة يتركز نشاطها في مدينة نابلس خاصة في منطقة حي الياسمينة، تقول إنها لا تنتمي لأي فصيل فلسطيني.
استطاعت المجموعة التي يطمح الجيش الإسرائيلي للقضاء عليها، تجنيد عشرات الشبان الفلسطينيين خلال الأشهر الماضية، ما بدا واضحًا من العرض العسكري الذي نظمته في ديسمبر الماضي، الذي كشف انتشار الفكرة بشكل كبير، وجذب مزيد من المقاتلين إلى صفوفها.
«عرين الأسود» الجديدة أصبحت من أبرز المجموعات المسلحة في الضفة الغربية.
وفي فبراير 2022، بدأت «عرين الأسود» نشاطها المسلح باسم «كتيبة نابلس»، بعدد لم يتجاوز عشرة مسلحين، ما يعيد إلى الأذهان، قصة تكون كتيبة جنين، التي بدأت عملها المسلح في مخيم جنين للاجئين، منتصف العام الماضي.
كان الجيش الإسرائيلي قد صفى ثلاثة شبان داخل مركبتهم في حي المخفية: محمد الدخيل وأدهم مبروكة وأشرف مبسلط، أوائل 2022، متهمًا إياهم بنية تنفيذ عملية إطلاق نار على أهداف إسرائيلية.
ومع انتشار صور الحادث على مواقع التواصل، خرجت «عرين الأسود»، في العرض العسكري الذي نظمته في ديسمبر الماضي، داخل أزقة البلدة القديمة في مدينة نابلس، ما أثار قلق السلطة الفلسطينية والأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
"عرين الأسود"... هل لها حاضنة شعبية؟
ظهور المجموعة في عرض عسكري حضره كثيرون من مقاتليها، كشف أشياء كثيرة، أولها أن هناك انجذابًا لها من المقاتلين، سواء أكانوا من المجموعات الجديدة التي لم تنضم لأي كتائب مسلحة، أو ممن انضموا وانشقوا والتحقوا بصفوفها.
كما يكشف الحاضنة الشعبية لتلك المجموعة، خاصة أن عرضهم العسكري في الأزقة حضره كثيرون من الشباب، ولقي ترحيبًا شعبيًا كبيرًا بين الأهالي، الذين تسابقوا على التقاط الصور للمقاتلين.
يأتي ذلك إضافة إلى استجابة مئات الفلسطينيين لنداء تضامن عبر «تلغرام» التابعة لـ "عرين الأسود"، التي يشترك فيها آلاف، بعد أن طلب منهم الصعود إلى أسطح المنازل وإطلاق التكبيرات، تضامناً مع المقاتلين الذين يشنون هجمات مسلحة على أهداف إسرائيلية.
لماذا تريد السلطة الفلسطينية تفكيك الحركة؟
تقول تقارير محلية، إن أجهزة الأمن في الضفة الغربية، حاولت إقناع أعضاء المجموعة بترك أسلحتهم، ووقف العمليات، مشيرة إلى أنه بينما استجاب بعضهم، بترك العمل المسلح والانضمام للأجهزة الأمنية الفلسطينية، رفضت قيادات الحركة تسليم سلاحها، وأصرت على استمرار القتال.
وبحسب تقارير، فإن السلطة الفلسطينية تريد تفكيك الحركة الوليدة حديثًا، خوفًا من خروج الأمور بالضفة الغربية عن السيطرة، مشيرة إلى أنها سعت إلى الوصول لاتفاق مع هذه المجموعة، من شأنه حمايتهم من الاغتيال الإسرائيلي.
كيف ردت "عرين الأسود"؟
بالنظر إلى طبيعة «عرين الأسود»، فإن المجموعة أبعد عن التنظيمات الهرمية التي تتلقى التعليمات من قيادة، بل إنها تعتمد -في كثير من الأحيان- على كسب شهرتها من خلال وسائل التواصل، خاصة «تيك توك» الذي أغلق حسابهم في أكتوبر الماضي، بطلب إسرائيلي.
هل تشتبك مع الجهات المحلية؟
بالنظر إلى تاريخ المجموعة الوليدة، لم تسجل أي اشتباكات مع الأمن الفلسطيني، إلا أنها كثيرة الاشتباك مع الجيش والمخابرات والمستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية.
هل الحركة مؤثرة محليًا؟
بحسب تقرير للقناة 13 الإسرائيلية، فإن الجماعة تحولت -في أقل من عام- من منظمة ثانوية لا وجود ولا أساس لها، إلى منظمة تؤثر على الأرض أكثر من جميع المنظمات المعروفة، وتهدد أمن الإسرائيليين واستقرار السلطة الفلسطينية، على حد قولها.
كان وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، قدر في أكتوبر الماضي أعداد المجموعة بنحو 30 مسلحًا، متعهدًا بالقضاء عليهم، إلا أن ظهورها في العرض العسكري الذي نظمته في ديسمبر الماضي، يوحي بأن أعداهم تجاوزت مئات وبتسليح جيد.
هل يستطيع الجيش الإسرائيلي القضاء على "عرين الأسود"؟
اجتماعات طارئة عُقدت خلال الأيام والشهور الماضية، حضرها قادة المستويات السياسية والأمنية في إسرائيل، لبحث التهديدات التي تشكلها مجموعة عرين الأسود وباقي الفصائل.
وبحسب تقارير محلية، فإن الحكومة الإسرائيلية أبلغت السلطة الفلسطينية نيتها باغتيال أعضاء المجموعة، مشيرة إلى أن الجيش يعتزم شن عملية عسكرية خاصة، عبر اجتياح واسع لأماكنهم، تشارك فيها الدبابات والمروحيات والمسيرات، كما حدث في اجتياح عام 2002، حين اغتالت إسرائيل واعتقلت عددًا من المطلوبين.
ماذا عن «عرين الأسود»؟
عرض ديسمبر الماضي، الذي كان ثوريًا بشكل كبير بظهورهم الأول في الثاني من سبتمبر الماضي، حمل رسائل كثيرة لم تكن في البيان الذي تلاه أحد المقاومين، تمثلت في شكل الخروج وطريقته وتوقيته، إضافة للحضور الجماهيري الحاشد.
فبزي أسود تغطت أجساد الجماعة، التي خطت اسمها «عرين الأسود» وشعارها على قبعات مقاتليها السوداء ودروعهم، بل إن لثام الوجه أسدلوا عليه قطعًا قماشية سوداء غطت أعينهم.
تلك التجهيزات التي كشفت أن المقاتلين كانوا أكثر وعيًا وحرصًا، تشير إلى أن هؤلاء يتلقون تدريبات عالية المستوى وليسوا مجموعة من الهواة، ما يفرض تحديات جوهرية أمام السلطات الإسرائيلية، تستدعي تعاملًا احترافيًا مع هؤلاء المدربين.
إلا أن ذلك التعامل، الذي تعتزمه السلطات الإسرائيلية، عبر عمليات اغتيال، سيؤدي إلى زيادة التوترات في الضفة الغربية، وفلسطين، وسط تخوفات من تأجيج الوضع الحالي، ما قد يؤدي إلى تصعيد كبير في المنطقة.