فوز متوقع.. أردوغان يتمسك بحكم تركيا ويبدد آمال المعارضة
سخر أردوغان من هزيمة خصمه الأبرز كليجدار أوغلو قائلًا: وداًعا... وداعًا... وداعا يا كمال، وسط ترديد أنصاره من خلفه في أنقرة.

السياق
كأنه "تنفس الصعداء" وفي زهوة من نشوة النصر، هكذا ظهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في خطابه الاحتفالي بفوزه رئاسة تركيا لسنوات خمس، مسقطًا من على كاهله حمل المعارضة الثقيل، الذي أرهقه ولو لوقت قصير، منهيًا لكابوس أن يصبح رئيسا متقاعدًا بعد أكثر من عقدين في سدة الحكم.
وبعد اقتراع شهد تنافسًا حاميًا مدد أردوغان حكمه حتى عام 2028، ليبقى سجله الانتخابي خاليًا من الهزائم، منهيًا آمال المعارضة التي شكلت عليه خطرًا هو الأكبر منذ سنوات، والأهم من فوزه على تحالف المعارضة، أن الوضع الاقتصادي الحرج والتضخم وتبعات الزلزال المدمر والسياسات التي وُصفت بالديكتاتورية ورغبة قطاع عريض من الشعب في التغيير، لم تجبر كلها أردوغان على شغر مهام المعارضة.
وانتشرت مظاهر الاحتفالات في أنحاء تركيا، بينما تتالت التهاني من زعماء العالم، وألقى أردوغان كلمة أولى من على سطح حافلة في اسطنبول.
وقال وسط حشد من أنصاره قبالة مقر إقامته في المدينة: "عهدت إلينا أمتنا مسؤولية حكم البلاد للسنوات الخمس المقبلة".
وأضاف أردوغان: "سنفي بكل الوعود التي قطعناها للشعب"، مؤكدًا أن "كل عملية انتخابية نهضة".
وتابع: "أظهرت هذه الانتخابات أن لا أحد يستطيع أن يهاجم مكتسبات هذه الأمة"، مردفًا: "إن شاء الله نستحق ثقتكم".
ماذا تعني خمس سنوات أخرى من حُكم أردوغان؟
الوحدة والتضامن
في كلمة ثانية ألقاها من القصر الرئاسي في أنقرة أمام مئات الآلاف من أنصاره، دعا الأتراك إلى "الوحدة والتضامن".
وقال: "نترك الخلافات السياسية جانبًا وندعو إلى الوحدة والتضامن"، مؤكدًا: "ندعو إلى ذلك من كل قلبنا".
لكن في الوقت ذاته سخر من هزيمة خصمه الأبرز كليجدار أوغلو قائلًا: "وداًعا... وداعًا... وداعا يا كمال"، وهو الهتاف الذي ردده أنصاره من خلفه في أنقرة، كذلك هاجم زعيمًا كرديًا في محبسه وكثيرًا من سياسات تبنتها أو نسبها هو للمعارضة.
وأظهرت النتائج النهائية فوزه على منافسه العلماني كمال كليجدار أوغلو بفارق أربع نقاط مئوية.
في المقابل -حتى الآن- لم يقر زعيم المعارضة كليجدار أوغلو صراحة بخسارته وفوز أردوغان، لكنه اشتكى مما وصفها بـ "أكثر انتخابات غير عادلة في السنوات الأخيرة"، متهمًا حزب العدالة والتنمية بـ"حشد كل وسائل الدولة ضده".
وفي خراج تركيا وعلى ما يبدو فإن العالم لم يكن على استعداد للتعامل مع نظام حكم جديد في أنقرة، في ظل أزمات دولية بالغة الخطورة، على وقع دور مهم تقوم به الدولة الأورو آسيوية في الحرب الروسية الأوكرانية.
حشود كبيرة
توقفت حركة المرور في ساحة تقسيم الشهيرة باسطنبول، بينما تجمعت حشود كبيرة لوحت بالأعلام التركية وصور أردوغان.
وقالت نيسا سيفاسلي أوغلو (17 عامًا) في العاصمة التركية أنقرة: "اختار شعبنا الرجل المناسب".
وأضافت: "أتوقع أن يعزز أردوغان الأشياء الجيدة التي فعلها لبلدنا".
تعرض الزعيم التركي الأطول عهدًا إلى اختبار غير مسبوق، ويُنظر إلى هذه الانتخابات على أنها الأكثر أهمية في تاريخ الجمهورية منذ إعلانها قبل قرن.
وشكّل كيلجدار أوغلو تحالفًا قويًا جمع حلفاء سابقين لأردوغان وقوميين علمانيين ومحافظين.
ونجح في 14 مايو بالوصول إلى الدورة الثانية لأول مرة في تاريخ الانتخابات الرئاسية في تركيا.
ردود فعل دولية
من بوتين إلى بايدن مرورًا بماكرون وريشي سوناك وزيلنسكي ورئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وصولًا إلى دونالد ترام،ب توالت التهانئ الدولية والأممية على الرئيس التركي، مباركين فوزه الذي وصفوه بالمستحق.
وعدَّ بوتين، الذي عمل مؤخرًا مع نظيره التركي، فوز أردوغان "النتيجة المنطقية لعملكم المتفاني بصفتكم رئيسًا للجمهورية التركية"، مضيفًا أن الانتصار "دليل واضح على دعم الشعب التركي لجهودكم".
كما أشار الرئيس الروسي خصوصًا إلى "الجهود" التي بذلها أردوغان "في تعزيز سيادة الدولة واتباع سياسة خارجية مستقلة".
وتحظى تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) بنفوذ في مجالات استراتيجية مهمة لموسكو، كما تؤدي دور الوسيط في النزاع الأوكراني.
أما الرئيس الأمريكي جو بايدن فهنأ أردوغان، وقال عبر "تويتر": "أتطلع إلى مواصلة العمل معًا بصفتنا حليفين في (الناتو) بشأن القضايا الثنائية والتحديات العالمية المشتركة".
بدوره، قدم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تهانيه إلى أردوغان عبر "تويتر" قائلًا: "أتطلع إلى استمرار عملنا مع الحكومة التي اختارها الشعب التركي".
محمد بن زايد يهنئ
أجرى رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان اتصالاً هاتفياً بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، هنّأه خلاله بإعادة انتخابه رئيساً للجمهورية التركية لولاية جديدة في الانتخابات الرئاسية.
وأعرب الشيخ محمد بن زايد عن تمنياته للرئيس أردوغان بمواصلة قيادة بلاده، وتحقيق تطلعات شعبه نحو مزيدٍ من التقدم والازدهار، متطلعاً إلى العمل معاً في سبيل تعزيز علاقات البلدين وشراكتهما الاستراتيجية، لما فيه الخير للبلدين وشعبيهما الصديقين.
من جانبه أعرب الرئيس التركي عن شكره وتقديره لرئيس الدولة لتهنئته، وما عبر عنه من مشاعر صادقة تجاه تركيا وشعبها.
في السياق بعث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية بـ"أصدق التهاني، وأطيب التمنيات بالتوفيق والسداد" لرجب طيب أردوغان والشعب التركي.
أوروبا
أكد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك رغبته في مواصلة "التعاون الوثيق" مع تركيا.
وقال سوناك عبر "تويتر": "أهنئ الرئيس أردوغان وأتطلع إلى استمرار التعاون الوثيق بين بلدينا، من التجارة المتنامية إلى معالجة التهديدات الأمنية بصفتنا حليفين في الناتو".
ومن الإليزية هنأ إيمانويل ماكرون أردوغان، قائلًا إن فرنسا وتركيا تواجهان "تحديات هائلة تخوضانها معًا".
ومن هذه "التحديات"، أشار ماكرون عبر "تويتر" إلى "عودة السلام في أوروبا ومستقبل تحالفنا الأوروبي الأطلسي والبحر المتوسط"، مضيفًا: "مع الرئيس أردوغان الذي أهنئه سنواصل المضي قدمًا".
وهنّأ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أردوغان، معربًا عن أمله بـ "تعزيز" العلاقات بين كييف وأنقرة، لا سيما لضمان "الأمن" في أوروبا.
وقال المستشار الألماني أولاف شولتس إنه يأمل أن تمنح إعادة انتخاب رجب طيب أردوغان "زخمًا جديدًا" للعلاقات بين البلدين لـ "دفع أجندتهما المشتركة".
ووصف في تغريدة البلدين بأنهما "شريكان وحليفان مقربان" مشيرًا إلى "الترابط الشديد بين شعبيهما واقتصاديهما".
ورحب رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون بإعادة انتخاب أردوغان قائلًا: "أمننا المشترك أولوية للمستقبل".
السويد مرشحة للانضمام إلى" الناتو"، لكنها تواجه رفضًا من تركيا التي تتهمها بإيواء "إرهابيين"، لا سيما أعضاء في حزب العمال الكردستاني.
وأعربت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال عبر "تويتر" عن رغبتهما في "مواصلة تطوير العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا".
جدير بالذكر أن تركيا مرشحة رسميًا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لكن مفاوضات الانضمام التي بدأت عام 2005 متوقفة منذ سنوات.
والعلاقات معقّدة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، لكن الأخيرة تظل شريكًا أساسيًا للتكتّل، لا سيما في ما يتعلق بالهجرة.
وهنأ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ أردوغان، وقال في تغريدة: "أتطلع إلى مواصلة عملنا والتحضير لقمة الناتو بفيلنيوس في يوليو".
أوكرانيا
وقال زيلينسكي عبر "تويتر": "نأمل بمزيد من تعزيز الشراكة الاستراتيجية لصالح بلدينا وكذلك تعزيز تعاوننا من أجل أمن أوروبا واستقرارها".
وأضاف: "أدت تركيا دورًا حاسمًا في إبرام وتمديد الاتفاق الذي يتيح لأوكرانيا تصدير حبوبها عبر البحر الأسود.
أما الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، فقد أشاد بـ"انتصار أردوغان الكبير والمستحق".