هدنة السودان في الرمق الأخير.. مساعٍ لتجديدها ومخاوف من حرب أهلية
يخشى محللون تجدد الحرب الأهلية في دارفور غربي البلاد، خاصة بعد دعوة حاكم الإقليم مني مناوي المواطنين إلى حمل السلاح.

السياق
ساعات قليلة وتنتهي هدنة استمرت 7 أيام في السودان، نجحت قليلًا في تهدئة وتيرة المعارك، بين الطرفين المتناحرين، إلا أنها لم تسفر عن كثير من المساعدات الإنسانية للمدنيين.
وتنتهي -مساء الاثنين- الهدنة التي أبرمت بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بوساطة سعودية أمريكية، لم تتفق الأطراف -حتى الآن- على تجديدها.
تجديد الهدنة
وفقًا لنص في الاتفاق، الذي وُقع في مدينة جدة بالسعودية، الأسبوع الماضي، يجوز للطرفين الموافقة على تجديد أو تحديث هذه الاتفاقية فترات إضافية.
واشترط النص لتجديد هذه الاتفاقية، ضرورة إخطار لجنة المراقبة والتنسيق، في موعد لا يتجاوز ثماني وأربعين ساعة قبل انتهائها، بأن الطرفين مستعدان للموافقة على التجديد، ويقترح التحديثات (حال التجديد).
وبحسب نص الاتفاقية، يجوز للطرفين تجديد هذه الاتفاقية مدة يُتفق عليها، وتمديدها فترات إضافية بالإجراء نفسه، على أن تنتهي حال عدم تجديدها.
موقف الأطراف السودانية
في بيانها الذي اطلعت «السياق» على نسخة منه، أعلنت قوات الدعم السريع استعدادها لمواصلة المباحثات، خلال آخر يومين من الهدنة تحت رعاية الوساطة السعودية الأمريكية، لمناقشة إمكانية الوصول إلى تجديد اتفاق وقف إطلاق النار والترتيبات الإنسانية.
وقالت قوات الدعم السريع، إن اتفاق وقف إطلاق النار قصير الأمد ألزم الطرفين بإخطار لجنة المراقبة والتنسيق في موعد لا يتجاوز الساعة التاسعة وخمسٍ وأربعين دقيقة من مساء السابع والعشرين من مايو 2023 باستعداده للموافقة على تمديد الهدنة.
وأكدت أنها ستستمر في مراقبة الهدنة الحالية إلى نهايتها، في التاسع والعشرين من مايو الحالي، لاختبار جدية والتزام الطرف الآخر للمضي في تجديد الاتفاق.
في المقابل، قال الجيش -في بيان سابق- إنه ملتزم باتفاق وقف إطلاق النار قصير الأمد الموقع في جدة، والترتيبات الإنسانية التي تضمنها، مؤكدًا أنه يبحث إمكانية الموافقة على تمديد الاتفاق الحالي الذي ينتهي مساء الاثنين.
وشدد الجيش السوداني -الذي لم يبد موقفا نهائيًا من التجديد- على استمراره في الالتزام بوقف إطلاق النار حتى هذا الموعد.
الأطراف الدولية
ودعا بيان مشترك للسعودية والولايات المتحدة، القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، إلى مواصلة المفاوضات لتمديد اتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين.
وقالت وزارة الخارجية السعودية، في بيان عبر «تويتر»: «تدعو المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، بصفتهما ميسّرين لاتفاق وقف إطلاق النار قصير الأمد والترتيبات الإنسانية، القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، إلى مواصلة النقاش للتوصل إلى اتفاق لتمديد وقف إطلاق النار الذي سينتهي 29 مايو 2023 الساعة 9:45 دقيقة بتوقيت الخرطوم».
وأضافت الخارجية السعودية، أن الاتفاق ليس كاملاً، إلا أن التمديد سيسهل إيصال المساعدات الإنسانية التي يحتاجها الشعب السوداني، مؤكدة أنه في ظل عدم وجود اتفاق لتمديد وقف إطلاق النار الحالي، يظل من واجب الطرفين التقيد بالتزامهما بموجب وقف إطلاق النار قصير الأمد، وإعلان الالتزام بحماية المدنيين في السودان"، بحسب البيان.
الوضع الميداني
نقلت وكالة رويترز عن شهود عيان وسكان قولهم إنهم سمعوا دوي اشتباكات كثيفة ومستمرة –الاثنين- في أجزاء من العاصمة الخرطوم، قبل ساعات من انتهاء اتفاق الهدنة
وقالت «رويترز»، إن الاشتباكات استمرت الأحد والاثنين جنوبي وغربي أم درمان، إحدى المدن الثلاث المتجاورة التي تشكل ولاية الخرطوم، مشيرة إلى أن هناك اشتباكات وقعت في وقت متأخر من مساء الأحد، بينما قال أحد سكان الخرطوم في تصريحات لـ«فرانس24»: «نسمع إطلاق نار جنوبي المدينة».
مخاطر تصعيد مسلح
بحسب بيانات موقع النزاعات المسلحة ووقائعها (إيه سي إل إي دي)، بلغت حصيلة القتلى منذ اندلاع المعارك 1800 شخص، معظمهم في العاصمة وفي مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور.
ويخشى محللون تجدد الحرب الأهلية في دارفور غربي البلاد، خاصة بعد دعوة حاكم الإقليم مني مناوي المواطنين إلى حمل السلاح.
كان مناوي، قال في «تويتر»: «أدعو مواطنينا الكرام جميعًا، أهل دارفور شيبًا وشبابًا، نساءً ورجالًا، إلى حمل السلاح لحماية ممتلكاتهم».
وأوضح مناوي أن «الاعتداءات على المواطنين تضاعفت، وكثيرون لا يرغبون في سلامة وحقوق المواطنين، ويتعمدون تخريب المؤسسات القومية»، مضيفًا: «ونحن حركات الكفاح سنساندهم في جميع حالات الدفاع».
مخاوف عززتها دعوة الجيش السوداني جنود الاحتياط والمتقاعدين من الجيش إلى التسلح، في محاولة لتعزيز صفوفه، وهو ما حذر منه حزب الأمة القومي، الذي قال -في بيان- إن دعوات تسليح المواطنين بحجة حماية أنفسهم، محاولات لجر البلاد إلى الحرب الأهلية.
تلك المخاوف فاقمتها البيانات التي نشرها مشروع مسح الأسلحة الصغيرة، الذي أظهر أن 6.6% من سكان السودان البالغ عددهم نحو 45 مليون نسمة، يملكون أسلحة، ما دق جرس إنذار من إمكانية دخول البلاد في أتون الحرب الأهلية.