عقبات على الطريق.. من يعرقل الاتفاق السياسي في السودان؟

خلافات نشبت بين الجيش والدعم السريع، على القيادة والسيطرة وسنوات الدمج، أدت إلى تأجيل توقيع الاتفاق النهائي من مطلع أبريل الجاري إلى السادس من الشهر نفسه.

عقبات على الطريق.. من يعرقل الاتفاق السياسي في السودان؟

السياق

إغلاق طرق واحتجاجات وبزوغ الخلافات، بين الجيش والدعم السريع بشأن مسألة الدمج... عراقيل شقت طريقها إلى الاتفاق السياسي السوداني، الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة.

تلك التوقعات عززتها الخلافات التي ظهرت -الأسبوع الماضي- على الجدول الزمني لدمج قوات الدعم السريع في الجيش، وهي خطوة دعا إليها الاتفاق الإطاري للانتقال الجديد الموقع في ديسمبر الماضي.

خلافات نشبت بين الجيش والدعم السريع، على القيادة والسيطرة وسنوات الدمج، أدت إلى تأجيل توقيع الاتفاق النهائي من مطلع أبريل الجاري إلى السادس من الشهر نفسه.

إلا أن القلق يسيطر على الفرقاء السياسيين في السودان، من إرجاء جديد لتوقيع الاتفاق، خاصة بعد تصريح للمتحدث باسم الجيش العميد نبيل عبدالله، أكد فيه أن القوات المسلحة لن توقع الاتفاق النهائي، قبل وضع جداول زمنية واضحة، لدمج قوات الدعم السريع في الجيش.

وقبل أيام عقدت ورشة للإصلاح الأمني والعسكري، تنفيذًا لما نص عليه الاتفاق الإطاري، كجزء أول من العملية السياسية، التي تهدف لعودة المدنيين إلى السلطة، إلا أنها اختتمت من دون اتفاق.

ويقول محللون إن دمج قوات الدعم السريع في الجيش، نقطة الخلاف الرئيسة بين البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو المعروف باسم «حميدتي»، الذي يقود هذه القوات، التي تشكلت عام 2013 للقضاء على التمرد في إقليم دارفور.

 

4 نقاط

في محاولة من القوى المدنية التي وقعت الاتفاق السياسي الإطاري، لحلحلة الوضع الراهن، عقدت اجتماعاً مساء الثلاثاء، انتهى إلى 4 نقاط.

وفي بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، قال الناطق الرسمي باسم العملية السياسية في السودان، المهندس خالد عمر يوسف، إن الاجتماع ناقش مسودة الاتفاق السياسي النهائي، وعالج القضايا العالقة لتصبح الوثيقة جاهزة، في ما عدا القضايا الفنية المتبقية في ملف الإصلاح الأمني والعسكري.

وبينما قال متحدث العملية السياسية في السودان، إن الاجتماع ناقش تقريرًا عن سير المناقشات في القضايا العالقة بملف الاصلاح الأمني والعسكري، اتفق على ضرورة مضاعفة الجهد، لتجاوز العقبة المتبقية، بما يسهم في توقيع الاتفاق السياسي النهائي بشكل عاجل، في إشارة -على ما يبدو- إلى إرجاء توقيع الاتفاق إلى ما بعد 6 أبريل الجاري.

وبحسب البيان، فإن القوى المجتمعة، اتفقت على ترتيب اجتماعٍ عاجل للقوى العسكرية والمدنية، الموقعة على الاتفاق السياسي الإطاري، لبحث العقبات التي أخرت توقيع الاتفاق النهائي وسبل تجاوزها.

ولم يغفل الاجتماع ما وصفه بـ«النشاط المتزايد لنظام المؤتمر الوطني المحلول، لتخريب العملية السياسية وإشعال الفتنة داخل المؤسسة العسكرية والمكونات الاجتماعية»، بحسب البيان الذي أكد أن المجتمعين اتفقوا على أن هذه المساعي لن تفلح، وأن النظام الذي أسقطه الشعب لن يعود.

وختم البيان برسالة إلى الشعب السوداني، قال فيها: «نؤكد لكل جماهير الشعب السوداني أننا عازمون على إسراع الخطى لاسترداد السلطة المدنية، بما ينهي المعاناة التي تثقل كاهل المواطنين والمواطنات، أمنياً واقتصادياً واجتماعياً، ويؤسس لبناء دولة سودانية قوية ذات سيادة على قاعدة السلام والحرية والعدالة والكرامة».

كان اجتماع عقد بعد ظهر السبت الماضي، ضم قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان والفريق أول محمد حمدان دقلو قائد قوة الدعم السريع وقادة القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري، قال عنه الناطق باسم العملية السياسية خالد عمر يوسف، إنه توصل إلى توقيع الاتفاق النهائي في السادس من أبريل الجاري، إلا أن عراقيل على الطريق أطلقت جرس إنذار من ضرب العملية السياسية في مقتل.

 

فمن يعرقل الاتفاق؟

متحدث العملية السياسية، كان قال إن اجتماع السبت الماضي «حدد آخر القضايا المتبقية، وهي القضايا الفنية المرتبطة بمراحل الإصلاح والدمج والتحديث في القطاع الأمني والعسكري، الذي حسم مداه الزماني وقضاياه الرئيسة في ورقة المبادئ الموقعة في 15 مارس الماضي».

من جانبه، قال القيادي في قوى الحرية والتغيير -المجلس المركزي شريف محمد عثمان، في تصريحات تلفزيونية تابعتها «السياق»، إن على معارضي الاتفاق السياسي ألا يعبثوا بين الدعم السريع والجيش، مشيرًا إلى أن هذا العبث خطر على مستقبل السودان واستقراره.

وأكد القيادي في قوى الحرية والتغيير، أن على معارضي الاتفاق السياسي السوداني، الدفع نحو توحيد السودان وجيوشه.

 

حلحلة مشروطة

بدوره، قال المدير السابق لإعلام الجيش السوداني محمد عجيب، إن حلحلة الأزمة مشروط بموافقة قوات الدعم السريع على الدمج خلال الفترة الانتقالية، مشيرًا إلى أنه يجب أن يكون موقف القوات المسلحة ثابتًا بحتمية دمج الدعم السريع خلال الفترة الانتقالية.

في السياق نفسه، قال المحلل السياسي السوداني طاهر معتصم، إنه لو توافرت الإرادة السياسية لدى الجيش السوداني وقياداته، يمكن أن يصلوا إلى اتفاق لحلحلة الأزمة، مشيرًا إلى أن المؤسسة العسكرية عريقة ولها خبرة في الدمج.

ويقدر عدد قوات الدعم السريع بـ40 ألفًا، ينتظر دمجهم في الجيش السوداني، كغيرهم من القوات الأخرى، وفق الضوابط المحددة، بينما يرى مراقبون أن احتفاظ تلك القوات بأسلحتها، من دون ضوابط، يعرِّض استقرار السودان إلى الخطر.

ويقول المحلل العسكري والاستراتيجي السوداني با بكر يوسف، في تصريحات تلفزيونية تابعتها «السياق»، إن الأزمة ليست في ضم قوات الدعم السريع للجيش، كونها قوة تابعة للقوات المسلحة بأمر القانون الذي أنشئت به، إلا أن الأزمة في الحركات المسلحة التي كانت تقاتل الجيش، في كيفية ضمها أو استيعابها في القوات المسلحة.

وأشار إلى أن القوات المسلحة السودانية لها تاريخ في ضم الحركات المسلحة بين صفوفها، مؤكدًا أن عملية الدمج تكون وفقا لقوانين ولوائح، بينها التأهيل والتوازن القبلي والجهوي، إضافة إلى التدريب والتأهيل.

وأكد المحلل العسكري الاستراتيجي، أن المشهد السياسي في السودان معقد جدًا، مشيرًا إلى أن هناك عددًا من الكتل المتشاكسة، التي ترى كل منها رؤية محددة للحل في القضية السودانية، ما أدى إلى خلافات كبيرة داخل المكونات المدنية، التي أصبحت حجر عثرة في الوصول لحلول.

 

اتفاق جديد

من جهة أخرى، قال محيي الدين جمعة، القيادي في الكتلة الديمقراطية إن الاتفاق الإطاري لا يمكن أن يكون الأساس لمناقشة القضايا السودانية الوطنية، مشيرًا إلى أن على القوى المدنية الوصول لاتفاق سياسي جديد.

وأوضح القيادي في الكتلة الديمقراطية، أن هناك مجموعات تريد إدخال الجيش وقوات الدعم السريع في أزمات سياسية، ما يستدعي دور القوات المدنية لأن تقف حائلًا أمام هذه المخططات.

وأشار إلى أن الكتلة الديمقراطية تريد من الآلية الثلاثية أن تقف على مسافة واحدة من القوى المدنية، للخروج بتوافق ومصالحة وطنية، والاتفاق على كيفية الإصلاح الشامل للمنظومة (الأمنية، السياسية، العسكرية، الاقتصادية).

بينما قال مراقبون إن هناك معركة كسر عظام بين تنظيم الإخوان المسلمين وإرادة الثورة السودانية، عبر تفعيل الحراك شرقي السودان وتفجير النزاعات القبلية في بعض مناطق الالتهاب، والتلويح باضطرابات واستنفار الطاقات والجهود لكسب هذه المعركة التي تعد وجودية للإسلاميين.

وأكد المراقبون، أن هناك أزمة ثقة بين القوى المدنية، والأطراف الأجنبية التي يُنظر إليها بنظرية المؤامرة، مشددين على ضرورة وجود إجماع وطني وحكومة منتخبة وبرلمان يمثل جميع أهل السودان.