الغارديان: بذور انهيار السودان زرعت منذ عقود
ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية، أن السرعة التي تفكك بها السودان، كانت أول مؤشر على أن الصراع يتراكم منذ فترة طويلة.

ترجمات - السياق
قالت صحيفة الغارديان البريطانية، إن جذور الصراع «الدموي» على السلطة في السودان، بدأت مع الإبادة الجماعية في دارفور قبل 20 عامًا.
وأوضحت الصحيفة البريطانية، أن السرعة التي تفكك بها السودان، كانت أول مؤشر على أن الصراع يتراكم منذ فترة طويلة، مشيرة إلى أن انهيار السودان نتيجة الإخفاقات والتواطؤ، لدرجة أن أولئك الذين يعيشون هناك، افترضوا أنهم سيستمرون إلى الأبد، حتى خاضت قوات الدعم السريع والجيش السوداني حربًا على من يدير البلاد، وحاصروا الشعب السوداني بينهم.
وأشارت إلى أن العاصمة السودانية الخرطوم، تحولت إلى منطقة حرب، مع مشاهد سريالية للدبابات والضربات الصاروخية، وأعمدة الدخان تتصاعد في جميع أنحاء المدينة، مؤكدة أن الصراع اندلع بعد أربع سنوات من نجاح ثورة هائلة، رغم الصعاب التي أحاطت محاولات إطاحة الرئيس السابق عمر البشير «بعد ما يقرب من 30 عامًا من الدكتاتورية والنهب الاقتصادي والإبادة الجماعية»، ما سبب فراغًا في السلطة بين القوتين.
مأساة السودان
وبحسب «الغارديان»، فإن مأساة السودان «هي مأساة بلد تجرأ على طلب مزيد وهو الآن يعاقب عليه»، مشيرة إلى أنه «ينضم إلى مسيرة قاتمة من الدول العربية التي أطاحت -على مدى السنوات العشر الماضية- زعماءها الديكتاتوريين فقط لترى الآمال في الديمقراطية تحطمت».
وأكدت الصحيفة البريطانية، أنه «إذا كانت دولة ما بعد الثورة محظوظة، كما حدث بمصر في عهد عبدالفتاح السيسي، فإن النظام القديم ببساطة أعاد تأسيس سلطته»، مضيفة: «في أسوأ السيناريوهات التي حدثت في ليبيا واليمن وسوريا، انزلقت الدولة في حرب أهلية، ما أدى إلى نزوح جماعي للاجئين إلى الدول المجاورة، أو الرحلات المحفوفة بالمخاطر إلى أوروبا».
بداية الأحداث
إلا أن «مأساة السودان هي أيضاً مأساة بلد تأخرت فيه الحسابات كثيراً»، تقول "الغارديان"، مشيرة إلى أن أحداث الأسبوع الماضي بدأت قبل 20 عامًا، في منطقة دارفور الغربية المهمشة.
وأشارت إلى «قمع تمرد ضد الحكومة بوحشية من مجموعة من المقاتلين يسمون الجنجويد»، مؤكدة أن البشير، وهو رجل عسكري وصل إلى السلطة، من خلال انقلاب عسكري مدعوم من الإسلاميين عام 1989، لم يكن راغبًا في إرسال جيشه إلى المعركة، فقام بدلاً من ذلك بإذكاء الخلافات القبلية والعرقية ودعم «الجنجويد» للعمل كوكيل له.
وبينما قالت إنه «مات مئات الآلاف، وتعرضت النساء للاغتصاب بشكل منهجي وتشرد الملايين في دارفور»، أشارت إلى أن الإبادة الجماعية أثارت تدقيقًا دوليًا وعقوبات، ووجهت المحكمة الجنائية الدولية الاتهام إلى البشير، لكن لم يتغير شيء داخل السودان.
وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن «الجنجويد» انضمت رسميًا في ثوب قوات الدعم السريع، وأصبحت أكثر قوة في ظل عملها تحت اللواء محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، الذي نمت طموحاته عندما أطلق له البشير العنان للاستحواذ على النفوذ والأصول، طالما كان يحميه.
وأشارت إلى أن «حميدتي لم يلتزم بجانبه من الصفقة، وعام 201، إلى جانب الجيش، دفع البشير جانبًا»، مؤكدة أن هناك آخرين حاصروا مصير السودان.
عقوبات خرقاء
وتقول «الغارديان»، إن المجتمع الدولي طبق عقوبات لم تفعل سوى قليل، لكنها أضعفت قدرة الشعب السوداني على مقاومة حكومته الاستبدادية، مشيرة إلى أن «مجموعة من الحكومات غير الديمقراطية دعمت الجيش والميليشيات بعد ثورة 2019، من أجل القضاء على احتمالات ازدهار الديمقراطية في ساحاتهم الخلفية، بينما دخلت روسيا مؤخراً، في شراكة مع الميليشيات السودانية لاستخراج الذهب وصياغة مصالح أمنية».
مواجهة مؤلمة
وتقول الصحيفة البريطانية، إن المواجهة «المؤلمة» ليست مسؤولية القادة المحليين واللاعبين الدوليين فقط، فبين أولئك الذين علقوا في مرمى النيران، كان هناك خيار مشترك واعتقاد قصير النظر بأن ما حدث خارج الخرطوم لا يهم.
وأشارت إلى أن نظام البشير أفرز طبقة كبيرة ازدهرت في ظل حكومته وشجعتهم رعايته على تجاهل الأحداث عمداً، مؤكدة أن الحرب التي تمزق الخرطوم الآن، مجرد شيء مما جنته مناطق عدة سنوات، حيث تمتعت العاصمة بالسلام وأوقات الرخاء.
وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن هذا الانفصال أدى إلى تعزيز الاستياء المرير، وتقسيم الهوية الوطنية، والحفاظ على منطقة نائية شاسعة ينعدم فيها القانون ويزدهر فيها المرتزقة وأمراء الحرب.
وتقول «الغارديان»، إنه سرعان ما أحبط الواقع فترة الأمل القصيرة التي عاشها السودان، في أعقاب ثورة 2019، فسرعان ما تلاشت الشعارات التي تدعو إلى الديمقراطية، حتى لو كان ترديدها في جميع أنحاء البلاد، بمطالب من مختلف الفصائل والجماعات المتمردة والأحزاب المدنية ومصالح النخبة الراسخة، الذين لديهم جميعًا فكرة مختلفة عن السودان يجب أن تظهر بعد الثورة.
مستقبل السودان
وعن مستقبل السودان بعد الحرب، قالت الصحيفة البريطانية إن شيئًا جديدًا ظهر في ثورة 2019، ما يعني أن الشعب السوداني لن يقبل بعد الآن بالحكم العسكري، بصرف النظر عن حجم طبقة المستفيدين التي يخلقها.
«وبينما دفع السودان ثمن ذلك التصميم على عدم القبول بالحكم العسكري، حياة المئات من الذين قتلوا على يد قوات الأمن في السنوات الأربع الماضية، مطالبين بإخراج الجيش وجميع المليشيات من السلطة، أضيف إلى ذلك العدد مئات مع دخول احتماء السودانيين في العيد من قنابل ورصاص الفريقين المتناحرين اللذين لم يكن يهمهما مصلحة الشعب»، بحسب الصحيفة البريطانية.
وأشارت إلى أن اللحظة الحالية «مظلمة بلا شك، لكن ربما يكون هناك بعض الأمل، ما يعني أن الشعب السوداني يدرك مرة واحدة وإلى الأبد، أن السلام بالنسبة للبعض لن يدوم، ما لم يكن هناك سلام للجميع».