دعوة التصالح مع الإخوان... هل تُعقِّد مهمة طنطاوي؟

في اجتماع عقد قبل أيام، بين أحزاب الحركة المدنية والرئيس السابق لحزب الكرامة، أحمد طنطاوي، كمرشح رئاسي محتمل، قال الأخير، إنه لا يريد تصفية حسابات مع تنظيم الإخوان، داعيًا إلى نسيان الماضي من أجل ما وصفه بالسلم الاجتماعي

دعوة التصالح مع الإخوان... هل تُعقِّد مهمة طنطاوي؟
أحمد الطنطاوي بمقر حزب المحافظين

السياق 

دعوة في مياه سياسية راكدة، عقدت مهمة المرشح الرئاسي المحتمل، وأثارت الشكوك في نيته، بعد أن أفقدته زخمًا شعبيًا كان يعول عليه، في سعيه نحو المنصب الرفيع.

إنه البرلماني المصري السابق أحمد طنطاوي، الذي أثار الجدل في مصر قبل أيام، بتلميحه للموافقة على عودة تنظيم الإخوان المصنف إرهابيًا في مصر، إلى المشهد، ما تسبب بحرج كبير للحركة المدنية التي تقود المعارضة، ودفع الأحزاب المنضوية تحت لوائها إلى الهرولة للتنصل من تلك الدعوة.

فماذا قال طنطاوي؟

في اجتماع عقد قبل أيام، بين أحزاب الحركة المدنية والرئيس السابق لحزب الكرامة، أحمد طنطاوي، كمرشح رئاسي محتمل، قال الأخير، إنه لا يريد تصفية حسابات مع تنظيم الإخوان، داعيًا إلى نسيان الماضي من أجل ما وصفه بـ«السلم الاجتماعي».

وعن تلك التصريحات، قال المتحدث باسم حزب العدل معتز الشناوي، إنه عندما طرح على الطنطاوي سؤالًا عن موقفه من الإخوان، خلال اجتماع الحركة المدنية، أجاب بأنه «من الأفضل طي صفحة الماضي والعمل من أجل بناء المستقبل».

متحدث حزب العدل، أضاف: «عندما سألت الطنطاوي عن توضيح كلامه، أجاب أنه يمكن أن يقيم التنظيم جمعية أهلية طبقًا للقانون الذي يمنح الحق لكل المصريين بفتح جمعيات أهلية، بحيث يكون القانون الفيصل، وليس من الضروري أن يرأس الجمعية المرشد، بل قد تؤسس من خلال مجلس إدارة».

تصريحات أثارت غضبًا كبيرًا بين القوى السياسية في مصر، التي رأت أن هذه المصالحة تعني «نسيان دماء المصريين التي سالت» في أعقاب الهجمات الإرهابية التي شنها تنظيم الإخوان والتنظيمات المنبثقة منه، إبان إطاحته في يوليو 2013، مشيرين إلى أن الدعوة إلى مقترح كهذا، تخالف الإجماع الشعبي الرافض للتعامل مع من حمل السلاح في وجه الدولة المصرية.

 

فكيف رأتها القوى السياسية المصرية؟

سارعت القوى السياسية في مصر، خصوصًا المنضوية تحت لواء الحركة المدنية، إلى التنصل من تلك الدعوة، وإدانتها، بل والتشكيك في «وطنية» وانتماء من صرح بها.

ففي بيان، دعا حزب الجيل الديمقراطي، أحزاب الحركة المدنية خاصة حزبي الكرامة والمحافظين، إلى «تحديد موقفهما بوضوح من دعوة طنطاوي بالمصالحة مع الإخوان، خاصة أنها سبق أن توافقت مع غيرها من أحزاب مصر والقوى الوطنية على استبعاد كل من تلطخت أيديه بدماء المصريين من المشاركة في الحوار الوطني، للحفاظ على وحدة الجماعة الوطنية في مواجهة جماعات الإرهاب الأسود المسلح».

ووجَّه حزب الجيل، رسائل عدة إلى المرشح الرئاسي المحتمل أحمد طنطاوي، مناشدًا إياه مراجعة تصريحاته والعدول عنها، مؤكدًا أن «الشعب لن يقبل المصالحة مع الإخوان وطي صفحة الماضي، ونسيان دماء المصريين التي سالت في السنوات العشر الماضية».

وفي أعقاب اجتماع الحزب الدوري الأسبوعي، قال البيان إنه «من مصلحة طنطاوي -كمرشح رئاسي محتمل- ألا يقف في مواجهة الإجماع الوطني، الرافض لعودة تلك الجماعة الإرهابية بأشكال جديدة خادعة ومضللة كما فعلت، وهو ما أكدته بعد ثورة الشعب في 30 يونيو و3 يوليو 2013 من أنها على استعداد أن تضحي بالوطن من أجل الحكم والسلطة».

وأكد المكتب السياسي لحزب الجيل «ضرورة اتفاق الأحزاب والتكتلات السياسية الحزبية على عدم التسامح مع من رفعوا السلاح في وجه الوطن، وروعوا المواطنين ونشروا الفزع والرعب في كثير من المناطق في طول البلاد وعرضها، وتلطخت أيديهم بدماء المصريين، سواء كانوا من الجيش والشرطة، أم المدنيين، والسماح لهم بالعودة من خلال أشكال جديدة، عبر طي صفحة الماضي ونسيان أحداثها الدامية».

بدوره، أعرب حزب التجمع عن قلقه البالغ من تصريحات طنطاوي، مشددًا على موقفه الثابت والتاريخي، برفض وجود الجماعة الإرهابية بأي صورة من الصور، وذكر الجميع بموقف الشعب المصري بخروجه في ثورة 30 يونيو، لإسقاط حكم المرشد.

في السياق نفسه، قال مساعد رئيس حزب التجمع عماد فؤاد، إن حديث البرلماني السابق أحمد طنطاوي مع الحركة المدنية عن إمكانية عودة الإخوان للحياة العامة استفز الحزب، مضيفًا: «طنطاوي طالب بإعادة الإخوان بالقانون»، متسائلًا: كيف يحدث هذا في بلد ثار عليهم؟!

السياسي المصري، أضاف في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أن تاريخ الإخوان الدموي والحديث عن عودتهم للحياة العامة تزييف للوعي، مضيفًا: «كنا نتوقع أن تعلن الحركة المدنية موقفًا حاسمًا من تصريحات أحمد طنطاوي عن عودة الإخوان، وحرصًا على الحركة المدنية كنا بحاجة لإعلان موقف رسمي من هذه التصريحات».

وأشار إلى أن هذه التصريحات لم تكن الأولى من قلب الحركة وتكررت مرارًا، محذرًا من أنه لا توجد جماعة إرهابية واحدة إلا وخرجت من عباءة «الإخوان المسلمين».

هل خسر طنطاوي معركة الرئاسة قبل أن تبدأ؟

يقول مراقبون، إن تصريحات الطنطاوي بقبوله التصالح مع الإخوان، تسببت في خسارة كثير من رصيده، شعبيًا وسياسيًا، حتى وإن خرج في بيان توضيحي، يتبرأ فيه من الجدل الذي أثاره.

وأكد المراقبون أن إعلان تيار أو حزب أو شخص، فتح الباب لعودة الإخوان، فإنه قد يكون أقحم نفسه في صدام غير محسوب العواقب، مشيرين إلى أن المعارضة لا يمكنها الاصطفاف خلف شخص أو مرشح محتمل، يتبني مبادرة تصالحية مع التنظيم الإرهابي.