وسط إجراءات أمنية مشددة... ترامب يمثل أمام المحكمة بقضية الوثائق السرية

السياق

من المقرر أن يمثل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الثلاثاء، أمام المحكمة الفيدرالية في ميامي، بقضية احتفاظه بوثائق سريّة بعد انتهاء ولايته، في محاكمة تتجاوز بكثير تهم سوء التصرّف، التي لاحقته ونجح في التملّص منها.

بالمقابل، رفض قاضٍ فيدرالي طلبًا من المؤسسات الإخبارية والإعلامية، بنقل وقائع الجلسة بالصوت والصورة.

وسيمثل ترامب أمام المحكمة، للردّ على الاتهامات الموجّهة إليه بأنّه كذب وخطط للاحتفاظ بعشرات الوثائق السرية، التي نقلها إلى مقرّ إقامته في فلوريدا بعد مغادرته البيت الأبيض عام 2021.

وأثارت لائحة الاتهام الخطيرة، التي يقول أنصار ترامب إنها ذات دوافع سياسية لعرقلة عودته إلى البيت الأبيض، مخاوف من اضطرابات، حيث تستعد شرطة ميامي لاستقبال محتجين، قد يصل عددهم إلى 50 ألف شخص.

لكن الرئيس السابق الذي حوكم في الكونغرس مرتين، والذي ينافس لنيل ترشيح الحزب الجمهوري لانتخابات 2024، حافظ على نبرة التحدي، بينما كان يستعد ليصبح أول رئيس أمريكي تستدعيه محكمة فدرالية، وسط إجراءات أمنية مشدّدة.

"لن أنسحب"

كتب ترامب على شبكة التواصل الاجتماعي التابعة له "تروث سوشال" وهو يتوجه لقضاء ليلته في نادي الغولف الخاص به، الذي يبعد 125 دقيقة عن المحكمة: "علينا أن نكون أقوياء وأن نهزم الشيوعيين والماركسيين ومجانين اليسار الراديكالي الذين يدمّرون بلادنا بشكل منهجي".

وأكّد ترامب، المرشح الأوفر حظاً في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري لعام 2024، أنّ لائحة الاتهام الأخيرة لن تجبره على الانسحاب من الانتخابات.

وقال ترامب لموقع بوليتيكو في طائرته، خلال توجهه لمهرجان انتخابي في عطلة نهاية الأسبوع: "لن أنسحب".

 

"سخيفة ولا أساس لها"

الملياردير -الذي سيكمل عامه السابع والسبعين الأربعاء- متّهم بحيازة أسرار حكومية ورفض إعادتها، والتآمر لعرقلة عمل المحقّقين الذين كانوا يسعون لاستعادتها.

كما أنّه متّهم بمشاركة معلومات بالغة السرية مع أشخاص لا يملكون تصريحاً أمنياً، في قضية أكثر خطورة من أيّ قضية واجهها.

وتتضمّن لائحة الاتهام صوراً تظهر الصناديق التي كان من المفترض أن تكون في الأرشيف الوطني، مكدسة في قاعات رقص وغرف نوم وحمّام بمنتجع مارالاغو، مقر سكن ترامب في بالم بيتش.

كان الرئيس السابق رفض لائحة الاتّهام المكوّنة من 49 صفحة، التي أصدرتها وزارة العدل، في ختام تحقيق استمر أشهراً، واصفاً إيّاها بأنّها "سخيفة ولا أساس لها من الصحّة".

 

دعوات للاحتشاد

ودعت مجموعات من أنصار الرئيس السابق المثير للجدل للتجمع أمام المحكمة دعماً له، في تلك القضية التي تعدها الأغلبية الساحقة من الجمهوريين مسيسة أو ذات دوافع سياسية، بحسب ما أظهر أحدث استطلاع لشركة أيبسوس وكالة رويترز.

بالمقابل، كثفت السلطات الإجراءات الأمنية حول "محكمة ويلكي دي فيرغسون جونيور" في ميامي، مع تخطيط بعض الجماعات اليمينية لتظاهرات، ومن هذه الجماعات -على سبيل المثال- فرع محلي لمنظمة براود بويز اليمينية المتطرفة.

وقال رئيس بلدية ميامي الجمهوري فرانسيس سواريز للصحفيين: "نأمل أن يكون الغد سلمياً. نشجّع الناس على أن يكونوا مسالمين في إظهار مشاعرهم".

ومن المتوقع أن يسافر ترامب إلى ناديه للغولف في بيدمينستر بولاية نيوجيرسي بعد ذلك، لإعادة تأكيد براءته في خطاب يلقيه أمام أنصاره.

محاكمة صاروخية

وخضع الرئيس الجمهوري السابق مرتين للمحاكمة أمام الكونغرس، واتُهم بالتدخل في تحقيق فدرالي بوجود علاقات بين حملته الانتخابية وروسيا، كما أدين في محاكمة مدنية بتهمة الاعتداء الجنسي.

وصدر حكم بالاحتيال ضدّ شركته، وأوقفت "جامعة ترامب" عملياتها بسبب دعاوى قضائية، وحُلّت مؤسسته الخيرية بأمر من المحكمة وسط سلسلة من الخلافات.

ولم يسلم أقرب مساعدي ترامب من الملاحقات القضائية، فرئيس حملته الانتخابية ونائبه ومحاميه الشخصي وكبير الاستراتيجيين ومستشاره للأمن القومي وغيرهم أدينوا بجرائم مرتبطة بعملهم معه، حتى أنّ بعضهم واجه السجن.

لكنّ ترامب لم يواجه اتّهاماً جنائياً شخصياً في أيّ من تلك الحالات.

وتغيّر ذلك بشكل كبير في مارس، عندما اتّهم المدّعي العام في نيويورك ترامب بارتكاب 34 جناية، بسبب مزاعم بتستره على مدفوعات مالية لشراء صمت نجمة أفلام إباحية.

وشجب حلفاء ترامب في الكونغرس استخدام الحكومة القضاء سلاحاً ضدّ المحافظين.

وتعرّض بعض النواب الجمهوريين لانتقادات بسبب خطاباتهم، التي يمكن أن تحضّ على العنف، مثل النائب عن لويزيانا كلاي هيغينز الذي طلب من أنصاره "ربط حزام الأمان" للانطلاق، وأندي بيغز من ولاية أريزونا الذي غرّد: "لقد وصلنا الآن إلى مرحلة الحرب. العين بالعين".

وتُعرف محكمة المنطقة الجنوبية لفلوريدا بأنّها "محكمة صاروخية"، وهو تعبير عامي للدلالة على المحاكم التي تضغط من أجل العدالة السريعة، أو البتّ بالقضايا بشكل سريع، بحيث لم تستبعد السلطات استكمال المحاكمة قبل انتخابات عام 2024.

وسينصبّ كثير من التركيز في الإجراءات الأوّلية على القاضية آيلين كانون، وهي من القضاة الذين عيّنهم ترامب واختيروا لهذه القضية بشكل عشوائي، وسيكون لها تأثير هائل في سرعة تحرّك الأمور.

وأصدرت كانون سلسلة من الأحكام لصالح ترامب في هذه القضية، ما أدّى إلى عرقلة التحقيقات لأسابيع، إلى أن قضت محكمة استئناف محافظة، بأنّها تصرفت خارج نطاق سلطتها.