ضربة جديدة لإخوان تونس... قيادات في قبضة الأمن وآخرون على القائمة

ألقت السلطات التونسية القبض على رجل الأعمال كمال لطيف، الذي يوصف بالرجل الغامض أو رئيس حكومة الظل

ضربة جديدة لإخوان تونس... قيادات في قبضة الأمن وآخرون على القائمة
كمال لطيف

السياق

عدَّتها حركة النهضة الإخوانية «تجاوزًا» ونظر إليها المغردون والمراقبون، على أنها تطهير لتونس من الفساد.

هكذا تباينت ردود الفعل، على القرارات القضائية التي صدرت مساء السبت، بحق ناشطين وقيادات في تنظيم الإخوان.

تلك القرارات التي أوقف بموجبها عدد من الشخصيات، بينهم قيادات في حركة النهضة وعسكري سابق وسفير سابق، إضافة إلى مسؤولين سابقين، عُدت ضربة قاصمة لتنظيم الإخوان في تونس، دفعته إلى الخروج ببيان استنكاري، فضح نيته وكشف زيف ادعاءاته.

قرارات الساعات الأخيرة

في إطار التحقيقات بشبهات الفساد والاعتداء على أمن البلاد، لتغيير هيئة الدولة، أوقفت السلطات التونسية، مساء السبت، القيادي الإخواني عبدالحميد الجلاصي، في مداهمة لمنزله، أكدها محاميه سمير ديلو، في «فيسبوك».

في السياق نفسه، ألقت السلطات التونسية القبض على رجل الأعمال كمال لطيف، الذي يوصف بـ«الرجل الغامض» أو «رئيس حكومة الظل»، السبت، كما اعتقلت خيام التركي، الذي سبق أن تولى وزارة المالية فترة وجيزة، بتهم الفساد المالي.

اعتقالات السبت، جاءت بعد شكوى قُدمت ضد خيام التركي بشبهة التحايل المالي والفساد، التي كانت النيابة العامة أحالتها إلى قاضي التحقيقات المالي (محكمة مختصة بجرائم الأموال) بشبهات تبييض الأموال.

وبحسب تلفزيون التاسعة وراديو موزاييك إف.إم، ألقت السلطات الأمنية القبض على دبلوماسي سابق وعسكري متقاعد.

المقبوض عليهم

خيام التركي 

كان قياديًا في حزب التكتل، ورُشح لمنصب وزير المالية في حكومة الترويكا، التي كان يسيطر عليها الإخوان وحزب التكتل والمؤتمر من أجل الجمهورية، لكن تم التراجع، إثر نشر قضية فساد مالي.

الجلاصي

مهندس كيميائي، التحق منذ عامه الأول بالجامعة، بداية من 1983، بـ«حركة الاتجاه الإسلامي»، التي تحولت إلى «حركة النهضة». 

ورغم أن الجلاصي اعتُقل عام 1985 بسبب نشاطه السياسي، فإنه بعد تخرجه عام 1986 التحق بالهياكل المركزية لحركة النهضة، وأشرف على جهازها الإداري، خلال مواجهة نظام الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة.

عام 1991 اعتُقل الجلاصي، قبل أن تصدر المحكمة العسكرية حكمًا بسجنه مدى الحياة أواخر 1992، قضى منها أكثر من 16 سنة بين أغلب السجون التونسية، حتى أطلق سراحه عام 2007، ليعود بعد ذلك إلى العمل السري في قيادة الإخوان بالداخل، من أجل إعادة بناء حركة النهضة وإحياء هياكلها.

واحتل الجلاصي بعد أحداث ما يعرف بـ«الربيع العربي» عام 2011، مكانة في قيادة حركة النهضة، فأشرف على البناء التنظيمي، وقاد حملة انتخاب المجلس الوطني التأسيسي التونسي.

وبينما عين الجلاصي منسقًا عامًا ونائبًا أول لرئيس الحركة راشد الغنوشي، زعم عام 2020، أنه استقال من حركة النهضة الإخوانية، إلا أن توقيفه في القضية التي يحاكم فيها، يثبت العكس.

كمال لطيف

رجل أعمال في قطاع مواد البناء، له علاقات وثيقة بالساسة وجميع الحكومات المتعاقبة بعد الثورة، ويوصف كمال لطيف في تونس بأنه «رئيس حكومة الظل» لدوره المؤثر في الساحة السياسية وارتباطه بعلاقات وثيقة بالأطراف السياسية.

بعد عام 2011، اتُهم لطيف بأنه لا يزال يتحكم بخيوط اللعبة السياسية مع مسؤولين سابقين، منهم الوزير الهادي البكوش الذي شغل منصب الوزير الأول في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة.

وكانت النيابة العامة التونسية وجهت لكمال لطيف، تهمًا بالتآمر على أمن الدولة، وبقيت القضية في المحاكم حتى 2014 من دون إصدار حكم، في حين قرر قاضي التحقيق الأول في المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة 2 فبراير 2014 رفع منع السفر عنه.

رأي النشطاء

رياض جراد الإعلامي التونسي، المعروف بتأييده الشديد للرئيس التونسي قيس سعيد، قال في «فيسبوك»، إن كمال لطيّف كان يعرف بـ«رجل الدسائس والمؤامرات»، بينما خيّام التركي مرشّح جماعة النهضة لرئاسة الحكومة.

وأوضح الإعلامي التونسي، أن تلك الشبكة «خطّطت لزعزعة أمن البلاد واستقرارها، وتآمرت على أمن الدولة ومؤسّساتها»، مشيرًا إلى أن المخطّط كان «إرهابيًا» بامتياز يفترض تفعيل قانون الإرهاب من دون أي تردّد.

وتساءل الإعلامي التونسي: ألم تحذّرهم الدولة مرارا و تكرارا؟ ألم نقل لهم إن للدولة أعينًا وآذانًا في كل مكان؟ هذا جزاء من اعتقد للحظة واحدة (أو هكذا أوهموه) أنه أكبر من الدولة وفوق القانون.

وتابع الإعلامي التونسي: إنها معركة تحرير وطني لا تراجع عنها ولا حياد فيها(...) من يريد اختبار قوة الدولة و جبروتها... فليتفضّل الآن».

من جهة أخرى، أدانت الجمعية التونسية للديمقراطيات، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، اعتقال من وصفتهم ببعض الناشطين السياسيين، في ظروف تشوبها تجاوزات قانونية، زاعمة أن النيابة العمومية لم تصدر قرارًا بالإيقاف، وإنما كانت بمداهمات للمنازل فجرًا.

وأكدت ضرورة احترام إجراءات الإيقاف القانونية، وتوفير شروط المحاكمة العادلة، بما في ذلك كفالة الدولة لحقوق أي موقوف، بإعلان مكانه وسبب اعتقاله، وإعلام عائلته والسماح له باصطحاب محام.

"النهضة" تبكي

وكعادتها، اتجهت حركة النهضة التونسية إلى التشكيك في قرارات الإيقاف، في محاولة لإلصاق أي تهمة بالسلطتين التنفيذية والقضائية، دونما اعتبار لطبيعة الموقوفين، وما إذا كانوا مدانين أم لا.

وقالت حركة النهضة، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إنها تدين بشدة المداهمات والاعتقالات العشوائية للمعارضين السياسيين، التي شملت عبدالحميد الجلاصي، زاعمة أن هناك استهدافًا عشوائيًا للمعارضين، وأنه لن يحلّ مشكلات المواطنين.

وفي بيان ثان، نددت الحركة الإخوانية، باختطاف الناشط السياسي خيام التركي، زاعمة أن إلقاء القبض عليه، مخالفة صريحة للإجراءات القانونية المعمول بها، معبرة عن تضامنها معه.

وزعمت حركة النهضة أن الرئاسة التونسية تحاول الخروج من مأزقها «الخانق وعجزها الفاضح»، في تسيير أبسط مرافق الدولة والشعب، عبر استهداف النشطاء السياسيين المعارضين لها، على حد قولها.