الإخوان يقاتلون في صفوف الجيش.. أزمة السودان تتخذ بعدًا خطيرًا
قتل رئيس منظومة الفكر والتأصيل في الحركة الإسلامية السودانية محمد الفضل عبدالواحد عثمان، خلال مواجهات عسكرية بمنطقة الشجرة، حيث كان يقاتل في صفوف الجيش ضد قوات الدعم السريع

السياق
نبأ نفاه الجيش السوداني، إلا أن الواقع كان مؤيدًا لتلك الشائعات التي أثيرت في الآونة الأخيرة، بتورط أعضاء من تنظيم الإخوان المسلمين، وقيادات النظام البائد في المعارك الدائرة على أراضي ثالث أكبر بلد إفريقي من حيث المساحة.
الحرب السودانية التي بدأت 15 أبريل بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، لم تضع أوزارها حتى اليوم، رغم الهدن المتعاقبة عليها، التي فشلت جميعها في إرساء وقف دائم لإطلاق النار.
تلك الأزمة شابها كثير من الاتهامات التي أطلقتها قوات الدعم السريع بحق الجيش السوداني، زاعمة أن أعضاء من تنظيم الإخوان وقيادات الحركة الإسلامية والنظام البائد يشاركون في القتال.
إلا أنها اتخذت بُعدًا خطيرًا عقب تداول معلومات خلال الأيام الماضية، تفيد بقتل رئيس منظومة الفكر والتأصيل في الحركة الإسلامية السودانية محمد الفضل عبدالواحد عثمان، خلال مواجهات عسكرية بمنطقة الشجرة، حيث كان يقاتل في صفوف الجيش ضد قوات الدعم السريع.
معلومات أكدها نعي لرئيس الحركة الإسلامية علي كرتي، الذي عبر عن «حسرته» لقتل رئيس منظومة الفكر والتأصيل في الحركة الإسلامية، الذي كان يقاتل ضد قوات الدعم السريع في سلاح المدرعات، رغم أنه غير مجند في صفوف الجيش.
كما أكدها النعي الذي نشره الناجي عبدالله الملقب بشيخ المجاهدين في «فيسبوك».
إلى جانب عبدالواحد عثمان، الذي يعد من قيادات «المجاهدين»، وأحد قادة كتيبة «البراء بن مالك»، قُتل في معركة سلاح المدرعات قبل أيام، شخصان من قيادات الكتيبة: أيمن عُمر، وبابكر أبو القاسم، ليرتفع القتلى في صفوفهم، التي تدور بسلاح المدرعات إلى أكثر من 20، بحسب إعلانات النعي الصادرة عن أنصارهم.
كان القيادي الإخواني أنس عمر رئيس المؤتمر الوطني المحلول بولاية الخرطوم، قال في السادس من أبريل الماضي، في «فيسبوك»: «الإخوة المجاهدون في كتيبة البراء بن مالك يعلنون جاهزيتهم لإسقاط ما يسمى الاتفاق الإطاري، والإملاءات الخارجية (...) نحن تاني ما حانسكت الناس دي توري وشها. فليعد للدين مجده، أو ترق منهم دماء»، في كلمات عُدت حينها تهديدًا وتصعيدًا مرتقبًا للأوضاع في البلد الإفريقي.
من عبدالواحد عثمان؟
زعمت تقارير محلية أن عبدالواحد عثمان، هو أحد المعروفين بانتمائه لتنظيم داعش، مشيرة إلى أنه من قيادات ما يعرف بالمجاهدين بالحركة الإسلامية، الذين شاركوا في الحرب بجنوب السودان قبل استقلاله.
واستندت تلك التقارير إلى ما كان يشير إليه عثمان، عبر «فيسبوك» من «عدائه للحكومة المدنية والأحزاب الديمقراطية، منادياً بدولة الشريعة».
كتيبة البراء بن مالك
كتيبة «البراء بن مالك» إحدى الكتائب المنضوية تحت لواء مليشيات «الحركة الإسلامية السودانية» المسلحة، بل إنها تعد -بحسب تقارير محلية- المليشيا الرئيسة لها.
وتضم الكتيبة من يعملون بالتنسيق مع التنظيم الإسلامي، بينما زعمت تقارير أنها توجد بكل أفرادها وعتادها العسكري منذ بداية الأزمة السودانية في 15 أبريل الماضي، داخل سلاح المدرعات بمنطقة الشجرة، وتقاتل إلى جانب الجيش، بزيه الرسمي وسلاحه في الحرب الدائرة بالخرطوم، على حد قولها.
مشاركة الإسلاميين
يؤكد قتل هذا العدد من أفراد الكتيبة "الجهادية"، ما أثير من أنباء عن وجود مجموعة من القيادات الإسلامية، بينهم شخصيات قيادية من النظام البائد، تقاتل إلى جانب صفوف الجيش، ما يشير إلى أن هؤلاء يرون ما يحدث في السودان "حربهم ومعركتهم الأخيرة للبقاء في السلطة".
ويقول مراقبون: بينما يوجد «الكيزان» داخل المؤسسة العسكرية يصعب إنكاره، لاستمرار حكم الرئيس السابق عمر البشير ثلاثين عامًا، فإن قتل الفضل قد يسبب للجيش حرجًا كبيرًا، أمام قوى إقليمية ودولية.
كما ينفي رواية الجيش عن عدم مشاركة النظام البائد في الحرب الدائرة بالسودان، ما قد يدفع الدول المؤيدة لها إلى إعادة التفكير في دعمها اللامحدود له، لأنها القوة النظامية التي تقاتل دفاعًا عن البلد الإفريقي.
كان القائد العام للجيش السوداني رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان، نفى وجود «كيزان» في الجيش، مؤكدًا أن تلك التقارير ادعاءات كاذبة.
وقال البرهان: «الجيش مؤسسة قديمة وراسخة لم يصنعها عمر البشير، وسيظل بعدنا موجوداً. أذهب أنا وغيري وتظل المؤسسة موجودة تؤدي رسالتها... هذا كله كذب، الجيش ليس فيه كيزان، هذا جيش السودان ينظر للوطن وهمومه».
ويقول مراقبون، إن على الجيش السوداني الخروج والتبرؤ من تنظيم الإخوان وقيادات النظام البائد، وأن يبادر لاتخاذ خطوات فعلية، لحل الأزمة الدائرة في السودان.