غموض يكتنف مصير الانتخابات... والمبعوث الأممي باتيلي يخيب آمال الليبيين
انتظر الليبيون أن يجد المبعوث الأممي مسارًا مغايرًا عن طريق المماطلات والسجالات والاعتراضات المستمرة من مجلسي النواب والدولة، ودورهما السلبي في إجراء الانتخابات المرجوة

السياق
خيبت إحاطة المبعوث الأممي الخاص بليبيا، عبدالله باتيلي، أمام مجلس الأمن الدولي، آمال الليبيين، بحسب محللين ومتابعين لأزمة البلد الإفريقي.
وانتظر الليبيون أن يجد المبعوث الأممي مسارًا مغايرًا عن طريق المماطلات والسجالات والاعتراضات المستمرة من مجلسي النواب والدولة، ودورهما السلبي في إجراء الانتخابات المرجوة.
لكن الرجل أعاد تسليم ملف الانتخابات إلى المجلسين ذاتهما اللذين فشلا في تجاوز القضايا الخلافية، واكتفى بالإشارة إلى سعيه لتوسيع المشاركين بأكبر قدر ممكن لتحقيق التوافق.
وخرجت تصريحاته الأخيرة من دون جدول زمني يدلل على جدية مساعيه.
كان باتيلي حدد منتصف يونيو الجاري موعدًا لوصول لجنة 6+6 إلى التوافق الواسع على القوانين الانتخابية، وهو ما لم يحدث، رغم تلويحه باللجوء إلى آلية بديلة، حال إخفاق مجلسي النواب والدولة في الوصول إلى توافق، وهو ما لم ينجزه أيضًا.
وأكد باتيلي أن عدم توافق الأطراف الليبية على القضايا الخلافية، في أحكام القوانين المنظمة للعملية الانتخابية، يؤدي بالانتخابات إلى "طريق مسدود" على غرار ما حدث عام 2021.
وهي تصريحات وصفها الليبيون بأنها "تحصيل حاصل" ولا تؤثر في مجريات الأحداث، بحسب محللين.
وتوصلت لجنة 6+6، التي تضم ستة أعضاء من مجلس النواب وستة من المجلس الأعلى للدولة، إلى "توافق هش" على القوانين المنظمة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، في السادس من يونيو، عقب مباحثات امتدت أيامًا في بوزنيقة بالمملكة المغربية.
لكن لم يوقع الاتفاق رسمياً، كما كان مخططًا له في البداية، بسبب عدم التوافق على عدد من "النقاط الخلافية" التي وصفها محللون بالمفخخة، لا سيما الجدل المرتبط بترشيح مزدوجي الجنسية والعسكريين.
وقال المبعوث الأممي، في إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي الاثنين: "يجب على أصحاب القرار في ليبيا، الوصول إلى اتفاق سياسي، فمن دون هذه الحلول التوافقية، من المرجح لهذه القضايا الخلافية أن تؤدي بالعملية الانتخابية إلى طريق مسدود، على غرار ما حدث سنة 2021 وأن تُفضي إلى مزيد من الاستقطاب وزعزعة الاستقرار".
كان مقررا أن تنظّم ليبيا انتخابات رئاسية وتشريعية في ديسمبر 2021 لكنها أرجئت حتى إشعار آخر بسبب خلافات على القوانين الانتخابية.
وأضاف رئيس البعثة الأممية في ليبيا أن "معايير الترشح للانتخابات الرئاسية وربط الانتخابات البرلمانية بالرئاسية ومسألة تشكيل حكومة موحدة جديدة" موضع "خلاف كبير" وتتطلب أولاً وقبل كل شيء "اتفاقاً سياسياً بين أبرز الفاعلين والمكونات الرئيسة المشكلة للطيف السياسي الليبي".
وشدد عبد الله باتيلي على أنه من دون الوصول إلى اتفاق، ستظل أحكام القوانين المتعلقة بالانتخابات "غير قابلة للتطبيق"، بل وقد تؤدي إلى "أزمة جديدة".
كما أكد المبعوث الأممي عزمه تكثيف المفاوضات وجمع الأطراف المعنية أو ممثلين لهم، للتوصل إلى تسوية نهائية بشأن القضايا الأكثر إثارة للخلاف، وجعل مشاريع القوانين "قابلة للتنفيذ" وإجراء الانتخابات من خلال "عملية سياسية شاملة".
وتعمل لجنة 6+6 على وضع بديل لاثنين من القوانين، الأول لانتخاب رئيس الدولة أقره مجلس النواب في 17 أغسطس 2021، والآخر لانتخاب مجلس النواب المقبل الذي أقر في 5 أكتوبر من العام نفسه.
وتسبب القانونان المثيران للجدل في خلاف سياسي كبير وأفشلا إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر 2021.
العقبات الأبرز
وأبرز عقبة حالت دون إتمام الاتفاق، ترشح مزدوجي الجنسية، فقد تضمنت الصيغة "النهائية" لاتفاق لجنة 6+6، السماح لمزدوجي الجنسية بالترشح للدور الأول من الانتخابات الرئاسية، لكنها في محاولة لإرضاء الطرف الآخر المعارض -حكومة الوفاق الوطني- اشترطت على المتأهل للدور الثاني الحامل لجنسية ثانية، أن يقدم خلال أسبوعين من إعلان النتائج النهائية للجولة الأولى "إفادة مصدق عليها من سفارة الدولة المانحة، تثبت تقديم طلب التنازل النهائي عن جنسيتها".
وذكرت مصادر مقربة من اللجنة، لوسائل إعلام، أن عقيلة صالح الذي حضر إلى المغرب برفقة بلقاسم، نجل خليفة حفتر، قائد قوات الشرق "طلب بعد وصوله تعديلًا بإلغاء كل ما يتعلق بجنسية المرشح الأجنبية، وأن يُسمح لمزدوج الجنسية بالترشح للانتخابات في الجولتين من دون اشتراط تخليه عن جنسيته الأجنبية".
والإشكالية الثانية تتعلق بمسألة ترشح العسكريين، التي كانت محل خلاف بين مجلسي النواب والدولة وحلفائهما في الشرق والغرب.
إذ كان التوجه نحو السماح للجميع بالترشح، فأرضى ذلك حفتر وأنصاره، وأغضب الأحزاب والتيارات المدنية.
ونص مقترح قانون الانتخابات الرئاسية، على أنه "يُعد المرشح للانتخابات الرئاسية مستقيلًا من وظيفته أو منصبه بقوة القانون، سواء كان مدنيًا أم عسكريًا بعد قبول ترشحه".
ولم يشترط المقترح على ترشح العسكريين سوى الاستقالة من المنصب، وسبق لحفتر، أن أوكل مهامه لقائد أركان قواته عبدالرزاق الناظوري، عندما ترشح لرئاسيات 2021، ثم عاد إلى منصبه بعد تعذر إجرائها.
وعن مشاركة العسكريين والمدنيين في الانتخابات الليبية، قال رئيس مجلس النواب إن "كل عسكري ومدني يعد مستقيلًا بقوة القانون عند تقدمه للانتخابات، وحال عدم نجاحه يعود إلى عمله".