بقرابة مليار دولار... نمو التجارة الاجتماعية بوتيرة متسارعة في الإمارات

سوق التجارة الإلكترونية في الإمارات شهد نموًا استثنائيًا خلال الأعوام الماضية، مع ازدياد توجه المستهلكين نحو الاستفادة من مزايا التسوق الإلكتروني، بما يشمل تنوع الخيارات والسهولة، إلى جانب الاستفادة من الأسعار التنافسية.

بقرابة مليار دولار... نمو التجارة الاجتماعية بوتيرة متسارعة في الإمارات

السياق

نمو ملحوظ يشهده العالم في مجال "التجارة الاجتماعية"، وهي من أحدث اتجاهات التجارة الإلكترونية، التي تُمكّن العملاء من الشراء المباشر من خلال شبكات التواصل الاجتماعي مثل (فيس بوك وتويتر وإنستغرام وغيرها)، بإتمام عملية التسوق من دون مغادرة هذه المنصات.

وتختلف هذه العملية عن نمط التجارة الإلكترونية الاعتيادي، الذي يعتمد على توجيه الزيارات إلى المتاجر على الإنترنت لإتمام عملية الشراء، بينما تقوم التجارة الاجتماعية على استخدام المتاجر الضمنية، التي تقدمها هذه المنصات لإنشاء متجر عليها.

 

نمو متسارع

ووفقًا لموقع جلوب نيوز واير الأمريكي، رصد تقرير حديث يتابع صناعة التجارة الاجتماعية في العالم وديناميكيات النمو المستقبلي، أن هذا المجال ينمو بوتيرة متسارعة في دولة الإمارات بالنظر إلى انتشار الأدوات الرقمية المحفزة على ذلك.

وتوقع تقرير شركة ريسيرش آند ماركتس، بعنوان "ذكاء سوق التجارة الاجتماعية"، أن تنمو هذه الصناعة في البلد الخليجي بنسبة 21.6 في المئة هذا العام على أساس سنوي، لتصل قيمة هذا السوق إلى نحو 975.2 مليون دولار.

كما رجح أن ينمو القطاع في الإمارات بشكل مُطرد حتى عام 2028 بمعدل مُركب يبلغ 19.9 في المئة كل عام.

وذكر التقرير أن سوق التجارة الإلكترونية في الإمارات شهد نموًا استثنائيًا خلال الأعوام الماضية، مع ازدياد توجه المستهلكين نحو الاستفادة من مزايا التسوق الإلكتروني، بما يشمل تنوع الخيارات والسهولة، إلى جانب الاستفادة من الأسعار التنافسية.

وللحفاظ على تلك المزايا، تعد إدارة المخزون بكفاءة وبتكلفة منخفضة، من الاحتياجات الأساسية وبالغة الأهمية، لتلبية الارتفاع المستمر في الطلب على التسوق عبر الإنترنت.

وتوفر مراكز إيفاء الطلبات المتطورة إمكانات كبيرة، تتيح للشركات التوسع في مساحات مرافق التخزين، إلى جانب السرعة في الأداء.

كما أنها تتيح إمكانية متابعة المنتجات ومراقبة الجودة ضمن سلسلة القيمة، ابتداءً من مرحلة اختيار المنتج من قِبل المتعامل ومعالجة الطلب، وصولًا إلى التغليف والشحن.

 

أسباب النجاح

وعن أسباب نجاح التجارة الاجتماعية في الإمارات، أرجع تقرير شركة ريسيرش آند ماركتس، ذلك إلى أن المستهلكين يقضون وقتا متزايدًا على منصات التواصل الاجتماعي، كما يؤدي التقارب مع تطبيقات الهاتف المحمول هذه إلى طفرة فيها.

وأوضح التقرير الذي أوردته خدمة بزنس واير التابعة لوكالة فرانس برس، أن قنوات التواصل الاجتماعي، مثل "فيس بوك" و"إنستغرام" سهّلت على العلامات التجارية التفاعل مع عملائها وزيادة مبيعاتهم، ما يعزز التواصل الهائل بين المستهلكين.

ورأى أن الاستثمار الناتج من الشركات العالمية والمحلية وسط المنافسة المتزايدة، سوف يستمر في دعم نمو صناعة التجارة الاجتماعية من المنظور القصير إلى المدى المتوسط، مشيرًا إلى أنه نتيجة لذلك، يدخل مزيد من اللاعبين العالميين السوق الإماراتي، للاستفادة من إمكانات النمو فيها.

وللاستفادة من هذا التطور، كشف التقرير أن تجار التجزئة في الإمارات يتجهون -بشكل متزايد- إلى قنوات التواصل الاجتماعي لزيادة مبيعاتهم، مع السعي لبناء قاعدة عملاء دائمة على المدى الطويل، كما يتجه اللاعبون العالميون نحو توسيع نطاق أعمالهم في البلاد.

ففي أكتوبر الماضي، أعلنت الشركة الاجتماعية الماليزية الناشئة "ريسبونس دوت آي أو"، أنها تخطط لزيادة استثماراتها في سوق التجارة الاجتماعية الإماراتية لتسريع نموها.

كانت الشركة قد حققت نموًا قويًا في الإمارات على مدى الاثني عشر شهرًا الماضية، ونظرًا إلى أنها من أكبر محركات أعمالها، فقد سجلت "ريسبونس دوت آي أو" قفزة في العوائد بنسبة 236 في المئة بالسوق الإماراتي.

 

جيل من المستهلكين

وذكر تقرير شركة ريسيرش آند ماركتس، أن لدى الإمارات عددًا كبيرًا من المستهلكين الشباب، مشيرًا إلى أنه مع ميل هذه التركيبة السكانية من المستهلكين -بشكل أكبر- نحو محتوى الفيديو، مثل المحتوى الذي تقدمه "تيك توك"، اكتسبت المنصة الصينية شعبية واسعة بين المتسوقين والعلامات التجارية خلال العامين الماضيين.

وأشار إلى أن عديدًا من مستهلكي الجيل زد، وهي المجموعة الديموغرافية التي تلي جيل الألفية، يستخدمون القنوات الاجتماعية، لاكتشاف المنتجات وإجراء عمليات الشراء عبر الإنترنت.

علاوة على ذلك، تستخدم العلامات التجارية أيضًا القناة للتحدث مع جماهيرها في الإمارات.

على سبيل المثال، استفادت مجموعة الشايع الكويتية من إمكانات البث المباشر التي توفرها القناة الاجتماعية، لإنشاء حدث التسوق عبر الإنترنت، الذي يستهدف مستهلكي الجيل زد.

وأدارت المجموعة حملة البث المباشر ثمانية أيام، مع ثماني علامات تجارية ضمن المجموعة، تقدم أفضل الصفقات يومًا بعد الآخر لحدث "الجمعة السوداء".

ومن المنظور القصير إلى المدى المتوسط، يتوقع تقرير "ريسيرش آند ماركتس" أن تطلق علامات تجارية وتجار تجزئة هذه الحملات في الإمارات.

ووفق التقرير، من السنوات الثلاث إلى الأربع المقبلة، من المتوقع أن يقود قطاع الجمال والعناية الشخصية النمو في صناعة التجارة الاجتماعية الإماراتية.

وبينما تقود مصادر العائلة والأصدقاء اتجاهات التسوق في التجارة الاجتماعية إلى حد كبير، فإن عمليات الشراء المتأثرة بالمشاهير تلحق بالركب أيضًا في الإمارات.

ومن المتوقع أن تزداد الثقة بمنشئي المحتوى، ما يؤدي إلى زيادة أنشطة التجارة الاجتماعية.

لم يقف الأمر عند ذلك، فقد اكتسب "تيك توك" شعبية واسعة بين المستهلكين والعلامات التجارية في الإمارات، خاصة بين المستهلكين الشباب.

ومع ميل هذه التركيبة السكانية للمستهلكين بشكل أكبر نحو محتوى الفيديو، كالذي تقدمه "تيك توك"، اكتسبت منصة التواصل الاجتماعي شعبية واسعة بين المتسوقين والعلامات التجارية.

ووفق التقديرات، تعد الإمارات الأعلى استخدامًا للتطبيق بين دول الخليج بنحو 8.23 مليون مستخدم، بينهم 25.8% من الإناث و74.2% من الذكور.

 

مليارات الدولارات

الإيرادات الضخمة من سوق تجارة التجزئة الإلكترونية في الإمارات ليست جديدة، فقد حققت أعلى مستوياتها عام 2020، مدفوعة بنمو الطلب بسبب جائحة كورونا، ووصلت قيمتها إلى 14.3 مليار درهم (3.9 مليار دولار)، بنسبة نمو بلغت 53% مقارنة بعام 2019.

بينما ارتفعت حصة التجارة الإلكترونية في سوق التجزئة بالدولة، من 2% عام 2015 إلى 8% عام 2019.

وتوقع تحليل لغرفة تجارة وصناعة دبي، مبني على بيانات "يورومونيتر"، أن تبلغ قيمة سوق تجارة التجزئة الإلكترونية في الإمارات، بحلول 2025 نحو 8 مليارات دولار، وأن ترتفع بمعدل نمو سنوي مركب قدره 15.4% بين عامي 2020 و2025.

وأشار التحليل إلى أن الإمارات تتمتع بأعلى معدل لاستخدام الهواتف الذكية، في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث بلغ 66% ما أثر في نمو التجارة عبر الهواتف النقالة بالدولة.

ولفت إلى أن حصة هذه التجارة من سوق التجارة الإلكترونية في الإمارات، ارتفعت من 29% عام 2015 إلى 42% عام 2020.

بينما بلغت قيمة تجارة التجزئة عبر الهاتف النقال عام 2020 في الدولة 5.88 مليار درهم (1.6 مليار دولار) بزيادة قدرها 56% عن العام السابق.

ويتوقع أن تبلغ قيمة هذه التجارة 3.9 مليار دولار بحلول عام 2025 وأن تسجل معدل نمو سنوي مركب قدره 18.9% بين عامي 2020 و2025.

ونوه التحليل إلى أن المحركات الرئيسة لسوق التجارة الإلكترونية في الدولة تتمثل في الدخل المرتفع للسكان، والمعدل المرتفع لاستخدام الإنترنت 99%، ووجود شبكة متطورة للوجستيات النقل، وأنظمة الدفع الرقمية الحديثة، وتزايد عدد الشباب المتمرسين في مجال التكنولوجيا، والدعم الحكومي القوي مثل مبادرة دبي الذكية 2021.