بديلًا لصندوق النقد... هل ينقذ الفوسفات اقتصاد تونس؟
يعتصم أمام مقر إنتاج الفوسفات التجاري بقفصة، منذ عام 2020، عشرات العاطلين عن العمل، للمطالبة بتوفير فرص عمل لهم في شركة الفوسفات

السياق
عائد مادي دولاري ضخم، كانت تجنيه تونس من بيعها الفوسفات، المعدن الاستراتيجي الموجود في باطنها قبل 2011 بكميات كبيرة، ما دفع الرئيس قيس سعيد إلى التوجه -قبل أيام- لمدينة قفصة جنوبي غرب البلاد، وقام بجولة ميدانية للقاء عدد من المعتصمين أمام مقر شركة إنتاج الفوسفات التجاري، لحثهم على العدول عن أفعالهم، مشددًا على أن: "البلاد بحاجة إلى الفوسفات وإلى كل ثرواتها الوطنية لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية".
وقال سعيد إنه من الضروري أن يسترجع قطاع الفوسفات نسق إنتاجه".
وأضاف أن الدولة "لن تُفرّط في شركة الفوسفات"، ودعا المعتصمين إلى فك اعتصامهم والتوجه لبعث مشاريع خاصة، وإلى استغلال الأراضي الزراعية لإحيائها وتوفير الثروة.
وتابع سعيد في حديثة: "أنا لا أبيع الأوهام، وأنا أُمهّد لكم الطريق للثروة عن طريق الشركات الأهلية".
وذكر سعيد بقرار مجلس الأمن القومي، الذي عُقد 26 أبريل، للنظر في ملف الفوسفات، الذي يعاني التعثر منذ عام 2011.
ويعتصم أمام مقر إنتاج الفوسفات التجاري بقفصة، منذ عام 2020، عشرات العاطلين عن العمل، للمطالبة بتوفير فرص عمل لهم في شركة الفوسفات، الأمر الذي تسبب في وقف نشاطها لإنتاج الفوسفات التجاري.
غنية بالفوسفات لكن فقيرة
كما يعتصم عدد آخر منهم بمنطقة الرديف التابعة لمحافظة قفصة، ما تسبب في تعطيل تصدير مخزون مهم من الفوسفات التجاري، لا يقل حجمه عن 1.5 مليون طن من الثروة المهمة، نحو عدد من زبائن شركة فوسفات قفصة من مُصنعي الأسمدة الكيميائية انطلاقًا من الرديف.
وحسب موقع الحرة، فرغم أن هذه المنطقة مصدر الفوسفات الذي تصدره تونس، فإنها تعيش تهميشًا، وغالبًا ما تشهد احتجاجات على الوضع المعيشي.
استعادة مكانتها
وتخطط تونس لاسترجاع نسق إنتاج الفوسفات لما قبل "ثورة 2011" واستعادة مكانتها كأبرز المصدرين، مستفيدة من ارتفاع كبير في أسعار الأسمدة بسبب الحرب في أوكرانيا، ما يساعد في رفع وارداتها من النقد الأجنبي.
وقد عجزت شركة فسفاط قفصة، المتخصصة في استخراج الفوسفات وتحويله وتصديره، عن بلوغ مستويات الإنتاج التي كانت تحققها قبل 2011، التي ناهزت 8.2 مليون طن عام 2010، ولم تتجاوز كمية الإنتاج منذ ذلك التاريخ إلى عام 2022، أربعة ملايين.
وأدى هذا الوضع إلى تكبد الدولة خسائر فادحة، ودفعها أيضًا -في سابقة- للجوء إلى استيراد هذه المادة من الجزائر عام 2020 لأنها تستخدم كسماد أساسي في الزراعة.
وعلّل سعيّد -أبريل الماضي- تراجع عمليات الإنتاج بالفساد، قائلًا: "تم استجلاب جملة من العربات، ثم قيل إنها ليست ملائمة للسكة الحديدية" التي تنقل الفوسفات المستخرج إلى الموانئ لتصديره.
وأضاف سعيّد: "يجب وضع حد لهذا الإرث وهذا الوضع الذي لا يمكن أن يستمر".
ووصف الرئيس التونسي الفوسفات "بالتبر في التراب في حين أن الدولة تشكو وضعًا ماليًا صعبًا"، داعيًا إلى إنتاج نحو عشرة ملايين طن سنويًا.
تعثر
وحسب تقارير، من العوامل التي تعزز صناعة الفوسفات التونسية، معرفة استخراجه وتحويله إلى سماد.
ولدى تونس احتياطات ضخمة من الفوسفات تزيد على 800 مليون طن في الحوض المنجمي النشط بقفصة.
وتونس في مفاوضات متعثرة مع صندوق النقد الدولي، للحصول على تمويل جديد، لكن الرئيس سعيد يرفض شروط الصندوق، بينما تحاول إيطاليا الوساطة في هذا الشأن.