ماذا تعني سيطرة روسيا على مدينة باخموت؟

منذ بداية الحرب في أوكرانيا، باتت مدينة باخموت رمزاً للصراع بين موسكو وكييف، للسيطرة على هذه المنطقة الصناعية شرقي البلاد.

ماذا تعني سيطرة روسيا على مدينة باخموت؟

السياق

تضاربت الأنباء عن الأوضاع في مدينة باخموت، فبينما أعلنت مجموعة فاغنر الروسيّة المسلحة سيطرتها على مبنى بلديّة المدينة، أكدت كييف أنها لا تزال تسيطر على المدينة الواقعة شرقي أوكرانيا، التي تشهد معارك عنيفة.

ومنذ أشهر، تحاول مجموعة فاغنر والجيش الروسي السيطرة على باخموت، وهي مدينة ذات أهمية استراتيجية محدودة، لكنها اكتسبت رمزية كبيرة بسبب طول مدة المعارك حولها.

وقال قائد مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين عبر "تلغرام" الاثنين: "بالمعنى القانونيّ، سيطرنا على باخموت، العدوّ يتركّز في المناطق الغربيّة".

ويُظهر مقطع فيديو مُرفَق برسالته، بريغوجين ملوّحًا بالعلم الروسي مع كتابة تُكرّم فلادلين تاتارسكي المدوّن العسكري الروسي، الذي كان من أشدّ المؤيّدين للهجوم في أوكرانيا، والذي قُتِل بانفجار قنبلة في سانت بطرسبرغ الأحد.

وأسفر هذا الاعتداء في مقهى وسط سانت بطرسبرغ القديم عن 25 جريحًا، كما أفادت السلطات الروسية.

وأضاف بريغوجين: "قادة الوحدات التي سيطرت على البلدية ووسط المدينة سيرفعون هذا العلم. ها هي شركة فاغنر العسكريّة الخاصّة، ها هم الرجال الذين سيطروا على باخموت. من وجهة نظر قانونيّة، إنّها لنا".

ودائمًا ما تقول روسيا إن الاستيلاء على باخموت، سيكون خطوة نحو الاستيلاء على منطقة دونباس الصناعية، المكوّنة من دونيتسك ولوغانسك.

 

أوكرانيا تنفي

بدوره، أكد الجيش الأوكراني –الاثنين- أنه يسيطر على باخموت شرقي أوكرانيا، رغم إعلان مجموعة فاغنر الروسية أنها سيطرت على هذه المدينة.

وأوضحت هيئة أركان الجيش الأوكراني عبر "فيسبوك": "العدوّ لم يوقف هجومه على باخموت، لكنّ المدافعين الأوكرانيّين يُسيطرون بشجاعة على المدينة، وصدّوا كثيرًا من هجمات العدوّ".

وأضافت في ملخصها للوضع فجر الاثنين: "باخموت وأفديفكا وماريينكا لا تزال في قلب المعارك، العدو لا يوقف هجماته على باخموت محاولًا السيطرة عليها... صد جنودنا أكثر من 20 هجومًا للعدو".

وتشهد باخموت، التي كان يسكنها نحو 70 ألف نسمة قبل النزاع، معارك شرسة منذ أشهر.

ونظرًا إلى طول المعركة والخسائر الكبيرة التي تكبدها الطرفان، باتت المدينة رمزًا للمواجهة بين الروس والأوكرانيين للسيطرة على منطقة دونباس الصناعية.

وتقدمت القوات الروسية في الأشهر الأخيرة باتجاه شمالي المدينة وجنوبها، قاطعة طريق الإمدادات الأوكرانية ومسيطرة على الجزء الشرقي منها. في 20 مارس أكد يفغيني بريغوجين أن "فاغنر" تسيطر على 70% من باخموت.

 

أهمية باخموت

ترى أوكرانيا أن معركة باخموت تهدف إلى احتواء القوات الروسية على الجبهة الشرقية، رغم أن محللين يرون أن أهمية المدينة على الصعيد الاستراتيجي محدودة.

ومنذ بداية الحرب في أوكرانيا، باتت المدينة رمزاً للصراع بين موسكو وكييف، للسيطرة على هذه المنطقة الصناعية شرقي البلاد.

مدينة باخموت دُمرت إلى حد كبير، خلال القتال الذي خلف أيضاً خسائر بشرية فادحة لدى الجانبين، بحسب "فرانس برس".

 

ماذا عن المدينة؟

باخموت تقع على ضفتي نهر باخموتوكفا شمالي مقاطعة دونيتسك، في إقليم دونباس شرقي أوكرانيا، ويرجع تأسيسها إلى عام 1571، وتعد أقدم مركز تاريخي وثقافي في المقاطعة.

ومن ميزات المدينة، أنها تقع على طريق رئيس، يؤدي إلى مدينتي كراماتورسك وسلوفيانسك، وهما من أكبر مدن إقليم دونباس الحوض الصناعي لأوكرانيا، الذي سيطر الانفصاليون الموالون لموسكو على أجزاء منه عام 2014، قبل أن تسيطر روسيا على أجزاء أخرى منه في الحرب الدائرة حاليًا.

تبلغ مساحة مدينة باخموت 41 كيلومترًا مربعًا، وعدد سكانها 71 ألفًا حسب إحصاء عام 2021، وبسبب الحرب فر 90 بالمئة منهم وفقًا لمسؤولين أوكرانيين.

خلاف مكتوم بين كييف وواشنطن بشأن باخموت... ما أسبابه؟

وضع صعب

بعد التقدم الروسي في الأشهر الأخيرة، رفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الانسحاب من المدينة، ووجه باستدعاء مزيد من القوات للدفاع عن باخموت.

وفي كلمته مساء الأحد، أقر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن الوضع في باخموت صعب على قواته.

وأكد: "أنا ممتن لهؤلاء المحاربين الذين يقاتلون في أفديفكا وماريينكا وباخموت، خصوصًا باخموت! الأمور حامية هناك!".

وأكّدت نائبة وزير الدفاع الأوكراني هانا ماليار -الأحد- أنّ الوضع في المنطقة "لا يزال متوتّرًا جدًّا". وأضافت: "العدوّ لا يحاول إشراك مقاتلي مجموعة فاغنر فحسب، لكن وحدات المظلّيين المحترفين أيضًا. الخسائر البشريّة الهائلة لا تُثني العدوّ".

في اليوم نفسه، على بُعد نحو 27 كيلومترًا من باخموت، في كوستيانتينيفكا، أعلنت السلطات الأوكرانيّة أنّ قصفًا روسيًا أسفر عن ستة قتلى: ثلاث نساء وثلاثة رجال، وإصابة 11.

وعلّق زيلينسكي بالقول إنّها "مجرّد مناطق سكنيّة... إنّهم مدنيّون عاديّون في مدينة دونباس استُهدفوا".

وقالت الشرطة إنّ روسيا شنت، قبل ظهر الأحد "هجومًا كبيرًا" تخللته ست ضربات صواريخ من طرازي إس-300 وأوراغان في "هجوم كبير".

وأضافت أنّ الضربة استهدفت "16 مبنى سكنيًّا، وثمانية منازل ودار حضانة ومبنى إداريًّا وثلاث سيّارات وخطًا لأنابيب الغاز".

من أمام البرج المتضرّر بشدّة ووسط تساقط الزجاج المتكسّر، قالت ليليا، طالبة طب نفسي، 19 عامًا: "أنا محظوظة جدًا لعدم وجودي في المنزل حينها".

ولدى تفقّدها الأضرار في شقّتها بالطابق الأرضي لمبنى شُيّد في الحقبة السوفييتيّة، قالت المتقاعدة نينا إنّ عصف الضربة اقتلع الأبواب الداخليّة وباب المدخل، مضيفةً: "طارت الأبواب الداخلية وكذلك المدخل، وسقط جدار فصل داخلي، لم يبق سوى نافذة واحدة".