مصر... كيف أسهمت دعوة طنطاوي في تأجيج انقسامات الإخوان؟
يقول عضو مجلس النواب المصري مصطفى بكري، في تصريحات لـ السياق، إن أي دعوة لعودة الإخوان للمشهد في مصر، مرفوضة، ولا يمكن قبولها، مشيرًا إلى أنها ستتسبب في سقوط من يدعو لها أو يتبناها في معظم الشعب المصري.

السياق "خاص"
رغم اقتناعه بأنه لا أمل له بالوصول إلى السلطة، في انتخابات الرئاسة بمصر المقررة العام المقبل، فإن تنظيم الإخوان -كعادته- شحذ هممه، وألقى بثقله في أتون الحسابات الخاطئة.
حسابات فضحتها دعوة المرشح الرئاسي المحتمل أحمد طنطاوي، للمصالحة مع تنظيم الإخوان المصنف إرهابيًا في مصر، تحت شعار «طي ونسيان الماضي»، إلا أنها قوبلت بغضب شعبي وهجوم كبير من القوى السياسية المدنية.
تلك الدعوة التي حاول من خلالها «الإخوان» جس نبض الشارع المصري وقواه السياسية بشأن موقف عودتهم، انقلبت ضد التنظيم الإرهابي، فشقت صفوفه المشرذمة، ونكأت جراح الانقسامات التي لم تندمل، بين جبهتي إسطنبول ولندن.
فماذا حدث؟
قبل دعوة طنطاوي المثيرة للجدل، عقد الأخير اجتماعًا مع عدد من ممثلي جماعة الإخوان وتحديدًا جبهة لندن، خلال زيارته الأخيرة إلى العاصمة اللبنانية بيروت، في محاولة من الأخيرة لجس نبض المرشح المحتمل، ومعرفة سياساته المستقبلية، إن فاز في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
إلا أن ذلك الاجتماع، تسبب في مزيد من الانقسام داخل جماعة الإخوان، إذ لم يتوافق عليه بين الجبهتين المتنازعتين، ما دفع جبهة اسطنبول إلى استغلاله بالطعن في جبهة لندن، مدعية أن الأخيرة تعقد اتفاقات من وراء ظهر الجماعة، وأنهم يخدعون الإخوان ويضحون بقادتهم الموجودين في السجون، بحسب الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الأصولية أحمد سلطان.
ويقول سلطان، في تصريحات لـ«السياق»، إن اجتماع قادة جبهة لندن مع طنطاوي، كان لجس النبض، ومعرفة الرؤية التي يمكن أن يتعامل بها المرشح المحتمل، حال فوزه، رغم اقتناعهم بأنه لا أمل له في الوصول إلى السلطة.
وأشار إلى أن أحمد طنطاوي، ليس الأول ولن يكون الأخير الذي تتواصل معه الجماعة، فسبق أن دخلت في مناقشات واجتماعات مع مرشحين محتملين أو مع عدد من المقربين منهم، لبحث احتمال دعم أي منهم حال دخوله الانتخابات الرئاسية، مقابل السماح بعودة الجماعة والإفراج عن مسجونيها.
لكن إعلان طنطاوي نيته التصالح مع الإخوان، قبل بدء إجراءات الترشح، تسبب في أزمة كبرى داخل جماعة الإخوان وحلفائها، ما دفع القيادي الإخواني أيمن نور إلى الخروج ببيان، ينفي فيه حدوث اجتماعات مع طنطاوي، مشيرًا إلى أن ما حدث كان لقاءات شخصية.
دعوة التصالح مع الإخوان... هل تُعقِّد مهمة طنطاوي؟
رفض شعبي وسياسي
في السياق نفسه، قال عضو مجلس النواب المصري مصطفى بكري، في تصريحات لـ«السياق»، إن أي دعوة لعودة الإخوان للمشهد في مصر، مرفوضة، ولا يمكن قبولها، مشيرًا إلى أنها ستتسبب في سقوط من يدعو لها أو يتبناها في معظم الشعب المصري.
وأوضح عضو مجلس النواب، أن «الشعب المصري يواجه الإخوان بكل حسم وبكل قوة، خاصة أنهم قد فعلوا بمصر ما لم يفعله المستعمر عندما سعوا إلى تفكيك الدولة المصرية، وقتلوا وأصابوا آلاف الجنود والضباط والمواطنين وأحرقوا المنشآت»، مؤكدًا أنه «لا يمكن القبول بعودة هذا التنظيم إلى المسرح السياسي أو إلى العملية السياسية».
وبحسب البرلماني المصري، فإن دعوة طنطاوي أحدثت رد فعل سلبي في أوساط الشارعين المصري والعربي، مبديًا تعجبه من توقيتها، الذي يواجه فيه المصريون مؤامرات، لا تكف عن التشكيك في الدولة.
دعوة خارج السياق
من جانبه، استنكر المحلل السياسي المصري أحمد رفعت، في تصريحات لـ«السياق» تلك الدعوة، قائلًا إن جماعة الإخوان محظورة بحسب القانون المصري، ويواجه قياداتها أحكامًا قضائية بالإعدام والسجن المشدد.
وتساءل المحلل السياسي المصري: ماذا نقول لأهالي الشهداء بطول مصر وعرضها ممن فقدوا ذويهم على أيدي الإخوان؟ وهل يحصل قيادات الجماعة على تسريح جماعي من السجون، حيث يقضون أحكامًا بالسجن المشدد وعلى ذمة أحكام بالإعدام؟
ووصف أحمد رفعت، الدعوة بأنها كلام عاطفي، وخارج عن السياق العام للمشهد في مصر، مشيرًا إلى أن جماعة الإخوان لديها قيادات تسعى لإنقاذها من تنفيذ أحكام الإعدام، ولديها أموال تريد التفاوض على عودتها.
وأوضح المحلل السياسي المصري، أن جماعة الإخوان لديها رغبة في العودة إلى العمل داخل مصر، لإعادة تأهيل نفسها، و«الانتقام» من الدولة المصرية نظامًا وشعبًا، مشيرًا إلى أنه «لا يستغرب استقطاب أي من المرشحين المحتملين في الفترة المقبلة».
وأكد أن جماعة الإخوان، التي يقف خلفها أكثر من جهاز مخابراتي بالتمويل والتوجيه، لم تنته، إلا أنها تعيش حالة كمون، بعد أن تلقت ضربات موجعة.