داعش في إفريقيا.. هل ينجح التحالف الدولي في تطهير القارة السمراء من إرهابه؟

قال الخبير في الجماعات الإرهابية الدكتور إيهاب شوقي، في تصريحات لـ السياق، إن التحالف الدولي سيكون له دور كبير في إفريقيا، عبر توفير المساعدات والمساهمات المادية للدول المنكوبة، التي تعاني ويلات الإرهاب

داعش في إفريقيا.. هل ينجح التحالف الدولي في تطهير القارة السمراء من إرهابه؟

السياق 

«التحالف الدولي سيلاحق داعش في أي مكان بالعالم»، تعهد قطعه التحالف الدولي ضد تنظيم داعش على نفسه، كشف عن انتقال سيناريو المواجهات إلى المرحلة التالية، خوفًا من تنامي قدرات التنظيم الإرهابي، في مناطق جديدة، غير التي فيها نشأ.

فما أن هُزمت أذنابه ودُحر ما يوصف بـ«عصره الذهبي» في سوريا والعراق، حتى ولى «داعش» وجهه صوب إفريقيا، تلك القارة السمراء التي تعاني دول عدة فيها الفقر والتهميش، وانعدام الأمن، ما يُعد بيئة خصبة للنمو والانتشار، عبر استقطاب الشباب الناقم على الأوضاع التي فيها نشأ.

خطر على الأمن الإقليمي والدولي، أدركه التحالف الدولي ضد «داعش»، فبدأ يطور أساليب المواجهة، لمكافحة انتشار التنظيم الإرهابي، في تلك المناطق الجديدة، خوفًا من عودة شبح الإرهاب الأسود ليطل برأسه من جديد.

فهل ينجح؟

يقول أستاذ العلوم السياسية الموريتاني الدكتور بون باهى، في تصريحات لـ«السياق»، إن تعهدات التحالف الدولي بملاحقة تنظيم داعش في إفريقيا، تشكل توجهًا جديدًا، مشيرًا إلى أن التحالف الدولي كان له دور كبير في دحر تنظيم داعش بالعراق وسوريا.

«إلا أن عدم قيامه بما يلزم لمواجهة انتشار داعش في مناطق أخرى، مثل إفريقيا، يثير الشكوك في فاعلية هذه الخطوة، التي جاءت متأخرة بعد أن دخلت روسيا المنطقة، وتغيرت نظرة بعض الدول إلى فرنسا»، يقول أستاذ العلوم السياسية.

وأضاف أن فرص نجاح التحالف الدولي في إفريقيا -كما في العراق وسوريا- يمكن أن تكون متساوية، إذا نجح في تجاوز عقبة روسيا بالمنطقة.

 

دور كبير

في السياق نفسه، قال الخبير في الجماعات الإرهابية الدكتور إيهاب شوقي، في تصريحات لـ«السياق»، إن التحالف الدولي سيكون له دور كبير في إفريقيا، عبر توفير المساعدات والمساهمات المادية للدول المنكوبة، التي تعاني ويلات الإرهاب، مع عمليات دعم للجيوش النظامية لتلك الدول، وتأمين الحدود بينها، وتوفير قاعدة بيانات استخباراتية.

وأكد الخبير في الجماعات الإرهابية، أن التحالف يعي أهمية الإسراع في القضاء على الإرهاب، ومنع تمدده وانتشاره بقارة إفريقيا، لتأثيره في الأمن العالمي، وخوفًا من إعادة خلافة التنظيم المزعومة للواجهة، بشكل أكثر صلابة عن العراق وسوريا.

 

جبهة جديدة

أما الخبير التونسي في شؤون الجماعات الإرهابية باسل ترجمان، فقال في تصريحات لـ«السياق»، إن داعش بعد هزيمته في سوريا والعراق، نقل معاركه إلى وسط القارة الإفريقية، إذ توجد أعداد كبيرة من المسلمين هناك، ممن يعانون ظروفًا اقتصادية واجتماعية صعبة، ما شكل بيئة خصبة لتجنيد المزيد، لإعادة إحيائه في منطقة إقليمية جديدة.

وأوضح الخبير التونسي، أنه منذ أكثر من عام ونصف العام، بدأ «داعش» يركز جهوده في القارة الإفريقية، خاصة جنوبي الصحراء، مشيرًا إلى أن التحرك السريع للتحالف الدولي، يعكس شعورًا بالخطر الذي قد ينتج عن هذا الانتشار للتنظيم الإرهابي في القارة السمراء، وضرورة التصدي له بسرعة كبيرة، حتى لا يكون هناك تكرار «مأساوي» للجرائم في سوريا والعراق.

وعن سبل مواجهة «داعش» فكريًا، قال باسل ترجمان إنه يجب البدء بعملية تفكيك الفكر المتطرف، عبر تطهير التاريخ الإسلامي من الأكاذيب والشوائب والروايات التي لا يمكن أن يقتنع بها عقل، والتي تحاول أن تلصق بالإسلام هذه الروايات الدموية الإرهابية الخطيرة.

 

عقبات وصعوبات

في السياق نفسه، قال الخبير في الشأن الإفريقي أحمد عسكر، في تصريحات لـ«السياق»، إنه رغم وجود تنسيق بين دول إفريقية والتحالف الدولي ضد «داعش»، فإن هناك صعوبات قد تواجه التحالف في القارة السمراء.

وأوضح عسكر، أن تلك الصعوبات أبرزها: انتشار داعش على نطاق جغرافي واسع في القارة، على عكس العراق وسوريا، إذ يتمدد غربي إفريقيا وفي منطقة الساحل، وحتى وسط القارة إلى الجنوب الشرقي في موزمبيق.

يأتي ذلك إضافة إلى مشاعر الغضب والاستياء الشعبية في عدد من دول إفريقيا، لاسيما في منطقة الغرب والساحل والصحراء، تجاه الوجود الغربي، حسب الخبير في الشأن الإفريقي، الذي أشار إلى المواقف الشعبية الغاضبة في بوركينا فاسو ومالي وإفريقيا الوسطى، ضد الوجود العسكري الفرنسي، الذي قد تكون له تداعيات على فكرة انتشار التحالف الدولي لمحاربة داعش.

وحسب الخبير في الشأن الإفريقي، لا يمكن إغفال تصاعد التنافس الدولي في بعض المناطق الاستراتيجية في إفريقيا، خاصة في منطقة الساحل والصحراء وغربي إفريقيا، حيث التنافس الروسي الفرنسي من جهة، والصيني الأمريكي من جهة أخرى، ما ستكون له آثار سلبية في استراتيجية التحالف الدولي لمحاربة داعش بالقارة.

تنافس أضيف إلى انتشار عدد من المبادرات الأمنية لمحاربة الإرهاب، مثل: قوة برخان الفرنسية التي انسحبت من مالي خلال العامين الآخرين، وأعادت انتشار قواتها في النيجر، وقوة كوبا الأوروبية التي تضم قوات من دول أوروبا، إضافة إلى بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام في عدد من الدول الإفريقية، ما يستلزم التنسيق بينها والتحالف، وإلا عُدت تحديات أمام أي جهود لمكافحة «داعش»، يقول الخبير في الشأن الإفريقي.

وأشار أحمد عسكر إلى أن تمويل العمليات الأمنية، أحد الصعوبات التي تواجه عملية التحالف الدولي، لاسيما في ضوء اتساع وانتشار تنظيم داعش في عديد من المناطق بالدول الإفريقية، ما يفرض تحديات، قد تؤثر في فرص نجاح التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب في القارة.