انشقاق واستعانة بالتنظيم الدولي.. جبهة جديدة في صراع الإخوان
حرب البيانات تنكأ جراح الخلاف على الشرعية... هل يطوق التناحر فلول الإخوان؟

السياق
صراع جديد بدأ يشق طريقه إلى جبهتي تنظيم الإخوان المسلمين، اللتين تتنازعان على إرث الدم، منذ قرابة العامين، ما تسبب في تشرذم التركة التي خلفها حسن البنا.
إلا أن ذلك الصراع الجديد، لم يكن بين جبهتي اسطنبول بقيادة محمود حسين ولندن بقيادة صلاح عبدالحق المتناحرتين فحسب، بل إن مجلس الشورى العالمي (التنظيم الدولي) ومجلس الشورى العام المصري للجماعة، كانا أطرافًا رئيسة ومحركًا لها.
فماذا حدث؟
أكد بيان نشرته إحدى منصات الإخوان في لندن، أن مجلس الشورى العالمي (التنظيم الدولي) ومجلس الشورى العام المصري للجماعة، انتخبا الدكتور صلاح عبدالحق قائماً بأعمال المرشد العام.
ذلك البيان، الذي لم يُكشف مدى صحته، أثار غضب جبهة اسطنبول، التي أصدرت بيانًا هاجمت فيه -بشكل غير مباشر- تدخل التنظيم الدولي في شؤون الجماعة الداخلية والصراع الدائر مع جبهة لندن.
وقالت جبهة اسطنبول إن مجلس الشورى العام المصري، قرر في نوفمبر 2022 تولي محمود حسين مهام القائم بأعمال المرشد، إعمالاً لنص المادة الخامسة من اللائحة، ولم يقرر غير ذلك، مشيرة إلى أن «صلاح عبدالحق ليس عضواً بمجلس الشورى العام المصري، ولم يسبق اختياره لهذا الموقع».
وصعدت الجبهة من حدة خطابها، قائلة إنه لا يوجد للجماعة إلا مجلس واحد للشورى العام في الداخل والخارج، وأن ما يصدر عن أي كيانات غير قانونية تحت أي مسميات "هو والعدم سواء".
حرب البيانات تلك، أثارت تساؤلات عن مستوى الصراع داخل الإخوان، وما إذا كان التنظيم الإرهابي على أبواب مرحلة التفكك على كل المستويات.
تنظيم دولي جديد
إلى ذلك، قال الباحث المتخصص بالجماعات الراديكالية والأصولية، محمود شعبان في تصريحات لـ«السياق»، إن المجموعة التي تمثل مجلس الشورى العالمي، محسوبة على جبهة لندن ومؤسسها إبراهيم منير، ما يفسر أسباب دعم التنظيم الدولي صلاح عبدالحق، واستمراره في دعم كل ما يخص جبهة لندن.
«وردًا على ذلك، أسس محمود حسين تنظيمًا دوليًا جديدًا، ضم فيه الدول التي لديها وجهة نظره، بعيدًا عن موقف صلاح عبدالحق»، يقول محمود شعبان، مشيرًا إلى أن هناك نسختين من التنظيم، إحداهما تخص محمود حسين والأخرى تتبع صلاح عبدالحق.
وأشار إلى أنه من الطبيعي أن يرفض محمود حسين تعيين صلاح عبدالحق، خاصة أن الأخير لم يكن عضو تنظيم عالمي أو بمجلس الشورى، ما يخالف اللائحة، التي تتخذها جبهة اسطنبول سندًا في صراعها مع غريمتها بلندن.
مخالفة اللوائح
في السياق نفسه، قال الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية سامح عيد، إن التنظيم الدولي يدعم جبهة لندن، ما جعله يوافق على اختيار صلاح عبدالحق، مشيرًا إلى أن بيان جبهة اسطنبول يكشف أن محمود حسين خسر رهانًا على أن وفاة إبراهيم منير، ستدعم موقفه في تولي المنصب.
وقال سامح عيد، في تصريحات لـ«السياق»، إن موقف جبهة اسطنبول من التنظيم الدولي، يعد استمرارًا للصراع الدائر منذ سنوات داخل الجماعة، مشيرًا إلى أن مجلس الشورى المصري 105 أعضاء، معظمهم في السجون، بينما لا يوجد بالخارج سوى 26 عضوًا فقط.
وأشار إلى أن محمود حسين ربما استند إلى أن نحو 15 منهم بجانبه، أي أغلبية، قد تساعده في القول إن التنظيم المصري اختاره، ويقف في صفه، إلا أن الجبهتين تخالفان اللائحة.
وأوضح الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، أن مجلس الشورى المصري يجب أن يتخذ قراراته في حضور ثلثي أعضائه، ما يجعل الجبهتين تخالفان اللائحة، مشيرًا إلى أن سبب هذا الصراع يتمثل في الجمود التنظيمي، وعدم تحرك أي منها لوضع لائحة جديدة تتوافق مع التغيرات الراهنة.
ورغم دعم مجلس الشورى العالمي لجبهة لندن، فإن اختيار صلاح عبدالحق عليه علامات استفهام، خاصة أنه لم يحظ بتوافق مع جبهة إبراهيم منير التي يمثلها، ما يؤكد الحديث عن أنه مفروض من الخارج، أو أن الجماعة تحت السيطرة الخارجية، بحسب سامح عيد، الذي قال إن التنظيم الإرهابي في طريقه إلى التفكك أكثر فأكثر.
تفكيك أو استمالة
من جانبه، قال الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية مصطفى أمين عامر، في تصريحات لـ«السياق»، إن محمود حسين حسم الأمور داخل الجماعة لصالحه، مشيرًا إلى أنه يسعى لتحييد جبهة لندن، موضحًا أن بقايا مجلس شورى الجماعة في مصر والهاربين في تركيا، هم أصحاب الشرعية.
وعن بيان جبهة اسطنبول، أكد الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، أنه يأتي ضمن محاولات إبعاد رجال إبراهيم منير من المشهد التنظيمي، سواء المصريين أم غيرهم، مشيرًا إلى أن مقومات القوة لدى محمود حسين، تتمثل في سيطرته على التنظيم في مصر وقدراته المالية بالخارج.
وبينما قال إن وفاة إبراهيم منير كان لها تأثير واضح في دعم قوة جبهة اسطنبول، أكد أن الأخيرة ستعمل جاهدة، لتقويض كل ما يتعلق بالتنظيم الدولي، لتحييده أو استمالته أو تفكيكه، لإحكام السيطرة على الجماعة داخليًا وخارجيًا.