تصدع في صفوف ائتلاف إدارة الدولة في العراق.. تخوين ووعيد واتهامات متبادلة

الموازنة تشق صفوف ائتلاف إدارة الدولة بالعراق.. تخوين ووعيد واتهامات متبادلة

تصدع في صفوف ائتلاف إدارة الدولة في العراق.. تخوين ووعيد واتهامات متبادلة

السياق

بعد أربع جلسات متتالية، بدأت الخميس الماضي واستمرت حتى فجر الاثنين، نجح الاتحاد الوطني، بدعم من قوى الإطار التنسيقي، في تمرير بندين بالموازنة الاتحادية، في خطوة كانت صدمة للغريم السياسي التقليدي، الحزب الديمقراطي الكردستاني.

خطوة قد تؤدي إلى سحب صلاحية التصرف المطلق في المخصصات المالية للإقليم، من الحزب الذي يقود حكومة كردستان، وتمنح الحكومة الاتحادية الحق في التدخل.

وضع يبدو أن زعيم الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني أدرك عواقبه جيدًا، فخرج ببيان، ثار فيه على الاتحاد الوطني، والأحزاب الشيعية الموالية لإيران، الممثلة في الإطار التنسيقي، متهمًا إياهم بأنهم «لا يحترمون العهود ولا الدستور».

وقال بارزاني، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إن ما حدث في الأيام الماضية بمجلس النواب العراقي من محاولات وصفها بـ«غير المسؤولة وغير الدستورية تهدف إلى تعميق المشكلات وانتهاك الحقوق المشروعة للشعب الكردي، أمر مؤسف».

وصوت البرلمان العراقي، السبت، على المادة 14 الخلافية، الخاصة بإقليم كردستان العراق، بعد اعتراض من كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في البرلمان، لإضافة فقرة قال إنها لا تعامل إقليم كردستان ككيان موحد.

زعيم الحزب الديمقراطي أضاف في بيانه: "يدرك الجميع أن هناك حوارات أدت إلى اتفاقات بناءة بين الأطراف المكونة لتحالف إدارة الدولة لإزالة العوائق وحل الإشكاليات"، مشيرًا إلى أن «الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة إقليم كردستان توصلتا إلى اتفاق جيد وإيجابي لحل المعضلات، من أجل توطيد دعائم الاستقرار في البلد وخدمة الناس، إلا أن ما فعلته أحزاب سياسية، للأسف، من جحودٍ وإنكار بطريقة غير مسؤولة لتقويض كيان إقليم كردستان، إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل وأُهملت».

وأشار بارزاني إلى أن «ما حدث في الأيام الماضية بمجلس النواب العراقي، أزال القناع وكشف الوجه الحقيقي للأطراف الشوفينية ومساوماتها».

كانت الحكومة العراقية، أقرت في 13 مارس الماضي، مشروع قانون موازنة للأعوام الثلاثة 2023، 2024 و2025 وأحالتها إلى البرلمان للتصديق عليها، إلا أن تصويت مجلس النواب، لم يرق للحزب الديمقراطي.

وأكد أنه بعد الموافقة على مشروع قانون الموازنة في مجلس النواب العراقي، «آمل تنفيذ بنودها بحسن نية»، مشيرًا إلى أن «إقليم كردستان ملك للشعب الكردستاني، ونتاج دماء وتضحيات ونضال الشعب الكردستاني».

وأعرب عن معارضته «وبشدة أي محاولة متهورة تسعى للتجاوز وتقويض كيان إقليم كردستان، فبالنسبة لنا، إقليم كردستان ليس خطاً أحمر فحسب، بل خط الموت أيضًا، فإما كردستان وإما الفناء»، في تصعيد واضح للهجة التي يستخدمها بارزاني.

 

تحالفات

كان الحزب الديمقراطي تحالف مع الإطار التنسيقي وتحالف السيادة السُّني في ما أطلق عليه ائتلاف إدارة الدولة، أملًا بأن يسهم في حل القضايا الخلافية بين بغداد وأربيل، وأبرزها حصة الأكراد من الموازنة، إلا أنه يبدو أن الائتلاف تعثرت خطواته.

فأزمة الموازنة الاتحادية بدأت مع إجراء اللجنة المالية النيابية تعديلات على المشروع الذي قدمته حكومة محمد شياع السوداني في مارس الماضي.

بين تلك التعديلات، ما طرأ على المادتين الثالثة عشرة والرابعة عشرة، المتعلقتين بحصة إقليم كردستان، ورغم ذلك، فإنه جرى التوصل -خلال الأيام الماضية- إلى حل توافقي بين القوى السياسية الممثلة في ائتلاف إدارة الدولة بشأن المادة الثالثة عشرة.

اتفاق لم يفض إلى نتائج واضحة، بل إن الخلاف امتد إلى البند السابع من المادة الرابعة عشرة، ليضاف إليه بند آخر تمسك به الاتحاد الوطني.

وينص البند السابع من المادة الرابعة عشرة على: «عند وجود أي اختلافات في وجهات النظر بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم في ما يتعلق بالحقوق والالتزامات والآليات الواردة في أحكام القانون، تشكل لجنة مشتركة بين الطرفين للنظر في المشكلات العالقة ترفع توصياتها خلال 30 يومًا من تاريخ تشكيلها إلى رئيس الوزراء الاتحادي لاتخاذ القرار المناسب».

بينما يتضمن البند الثامن الذي أضيف إلى المادة 14 ولم يرق للحزب، أنه «حال عدم صرف رواتب الموظفين في إقليم كردستان، تحول هذه المستحقات من الحكومة الاتحادية إلى المحافظات بشكل مباشر».

ويعد الحزب الديمقراطي البندين، خاصة الثامن منهما، تقليصًا لصلاحيات حكومة كردستان التي يسيطر عليها، ويقوض تصرفاتها في المخصصات المالية، إلا أنه عجز عن ذلك أمام إصرار الاتحاد الوطني على تمريرها، وحصوله على دعم الأحزاب الشيعية.

وضع حذر منه مراقبون، مؤكدين أنه ستكون له تداعيات، إلا أنهم اختلفوا في المدى الذي يمكن أن تصل إليه الاختلافات، فهناك من رجح أن يصل الأمر إلى فك الارتباط مع ائتلاف إدارة الدولة، بينما قلل آخرون من ذلك الاحتمال.

كل فريق كان له حجته، فمن رجحوا فك الارتباط، قالوا إن الحزب الديمقراطي سيود الثأر من الوضع الذي بات فيه، وينفس عن غضبه باتخاذه قرارا كهذا، إلا أن من قللوا من احتمال فك الارتباط، يرون أن الحزب الديمقراطي يدرك أن أي خطوة للخروج من التحالف الحاكم في العراق ستزيد تعزيز وضع غريمه السياسي الاتحاد الوطني، وستضاعف عزلته السياسية.

 

ردود فعل القوى السياسية

رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني قال -في بيان مقتضب الاثنين- إن ما حدث بخصوص مواد قانون الموازنة العامة الاتحادية، يعد خيانة، مشيرًا إلى أن التاريخ لن ينسى من وصفهم بـ«الخونة الأكراد».

الأمر نفسه أشار إليه البرلماني عن الحزب الديمقراطي جياي تيمور، الذي قال إن هناك توجهًا داخل الحزب بالذهاب إلى المحكمة الاتحادية، مضيفًا: «فوجئنا بإضافة الفقرة الثامنة إلى المادة 14 من القانون».

وأكد البرلماني العراقي، أن الحزب الديمقراطي يمكنه الطعن أمام المحكمة الاتحادية لأن المادة 14 غير دستورية، مشيرًا إلى أن الحزب الذي يمثله التزم بالتصويت على المادة 14 من قانون الموازنة إلا الفقرة الثامنة التي أضافتها اللجنة المالية بطلب من قبل الاتحاد الوطني.

 

هل يلجأ الحزب إلى القضاء؟

جياي تيمور، أجاب عن ذلك السؤال، قائلًا، إن هناك توجهًا داخل الحزب الديمقراطي بالذهاب إلى المحكمة الاتحادية، مشيرًا إلى أن حكومة إقليم كردستان ستطعن في عديد من مواد الموازنة، حتى بعد التصويت عليها أمام المحكمة الاتحادية ومنها الفقرة الثامنة من المادة 14، مشيرًا إلى أنها تجاوز لصلاحيات الحكومة.