الإعلام المصري... هل تنجح 'المتحدة' في تطبيق سياسة مبارك؟
يرى مراقبون أن ما طرأ على الإعلام في مصر من تغير، ليس بمعزل عن رغبة شعبية واضحة في استبدال بعض الوجوه المقربة من نظام الحكم، التي تشغل مناصب قيادية.

السياق
مَنْ يتابع الإعلام المصري هذه الأيام وقبل أسابيع، يلحظ تغيرًا واضحًا في لهجة بعض مذيعيه، وكذلك نوعية المواد البصرية أو السمعية والمكتوبة فيه.
التغير الواضح هو سماع نغمة "معارضة" عن النوتة الرسمية التي لم يسمع المصريون غيرها سنوات.
يقول محللون إن الأزمة الاقتصادية هي التي أجبرت "صُناع القرار الإعلامي" في القاهرة على فتح ثغر في جدار "الكلمة الواحدة"، ليتنفس منه المصريون، ويحمي بالون المجتمع من الانفجار، خاصة مع تفاقم الأزمات المعيشية وبلوغ التضخم مداه.
انتقاد سياسة الحكومة
يقول مطلعون إنه من "بيت المهنة" حدثت أول حالة واضحة للخروج عن الرؤية الحكومية، بانتخاب خالد البلشي نقيبًا للحصفيين بدلًا من المرشح، الذي بدا واضحًا دعم قنوات وصحف رسمية ومقربة من الحكومة له، على حساب منافسه الذي يملك موقعًا إخباريًا تعرض "للحجب".
ويستشهد محللون بمقابلة للإعلامي المصري خيري رمضان في قناة القاهرة والناس، استضاف فيها الخبير الاقتصادي زياد بهاء الدين، الذي وجَّه انتقادات قوية لسياسات الحكومة الاقتصادية والمالية، ما أثار دهشه كثيرين من المصريين، الذين لم يسمعوا صوتًا معارضًا للحكومة منذ سنوات.
منع الانفجار
ويرى مراقبون أن ما طرأ على الإعلام في مصر من تغير، ليس بمعزل عن رغبة شعبية واضحة في استبدال بعض الوجوه المقربة من نظام الحكم، التي تشغل مناصب قيادية، أو تطل على الجمهور وتخاطبه يوميًا بالطريقة نفسها منذ سنوات، سواء في الصحف أم شاشات التلفاز، وحتى على منصات التواصل الاجتماعي.
وهي الاستراتيجية التي انتهجها الرئيس الراحل محمد حسني مبارك وسياسيوه طوال سنوات، قبل تخليه عن الحكم، إثر "ثورة يناير 2011" ويعرّفها محللون بأنها "تنفيس واق من الانفجار"، لكن ما يحدث حاليًا يفتقر إلى المهارة الضرورية والحنكة السياسية، التي كان يتمتع بها رجال نظام مبارك، فرغم ما يحدث من تغيير، فإنه لا يترك مساحة لوسائل الإعلام للخوض بجدية في قضايا الناس الموجعة، ما يقوِّض مصداقية أي وسيلة إعلامية.
ويستنكر محللون التناول المستمر لما يصفه الإعلام ورجاله بالإنجازات الاقتصادية، في وقت يعاني الناس أزمات معيشية، محذرين من ارتفاع نسب توجه المشاهدين إلى القنوات والمواقع التي تبث من الخارج وتتحدث في الشأن المصري، حتى من الإعلام المحسوب على جماعة الإخوان التي تصنفها القاهرة إرهابية.
المساحة المطلوبة
يطرح المطلعون على المشهد الإعلامي للقاهرة تساؤلات، أبرزها: لماذا لا تُترك مساحات لإعلاميين غير خيري رمضان ولميس الحديدي، اللذين غيرا نبرتيهما من تأييد الحكومة إلى معارضة بعض قراراتها؟
وكذلك حذروا من إشكالية تنفيذ ذلك، بصيغة شكلية من قبل "المتحدة"، الشركة الخاصة التي تدير معظم الوسائل الإعلامية التي تنطق بلسان الحكومة، بحيث يتحول المذيع نفسه -في يوم وليلة- من لسان ينطق بكل ما يؤيد الحكومة إلى معارض لسياساتها، ما يضرب مصداقيته لدى المشاهد.
وأكد المختصون في صناعة الإعلام، أن قرارًا مثل توسيع هامش الحرية الإعلامية في مصر، يجب ألا يقوم على استبعاد قضايا جوهرية تمس المواطن بشكل مباشر، وتركها لمواضيع فرعية جدلية، أو خلافات بين شخصيات فنية أو رياضية.