تصدير السلاح الإيطالي للسعودية لم يعد محظورًا... ما سر التوقيت؟
انتهجت السعودية، في الأشهر الأخيرة، سياسة دبلوماسية وازنة، أثمرت تقاربًا مع إيران وعودة العلاقات بينهما، بشكل ولد تفاهمات في الملف اليمني، إضافة إلى دورها في الأزمة السودانية.

السياق
جهودها أثمرت اختراقات في ملف السلام الغائب عن اليمن، بينما لقيت أنشطتها الدبلوماسية وحراكها على الأصعدة المختلفة، لإنهاء أزمة عصية الحل في البلد الآسيوي، إشادات عربية وغربية.
إنها المملكة العربية السعودية، التي تقود جهودًا لإحلال السلام في بلد اختطفته المليشيات الحوثية، ضمن دورها الحريص على دعم استقرار والمنطقة وأمنها.
كان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، قال في مارس الماضي، إن المملكة عرضت مبادرة سلام جديدة في اليمن، تشمل وقف إطلاق النار على مستوى البلاد تحت إشراف الأمم المتحدة، وإعادة فتح الخطوط الجوية والبحرية.
تلك المبادرة، التي استهدفت إحلال السلام في اليمن، أضيفت إلى غيرها من المبادرات التي تهدف إلى تصفير الأزمات في المنطقة، جعلت المملكة العربية السعودية محط أنظار وإعجاب المجتمع الدولي، وأسفرت عن قرارات اتخذها بعض الدول، في إطار التقارب مع الرياض.
فما هي؟
آخر تلك القرارات، ذلك الذي أصدرته إيطاليا قبل يومين، برفع حظر مبيعات الأسلحة إلى السعودية، قائلة -في بيان نشره مجلس الوزراء الإيطالي- إن تصدير القنابل والصواريخ إلى الرياض، لا يندرج ضمن المحظورات التي ينص عليها القانون، كونه متوافقًا مع السياسة الخارجية الإيطالية وسياسة الدفاع.
وأوضح البيان، أن «أسباب القيود التي صدرت بين عامي 2019 و2020 انتهت»، بينما قال بيان لقصر كيجي الإيطالي (مقر الحكومة) إن السياق الإقليمي في اليمن قد تغير بدءا بالتطورات على الأرض.
وبحسب بيان القصر، فإنه منذ أبريل 2022 وبفضل الهدنة المتفق عليها بين الطرفين، تباطأت الأنشطة العسكرية بشكل كبير، مؤكدًا أن تصدير القنابل والصواريخ إلى السعودية لا يدخل ضمن حظر التصدير المنصوص عليه في المادة 1 الفقرتين 5 و6 من القانون رقم 185 الصادر في 9 يوليو 1990.
وأشار إلى أن الانخفاض الكبير في العمليات الحربية يتطلب بدوره تخفيفًا مهمًا لخطر إساءة استخدام قنابل الطائرات والصواريخ، خاصة ضد الأهداف المدنية.
واعترف بيان الحكومة الإيطالية بما قامت به الرياض، من نشاط دبلوماسي مكثف لدعم وساطة الأمم المتحدة، وفي الوقت نفسه عملت أيضًا بشكل حاسم على جبهة المساعدة الاقتصادية والإنسانية، وبحسب موقع ديكود 39 الإيطالي، فإن نشاط الرياض الدبلوماسي عمل على دعم وساطة الأمم المتحدة، مشيرًا إلى أن السعودية تحركت بشكل حاسم على الجبهة الاقتصادية والمساعدة الإنسانية في اليمن، ما أثمر خطوات إيطالية باتجاهها.
قرار إيطاليا، جاء تماشياً مع ذلك الذي أصدرته قبل شهر، وتحديدًا في أبريل الماضي في ما يتعلق بالعاصمة الإماراتية أبوظبي.
توقيت القرار
القرار الإيطالي جاء بعد أيام من اتصال هاتفي، بين نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية والتعاون الدولي أنطونيو تاياني، ووزير التجارة السعودي ماجد بن عبدالله القصبي، ناقشا فيه التعاون والتبادل التجاري بين البلدين.
وقالت وكالة آكي الإيطالية، إن تاياني أكد -خلال الاتصال الهاتفي-ضرورة العمل على تعزيز العلاقات الثنائية، خاصة في المجالات التكنولوجية والعلمية والاستثمارية.
كما أجرى وزير التنمية الاقتصادية الإيطالي أدولفو أورسو، اتصالًا هاتفيًا بوزير الاستثمار السعودي خالد الفالح، أعرب خلاله الوزير الإيطالي عن أمله بمشاركة صناديق أجنبية، مثل الصندوق السيادي السعودي، بالمبادرة الإيطالية، في إشارة إلى الصندوق السيادي الإيطالي المرتقب.
ليس الأول
كانت الدنمارك، أعلنت -على لسان وزير خارجيتها لارس لوك راسموسن، في مارس الماضي- أنها ستنهي الحظر الذي فرضته على مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات.
وقال الدبلوماسي الدنماركي، في تصريحات لصحيفة بوليتيكن المحلية بثت آنذاك: «قد تكون دولة إشكالية في نظرنا، لكن لا يزال لديك بعض المصالح المشروعة في السياسة الأمنية».
وأشار إلى أن خطه السياسي الجديد الذي يتسق مع خطوط الدول الأوروبية، ينطلق من مبدأ الواقعية البراغماتية، مؤكدًا أن التحول في السياسة لن يطلق مغامرة تصدير الأسلحة السعودية.
وشدد الدبلوماسي الدنماركي على أن الوزارة تجري تحليلات سنوية للدولة وتقييمات أمنية، تهدف إلى منع استخدام الأسلحة، إما ضد سكان البلدان وإما في الحروب التي تدخل فيها البلدان المعنية.
ماذا فعلت الرياض؟
انتهجت المملكة العربية السعودية، في الأشهر الأخيرة، سياسة دبلوماسية وازنة، أثمرت تقاربًا مع إيران وعودة العلاقات بينهما، بشكل ولد تفاهمات في الملف اليمني، إضافة إلى دورها المهم في الأزمة السودانية، التي نشبت قبل قرابة شهر ونصف الشهر.
ففي 10 مارس الماضي، أعلنت السعودية، التوصل لاتفاق مع إيران، لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما، خلال مدة أقصاها شهران.
وقال البيان المشترك الذي صدر في بكين، إن الدول الثلاث تعلن التوصل إلى اتفاق يتضمن الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران، واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
وبينما أكد البيان تفعيل اتفاقية التعاون الأمني بينهما، والاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب، أعربت الدول الثلاث عن حرصها على بذل كل الجهود لتعزيز السلم والأمن الإقليمي والدولي.
بعدها بأيام وتحديدًا في 22 مارس الماضي، أعلن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أن المملكة عرضت مبادرة سلام جديدة لإنهاء الحرب في اليمن، تشمل وقف إطلاق النار على مستوى البلاد تحت إشراف الأمم المتحدة.
الوزير بن فرحان، قال في بيان -آنذاك- إن المبادرة تشمل أيضًا إعادة فتح مطار صنعاء والسماح باستيراد الوقود والمواد الغذائية عبر ميناء الحديدة واستئناف المفاوضات السياسية بين الحكومة المدعومة من السعودية والحوثيين المتحالفين مع إيران، مشيرًا إلى أن المبادرة ستدخل حيز التنفيذ بمجرد موافقة الحوثيين عليها.
وفي إشارة إلى أن مبادرة السلام السعودية في اليمن ماضية في طريقها، قال السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، في تصريحات صحفية، قبل أيام، إن «الجميع جديون... جديون بمعنى أن الجميع يبحثون عن السلام».
الدبلوماسي السعودي أضاف أن السعودية تعد نفسها أكثر من وسيط، يحاول تسهيل اتفاق بين المليشيات الحوثية والحكومة المعترف بها دولياً، متابعًا: «نظراً لعلاقة المملكة العربية السعودية بجميع اليمنيين، بمن فيهم الحوثيون، استخدمنا نفوذنا لإقناع اليمنيين بالجلوس إلى الطاولة ومناقشة كل القضايا».
ومن اليمن إلى السودان، خطت السعودية خطوات بارزة، لإعادة السلام إلى البلد الذي انقلب أطرافه على طريق التحول الديمقراطي، آملة أن تثمر إعادة عقارب الساعة إلى ما قبل 15 أبريل.
ونجحت السعودية وأمريكا في تحقيق اختراقات عدة، توجت باتفاقات لوقف إطلاق النار، آخرها الذي بدأ الاثنين الماضي، ولمدة 5 أيام، بينما تحاولان دفع طرفي القتال إلى طاولة المفاوضات مجددًا، أملًا بتصفير الأزمة الحالية.