عقب زلازل سوريا وتركيا.. هل يعيد داعش تموضعه أم يطرق أبواب أوروبا؟
يرى الباحث إبراهيم عرفات، أن خطورة الوضع الراهن، حالة التأكد من هروب مقاتلي داعش، تتجسد في إمكانية اختراق عدد منهم لأوروبا عبر تركيا.

السياق
بينما تحاول تركيا وسوريا لملمة شتات نفسيها ومداواة جرحهما النازف جراء الزلزال المدمر الذي ضرب البلدين، وأسفر عن آلاف القتلى والجرحى، كان هناك خطر يلوح في الأفق، يستدعي من البلدين مزيدًا من الحذر والتدقيق.
ذلك الخطر الكامن في تنظيم داعش الإرهابي، الذي يجيد العزف على وتر الفوضى الناتجة عن فعل البشر أو الطبيعة، التي تعد حافزًا مهمًا، لإعادة تموضعه وفرض وجوده الميداني.
خطر زاد وطأته تزامنه مع هروب مقاتلي «داعش» من السجون السورية، الذين على علم بطبيعة جغرافيا المنطقة، ما يزيد سهولة إعادة تنظيم صفوفهم من جديد، مستغلين المساعدات سواء الغذائية أو الطبية، التي تعد موارد لوجستية مهمة تساعد التنظيم الإرهابي في الاستمرار ومواجهة عمليات التضييق الأمنية.
ورغم ذلك، فإن خطر هروب مقتلي «داعش» من السجون السورية والرخوة الأمنية التي أوجدتها الزلازل، لا يقتصر على إمكانية إعادة التنظيم الإرهابي عصره الذهبي فحسب، بل إنه مع توجه الحكومة التركية لنقل المتضررين من الأماكن المنكوبة إلى البلاد، فإن تسلل «ذئاب منفردة» إلى العمق التركي ومنها إلى أوروبا، بات مرجحًا.
حافز مهم
إلى ذلك، قال الباحث في العلوم السياسية مصطفى صلاح، في تصريحات لـ«السياق»، إن الأزمات سواء بفعل البشر أم الطبيعة، حافز مهم لتشكيل بؤر الصراعات التي تمثل مجالًا حيويًا لقيام نشاط إرهابي أو إعادة الوجود في هذه المناطق.
وأوضح الباحث في العلوم السياسية، أن الأحداث التي شهدتها سوريا قد يكون لها أثر كبير في توجيه الاهتمام بمواجهة الآثار الجانبية للزلزال، وإهمال الأخطار الناجمة عن هروب إرهابيين من السجون السورية.
وأشار إلى أن أغلبية المحتجزين من الإرهابيين في هذه السجون، من مواطني سوريا والعراق، مؤكدًا أنهم على علم بطبيعة جغرافيا المنطقة، ما يزيد سهولة إعادة تنظيم صفوفهم.
في السياق نفسه، قال المحلل السياسي، الباحث الأردني المختص بالشأن السوري صلاح ملكاوي، في تصريحات لـ«السياق»، إن تنظيم داعش، يستغل الفوضى أو أي أحداث تؤثر في أمن واستقرار المنطقة لتنفيذ عمليات هروب، ضمن استراتيجية «هدم الأسوار»، التي ينفذ من خلالها عمليات ضد أهداف «معادية لهم».
استراتيجية الاستنزاف
وأوضح المحلل السياسي، أن عمليات «داعش» ما زالت مستمرة شمالي شرق وشرقي سوريا وفي عمق البادية السورية، مشيرًا إلى أن التنظيم الإرهابي ينفذ بشكل متدرج «استراتيجية الاستنزاف»، التي تتضمن عدم وجوده في موقع ثابت.
وبينما قال الباحث الأردني المتخصص في الشأن السوري إن سجن راجو، يقبع فيه ما يقرب من ألفي سجين، مقسمين إلى 3 أقسام، أحدهم يمكث فيه ما يقارب 1300 نزيل لتنظيم داعش الإرهابي، بحسب المعلن من إدارة السجن، بينما القسم الثاني من السجن، يضم سجناء من الفصائل الكردية.
ويقع سجن راجو في بلدة راجو السورية المحاذية أو القريبة من الحدود التركية، بمنطقة عفرين التابعة لمحافظة حلب أقصي الشمال الغربي. ويخضع لسيطرة الشرطة العسكرية، وهي مناطق خارجة عن نفوذ وسيطرة النظام السوري، وتابعة للمعارضة السورية تحت حكم ما يسمى «الجيش الوطني».
وأشار الباحث الأردني إلى أن هذه المنطقة قبل سيطرة ما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري» عليها، كانت تقع تحت سيطرة الرئيس السوري بشار الأسد، مؤكدًا أن القوات التركية شنت عملية على تلك المنطقة، واعتقلت أعدادًا كبيرة من المقاتلين الكرد.
الذئاب المنفردة
تلك الاعتقالات التي أتاحت الزلازل لها فرصة ذهبية للفكاك منها، كشفت عن مخاوف من إمكانية تسلل «الذئاب المنفردة» إلى العمق التركي ومنها إلى أوروبا، خاصة مع توجه الحكومة التركية لنقل المتضررين من الأماكن المنكوبة إلى البلاد، بحسب الباحث في الشؤون الإقليمية إبراهيم عرفات.
أبواب أوروبا
وأوضح إبراهيم عرفات في تصريحات لـ«السياق»، أن خطورة الوضع الراهن، حالة التأكد من هروب مقاتلي داعش، تتجسد في إمكانية اختراق عدد منهم لأوروبا عبر تركيا، خاصة مع انهيار الجانب الأمني على الحدود بين سوريا وتركيا، جراء هذا الزلزال المدمر.
وأشار الباحث في الشؤون الإقليمية إلى أنه عند الفوضى تصعب السيطرة الأمنية، خاصة أن التركيز يكون منصبًا على التعامل مع الأزمة الإنسانية وجهود الإغاثة، سواء من خلال إنقاذ من يقبعون تحت الأنقاض، أم إسعاف وعلاج المصابين، ودفن الموتى ورفع الأنقاض لمنع انتشار الأمراض.
وحذر إبراهيم عرفات، من السماح لتنظيم داعش بالحصول -عبر ذئابه المنفردة- على جزء من المساعدات، سواء الغذائية أم الطبية، التي تعد موارد لوجستية مهمة تساعده في الاستمرار ومواجهة عمليات التضييق الأمنية، خاصة أن للتنظيم الإرهابي سابقة في نهب وسرقة المساعدات الإغاثية التي خصصت للمدنيين.
وختم الباحث في الشؤون الإقليمية تصريحاته بقوله، إن التحدي الأكبر يكمن في مرحلة ما بعد الإغاثة، إذ إن ترك المناطق المنكوبة بلا إعادة بناء، يوفر بيئة خصبة لتجنيد مسلحين جدد في داعش، من منطلق مادي وليس عقائديًا، بحثًا عن المال والطعام والمأوى، كما حدث في عديد المناطق بـ«الخلافة المكانية» للتنظيم في سوريا والعراق، ويطبق الآن في إفريقيا.