قمة الإيغاد... اعتراض الجيش السوداني ينسف المبادرة الوليدة

يقول مراقبون، إن موقف الخارجية السودانية نسف المبادرة الجديدة، خاصة أن الجيش السوداني لا يرحب بكينيا رئيسة للجنة الإيغاد، مشيرين إلى أن البرهان يتخوف من انحيازها إلى حميدتي.

قمة الإيغاد... اعتراض الجيش السوداني ينسف المبادرة الوليدة
عبدالفتاح البرهان

السياق

على طريق الأزمة السودانية التي تجاوزت شهرين، باتت الحلول السياسية عصية على التطبيق، بينما العسكرية عاجزة عن الحسم، في ثنائية دفعت بسيناريوهات مخيفة إلى الواجهة.

فمن تعثر مفاوضات جدة، مرورًا بالخلاف على الدور الإفريقي في الأزمة السودانية، إلى تصاعد وتيرة العنف في البلد الإفريقي، مستجدات طرأت على الساحة السياسية والعسكرية، كشفت مخاوف من استمرار الصراع، وتفاقم تبعاته الإنسانية.

 

فما الجديد؟

في بيان لوزارة الخارجية السودانية، اطلعت «السياق» على نسخة منه، أعلنت أن وفدها الذي شارك بقمة الإيغاد، في 12 يونيو الجاري، بجيبوتي، أبدى عدم موافقته واعتراضه على عدد من الفقرات التي وردت في مسودة البيان الختامي للقمة، لعدم مناقشتها والاتفاق عليها، وطالب الوفد سكرتارية الإيغاد بحذفها.

وقالت وزارة الخارجية السودانية، في بيانها المقتضب، إن هذه الفقرات تتعلق بتغيير رئاسة لجنة الإيغاد، مشيرة إلى أن الوفد السوداني طالب بالإبقاء على الرئيس سلفا كير ميار ديت على رئاسة اللجنة، وبحذف أي إشارة تخرج موضوع وساطة الإيغاد من البيت الإفريقي.

الاعتراض السوداني جاء بعد أن قدمت "إيغاد"، خلال قمة عقدت في جيبوتي الاثنين الماضي، مبادرة تضمنت عقد لقاء مباشر بين قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو «حميدتي»، في إحدى عواصم المنطقة، وتطرقت إلى تداعيات الحرب المستمرة بينهما منذ منتصف أبريل الماضي على القارة الإفريقية.

إلا أن مسؤولًا سودانيًا أكد -الثلاثاء- أن قائد الجيش عبدالفتاح البرهان لن يلتقي قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو «في ظل الظروف الراهنة».

وفي تصريحات لـ«فرانس 24»، قال المسؤول الحكومي الذي طلب عدم ذكر اسمه إن «البرهان لن يجلس مع حميدتي في ظل الظروف الراهنة».

 

مساعٍ كينية

جاء ذلك في إشارة إلى تأكيد الرئيس الكيني ويليام روتو السعي لعقد لقاء مباشر بين الطرفين، خلال قمة الهيئة الحكومية لتنمية شرقي إفريقيا (إيغاد) التي عقدت في جيبوتي يوم الاثنين.

وقال الرئيس الكيني وليام روتو للصحفيين إنّ «كينيا تلتزم بجمع الجنرالين السودانيين في لقاء وجهاً لوجه لإيجاد حلّ دائم للأزمة».

وأضاف: «في الأسابيع الثلاثة المقبلة، سنبدأ عملية حوار وطني شامل، لإنشاء ممرّ إنساني في غضون أسبوعين لتسهيل إيصال المساعدات».

ولم يلتق القائدان العسكريان منذ اندلاع المعارك بين قواتهما في الخرطوم ومناطق سودانية أخرى في 15 أبريل الماضي، اليوم الذي كان من المقرر أن يشهد اجتماعًا بينهما لإجراء مفاوضات بتسهيل من الأمم المتحدة.

ويقول خبراء إن من أسباب النزاع الصراع على السلطة بين الحليفين السابقين اللذين أطاحا عام 2021 المدنيين الذين تقاسما السلطة معهم منذ سقوط الرئيس السابق عمر البشير عام 2019، إلا أنهما اختلفا على مسائل عدة، من أبرزها دمج قوات الدعم السريع في الجيش.

 

مبادرة "إيغاد"

أعلنت «إيغاد» في ختام قمة الاثنين، رفع عدد الدول المكلّفة بحلّ الأزمة في السودان، عبر انضمام إثيوبيا إلى لجنة ثلاثية كانت تضم كينيا والصومال وجنوب السودان، على أن ترأس كينيا اللجنة الجديدة عوضًا عن جنوب السودان، وهو ما يعارضه الجيش السوداني.

وأكد المسؤول الحكومي السوداني –الثلاثاء- أن للخرطوم «تحفظاتها على بعض بنود بيان القمة».

وحذر وسطاء أمريكيون وسعوديون -السبت- من وقف جهود الوساطة، حال عدم احترام وقف إطلاق النار 24 ساعة، إلا أنه إلى جانب الجهود الأمريكية والسعودية، دعا الاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية لتنمية شرقي إفريقيا «إيغاد» إلى إجراء مفاوضات بوساطة رئيس جنوب السودان سلفا كير.

 

تحقيق تقدم

يقول مراقبون، إن موقف الخارجية السودانية نسف المبادرة الجديدة، خاصة أن الجيش السوداني لا يرحب بكينيا رئيسة للجنة الإيغاد، مشيرين إلى أن البرهان يتخوف من انحيازها إلى حميدتي.

ورغم ذلك، فإن مراقبين، قللوا من قدرة مبادرة «إيغاد» على تحقيق تقدم ملموس، خاصة أنها جاءت بعد إعلان الاتحاد الإفريقي خارطة طريق لحل الأزمة قبل أن تظهر نتائج لها.

التحركات الإفريقية تحاول الخروج من مأزق التجاذبات بين الجيش ورئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس، الذي يقيم في نيروبي، بعد أن رفضت الخارجية السودانية بقاءه على رأس البعثة، بحسب المراقبين.

وحذر رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي، أثناء افتتاح قمة إيغاد، «من أنه إذا لم يتوقف القتال فورًا ستحدث حرب أهلية في السودان، وأن الأوضاع التي تزداد ترديًا في السودان ستصل إلى حد تهديد المنطقة»، موضحًا أن الأزمة الراهنة تمثل تهديدًا كبيرًا لوجود السودان.