فتّاح... صاروخ إيراني بمواصفات خارقة يثير قلق الغرب
إيران تطلق أول صاروخ فرط صوتي بدعم روسي وصيني

ترجمات – السياق
من "شهاب 1" و"شهاب 2"، مرورًا بـ"سجيل" و"شهاب 3"، انتقلت إيران إلى مرحلة أخرى متقدمة من الصواريخ البالستية، بامتلاكها صاروخًا أكثر تطورًا "فرط صوتي بدعم روسي وصيني"، الأمر الذي قد يفاقم مخاوف الغرب من قدرات طهران الصاروخية.
وكشف الحرس الثوري الإيراني –الثلاثاء- عن أول صاروخ بالستي فرط صوتي محلي الصنع، بحضور الرئيس إبراهيم رئيسي، الذي أشاد بالسلاح الجديد الذي "سيجعل البلاد أقوى".
ونشرت وسائل الإعلام المحلية صوراً للصاروخ، الذي أنتجته قوة الجو فضائية، في الحرس الثوري الإيراني.
كُشف عن الصاروخ الذي أطلق عليه الفتاح، على منصة خلال حفل نُظم في مكان لم يحدد بحضور الرئيس ومسؤولين عسكريين، بينهم رئيس الحرس اللواء حسين سلامي، بحسب التلفزيون الرسمي ووكالة الأنباء الرسمية (إرنا).
وتقول جمعية الحد من الأسلحة، وهي منظمة غير حكومية تتخذ من واشنطن مقرًا، إن برنامج الصواريخ الإيراني يعتمد -إلى حد كبير- على تصميمات كورية شمالية وروسية، وإنه استفاد من مساعدة صينية.
وقال رئيسي في كلمته: "نشكر الله على هذا الإنجاز العظيم" لأنه "سيجعل البلاد أقوى".
وأضاف أن هذا الصاروخ سيعزز "قوة الردع" الإيرانية، ما "يجلب الأمن والسلام إلى دول المنطقة".
وأوضحت الوكالة أن الصاروخ "يبلغ مداه 1400 كلم، کما تبلغ سرعته قبل إصابة الهدف 13-15 ماخ".
وأعلنت إيران، في نوفمبر الماضي، أنها صنعت هذا الصاروخ، ما أثار قلق الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن البرنامج النووي الإيراني.
كان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي، قد أشار إلى أن هذا الإعلان "يجب ألا يؤثر" في المفاوضات بين القوى الكبرى وإيران بشأن برنامجها النووي.
خلافًا للصواريخ البالستية التقليدية، تحلّق الصواريخ الفرط صوتية على علو منخفض في الغلاف الجوي، ويمكن التحكّم بها، ما يصعّب عمليّة توقّع مسارها واعتراضها.
سيعزز تطوير صاروخ الفاتح ترسانة إيران العسكرية، ومخاوف عديد من الدول، في مقدمتها الولايات المتحدة وإسرائيل، وتخشى الأخيرة أن تبلغ الأسلحة الإيرانية أراضيها.
وتؤكد طهران أن هذا الصاروخ يمكنه اختراق أنظمة الدفاع الجوي لأي دولة في المنطقة.
يأتي الكشف عن الصاروخ الجديد، في حين تسعى إيران إلى تطبيع علاقاتها مع الدول العربية، ضمنها السعودية، حيث من المقرر أن تعيد فتح سفارتها في الرياض الثلاثاء، بعد قطيعة استمرّت سبع سنوات.
وأفادت تقارير إعلامية باتصالات غير مباشرة بين إيران والولايات المتحدة لإحياء اتفاق 2015 "خطة العمل الشاملة المشتركة"، الذي يقيد الأنشطة النووية الإيرانية مقابل رفع العقوبات الدولية.
أكّد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن -الاثنين- أن إدارة الرئيس جو بايدن ترى أن إيران التهديد الرئيس لأمن الدولة العبرية، وأنه لن يُسمح لها بحيازة سلاح نووي.
جرس إنذار
الكشف الإيراني، فسرته صحيفة غارديان البريطانية، بأنه جرس إنذار خطير للغرب، إذ إنه يستطيع استهداف العمق الإسرائيلي في غضون 400 ثانية، لكن ما يزيد هذه المخاوف أن الصواريخ البالستية الفرط صوتية تحلق على علو منخفض في الغلاف الجوي ويمكن التحكم بها، ما يصعب عملية توقع مسارها واعتراضها.
ويتميز الصاروخ فتاح بقدرات خارقة، إذ يمكنه الانطلاق بسرعات تزيد بخمس مرات على الأقل عن سرعة الصوت وفي مسارات معقدة، ما يجعل من الصعب اعتراضها.
وذكرت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء "إرنا"، أن الصاروخ "يبلغ مداه 1400 كلم، کما تبلغ سرعته قبل إصابة الهدف 13-15 ماخ" (عدد يُستخدم في قياس سرعة الجسم نسبةً إلى سرعة الصوت)، أي ثلاث عشر مرة ضعف سرعة الصوت، وهو ما عده رئيسي سيعزز "قوة الردع" الإيرانية، ما "يجلب الأمن والسلام لدول المنطقة".
يأتي الرأس الحربي لهذا الصاروخ مزودًا بمحرك كروي يعمل عبر الوقود الصلب، وفوهة متحركة تعطي الصاروخ قابلية على المناورة في كل الاتجاهات.
كما يتميز "فتّاح" بسرعة عالية جدًا، وقدرة على التخفي والمناورة ضد الدفاعات الجوية، الأمر الذي يُكسبه أفضلية في الاختراق والتدمير لكل الأنظمة الرادارية والدفاعية.
وقال القائد العام لقوات حرس الثورة الإيرانية، اللواء حسين سلامي، أثناء مراسم الكشف عن الصاروخ "فتّاح"، إن إيران تمتلك تقنية التنويع في صنع جميع أنواع الأنظمة، وضمنها الصاروخ فرط الصوتي الجديد القابل للمناورة.
وترى إيران أن صواريخها البالستية، التي يصل مداها إلى 2000 كيلومتر، "قوة مهمة للردع والانتقام في مواجهة الولايات المتحدة وإسرائيل وأهداف إقليمية أخرى، لكنها في المقابل تنفي سعيها لامتلاك أسلحة نووية".
إيران تتحدى
ليست المرة الأولى التي تتحدى فيها إيران، الغرب، بإعلانها عن أنظمة صاروخية جديدة، ففي مارس الماضي، أعلن رئيس هيئة الأركان الإيرانية اللواء محمد باقري، أن بلاده اختبرت بنجاح صاروخًا بالستيًا قادرًا على استهداف قطع بحرية متحركة.
ورغم معارضة الولايات المتحدة وأوروبا، فإن طهران تصر على مواصلة تطوير برنامجها الصاروخي الدفاعي.
وقد أسهمت تلك المخاوف من الصواريخ البالستية الإيرانية، في أن يتخذ الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عام 2018 قرار الانسحاب من اتفاق طهران النووي لعام 2015 الذي وقعته إيران مع ست قوى كبرى.
وتمتلك إيران -حسب مكتب مدير المخابرات الوطنية الأمريكية- أكبر عدد من الصواريخ البالستية في المنطقة.
وبينت جمعية الحد من الأسلحة -وهي منظمة غير حكومية تتخذ من واشنطن مقرًا- أن برنامج الصواريخ الإيراني يعتمد -إلى حد كبير- على تصميمات كورية شمالية وروسية، فضلًا عن مساعدات صينية.
وأشارت -في بيان- إلى أن الصواريخ البالستية الإيرانية قصيرة المدى ومتوسطة المدى تشمل شهاب - 1 الذي يقدر مداه بنحو 300 كيلومتر، وذوالفقار (700 كيلومتر) وشهاب - 3 (800 - 1000 كيلومتر) وعماد - 1 الجاري تطويره (الذي يصل مداه إلى 2000 كيلومتر) وسجيل الجاري تطويره أيضًا (1500 - 2500 كيلومتر).
تمتلك إيران أيضًا كذلك صواريخ "كروز كيه.إتش 55" التي تطلق من الجو والقادرة على حمل رؤوس نووية، ويبلغ مداها ثلاثة آلاف كيلومتر وصواريخ حديثة مضاد للسفن مداها 300 كيلومتر وقادرة على حمل رأس حربية تزن ألف كيلوغرام.
تهديد
هذه القدرات الدفاعية لطهران لاشك تمثل تهديدًا لدول الشرق الأوسط ولمصالح الولايات المتحدة بالمنطقة، وسبق أن حذرت دول عدة من مخططات إيران ضد المنطقة، واتهمتها بمحاولة زعزعة أمن واستقرار عدد من الدول العربية.
تكنولوجيا الصواريخ الإيرانية، لم تتوقف عند الحرس الثوري فقط، وإنما نُقلت إلى الحوثيين في اليمن، وحزب الله في لبنان، وهي ميليشيات مسلحة موالية لطهران.
ووفقًا لمسؤولي مخابرات إسرائيليين وغربيين، فإنه منذ بدء الحرب السورية، نقلت إيران صواريخ محلية دقيقة التوجيه إلى سوريا، لدعم الرئيس بشار الأسد في حربه ضد المعارضة.
وعام 2020، شنت إيران هجمات صاروخية على القوات التي تقودها الولايات المتحدة في العراق، بما في ذلك قاعدة الأسد الجوية، ردًا على غارة أمريكية بطائرة مسيرة تسببت في قتل الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، وقد أثار قتله مخاوف من صراع أوسع في الشرق الأوسط.
وفي استعراض أحدث للقوة، هاجمت إيران عام 2022 مدينة أربيل شمالي العراق بعشرات الصواريخ البالستية، في هجوم غير مسبوق على عاصمة إقليم كردستان شبه المستقل.
ورأت صحيفة غارديان، أن الكشف الأخير أثار انزعاج إسرائيل، خصوصًا أنه قادر على ضرب العمق الإسرائيلي في غضون 400 ثانية.
وأعلنت إيران -نوفمبر الماضي- أنها في طريقها لامتلاك صاروخ بالستي تفوق سرعته سرعة الصوت يمكنه المناورة داخل الغلاف الجوي وخارجه.
وقال التلفزيون الإيراني: "بإمكان الصاروخ الجديد تجاوز أنظمة الصواريخ المضادة للصواريخ البالستية الأكثر تطورًا للولايات المتحدة والقبة الحديدية الإسرائيلية".
ووصف أمير علي حاجي زادة، قائد القوة الجوية للحرس الثوري الإيراني، صاروخ الفتاح بأنه "فريد من نوعه في العالم".
وقال زادة في "تويتر": "شروق شمس الثلاثاء، شروق في يوم غير عادي... الشمس اليوم تشرق مع فتّاح".
ولم تذكر إيران أي إطلاق فعلي للصاروخ، إلا أن حاجي زادة تحدث عن إجراء اختبار أرضي لمحرك الصاروخ، الذي يتضمن محركًا صاروخيًا يوضع على منصة ويطلق للتحقق من قدراته.
وحسب الصحيفة البريطانية، يُعتقد أن الصين تسعى لتصنيع صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت، لتنافس الولايات المتحدة في هذا المجال.
تأتي هذه التقارير في الوقت الذي أعربت إسرائيل، عن قلقها المتزايد من محاولة الغرب الدخول في مفاوضات جديدة مع طهران، لإعادة الاتفاق النووي المتعثر.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أيضًا، إنها توصلت إلى اتفاق مبدئي مع نظيراتها الإيرانية لتنشيط عملية التفتيش المقيدة بشدة، مشيرة إلى أن إيران قدمت تفسيرًا لآثار اليورانيوم المنضب المكتشف بموقع مريفان، مدعية أن ذلك يرجع إلى وجود منجم ومختبر.
ففي تقرير جديد وزعته على أعضاء أمناء المنظمة، ذكرت الوكالة أن "إيران قدمت تفسيرات محتملة لجزيئات اليورانيوم التي عُثر عليها في موقع مريفان غير المعلن عنه جنوبي طهران"، مشيرة إلى أنه ليس لديها أسئلة مفتوحة بشأن هذه المسألة في الوقت الحالي.
وتعليقًا على ذلك، نقلت صحيفة إسرائيل هيوم الإسرائيلية، عن مصدر سياسي قوله: إن "الاتفاق المتبلور بين الولايات المتحدة وطهران للرقابة على تخصيب اليورانيوم، إلى جانب التقارير عن استمرار تخصيب اليورانيوم في إيران، وإغلاق الوكالة الدولية للطاقة النووية لملف مريفان، يزيد الاستنفار في إسرائيل".
وأضاف المصدر أن إغلاق هذا الملف قد تكون له تداعيات خطرة على إسرائيل.
ورأى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن تفسير إيران "مستحيل من الناحية الفنية"، مضيفًا: "استسلام الوكالة للضغط الإيراني وصمة عار في سجلها".
بينما قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، إن المنظمة لم تخفف معاييرها لأغراض سياسية، مشيرًا إلى أن سماح إيران بتركيب كاميرات في المواقع النووية لا يزال بطيئًا للغاية.
لكن سفيرة الولايات المتحدة لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لورا هولغيت، في حديثها إلى اجتماع ربع سنوي لمجلس إدارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قالت: "تواصل إيران توسيع أنشطتها النووية إلى ما هو أبعد من خطة العمل الشاملة المشتركة".
وأضافت: "أكدنا أن إنتاج إيران لليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60% ليست له أغراض سلمية موثوقة، إذ لا توجد دولة أخرى في العالم اليوم تستخدم اليورانيوم المخصب بنسبة 60% للأغراض التي تدعيها إيران".
وهو ما رد عليه وزير الاقتصاد الإسرائيلي نير بركات بالقول: إن بلاده "لن تسمح لإيران بامتلاك أسلحة نووية".