بلينكن في مهمة صعبة بالسعودية... هل ينجح في تهدئة التوتر مع الرياض؟
زيارة بلينكن، إلى أكبر مُصدر للنفط في العالم، تأتي بعد أيام من تعهد الرياض بخفض إنتاجها النفطي بصورة أكبر، في خطوة توقع مراقبون أن تزيد التوتر الذي تعانيه العلاقات الأمريكية السعودية.

السياق
في زيارة تهدف لتوطيد العلاقات بين البلدين، بعد سنوات من خلافات عميقة، من إيران والأمن الإقليمي إلى أسعار النفط، حطت طائرة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الثلاثاء، بالعاصمة السعودية الرياض، في زيارة تستمر ثلاثة أيام.
زيارة بلينكن، من السادس إلى الثامن من يونيو الجاري، إلى أكبر مُصدر للنفط في العالم، تأتي بعد أيام من تعهد الرياض بخفض إنتاجها النفطي بصورة أكبر، في خطوة توقع مراقبون أن تزيد التوتر الذي تعانيه العلاقات الأمريكية السعودية.
وتهدف الزيارة، التي تعد الثانية لمسؤول أمريكي كبير في الآونة الأخيرة، بعد مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، إلى إعادة التفاهم مع الرياض، بشأن أسعار النفط والتصدي للنفوذ الصيني والروسي في المنطقة، وتعزيز الآمال بتطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية، نهاية المطاف.
لقاء بلينكن وولي العهد السعودي
وكالة الأنباء السعودية «واس»، قالت إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس مجلس الوزراء، اجتمع –الثلاثاء- في قصر السلام بجدة، مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن.
وبحسب الوكالة الرسمية السعودية، فإنه جرى خلال الاجتماع استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، وأوجه التعاون في مختلف المجالات وسبل تعزيزه، إلى جانب بحث تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية والجهود المبذولة بشأنها.
ونقلت «سي إن إن» الأمريكية، عن متحدث باسم وزارة الخارجية قوله، إن الوزير أنتوني بلينكين التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بجدة، في أحدث خطوة نحو التقارب بين الولايات المتحدة والسعودية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر -في بيان الثلاثاء- إن ولي العهد السعودي ووزير الخارجية الأمريكي «أكدا التزامهما المشترك بتعزيز الاستقرار والأمن والازدهار في الشرق الأوسط وما وراءه».
ميلر أضاف، أن الالتزام يشمل «اتفاقية سياسية شاملة لتحقيق السلام والازدهار والأمن في اليمن»، مشيرًا إلى أن بلينكن «شدد على أن علاقتنا الثنائية تتعزز من خلال التقدم في مجال حقوق الإنسان».
وقال ميلر -في البيان- إن بلينكن وابن سلمان ناقشا خلال الاجتماع «تعميق التعاون الاقتصادي خاصة في مجالات الطاقة النظيفة والتكنولوجيا»، كما شكر الوزير الأمريكي، ولي العهد «على دعم المملكة العربية السعودية لإجلاء مئات الأمريكيين من السودان، وعلى شراكة المملكة المستمرة في المفاوضات الدبلوماسية لوقف القتال هناك»، بحسب البيان.
واستغرق الاجتماع ساعة و40 دقيقة، حسبما صرح مسؤول أمريكي للصحافة المتنقلة، وتطرقا خلاله أيضًا إلى إمكانية تطبيع العلاقات مع إسرائيل، واتفقا على استمرار الحوار بهذا الشأن.
وقال ملخص السفر الصادر عن وزارة الخارجية إن بلينكن «سيلتقي المسؤولين السعوديين لمناقشة التعاون الاستراتيجي الأمريكي السعودي، في القضايا الإقليمية والعالمية والقضايا الثنائية، بما في ذلك التعاون الاقتصادي والأمني، والمشاركة في اجتماعات مجلس التعاون الأمريكي الخليجي، والتحالف الدولي لهزيمة داعش».
ووصل بلينكن إلى المملكة العربية السعودية بعد ظهر الثلاثاء، وسيتوجه إلى الرياض الأربعاء، لعقد مزيد من الاجتماعات.
سر التوقيت
تأتي الزيارة بعد يومين من إعلان المملكة العربية السعودية، الأحد، خفض إنتاج النفط بمليون برميل يوميًا لمدة شهر على الأقل، بدءًا من يوليو في محاولة لرفع أسعار النفط، إلا أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى تفاقم التضخم العالمي، في الوقت الذي يتجه بايدن إلى عام الانتخابات.
وتقول «نيويورك تايمز»، إن بايدن كان غاضبًا في أكتوبر الماضي، عندما قادت المملكة العربية السعودية، الدول المنتجة للنفط في منظمة أوبك بلس، لخفض منسق للإنتاج.
وردًا على طلب للتعليق على قرار خفض الإنتاج قبل زيارة بلينكين، أشار نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية فيدانت باتيل، إلى أن أسعار البنزين انخفضت في الولايات المتحدة، من ارتفاعات وصلت إليها قبل عام.
وقال باتيل في إفادة صحفية: «نعتقد أن العرض يجب أن يلبي الطلب، وسنواصل العمل مع المنتجين والمستهلكين، لضمان أن أسواق الطاقة تدعم النمو الاقتصادي وتخفض الأسعار للأسر الأمريكية... هذا ما نركز عليه».
ملف التطبيع
بلينكن قال أمام لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (أيباك) المؤيدة لإسرائيل –الاثنين- إن لواشنطن «مصلحة تتعلق بأمنها القومي في الدعوة لتطبيع العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والسعودية، لكن ذلك لن يحدث بسرعة».
وقال وزير الخارجية أنتوني بلينكين –الاثنين- إنه يعتزم التحدث مع القادة السعوديين ومسؤولين في دول الخليج، هذا الأسبوع، خلال زيارة إلى المملكة العربية السعودية لإمكانية تطبيع المملكة للعلاقات مع إسرائيل، مشيرًا إلى أن إدارة بايدن تدعم هذه الخطوة، لكنها ينبغي ألا تأتي على حساب التقدم بين الإسرائيليين والفلسطينيين وحل الدولتين.
وتقول «نيويورك تايمز»، إن بلينكن يحاول وغيره من مساعدي بايدن، التعامل مع السياسة في إسرائيل والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، التي من شأنها أن تجعل التطبيع صعبًا.
وأكدت الصحيفة الأمريكية، أن على المسؤولين الأمريكيين التعامل مع تحركات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، التي يمكن أن تزيد الضغط على علاقاته بالرئيس بايدن، وتؤدي إلى تفاقم آراء الكونغرس بشأن المملكة، مشيرة إلى أن التوترات المتزايدة ستعيق المفاوضات بشأن شروط التطبيع التي تطالب بها السعودية.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي تعرض لانتقادات واسعة في إسرائيل والولايات المتحدة، لمقترحات تهدف لعرقلة قضاء مستقل، سيحصل على دفعة سياسية إذا طبعت المملكة العربية السعودية العلاقات مع بلاده.
لكن وجود التحالف اليميني المتطرف الذي يقوده، دعم الإجراءات التي يقول النقاد إنها غذت العنف بين الفلسطينيين والإسرائيليين، سيجعل من الصعب على السعوديين دعم التطبيع.
الخطوة التالية
يخطط بلينكن لعقد اجتماعات في المملكة العربية السعودية من الثلاثاء إلى الخميس، فاثنان من مسؤولي البيت الأبيض هما بريت ماكغورك وعاموس هوشتاين، سافرا مؤخرًا إلى المنطقة لمناقشة التطبيع مع المسؤولين.
باربرا ليف، أكبر مسئولة في وزارة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط فعلت -كذلك- لكن أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي قالوا -الأسبوع الماضي- إن «هناك تقارير كثيرة خاطئة بشأن التطبيع المحتمل، لاسيما استنادًا إلى التسريبات من المسؤولين الإسرائيليين».
وقال بلينكن –الاثنين- إن وزارة الخارجية توفر منصبًا جديدًا «لتعزيز دبلوماسيتنا ومشاركتنا مع الحكومات والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية، وكلها تعمل نحو منطقة أكثر سلامًا وترابطًا من أجل تحقيق تقدم تاريخي كبير وتعميق وتوسيع اتفاقيات أبراهام، بالبناء على عمل إدارة ترامب».
الصين على جدول الزيارة
قال ريتشارد جولدبرج، كبير المستشارين في مؤسسة (الدفاع عن الديمقراطيات) البحثية ومقرها واشنطن، إن إثناء الرياض عن تعزيز علاقاتها بالصين، ربما يكون الجانب الأكثر أهمية في زيارة بلينكن.
وأضاف أن على بلينكن أن يوضح «لماذا لا تتوافق المصالح الصينية مع السعودية، وكيف يعوق التقارب في العلاقات بطريقة استراتيجية (مع بكين) العلاقات الوثيقة مع واشنطن».