انتخابات تاريخية.. ما التغييرات المرتقبة حال فوز مرشح المعارضة برئاسة تركيا؟

يقول آلان ماكوفسكي، الزميل الأول للأمن القومي والسياسة الدولية بمركز التقدم الأمريكي، إنه حال فوز كليجدار أوغلو، ستستمر سياسة الهدوء في بحر إيجة التي سادت منذ الزلازل، على الأقل خلال الأشهر الأولى.

انتخابات تاريخية.. ما التغييرات المرتقبة حال فوز مرشح المعارضة برئاسة تركيا؟
مرشح المعارضة كمال كليجدار

ترجمات - السياق 

مع ذهاب الأتراك إلى صناديق الاقتراع، الأحد، كان الرئيس رجب طيب أردوغان يأمل تحقيق نصر سريع، لكن انسحاب أحد المنافسين، من المرجح أن يفيد مرشح المعارضة كمال كليجدار أوغلو.

فقبل ثلاثة أيام من تصويت الأتراك في انتخابات رئاسية حاسمة، تراجعت فرص الرئيس رجب طيب أردوغان في تحقيق نصر سريع، عندما غادر أحد المتنافسين على السباق الرئاسي، في خطوة من المرجح أن تفيد المنافس الرئيس لأردوغان، ورفعت احتمال حصول كمال كيليجدار أوغلو، على أغلبية من الأصوات، قد تمنحه فوزًا ينهي فجأة حُكم أردوغان الذي استمر 20 عامًا.

وستحدد نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة، المسار المستقبلي لتركيا، وهي اقتصاد رئيس يقع عند تقاطع أوروبا وآسيا والشرق الأوسط، وحليف "الناتو" للولايات المتحدة.

فبينما يرى معارضو أردوغان أن الانتخابات لحظة صنع أو كسر للديمقراطية التركية، يؤكدون أن فوز أردوغان، سيمكن القائد الذي بسط سيطرته على جزء كبير من الدولة، من اكتساب مزيد من السلطة.

 

ماذا يحدث لو فاز مرشح المعارضة؟

قال إرسين كالايشيوغلو، أستاذ العلوم السياسية بجامعة سابانجي في اسطنبول: «هذا هو الخيار الذي يبدو أننا نواجهه: السير على طريق الاستبداد أو تغيير المسار والعودة إلى الديمقراطية».

وقالت صحيفة كاثيمرني اليونانية، إن لدى كليجدار أوغلو أسبابًا أكثر لاستعادة علاقات تركيا بالغرب، وأنه سيكون أقل استفزازًا في مواجهاته مع اليونان، مشيرة إلى أن مرشح المعارضة سيركز -حال فوزه- على إدارة الشؤون الداخلية، وتجنُّب التوترات في بحر إيجه، بعد الهدوء الذي خلفته دبلوماسية الزلزال الأخيرة.

وأشارت إلى أن الخصم الرئيس لأردوغان في هذه الانتخابات، الأزمة الاقتصادية والأعباء التي جلبتها على التركي العادي.

انتعاش اقتصادي

رايان جينيجراس، أستاذ الدراسات العليا البحرية في كاليفورنيا، يقول في تصريحات لصحيفة كاثيمرني اليونانية، إن عديد الأتراك لا يهتمون بآراء المراقبين الغربيين، مشيرًا إلى أن المواطنين في جميع أنحاء البلاد، يواجهون ضغوطًا اقتصادية.

فبينما وعد الرئيس التركي بإعادة بناء المناطق المتضررة من زلزال فبراير على وجه السرعة، جعل كمال كليجدار أوغلو، الإصلاح الاقتصادي والانتعاش محور حملته، يقول أستاذ الدراسات العليا.

وأشار إلى أنه بدعم الاقتصاديين والتكنوقراط المشهورين، من المحتمل أن يسعى إلى مجموعة تقليدية من الحلول، في التعامل مع التضخم والمحسوبية والاستثمار الأجنبي، مؤكدًا أن المستثمرين الدوليين سيتشجعون في رئاسة كيليجدار أوغلو، وأن مزيدًا من الخطوات الإيجابية نحو الانتعاش الاقتصادي في تركيا سوف يتبعها.

ورغم ذلك، فإن طريق تركيا إلى الانتعاش الاقتصادي سيكون صعبًا وربما شاقًا، حال فوز مرشح المعارضة أوغلو، لأنه سيكون محاطًا بمجموعة من الخلافات والأزمات، ما يقوِّض سلطته وقدرته على الحكم، وقد يدفع تركيا مرة أخرى إلى حالة من الاضطرابات السياسية الخطيرة، بحسب رايان جينيجراس.

 

قبرص وبحر إيجة

يقول آلان ماكوفسكي، الزميل الأول للأمن القومي والسياسة الدولية بمركز التقدم الأمريكي، في تصريحات لصحيفة كاثيمرني اليونانية، إنه حال فوز كليجدار أوغلو، ستستمر سياسة الهدوء في بحر إيجة التي سادت منذ الزلازل، على الأقل خلال الأشهر الأولى، بشرط عدم وقوع حادث غير متوقع.

وفي ما يتعلق بقبرص، من المرجح أن تكون المعارضة أكثر انفتاحًا على استئناف المفاوضات من أردوغان، بحسب الزميل الأول بمركز التقدم الأمريكي.

في السياق نفسه، قال أحمد إنسل، الاقتصادي التركي والأستاذ بجامعة باريس ومؤلف كتاب «أردوغان تركيا الجديدة»، في تصريحات لصحيفة كاثيمرني اليونانية، إن «الضم الكامل لشمال جزيرة قبرص، لن يكون مطروحًا على جدول الأعمال، لكن الصراع المجمد سيستمر».

وأضاف: حال فوز المعارضة، ستظل الحكومة وطنية، لا أكثر ولا أقل من سابقاتها، رغم أنها ربما تكون أكثر انفتاحًا على الحوار. وفوق كل شيء، لن تعتمد السياسة الخارجية على رجل واحد.

 

مشكلات المنطقة

وأوضح المفكر التركي، أن «مشكلات المنطقة لن تتغير بعد الانتخابات (...) من المحتمل أن يكون هناك بعض التطبيع في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، وسيكون هناك ضوء أخضر للسويد للانضمام إلى حلف الناتو، وإلغاء تنشيط صواريخ S-400 ، وربما العودة إلى برنامج الطائرات المقاتلة F-35 (إذا لم يفت الأوان) واستئناف مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي».

بالنسبة لروسيا، «من المحتمل أن يكون هناك قليل من التباعد، وبعض عدم الثقة المتبادلة، لكن من المتوقع أن تواصل تركيا دورها كوسيط بين الطرفين المتحاربين.

في سوريا وليبيا، من المرجح أن تستمر السياسة الحالية، وسيبقى طموح تركيا بأن تكون قوة إقليمية في مكانه، بحسب الأستاذ بجامعة باريس ومؤلف كتاب «أردوغان تركيا الجديدة».

ويقول إمدات أونر، محلل السياسات في معهد جاك دي جوردون، لصحيفة المونيتور، إن سياسة تركيا تجاه سوريا ستتغير في ظل حكم كليجدار أوغلو، مشيرًا إلى أنها ستعتمد -إلى حد كبير- على الحوار والدبلوماسية مع الرئيس السوري بشار الأسد.

وتهدف المعارضة التركية إلى الانسحاب الجزئي من سوريا، لمعالجة الوضع الأمني وتحقيق الاستقرار في المنطقة، مع ضمان سلامة المناطق الحدودية، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إن هذه الخطوة ستمكنهم من الوفاء بأحد وعود حملتهم الرئيسة، بعودة اللاجئين السوريين في غضون عامين.

 

نهاية مشروع أردوغان

يقول سونر كاجابتاي، مدير برنامج الأبحاث التركي في معهد واشنطن، لصحيفة المونيتور، إن تورط تركيا في الأزمة السورية، يُنظر إليه -إلى حد كبير- على أنه مشروع أردوغان للتدخل في شؤون جيرانها وإطاحة نظام الأسد، لكنه أضاف: «هذا لن يحدث، بالنظر إلى دعم روسيا للأسد وكيف نجا».

وقال إن أولوية المعارضة الآن إدارة اللاجئين من سوريا، الأمر الذي «يتطلب مصافحة الأسد، أعتقد في الواقع أن الأسد أكثر حرصًا على مصافحة يد كليجدار أوغلو من يد أردوغان».

وتابع: «أولوية كليجدار أوغلو ستكون مناقشة إنهاء الحرب في سوريا مع الأسد، الأمر الذي سيكون له نوع من التفاهم على إعادة اللاجئين، مقابل صفقة على وحدات الحماية الشعبية (YPG) التي تطوى في ظل نظام الأسد».

 

إصلاحات داخلية

ويتوقع إنسل تغييرات أكثر أهمية داخل تركيا، إذا انتُخب كمال كليجدار أوغلو، مشيرًا إلى أن البرنامج المشترك لتحالف المعارضة، يتضمن إصلاحات جوهرية في ما يتعلق بحرية الصحافة واستقلال القضاء واستعادة سيادة القانون.

وقال إن من المؤكد أن تهب رياح الحرية، في أعقاب الانتخابات إذا خسر أردوغان، مشيرًا إلى أنه بعد كل شيء، وعد كليجدار أوغلو بالتنفيذ الفوري لقرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

وحذر من أن إعادة انتخاب أردوغان ستؤدي إلى ترسيخ النظام السياسي الاستبدادي في تركيا، وإضفاء الطابع المؤسسي على نظام شبه ديكتاتوري، مشيرًا إلى أنه سيكون الخروج من شيء كهذا أكثر صعوبة بعد خمس سنوات، الآمال بحدوثه من خلال الانتخابات سوف تتلاشى، وسيكون مستقبل تركيا فوضويًا للغاية.

 

العلاقات اليونانية التركية

يقول مراد سومر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة كوج، باسطنبول، في تصريحات لصحيفة كاثيمرني اليونانية، إن فوز المعارضة بالرئاسة والأغلبية البرلمانية، يعني أنها تستطيع تنفيذ الإصلاحات القانونية والمؤسسية، التي اتفقا عليها لإعادة بناء الديمقراطية والسياسات السليمة للانتعاش الاقتصادي.

وأضاف أن العلاقات اليونانية التركية، ستشهد خطوات على طريق تحسينها على نحو مستدام، من خلال المُثُل الديمقراطية الملتزمة للحكومات المستقرة، بما في ذلك الحل السلمي للنزاعات والخلافات.

ويقول مدير مركز دراسات الاتحاد الأوروبي، نيلجون أريسان، في تصريحات لصحيفة كاثيمرني اليونانية: إذا فازت المعارضة بالانتخابات لن يكون هناك هجوم لفظي على وحدة أراضي اليونان، وسيشكل القانون الدولي أساس العلاقة.

وأشار إلى أن السياسة تجاه اليونان، مثل السياسة الخارجية بشكل عام، تعتمد على معرفة وخبرة وزارة الشؤون الخارجية، علاوة على ذلك، قد تشهد العلاقات التركية اليونانية تعاونًا في الطاقة والسياحة وغيرهما.

وفقًا لديميتار بيتشيف المحاضر في مدرسة أكسفورد للدراسات العالمية والمناطقية، في تصريحات لصحيفة كاثيمرني اليونانية، فإن نتيجة الانتخابات التركية «لن تؤثر بشكل خاص في سياسة أنقرة تجاه اليونان وقبرص».

وأضاف المحلل البلغاري، الباحث الزائر في كارنيجي أوروبا، أن وجود حزب ميرال أكسنير الصالح في الائتلاف المعارض لا يفرز توقعات تغيير المسار.

وتابع: الرئيس المقبل لتركيا أيًا كان، قد يواصل السياسة الحالية لذوبان الجليد في العلاقات الثنائية، إلا أنه مع ذلك، فإن القضايا الأساسية التي يختلف بشأنها البلدان ستظل معلقة.

 

الاتحاد الأوروبي

وأشار إلى أن الأمل الوحيد هو إحياء الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي مع تركيا، بشرط أن تنفذ أنقرة برنامجًا للإصلاحات الديمقراطية، مؤكدًا أن ذلك سيكون له تأثير إيجابي في العلاقات باليونان.

لكن هل الاتحاد الأوروبي مستعد لعلاقة بناءة أكثر مع تركيا؟

يقول بيتشيف: «نعم، يمكن أن تمضي قدمًا في تحديث الاتحاد الجمركي، على أساس المطالب التركية، لكن تتعاون أيضًا بشكل أوثق في قضايا الطاقة وتغير المناخ».

ويشير إلى أن إمكانية حدوث تغييرات جوهرية، في العلاقات  بالاتحاد الأوروبي، خاصة حال تنفيذ التغييرات الديمقراطية وإطلاق سراح السجناء السياسيين، لكنه أضاف أنه لكي يكون هناك إحياء للديمقراطية، هناك حاجة إلى إصلاحات رائدة، لا سيما إلغاء النظام الرئاسي واستئناف عملية السلام مع الأكراد.