لماذا أثارت عودة ممدوح حمزة إلى مصر غضب الإخوان؟
عودة حمزة كانت جزءًا من خطوات أخذتها القيادة السياسية في مصر، محاولة إعادة مياه السياسة إلى مجاريها، بعد تثبيت أركان الدولة والتخلص من إرهاب تنظيم الإخوان.

السياق
انفراجة جديدة على طريق المسار السياسي في مصر، خطا فيها البلد الإفريقي خطوة نحو التخلص من «الإخوان»، بالتصالح مع تحالف 30 يونيو 2013، الذي تشكل في أعقاب الثورة الشعبية ضد التنظيم الإرهابي.
ذلك التحالف الذي تصدعت أركانه، على وطأة الإجراءات الضرورية والاستثنائية، التي اتخذتها مصر في أعقاب العنف الذي مارسه تنظيم الإخوان ضدها، حاولت القاهرة ترميم أركانه، بقفزات استثنائية خلال الأشهر الماضية.
فمن إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي، مرورًا بالحوار الوطني، إلى عودة المعارضين... شكلت المحاور الثلاثة محاولة لترميم ذلك التحالف، في رسالة لا تخطئها العين، بأن التصالح مع «الإخوان» طي النسيان، وليس ممكنًا إلا في خيال التنظيم الإرهابي.
فماذا فعلت مصر؟
آخر خطوة اتخذتها القاهرة، السماح بعودة المعارضين السياسيين مجددًا، للاستفادة منهم في إعادة بناء البلد الإفريقي، الذي تخلص من عنف تنظيم الإخوان، وبدأ بسط سيطرته على أراضيه، عقب تحييد التنظيمات الإرهابية في شمال سيناء.
آخر المعارضين الذين حطت طائراتهم على الأراضي المصرية، كان السياسي المصري ممدوح حمزة، الذي غادر القاهرة قبل 3 سنوات، خوفًا من ملاحقات أمنية، على خلفية آرائه السياسية المعارضة للنظام.
إلا أن ذلك الخوف تبدد فورًا وتحطم على صخرة الإرادة السياسية المصرية، فور وصوله إلى مطار القاهرة، مساء الأحد، باستقبال وصفه بـ«الحار»، في صالة كبار الزوار المخصصة للدبلوماسيين والشخصيات المهمة.
كانت السلطات المصرية، أصدرت في 9 فبراير الجاري، قرارًا برفع اسم المهندس ممدوح حمزة من قوائم الممنوعين من السفر وترقب الوصول.
جاء القرار بعد عامين من إصدار محكمة أمن الدولة، وتحديدًا في أكتوبر 2020، حكمًا يقضي بالحبس 6 أشهر غيابيًا للمهندس الاستشاري ممدوح حمزة، في اتهامه بالتحريض على العنف ونشر أخبار كاذبة، وإدراجه على قوائم الإرهاب.
تفاصيل عودة ممدوح حمزة
في أول تطبيق لقرار رفع حمزة من قوائم السفر، نشر السياسي المصري، مقطع فيديو عبر «فيسبوك»، قال فيه: ما إن وصلت مطار القاهرة، وخرجت من الطائرة، وجدت رجلًا ضخمًا يرحب بعودتي، فسألته: من أنت؟ فقال: أنا العميد (لم يفصح عن اسمه).
وأضاف السياسي المصري، أنه ما إن رأى الشرطي الذي وصفه بـ«الضخم» في انتظاره ومعه بعض رجال الشرطة، حتى ظن أن قرارًا صدر بالقبض عليه، إلا أنه والفرقة التي إلى جواره اصطحباه إلى صالة كبار الزوار، حيث التقى الناشط السياسي المصري الدكتور أسامة الغزالي حرب، وبعض أفراد عائلته.
ممدوح حمزة، أضاف أن الشرطي المصري الكبير في رتبته، قال له: الدكتور أسامة ينتظرك في الداخل(...) ميرفت شقيقتي وزوج ابنة شقيقتي، والدكتور أسامة الغزالي معي... هذه حقيقة أراها أمامي.
وتابع السياسي المصري: قابلت أحد كبار رجال الشرطة، الذي أخبرني بأن مصر ترحب بأبنائها المخلصين وتفتح ذراعيها لأبنائها، ليعودوا إلى بلادهم لتستفيد منهم(...) لو كان هذا الاتجاه الحالي للدولة، فنحن على الطريق الصحيح... أنا سعيد أن هذه هي الخطوة الأولى، وأنا متفائل جدًا».
وختم المقطع: «أرجو أن تكون فحوى الرسالة التي وصلتني وأسعدتني جدًا مطمئنة كما أتوقع(...) هناك انفراجة لأبناء مصر المخلصين».
رسائل سياسية
وصول السياسي المصري ممدوح حمزة إلى مصر، أصبح حديث وسائل التواصل الاجتماعي، حتى أن وسم اسمه قفز إلى قائمة الأكثر تداولًا.
أستاذ الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام في جامعة السويس، الدكتور حسن علي، قال عبر «فيسبوك»: أتوقع انفراجة سياسية قريبًا جدًا، لمصلحة الوطن ولمصلحة النظام الحاكم»، مشيرًا إلى أن «الظرف الاقتصادي يتطلب تماسك الجبهة الداخلية، يتطلب حكومة وحدة وطنية، شكرًا لحكومة مصطفى مدبولي».
وتابع أستاذ الإعلام، أن الوضع الحالي في مصر «يتطلب معارضة وطنية وعودة المخلصين الوطنيين للإسهام والمشاركة في البناء، يتطلب سماحًا وسماحة عند الاختلاف، يتطلب سماع الرأي المعارض، يتطلب إعلامًا حرًا، ووطنًا حرًا... من الذكاء إعادة المياه لنهر السياسة، الآن وقبل فوات الأوان».
من جانبه، قال الباحث السياسي المصري عمرو مجدي، عبر «تويتر»: عودة المهندس ممدوح حمزة لمصر وآخرين إزالة لوضع طال، نشكر من يقف خلف إزالته(...) نتمنى أن تتحول هذه الحالات إلى سياسة تعم جميع الذين خرجوا من مصر... مصر أفضل بأطيافها وتعددها، فلتتسع الصدور ليتسع المستقبل لنا».
الناشط الحقوقي والسياسي الدكتور سامي يوسف، قال عبر «تويتر»، إن خبر عودة الدكتور ممدوح حمزة من الخارج ورفعه من قوائم الإرهاب، الذي تلقيناه جميعًا بفرحة، والإفراج عن المهندس صفوان ثابت وابنه ورفع اسميهما من قوائم الإرهاب، والإفراج عن المستشار هشام جنينة، كلها علامات إيجابية».
في الجهة المقابلة، أثار خبر عودة الناشط السياسي ممدوح حمزة إلى مصر غضبًا في الأوساط الإخوانية، التي فهمت الرسالة بأن عودة حمزة والطيور المهاجرة، التي لم تتلوث أيديها بدماء المصريين، تعني أن فرص عودتهم إلى مصر أو خروج محبوسيهم من غياهب السجون مستحيلة.
العفو الرئاسي
عودة حمزة كانت جزءًا من خطوات أخذتها القيادة السياسية في مصر، محاولة إعادة مياه السياسة إلى مجاريها، بعد تثبيت أركان الدولة والتخلص من إرهاب تنظيم الإخوان.
تلك المحاولات كان تفعيل لجنة العفو الرئاسي أبرز مثال عليها، خاصة بعد قراراتها التي أثمرت إطلاق مئات السجناء، الذين احتُجزوا على خلفية قضايا سياسية.
كانت القيادة السياسية المصرية، وضعت شروطًا على من ينطبق عليهم العفو الرئاسي، أبرزها ألا يكون ممن تلوثت أيديهم بدماء المصريين، في الأحداث التي تلت ثورة 30 يونيو 2013، التي أشعل فتيلها تنظيم الإخوان ومعاونوه من التنظيمات الإرهابية.
الحوار الوطني
هاتان الخطوتان تأتيان مع قرار القيادة السياسية المصرية، في أبريل الماضي، إطلاق الحوار الوطني، ما زالت قضايا لم تتبلور، لتحريك المياه الراكدة في نهر السياسة، وفتح صفحة على طريق الجمهورية الجديدة.
عن ذلك الحوار، قالت الصفحة الرسمية للحوار الوطني، إنه في إطار رؤية مصر المتكاملة، بدأت الإدارة الحالية للدولة العمل على تحقيق الأمن والاستقرار، وإعادة تماسك المجتمع المصري، وتثبيت أركان الدولة، انتقالًا لمرحلة الإصلاح الشامل للإنسان المصري، مع إعادة صياغة سياسة مصر الخارجية بمستوياتها الإقليمية والعالمية، وصولًا لمرحلة الجمهورية الجديدة من خلال مساحات مشتركة بتوافق القوى السياسية والشبابية من مختلَف الجهات والفئات، لإعلاء مصلحة الوطن بـ«الحوار الوطني».
وأكدت أنه انطلاقاً من هذا الفكر، بدأ الحوار الوطني المصري، لاندماج الرؤى والأفكار من كل فئات المجتمع، ضمن المشاركة الوطنية تحت مظلة الجمهورية الجديدة.
ركائز الحوار
يمثل الحوار جميع أطراف المجتمع في كل المجالات، استناداً إلى ثلاثة محاور: الاجتماعي، الاقتصادي، والسياسي، وفقاً لمقترحات المشاركين من جميع فئات المجتمع.
الحوار تحت مظلة الأكاديمية الوطنية للتدريب كجهة حيادية، ويأتي من خلال تنظيم عدد من ورش العمل والندوات، لتعظيم قيمة مخرجات الحوار، في ضوء المتغيرات العالمية السياسية، الاجتماعية، والاقتصادية، ليتسنى إعداد رؤية موحدة من القوى المشاركة، لتمثل خارطة الطريق نحو مستقبل أكثر توافقًا.