ماذا يحدث؟.. نظريات بلا إجابات بعد إسقاط أجسام طائرة في أمريكا الشمالية
لم يستبعد المسؤولون الأمريكيون، نظريات أنه يمكن أن يكون هناك مزيد من الأجسام الطائرة.

ترجمات - السياق
تحقق الولايات المتحدة وكندا، في وقائع إسقاط ثلاثة أجسام طائرة فوق أمريكا الشمالية، خلال الأيام الثلاثة الماضية، وفقًا لتقرير "نيويورك تايمز".
وعُدلت أنظمة رادار للمساعدة في رصد المزيد من الاختراقات.
ويحاول البنتاجون ومسؤولو الاستخبارات فهم ما وراء الأجسام الطائرة الثلاثة المجهولة، التي كانت تحلق فوق ألاسكا وكندا وميشيجان، والتي أسقطتها طائرات أمريكية بصواريخ الجمعة والسبت والأحد.
يأتي المنعطف الأحدث في هذا العرض الجوي بسماء أمريكا الشمالية، في أعقاب عطلة نهاية أسبوع مضطربة، ترتبط بما بدا في بعض الأوقات أنه غزو لأجسام طائرة مجهولة.
الجسم الطائر الأخير الذي رُصد يحلق فوق مونتانا السبت، أثار مبدئيًا الجدل بشأن إذا ما كان موجودًا.
والسبت، رصد مسؤولون عسكريون وميض رادار فوق مونتانا ثم اختفى بعد ذلك، ما جعلهم يستنتجون أن هناك شيئًا خارجًا عن المألوف.
وبعد ذلك ظهر وميض رادار مجددًا –الأحد- فوق مونتانا ثم ويسكونسن ومشيجان، وبمجرد أن حصل المسؤولون العسكريون على تأكيدات مرئية، أصدروا أمرًا لطائرة إف-16 بإسقاطه فوق بحيرة هورون.
ماذا وراء المركبات الطائرة؟
ووفقًا لـ "نيويورك تايمز"، فإن هناك سؤالين عن تلك الأحداث: ماذا وراء هذه الأجسام الطائرة؟ ولماذا استطاعت الولايات المتحدة رصدها بشكل مفاجئ وإسقاط مزيد منها؟
وقالت :"لا إجابة حتى الآن على السؤال الأول، حيث لا يعرف المسؤولون الأمريكيون ماهية تلك الأجسام، ولا غرضها ولا هوية من أرسلها".
أما السؤال الثاني، فليس واضحًا إذا ما كان هناك مزيد من الأجسام الطائرة، رُصدت بشكل مفاجئ، لكن المؤكد أنه في أعقاب التوغل الأخير لمنطاد تجسس صيني، تحلى الجيشان الأمريكي والكندي باليقظة المفرطة لتدقيق بعض الأجسام، التي ربما سُمح لها بالمرور.
وبعد عبور منطاد التجسس هذا الشهر، عدلت قيادة الدفاع الجوي لأمريكا الشمالية NORAD نظام الرادار لديها ليكون أكثر حساسية.
ونتيجة لذلك، شهد عدد الأجسام التي اكتُشفت ارتفاعًا حادًا. وبكلمات أخرى، استطاعت قيادة الدفاع الجوي لأمريكا الشمالية التقاط مزيد من الاختراقات، لأنها تقوم بالبحث بدافع الوعي المتزايد الناجم عن ضجة منطاد التجسس، الذي حلق فوق الولايات المتحدة القارية خلال أسبوع، قبل أن تسقطه طائرة "إف22" في 4 فبراير.
قدرات الرصد
من جانبها، قالت ميليسا دالتون، مساعدة وزير الدفاع لشؤون نصف الكرة الغربي: "لقد أجرينا تدقيقًا لمجالنا الجوي في هذه الارتفاعات وتعزيز الرادار، ما قد يفسر جزئيًا زيادة الأجسام التي اكتشفناها، الأسبوع الماضي".
ولم يستبعد المسؤولون الأمريكيون، نظريات أنه يمكن أن يكون هناك مزيد من الأجسام الطائرة.
بينما يتبنى مسؤولون نظرية أن الأجسام الطائرة ربما يكون منبعها الصين أو أي قوة أجنبية أخرى، وربما تستهدف اختبار قدرات الرصد، في أعقاب منطاد التجسس.
وذكر التقرير أن الجسم الطائر الذي رُصد يقترب من بحيرة هورون –الأحد- كان يطير على ارتفاع 20 ألف قدم، وشكل تهديدًا محتملاً على الطيران المدني، لذلك اتخذ الرئيس الأمريكي جو بايدن قرارًا بإسقاطه، وفقًا لمسؤولين أمريكيين.
وأردف المسؤولون أن هيكل الجسم الطائر كان ثماني الأضلاع، وتتدلى منه خيوط لكنه كان يخلو من أي حمولة ملحوظة.
وقال مسؤولون أمريكيون وكنديون، إن الجسمين الطائرين اللذين أسقِطا الجمعة والسبت، كانا يطيران في مستوى أكثر انخفاضًا من منطاد التجسس، ما يجعلهما يشكلان خطرًا أكبر على الطيران المدني، ودفع بالقيادات إلى إصدار أوامر بتدميرهما.
وأضاف المسؤولون، أن الجسمين الطائيان كانا يحلقان فوق مناطق في ألاسكا ويوكون، ذات كثافة سكانية منخفضة، بينما كان الجسم الطائر الثالث الذي تم أسقطِ الأحد، يطير فوق الماء، ويعني ذلك أن المخاطر الناجمة من سقوط الحطام، كانت في حدها الأدنى،
وكان منطاد التجسس الذي جاب سماء الولايات المتحدة يحلق على مسافة أكبر كثيرًا تبلغ 60 ألف قدم، ولم يكن يشكل خطرًا على حركة الطائرات، لكن الحطام الناتج عن سقوطه، كان من الممكن أن يضر أناسًا على الأرض، حسب مسؤولي البنتاجون.
وخلال عطلة نهاية الأسبوع، قال مسؤولون إنهم ما زالوا يحاولون اكتشاف ماهية الأجسام الطائرة الثلاثة.
مراقبة الأجسام
الجسم الأول ليس من المرجح أن يكون منطادًا، وفقًا لمسؤول بوزارة الدفاع الأمريكية، مضيفًا أنه انشطر إلى أشلاء بعد استهدافه الجمعة.
أما الجسم الطائر الذي أسقِط السبت، فوصفه مسؤولون كنديون أنه أسطواني الشكل. وقال مسؤولون أمريكيون إن الأكثر احتمالًا أنه كان منطادًا بشكل أو بآخر.
أما الجسم الطائر الذي أسقِط الأحد، فليس من المرجح أن يكون منطادًا، وفقًا لأحد المسؤولين.
وتتبع رادار قيادة الدفاع الجوي لأمريكا الشمالية، أول جسمين 12 ساعة على الأقل، قبل إسقاطهما.
بيد أن مسؤولي وزارة الدفاع، لم يفصحوا إذا ما كان الرادار التقط هذه الأجسام الطائرة، قبل اقترابهم من المجال الجوي الأمريكي.
وقال أحد المسؤولين إنه ليس واضحًا، ما وراء استمرار هذه الأجسام في التحليق عاليًا.
وقال مسؤولون أمريكيون إنهم يراجعون مقطع فيديو وبعض البيانات الاستشعارية، التي جمعها طيارون أمريكيون راقبوا الأجسام الطائرة قبل تدميرها.
تكنولوجيا منخفضة
بيد أن الطبيعة الدقيقة للأجسام الطائرة، ومن أين جاءت وماذا كانت تستهدف، لن تتأكد قبل إجراء مكتب التحقيقات الفيدرالي وشرطة الخيالة الكندية الملكية فحص شامل للأنقاض، وفقًا لمسؤولين.
وردا على سؤال أثناء مؤتمر صحفي الأحد، إذا ما كان يستبعد أن يكون ذلك متصلًا بأشياء خارج كوكب الأرض، قال الجنرال جلين دي فانهيرك قائد القيادة الشمالية للقوات الجوية: "لا أستبعد أي شيء في هذه المرحلة".
ولكن في مقابلات الأحد، استبعد مسؤولون بالأمن القومي أي فكرة مفادها أن ما أسقطته القوات الجوية، يمثل أي نوع من الكائنات الفضائية.
وقال مسؤول بارز: "لا أحد يعتقد أن هذه الأشياء أكثر من مجرد أجسام صُنعت هنا في كوكب الأرض".
واتفق مع هذا الرأي المسؤول الاستخباري لويس إليزوندو، الذي قاد برنامج البنتاجون "الأجسام الطائرة المجهولة" حتى عام 2017.
واستدرك إليزوندو أن إدارة بايدن ينبغي أن تجد وسيلة للموازنة بين انتهاج اليقظة، تجاه ما يحدث في سماء الولايات المتحدة والدوران في حلقة مفرغة، وهي مهمة صعبة.
وأضاف: "عبر السنين، يرسل خصومنا أجسامًا منخفضة التقنية في سماء الولايات المتحدة".
وتابع في مقابلة: "ما يحدث أن لديك تكنولوجيا منخفضة الجودة، تستخدم لإزعاج الولايات المتحدة. إنها وسيلة صينية مرتفعة التأثير منخفضة التكلفة. وكلما بحثت في السماء رأيت مزيدًا منها".
حوادث غير مفسرة
وبناءً على طلب الكونجرس، عزز البنتاجون وأجهزة الاستخبارات دراسة الحوادث غير المفسرة، التي وقعت بالقرب من القواعد العسكرية في الأعوام الأخيرة.
دراسات ما يطلق عليها المجتمع الاستخباري عادة "ظواهر جوية مجهولة الهوية" أشارت إلى ممارسات تتعلق بمراقبة التدريبات والقواعد العسكرية الأمريكية.
فعديد من هذه الحوادث التي لا تفسير لها، ارتبط بمناطيد، وبعضها يُعتقد أنه أنشطة مراقبة من الصين أو أي قوى أخرى، بمناطيد أو طائرات من دون طيار.
وقال تقرير استخباري -نُشر الشهر الماضي- أنه من بين 366 واقعة لا تفسير لها، ثمة 163 جرى تحديد ماهيتها بأنها مناطيد.
وذكرت وثيقة سرية، نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرًا عن نتائجها هذا الشهر، أن حادثتين على الأقل، تتعلقان بقواعد عسكرية أمريكية، يمكن أن يكونا مثالين على التكنولوجيا الجوية المتقدمة، التي ربما طورتها الصين.
علاقة روسيا
من جهتها، قالت السيناتورة الديمقراطية كيرستن جيليبراند، صاحبة مشروع القانون الأخير، الذي يمنح تفويضًا بمزيد من التقارير الداخلية العسكرية والتحليل المتعلق بالظواهر الجوية، ما يؤدي إلى توثيق أكثر لتلك المشاهد: "نستطيع تقييم النماذج والمسارات الطائرة بشكل علمي متزايد.. نحتاج إلى معرفة من يستخدم هذه التكنولوجيا وماهيتها".
لكن النظرية الأكثر إثارة للقلق، التي يدرسها بعض المسؤولين الأمريكيين، مفادها أن الأجسام الطائرة أرسلتها الصين أو قوى أخرى، في محاولة لمعرفة مزيد عن إمكانات الرادار الأمريكي وأنظمة التحذير المبكر.
وقال مسؤول بارز بالإدارة الأمريكية، إن هناك نظرية أخرى مفادها أن الصين وروسيا أرسلتا هذه الأجسام الطائرات، لاختبار القدرات الأمريكية في جمع المعلومات الاستخبارية.
وتابع: "ربما أرسِلت لمعرفة سرعة إدراك الولايات المتحدة لهذه الأجسام الدخيلة وسرعة الاستجابة لها".
آلية تدمير ذاتي
وبشكل موحد، يعتقد المسؤولون الأمريكيون أن منطاد التجسس الذي عبر الولايات المتحدة، كان آلة صينية استهدفت مراقبة القواعد العسكرية الأمريكية.
وقال مسؤولون إنه ليس من الواضح، إذا كانت الصين لديها القدرة على التحكم في المنطاد أثناء الرحلة، لكنهم أشاروا إلى أن بكين كانت لديها على الأقل قدرة محدودة لتوجيهه، حيث استطاع المنطاد المناورة 3 فبراير، قبل إسقاطه في اليوم التالي.
ونوه مسؤول أمريكي آخر إلى أن منطاد التجسس الصيني كان مجهزًا بآلية تدمير ذاتي، لكن بكين لم تستخدمها، في إشارة محتملة إلى أن المسؤولين الصينيين أرادوا الاستمرار في جمع المعلومات الاستخبارية، حتى بعد اكتشافه.
أدى الكشف عن البالون، من قِبل البنتاجون في 2 فبراير، إلى أزمة دبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة.
وذكرت بكين أن من حقها الرد. والأحد الماضي، ذكرت صحيفة صينية أن سلطات بحرية محلية في مقاطعة شاندونج على الساحل الشرقي رصدت "جسمًا طائرًا مجهول الهوية" يحلق فوق مياه مدينة ريتشاو، وأنهم استعدوا لإسقاطه، وهو ما أكدته وكالات صينية رسمية.
وإذا ثبت أن أيًا من الأجسام الثلاثة التي دُمرت في أمريكا الشمالية صينية، سوف يكون ذلك استفزازًا كبيرًا، في أعقاب منطاد التجسس.
ويعد هذا سببًا، لمطالبة مسؤولين أمريكيين، بعدم استباق النتائج أو الجزم بأن الأجسام الطائرة أجهزة تجسس مرسلة من الصين.
ويبدو المسؤولون الصينيون راغبين في الحد من التوتر بشأن منطاد التجسس، حيث ألمحوا إلى أنه ليس من المرجح أن تكون الأجسام الطائرة الثلاثة استفزازات أو اختبارات صينية متعمدة.
ودق مسؤولو البنتاجون ناقوس الخطر عن أوجه القصور في أنظمة الإنذار القديمة والرادار وأجهزة الاستشعار في أمريكا الشمالية.
وفي كلمته أمام مؤتمر آسبن للأمن في كولورادو العام الماضي، قال الجنرال فانهيرك إن الولايات المتحدة عانت الأمرين لاكتشاف أجسام دخيلة معينة مما وصفها بتحديات الوعي بالمجال.
وأضاف أن رادارات قيادة الدفاع الجوي لأمريكا الشمالية لا تستطيع اكتشاف التهديدات التي تتجاوز سرعة الصوت وغيرها.
واستدرك أن الولايات المتحدة وكندا استثمرتا في نظام رادار جديد لتحديد ماهية التهديدات المحتملة بشكل أفضل، إضافة إلى استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي، للمساعدة في اكتشاف الاختراقات المحتملة.
وختم: "ما نسير إليه يجعلني متشجعًا للغاية، لكن أمامنا تحديات".