في قلب فضيحة فساد قطر جيت... قصة صعود النائبة اليونانية إيفا كايلي وهبوطها

مهام عمل إيفا كايلي، كانت تتضمن مناقشات ولقاءات مع مليارديرات التشفير، ورحلات إلى الخارج بما في ذلك إلى قطر قبل كأس العالم، إلى جانب المهمة العادية المتمثلة في دورها نائبة لرئيس البرلمان الأوروبي

في قلب فضيحة فساد قطر جيت... قصة صعود النائبة اليونانية إيفا كايلي وهبوطها
إيفا كايلي

ترجمات - السياق

لا تزال فضيحة الفساد التي هزت الاتحاد الأوروبي، المعروفة بـ"قطر جيت"، تلقي بظلالها السياسية في دول الاتحاد الأووربي، إذ سلَّطت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، الضوء على قصة صعود النائبة اليونانية البارزة بالبرلمان الأوروبي إيفا كايلي وهبوطها، المتورطة في مزاعم تتعلق بتلقي أموال مقابل التصويت.

ويواجه البرلمان الأوروبي فضيحة فساد مدوية، بعد أن صادرت الشرطة البلجيكية 600 ألف يورو نقدًا، واحتجزت عضوين في البرلمان الأوروبي، كجزء من تحقيق دولي في مزاعم بأن قطر، التي استضافت كأس العالم لكرة القدم في نسختها الأخيرة، سعت إلى شراء النفوذ.

واتهم القضاء البلجيكي أربعة أشخاص بـ "المشاركة في منظمة إجرامية وغسل الأموال والفساد" بعد اعتقالات وتفتيش للمنازل في ديسمبر الماضي، بما في ذلك منازل اثنين من أعضاء البرلمان الأوروبي وعائلة عضو سابق بالبرلمان الأوروبي في إيطاليا.

وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى أن كايلي عاشت حياتها كنجمة سينمائية لامعة، أكثر من كونها عضوًا في البرلمان الأوروبي، إذ كانت تقضي وقت فراغها على اليخوت وفي الأندية الليلية المتلألئة في بحر إيجة، فضلًا عن حضورها شتى المناسبات الخاصة بعارضات الأزياء الأشهر عالميًا مثل ناعومي كامبل، بينما كانت تقضي الإجازات الصيفية في جزيرة نيكر المملوكة لرجل الأعمال البريطاني السير ريتشارد برانسون.

وتقبع السياسية اليونانية في السجن، بعد مزاعم من بروكسل بأنها تلقت أموالًا وهدايا من قطر والمغرب، مقابل التصويت لصالحهما في البرلمان الأوروبي.

 

رحلات مكوكية

وبينت "فايننشال تايمز" أن مهام عمل كايلي، كانت تتضمن مناقشات ولقاءات مع مليارديرات التشفير، ورحلات إلى الخارج بما في ذلك إلى قطر قبل كأس العالم، إلى جانب المهمة العادية المتمثلة في دورها نائبة لرئيس البرلمان الأوروبي.

ورغم كل ذلك، فإن (إيفا) -مذيعة الأخبار التلفزيونية السابقة، ذات الـ44 عامًا - تقبع في غياهب أحد سجون الضواحي بمدينة بروكسل، تحت المراقبة المشددة، مع زيارتين فقط في الشهر من ابنتها البالغة من العمر عامين.

واتُهمت كايلي من المدعين البلجيكيين، بقبول أموال وهدايا من قطر والمغرب، مقابل تصويتها في قرارات برلمانية.

لكن -حسب الصحيفة- لم يُكتب آخر تطور في الحبكة، فهل كايلي بريئة، كما يدعي محاميها، وقد أغراها وخدعها شريكها الإيطالي، أم أنها استفادت من تراخي الرقابة البرلمانية لملء خزائنها؟

مهما كانت الإجابة، لا شك في أن ما تسمى فضيحة "قطر جيت" هزت الاتحاد الأوروبي وأجبرته على مواجهة حقائق غير مريحة لكيفية إدارته للضغوط من القوى الأجنبية.

وحسب الصحيفة البريطانية، يعد البرلمان الأوروبي -وهو شريك صغير في عديد من مجالات سياسة الاتحاد الأوروبي- نصيرًا لحقوق الإنسان وسيادة القانون.

ونقلت عن نشطاء حقوقيين، قولهم: إن قرارات حقوق الإنسان الثلاثة التي يصدرها البرلمان الأوروبي كل شهر، يمكن أن يكون لها تأثير مادي على الأرض، ما يضغط على الحكومات ويرفع مكانة النشطاء المحليين.

ويزعم ممثلو الادعاء أن قطر دفعت رشى لتقليل الانتقادات البرلمانية، بشأن معاملة الدوحة للعمال المهاجرين المشاركين في بناء الملاعب والفنادق الخاصة بكأس العالم، بينما تنفي الدوحة هذه المزاعم.

في الوقت نفسه، يزعم ممثلو الادعاء أن المغرب كان يضغط للتوصل إلى اتفاق بشأن حقوق الصيد والاعتراف بسيادته على الأراضي المتنازع عليها في الصحراء الغربية، إلا أن الرباط نفت ذلك أيضًا.

وقد بدأ المشرِّعون في الاتحاد الأوروبي -هذا الشهر- العملية الرسمية لرفع الحصانة عن اثنين من زملائهم المشتبه في ارتكابهم مخالفات، كما أعلنوا إصلاحات للحد مما تسمى الأبواب الدوارة، حيث يقوم المسؤولون العموميون بأدوار في القطاع الخاص، خاصة ما تسمى "ممارسة الضغط" لصالح دولة ما.

ونقلت الصحيفة عن ستيفان سيغورني، زعيم مجموعة التجديد الليبرالي في البرلمان الأوروبي، قوله: ما لم يتم إجراء إصلاحات سريعة، فإن الفضيحة ستزيد التشكيك في حياد أوروبا.

وأضاف: "إذا لم نحلها قبل الصيف، سوف تغذي النقاشات المتطرفة في الانتخابات الأوروبية، المقررة في مايو 2024"، موضحًا أن البرلمان الأوروبي تخلف عن عديد من البرلمانات في ما يتعلق بقواعد الشفافية ومكافحة الفساد.

بينما تقول أرانشا غونزاليس، وزيرة الخارجية الإسبانية السابقة، المستشارة السابقة للمفوضية الأوروبية، إن الفضيحة تقوِّض شرعية المشروع الأوروبي، لافتة إلى أن الشرعية تعتمد على البرلمانات والممثلين الانتخابيين المباشرين للمواطنين في البرلمان الأوروبي، ومن ثمّ على أووربا إيصال رسالة قوية بعدم التسامح مع الفساد أو التدخل الأجنبي.

 

تفاصيل الفضيحة

ورأت "فايننشال تايمز" أن سقوط كايلي كان سريعًا ومرعبًا، مشيرة إلى أنها كانت بمرآب شقتها في بروكسل الساعة 10.30 صباحًا 9 ديسمبر، عندما وصلت الشرطة لاعتقال شريكها فرانشيسكو جيورغي وحجزت سيارته.

وقال محاميها ميشاليس ديميتراكوبولوس، إنه عند عودتها إلى شقتها، قرأت تقريرًا بإحدى الصحف المحلية يفيد بإلقاء القبض على جيورغي -وهو مساعد برلمان - مع اثنين للاشتباه في فسادهم.

وبينما حاولت كايلي الاتصال بـبيير أنطونيو بانزيري، عضو البرلمان الأوروبي السابق الذي وظف جيورغي، إلا أنه لم يجب عليها لأنه اعتُقل أيضًا.

ووفقًا لمحاميها، عثرت كايلي على 300 ألف يورو نقدًا في الشقة، إلا أنها كانت تعتقد أن هذا المال يخص بانزيري، الذي يعمل مديرًا لمنظمة غير حكومية معنية بحقوق الإنسان.

وقال ممثلو الادعاء إن النائب السابق بيير أنطونيو بانزيري وافق على صفقة الإقرار بالذنب، مقابل اعتباره شاهد ملك، بموجب قانون خاص استُخدم مرة واحدة فقط في بلجيكا.

بانزيري، العضو السابق في البرلمان الأوروبي، أحد أربعة مشتبه بهم محتجزين في بلجيكا.

ويشتبه في قبولهم رشى من قطر والمغرب، مقابل التأثير في البرلمان ببروكسل.

ونفت قطر بشدة أنها حاولت التأثير وكسب النفوذ من خلال الهدايا والمال، بينما رفض المغرب بشدة مزاعم سعيه للتأثير في قضايا مثل حقوق الصيد والوضع المتنازع عليه للصحراء الغربية.

وحسب الصحيفة، اتصلت كايلي بوالدها الذي كان يعتني بالابنة التي أنجبتها من صديقها جيورغي، ووضعت النقود في حقيبة -جنبًا إلى جنب مع الحفاضات وأغذية الطفلة- وأخبرت والدها بأن يأخذها إلى فندق سوفيتيل بالقرب من البرلمان، حيث يجمعها صديق لم يذكر اسمه لبانزيري.

إلا أن الشرطة، التي كانت تراقب الأمر، أحضرت والدها واقتادته للتحقيق، قبل إطلاق سراحه، لكن دور كايلي كان كافيًا لإبطال حصانتها عضوًا في البرلمان الأوروبي، فقد ألقي القبض عليها "متلبسة"، على حد قول المدعين، ووجهت إليها تهم الفساد وغسل الأموال.

وأثناء انتظار محاكمتها، اختارت كايلي واجبات التنظيف والمطبخ داخل السجن، مع قضاء بعض الوقت في مكتبة السجن.

لكن محاميها ديميتراكوبولوس يزعم أنها تعرضت لـ "التعذيب" في الحجز، وأنها احتُجزت في زنزانة باردة ذات يوم مع ضوء ساطع لإبقائها مستيقظة أكثر من 16 ساعة، وحُرمت من الاتصال بمحاميها ثلاثة أيام.

وقد تقدم المحامي بشكوى رسمية حيال ذلك، بينما امتنع مكتب المدعي الاتحادي البلجيكي عن التعليق.

كما اعتُقل كل من لوكا فيسينتيني، المدير العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال، ونيكولو فيغا تالامانكا، الذي كان يدير مجموعة حملات حقوقية، والمدير العام لمنظمة "لا سلام من دون عدالة"، بينما تم مداهمة عديد من المكاتب في البرلمان.

وقد أُطلق سراح فيسينتيني من دون توجيه تهم إليه، لكن وُجهت إلى كايلي وبانزيري وجورغي وفيغا تالامانكا تهم بالفساد وغسل الأموال والانتماء إلى منظمة إجرامية.

وقد وُجه اتهام للمشتبه بهم الأربعة -الشهر الماضي- بعد أن صادرت الشرطة قرابة 1.5 مليون يورو نقدًا خلال مداهمات لشقة ومنزل وفندق.

وأصدرت الشرطة صورًا للأوراق النقدية التي صادرتها، وهي من فئة 200 يورو و50 يورو و20 يورو و10 يورو، بما في ذلك حقيبة عُثر عليها في فندق كانت مليئة بالنقود.

وبينما ينفي فيغا تالامانكا، ارتكاب أي خطأ، قدم جيورغي (35 عامًا)، اعترافًا جزئيًا بمسؤوليته عن الفساد، وفقًا لتقارير إعلامية تحققت منها صحيفة فاينانشيال تايمز.

وطلب المدعون من البرلمان رفع الحصانة عن اثنين من أعضاء البرلمان الاشتراكي: مارك تارابيلا من بلجيكا وأندريا كوزولينو من إيطاليا، وكلاهما يقول إنه بريء.

بينما اعترف بانزيري، الذي غادر البرلمان عام 2019، برئاسة منظمة إجرامية وأبرم صفقة مع المدعين، وقد وعد بتقديم تفاصيل جرائمه وتورط الآخرين مقابل عقوبة أخف.

 

أدلة واسعة النطاق

ووفقًا لمسؤولين مطلعين على الأمر، فإن الأدلة على المخطط واسعة النطاق، مشيرين إلى أن الشرطة كانت تراقب بانزيري لأشهر بعد تلقيها بلاغًا من جهاز مخابرات أجنبي، بأن المغرب يسعى للتأثير في شؤون الاتحاد الأوروبي.

وفي يوليو 2022، زرع ضباط المخابرات البلجيكية كاميرات فيديو بمنزل بانزيري في بروكسل بعد العثور على 700 ألف يورو نقدًا هناك.

ويزعم ممثلو الادعاء أن النائب الإيطالي البالغ من العمر 67 عامًا أخذ أيضًا أموالًا من قطر لتحسين صورتها بشأن سجلها في مجال حقوق الإنسان قبل كأس العالم، الذي أقيم في ديسمبر الماضي.

وتضمنت الأدلة تصوير بانزيري بصحبة جورغي، مساعده السابق، بالفيديو وهما يتجهان إلى اجتماع مع وفد قطري برئاسة وزير العمل علي بن صميخ المري في فندق شتايغنبرغر ويلتشر من فئة الخمس نجوم ببروكسل في 10 أكتوبر الماضي.

وتضمن الفيديو، دخول بانزيري الفندق بحقيبة فارغة، بينما يجر جيورغي ابنته في عربة أطفال.

ووفقًا للوثائق القانونية التي اطلعت عليها "فايننشال تايمز" جاء تورط كايلي بعد أن التقت وزراء قطريين في بروكسل، وزارت الدوحة مرتين، وحاولت تخفيف قرار برلماني يُدين حقوق العمال، وظهرت للتصويت لصالح إلغاء التأشيرات للقطريين، الذين يزورون الاتحاد الأوروبي في لجنة لم تكن عضوًا فيها.

كما حضر جيورغي عملية التصويت برفقة مسؤول من الدوحة.

ووفقًا لعديد من أعضاء البرلمان الأوروبي الحاضرين، فقد قفزوا وهتفوا عندما مر التصويت.

وفي نوفمبر الماضي، صوَّت البرلمان الأوروبي على قرار بشأن حقوق الإنسان في قطر، بمساعدة كايلي، جرى تخفيف نص القرار من خلال التعديلات التي أدخلتها الجماعات الاشتراكية ويمين الوسط، وفقًا للسجلات العامة.

لكن بعد الفضيحة، تأجل التصويت النهائي على السفر من دون تأشيرة بالنسبة للقطريين.

ونقلت الصحيفة البريطانية عن بعض أعضاء البرلمان الأوروبي قولهم: إن المخطط المزعوم لم يكن له تأثير ملموس على الأرض.

وقال براندو بينيفي، رئيس الوفد الاشتراكي للحزب الديمقراطي الإيطالي: "انطباعي أن مجموعة بانزيري كانت تحاول أن تُظهر للقطريين أنهم يعملون بجد نيابةً عنهم، وهذا هو السبب في أنهم صنعوا كل هذه المشاهد، لكنهم لم يكتسبوا أي نتيجة جوهرية على الأرض".

وحسب الصحيفة، فإن الجهود الدبلوماسية التقليدية لقطر والمغرب حققت عوائد أكبر، إذ دعمت مفوضية ومجلس الاتحاد الأوروبي السفر من دون تأشيرة للقطريين، نتيجة رغبة الدول الأعضاء في الحصول على إمدادات الغاز القطرية، بعد أزمة الغاز التي تسببت فيها الحرب الدائرة في أوكرانيا.

بينما أبرم الاتحاد الأوروبي (بسعادة بالغة) اتفاقًا للصيد وآخر للتجارة الزراعية مع المغرب عام 2019، وفي مارس من العام الماضي، أيدت إسبانيا خطة الرباط المقترحة للحكم الذاتي للصحراء الغربية، منهية بذلك نزاعًا دبلوماسيًا استمر عامًا.

 

مناورة الملكة

ووصفت "فايننشال تايمز" قصة سقوط كايلي بأنها رحلة إلى "العار"، بعد قصة عمل شاقة استمرت سنوات، مشيرة إلى انتخابها عضو مجلس في مدينتها سالونيك في سن 24، قبل أن يتولى إيفانغيلوس فينيزيلوس نائب رئيس الوزراء المستقبلي رعايتها، وبعد عامين حصلت على وظيفة مذيعة أخبار لمحطة الأخبار اليونانية ميغا تي في .

وتعرف اليونانيون إلى إيفا كايلي، عبر شاشات التلفزيون عند تقديم نشرة الأخبار على محطة ميغا المحلية بين عامي 2004 و2007.

في تلك السنة، انتخبت عضوًا في البرلمان اليوناني في سن التاسعة والعشرين، وكانت حينها أصغر نائبة في حزب باسوك.

عام 2014 انتخبت في عضوية البرلمان الأوروبي بمجموعة الاشتراكيين والديمقراطيين واحتفظت بها بنتيجة الانتخابات الأوروبية في 2019.

في يناير 2022 انتخبت نائبة لرئيسة البرلمان الأوروبي منذ الدورة الأولى.

وكانت، إيفا كايلي، ضمن الوفد الذي يهدف إلى تطوير العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ودول الخليج.

وأشارت إلى أن كايلي كانت ترتاد أرقى الحانات والمطاعم في أثينا بصحبة مديري التلفزيون التنفيذيين والأثرياء الاجتماعيين ورجال الأعمال الأثينيين.

كما أنها شوهدت مرارًا على طاولات كبار الشخصيات في الأندية الليلية وأماكن الموسيقى، وغالبًا ما كانت برفقة الأوليغارشي الروسي إيفان ساففيدي، عضو البرلمان الروسي.

وترشحت كايلي بنجاح للبرلمان الوطني مع حزب باسوك اليساري عام 2007 عن عمر يناهز 29 عامًا فقط، قبل أن تُجبر على التنازل عن مقعدها من قِبل التسلسل الهرمي للحزب عام 2012.

ثم عملت رئيسة العلاقات الإعلامية لرجل أعمال يوناني قوي يمتلك وسائل إعلام وشركات تأمين عدة.

عام 2014، انتخبت لعضوية البرلمان الأوروبي، حيث عملت بشكل أساسي على سياسة التكنولوجيا والعملات المشفرة، قبل انتخابها ضمن 14 نائبًا لرئيس البرلمان الأوروبي العام الماضي.

ووصفت في وسائل الإعلام اليونانية بأنها "نجمة الاتحاد الأوروبي الصاعدة"، لكن أسلوبها المتغطرس أدى إلى نفور الذين عملوا معها، إذ أطلقوا عليها (الملكة إليزابيث)، وفقًا لأحد الموظفين.

ووفقًا لعديد من المسؤولين الحاليين والسابقين في البرلمان الأوروبي، أصبح بانزيري -الذي كان وقتها زميلًا لها في البرلمان الأوروبي- أحد معارفها المقربين.

ويقول بول تانغ، عضو البرلمان الأوروبي الهولندي من مجموعة كايلي الاشتراكية، الذي عمل معها في التشريع: "لقد أثار سلوكها في بعض الأحيان دهشة النواب".

وبينما يقول نواب إنهم شعروا بالقلق بسبب قربها من صناعة العملات المشفرة، أشارت الصحيفة البريطانية إلى أن حسابها على "إنستغرام" مليء بالترويج لأنشطتها في مجال الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة، وهو ما علق عليه تانغ بالقول: "لقد عزلناها نتيجة هذه الشبهات".

وأشار تانغ إلى أنها عندما خالفت الخط الحزبي بالسفر إلى قطر، لفتت الانتباه إليها بأن هناك أمرًا "غريبًا" يحدث، حيث زارت قطر قبيل كأس العالم لكرة القدم.

وقالت من على منبر البرلمان الأوروبي في 22 نوفمبر: "اليوم تعد كأس العالم لكرة القدم في قطر دليلًا ملموسًا للطريقة التي يمكن من خلالها للدبلوماسية الرياضية أن تفضي إلى تحول تاريخي، في بلد ألهمت إصلاحاته الوطن العربي".

وفي 15 ديسمبر، طلب المدعي العام الأوروبي رفع الحصانة عنها، بسبب الاشتباه في عملية احتيال برلمانية، من خلال إساءة استخدام المال العام.

وقال مكتب المدعي العام الأوروبي، إن الطلب استند إلى تقرير تحقيق ورد من المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال بشأن "الاشتباه في احتيال يضر بميزانية الاتحاد الأوروبي، في ما يتعلق بإدارة العلاوات البرلمانية، ويتعلق الطلب بالمبالغ المدفوعة لمساعدين برلمانيين".

ووفقًا لما ذكره مطلعان على القضية، بدأت وكالة مكافحة الاحتيال في الاتحاد الأوروبي، تحقيقًا عام 2018 بعد أن حولت كايلي أموالًا من راتب مساعدها إلى جيبها الخاص.

كما زُعم أنها طالبت بأموال لسفر الموظفين لحضور الجلسات البرلمانية في ستراسبورغ، رغم أنهم في المنزل.

ورفض محاميها ديميتراكوبولوس التعليق على هذه الادعاءات.

 

عملية التنظيف

من جانبها، كشفت روبرتا ميتسولا، التي تولت منصب رئيس البرلمان الأوروبي قبل عام، النقاب عن 14 إصلاحًا الشهر الماضي وصفتها بـ "الخطوات الأولى".

وتشمل الإصلاحات، إلزام أعضاء البرلمان الأوروبي البالغ عددهم 705 نوابًا بالإبلاغ عن اجتماعاتهم.

وجاء في مسودة الإصلاحات، أنه لتقديم ما تسمى فترة "تهدئة"، لن يسمح لمشرِّعي الاتحاد الأوروبي السابقين، الذين يتلقون بدلًا انتقاليًا بعد إنهاء عملهم، بالتسجيل للتأثير في القرارات، خلال الفترة التي يتلقون فيها البدل المالي.

وتشمل الإصلاحات -وفقًا للمسودة أيضًا- اقتراحًا لإنهاء تصاريح الدخول الدائمة لمشرِّعي الاتحاد الأوروبي السابقين، كما يتعين على الزوار التسجيل عند دخول البرلمان.

بينما احتفظ بانزيري، بصفته عضوًا سابقًا في البرلمان الأوروبي، بشارة الوصول الخاصة به من دون الحاجة إلى التسجيل.

لكن ستحظر ما تسمى مجموعات الصداقة غير المنظمة، التي أنشأها أعضاء البرلمان الأوروبي ومسؤولون وسياسيون من دول أخرى، بما في ذلك قطر.

وأعلنت ميتسولا تلقيها 142 هدية هذا الشهر، بينها ثلاث من مسؤولين مغاربة.

وبينما أيد رؤساء الأحزاب الأخرى هذه التحركات، إلا أن أعضاء البرلمان الأوروبي -من مختلف الأطياف السياسية- دعو إلى مزيد من الإجراءات، لمنع الوقوع في قضايا فساد.

ففي ديسمبر الماضي، صوَّت البرلمان على قرار يتضمن أجندة إصلاحية أكثر طموحًا، بما في ذلك هيئة أخلاقيات على مستوى الاتحاد الأوروبي، التي يجب الاتفاق عليها مع المؤسسات الأخرى، مع حماية أقوى للمبلغين، وإعلان إلزامي عن الأصول للأعضاء.

كانت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية، وعدت بتأسيس "منظمة أخلاقيات" على مستوى الاتحاد الأوروبي عندما تولت منصبها عام 2019 لكنها لم تنشر اقتراحًا.

وقالت إيلفا يوهانسون، مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية: إلى جانب الهيئة التنظيمية، تعد المفوضية مجموعتين من الإجراءات، الأول: قانون جديد لوضع تعريفات موحدة وعقوبات للفساد في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، والآخر "الدفاع عن حزمة الديمقراطية" لحماية الانتخابات ومحاربة المعلومات المضللة.

من جانبه، قال جاي فيرهوفستادت، رئيس الوزراء البلجيكي السابق، الذي أصبح عضوًا في البرلمان الأوروبي ليبراليًا، إن البرلمان كان "ينتظر تأسيس هيئة الأخلاقيات، لكن الاقتتال الداخلي بين المؤسسات سبب التأخير".

بينما تقول النائبة الأوروبية الفرنسية مانون أوبري، التي تنتمي إلى اليسار الراديكالي، والتي قدمت القرار بشأن قطر إن "ثقافة التعتيم" يجب أن تعامل بالطريقة نفسها في مؤسسات الاتحاد الأوروبي الثلاث (البرلمان والمفوضية والاتحاد)، مضيفة: "نحتاج إلى تنظيف المؤسسات من الأسفل إلى الأعلى، وإلا فلن تنتهي هذه الثقافة".