سامي شرف... وفاة كاتم أسرار جمال عبدالناصر
قبل وفاة عبدالناصر صدر قرار تعيينه وزيراً للدولة، ثم وزيراً لشؤون رئاسة الجمهورية عام 1970 قبل القبض عليه بعام

السياق
في هدوء تام، بعيدًا عن ضجة المعلومات والأخبار، التي غرق فيها يوما، رحل سامي شرف، سكرتير الرئيس عبدالناصر للمعلومات، الوزير الأسبق لشؤون رئاسة الجمهورية، وأحد أبرز رجال المخابرات المصرية ومؤسسيها عن عمر ناهز 93 عاماً، بعد صراع مع المرض، وستشيع جنازته من مسجد أبو المكارم الزغل، بمدينة نصر في العاصمة المصرية القاهرة.
كان شرف من أهم الرموز الناصرية، وأحد أقوى أعمدة حكم الرئيس الراحل عبدالناصر، وجرى حبسه أثناء حُكم الرئيس السادات، هو وجمع من القيادات السياسية والعسكرية، الذين اعتُقِلوا في أحداث 13 مايو 1971، التي عُرفت بـ "ثورة التصحيح" و "اعتقالات مراكز القوى"، وقبع شرف في السجن نحو 10 سنوات.
انتصر للوطن
كان الإعلامي البرلماني المصري مصطفى بكري، أول من نشر خبر وفاته على "تويتر"، قائلًا: "ظل صوته يتواصل معي معلقاً على الأحداث رغم المرض، وعندما زرته في مستشفى وادي النيل، قبل أن تمنع عنه الزيارة، كان يوصي بالحفاظ على تراث عبدالناصر حتى تعرف الأجيال الجديدة دور الزعيم الذي واجه التحديات وانتصر للوطن". جدير بالذكر أن الراحل وبكري كانت تربطهما علاقة وثيقة جدًا.
نشأته
وُلد شرف في حي مصر الجديدة بالقاهرة عام 1929، وتبين سيرته الذاتية أنه الابن الرابع والذكر الثالث بين 6 أبناء، والتحق بالكلية الحربية عام 1946، وتخرج فيها عام 1949، وعُين في سلاح المدفعية برتبة ملازم، وبعد ثورة 23 يوليو 1952 بأيام، التحق بالمخابرات الحربية، وفيها تقرب من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، الذي كان يكلفه بمهام خاصة -وفق سياسيين وكتاب مصريين- إلى أن أوكل إليه مهمة إنشاء سكرتارية الرئيس للمعلومات، وعيَّنه ناصر سكرتيره الخاص للمعلومات.
تاريخ حافل
وقبل وفاة عبدالناصر صدر قرار تعيينه وزيراً للدولة، ثم وزيراً لشؤون رئاسة الجمهورية عام 1970 قبل القبض عليه بعام.
ويعد سامي شرف أبرز الشاهدين على الأحداث التاريخية المهمة داخل قصر الرئاسة، إذ شهد "العدوان الثلاثي" و"نكسة يونيو" وبداية حرب الاستنزاف، في أخطر مراحل تاريخ مصر الحديث.
"الاغتيال"
بعد وفاة الرئيس جمال عبدالناصر لم يستمر الوفاق بينه وبين الرئيس الراحل محمد أنور السادات، فكان شرف من أهم الرموز التي أطاحها السادات، في ما عُرفت بـ "ثورة التصحيح"، وظل في السجن حتى 15 مايو1981، ليفرج عنه لكن بشكل غريب، حسبما حكى شرف نفسه عن قصة خروجه من السجن هو وزملاؤه في كتابه "سنوات وأيام مع عبدالناصر" قائلًا: "وجدنا باب السجن مفتوحاً، وقد اختفى الضباط والجنود، فرحنا نتشاور في ما بيننا، وأخيراً قررنا الخروج، ووضعنا احتمالين: إما أن نتعرض للاغتيال، وإما نذهب إلى بيوتنا، وكان الاحتمال الثاني هو الصحيح".
خازن الأسرار
بحُكم المنصب الحساس، الذي خدم فيه شرف، لقبه سياسيون بـ"خازن أسرار ناصر"، وهو ما جعله -وفق قوله- هدفاً لجهات أجنبية، حاولت استخدامه في جمع معلومات، قائلاً: "بعد خروجي من السجن، قررت التوجه للتعليم مرة أخرى، وانتسبت إلى الجامعة الأمريكية بالقاهرة، للحصول على الماجستير في الإدارة العامة، لكنني فوجئت بأن أحد أساتذة الجامعة من المخابرات الأمريكية، وكان يضايقني، أملاً في معلومات عن جمال عبدالناصر، لعلمه بقربي منه، فقررت ترك الجامعة".