وساطة إماراتية تنجح في تبادل الأسرى بين موسكو وكييف... هل تضع الحرب الأوكرانية أوزارها؟
على وقع ضربات المدافع واشتعال الميادين... وساطة إماراتية تنجح في إنهاء صفقة تبادل أسرى بين روسيا وأوكرانيا

السياق
على أبواب عامها الثاني، تقف الأزمة الأوكرانية من دون حلول تلوح في الأفق، بعد تحطم السلام على صخرة الإمدادات العسكرية المستمرة، والقتال العنيف في الميادين.
ورغم الشتاء القارس فإن حرارة المعارك بين القوات الروسية والأوكرانية حولته إلى صيف بامتياز، بينما يستعد البلدان المتحاربان إلى هجوم جديد أواخر الشتاء الحالي أو أوائل الربيع.
ذلك الهجوم تحاول فيه روسيا تحطيم الآمال الأوكرانية باستعادة ما فقدته من أراض، بينما تأمل كييف أن تمكنها الأسلحة الثقيلة من دبابات وصواريخ، التي بدأت تتقاطر عليها من الغرب، من إنعاش قواتها، واستعادة ما فقدت من زخم.
ورغم التحفز من الطرفين، فإن بوادر أمل بدأت تلوح في الأفق، قد تقود إلى تغيير على أرض الواقع، بشرط البناء عليها من الطرفين وداعميهم.
فما الجديد؟
في بيان السبت، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أن وساطة إماراتية بين موسكو وكييف، نجحت في إعادة مجموعة من العسكريين الروس إلى الوطن، في صفقة تبادل للأسرى.
وقالت وزارة الدفاع، في بيان نشرته وسائل إعلام روسية، إنه بعد عملية مفاوضات صعبة، عاد 63 جنديًا من الأسر بينهم أفراد من «فئة حساسة»، كانوا في الأراضي الخاضعة لسلطات كييف، مشيرة إلى أن تبادلهم أصبح ممكنًا بفضل وساطة إماراتية.
وأضافت وزارة الدفاع الروسية، أن جميع العسكريين الآن في روسيا، ويتلقون الإحاطة النفسية والطبية اللازمة، فضلًا عن الاتصال بالأقارب.
من جانبه، قال أندريه يرماك رئيس مكتب فولوديمير زيلينسكي، إن أوكرانيا أعادت 116 جنديًا كجزء من تبادل أسرى الحرب.
ونشر يرماك مقطع فيديو لجنود في حافلة، قال إنهم كانوا مدافعين عن ماريوبول وأنصار خيرسون وقناصين من مناطق باخموت المجاورة.
وتعد هذه ثاني صفقة لتبادل الأسرى مع سلطات كييف، منذ بداية العام الجاري، بعد أن عاد في الثامن من يناير الماضي، 50 مقاتلًا روسيًا من الأراضي التي تسيطر عليها كييف.
إلا أن هذه الصفقة تعد ثاني عملية تتدخل فيها الإمارات تكون روسيا طرفًا فيها، ففي 8 ديسمبر الماضي، أعلنت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في دولة الإمارات ووزارة الخارجية السعودية نجاح الوساطة التي قادها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات وولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان عبدالعزيز، للإفراج وتبادل مسجونين اثنين بين الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية.
وأكد بيان مشترك للوزارتين أن أبوظبي استقبلت الأمريكية بريتني غراينر عبر طائرة خاصة من موسكو، بعد إفراج السلطات الروسية عنها، بالتزامن مع استقبال الروسي فيكتور بوت عبر طائرة خاصة من واشنطن، بحضور المختصين من الإمارات والسعودية .
الوضع على الأرض
لم يتوقف القتال في باخموت، الخط الأمامي للمعركة المستمرة بين القوات الأوكرانية والروسية، فبحسب صحيفة الغارديان، فإن هناك دوي انفجارات وتبادل إطلاق النار من أسلحة خفيفة وقصف بقذائف الهاون، من المواقع الروسية وإليها.
وقالت الصحيفة البريطانية، إن عنف المواجهات حوَّل بعض الأحياء عند أطراف باخموت إلى أنقاض، مشيرة إلى أنه لا يزال هناك نحو 6500 شخص في المدينة التي كان عدد سكانها 70 ألف نسمة تقريبًا قبل الحرب.
وأكدت الصحيفة البريطانية قتل بيت ريد، وهو مسعف إنساني أمريكي، في مدينة بشرقي أوكرانيا عندما أصيبت مركبة الإجلاء بصاروخ، إضافة إلى إصابة آخرين في غارة روسية على مركبة مدنية.
وقال أولكسندر تكاتشينكو (65 عامًا): من الواضح أن السيارة التي دمرت لم تكن هدفًا عسكريًا، مضيفًا أن السكان الذين حاولوا إنقاذ الركاب تعرضوا للهجوم.
ومن باخموت إلى خيرسون، استمرت عمليات القصف جنوبي البلاد التي استولى عليها الروس ثم انسحبوا منها، ما أدى إلى قتل شخص وجرح آخر.
ووفقًا للإحصاءات الأوكرانية، قُتل أكثر من 130 ألف جندي روسي في الحرب الأوكرانية، منذ انطلاقها في 24 فبراير العام الماضي.
وتقول الإحصاءات الأوكرانية الصادرة مؤخرًا، إن 720 قُتلوا الجمعة، ليرتفع العدد إلى 130590، مشيرة إلى أن القوات الأوكرانية سحبت ست مركبات مدرعة وثلاث دبابات وثلاثة أنظمة مضادة للطائرات.
الحظر النفطي
يأتي ذلك، بينما من المقرر أن يبدأ الأحد، حظر أوروبي على المنتجات النفطية الروسية المكررة المصدرة بحرًا إلى الخارج، بينما أكدت المفوضية الأوروبية، أن الاتحاد الأوروبي يعمل على إقرار عقوبات جديدة تفرض على روسيا في 24 فبراير الجاري، في الذكرى الأولى لعمليتها العسكرية.
وبينما رأت المفوضية الأوروبية أن روسيا يجب أن «تدفع ثمن الدمار الذي تسببت فيه»، زعمت أن العقوبات المفروضة منذ عام على روسيا، أدت إلى تراجع الاقتصاد الروسي جيلًا كاملًا.
وشددت على أن تحديد سقف لسعر صادرات النفط الروسي عند 60 دولارًا للبرميل، يكلف موسكو 160 مليون يورو يوميًا، بينما أكد المسؤولون الأوروبيون -في الإعلان المشترك بختام قمة الجمعة في العاصمة كييف- عزمهم على تكثيف الجهود لاستخدام الأصول الروسية المجمّدة لدعم إعادة إعمار أوكرانيا ودفع تعويضات، وفقاً للقانونين الأوروبي والدولي.
مصادرة الأصول
ولم تمضِ ساعات على القمة وما أصدرته من بيان، حتى أعلنت الولايات المتحدة، أن واشنطن ستستخدم أصولًا صادرتها من أوليغارشي روسي لدعم أوكرانيا.
وقال وزير العدل الأمريكي ميريك غارلاند، في بيان: «أعلن أنني سمحت بأول تحويل لأموال روسية مصادرة، موجَّهة إلى أوكرانيا»، مضيفًا أن الأصول المصادرة جاءت في أعقاب توجيه الاتهام إلى الأوليغارشي كونستانتين مالوفييف في أبريل.
وبينما أكد الوزير الأمريكي أن هذا المبلغ سيذهب إلى وزارة الخارجية، لدعم الشعب الأوكراني، رحب -في الجهة المقابلة- المدعي العام الأوكراني أندريه كوستين بهذا التحويل لـ 5.4 مليون دولار لإعادة بناء أوكرانيا.
وقال المدعي العام الأوكراني، في «تويتر»: عانى جميع الأوكرانيين، بطريقة أو بأخرى، بسبب هذه الحرب. يجب أن نضمن حصول الشعب الأوكراني على تعويضات عن الأضرار الجسيمة التي لحقت به.
ويُعد الملياردير الروسي كونستانتين مالوفييف، أحد المصادر الرئيسة لتمويل الانفصاليين الموالين لروسيا شرقي أوكرانيا، بينما وجهت إليه تهمة «محاولة التهرب من العقوبات باستخدام متواطئين للاستحواذ على وسائل إعلامية وإدارتها سرًا في أوروبا» بحسب شبكة سي إن إن الأمريكية.