نيكي هايلي... هل تخطف ورقة ترشيح الحزب الجمهوري من ترامب؟

على عكس المتنافسين الجمهوريين المحتملين، تحاول هايلي إظهار قوتها، من خلال دخول حلبة المنافسة ضد ترامب، كأحد الصقور داخل الحزب.

نيكي هايلي... هل تخطف ورقة ترشيح الحزب الجمهوري من ترامب؟

ترجمات – السياق

ألمحت السفيرة الأمريكية السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي، إلى قرب إطلاق حملتها للانتخابات الرئاسية لعام 2024 مع تصريحها عن "إعلان كبير" مرتقب، ما يجعلها أول منافسة لدونالد ترامب على بطاقة ترشيح الحزب الجمهوري.

فمع الانطلاق المرتقب للحملة الانتخابية 15 فبراير الجاري، في تشارلستون بولاية ساوث كارولينا، ستصبح هايلي، البالغة من العمر 51 عامًا، ثاني مرشح بارز من الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة، بعد أن بدأ رئيسها السابق دونالد ترامب حملته في نوفمبر الماضي.

كما ستكون هايلي ثالث شخص من أصل هندي، يحاول الفوز بالترشيح لانتخابات الرئاسة، إذ تسير على خطى بوبي غندال، حاكم لويزيانا الذي لم يحظ بشعبية كبيرة لدى محاولته عام 2015، وكذلك كامالا هاريس، نائبة الرئيس الحالية التي سعت إلى الحصول على ترشح عام 2020.

وعلى عكس المتنافسين الجمهوريين المحتملين، تحاول هايلي إظهار قوتها، من خلال دخول حلبة المنافسة ضد ترامب، كأحد "الصقور" داخل الحزب.

 

الأوفر حظًا

وأشارت "ناشيونال إنترست" إلى أن ترامب قد يكون المرشح الأوفر حظًا للحزب الجمهوري، إلا أنه يواجه بعض التحديات، إذ إنه غارق في مجموعة من الدعاوى القضائية ولوائح الاتهام المحتملة، بدءًا من نيويورك إلى جورجيا.

ولم يُظهر ترامب -الذي كانت خطاباته تثير الجدل- حتى الآن أنه قادر على استعادة السحر الذي دفعه إلى النصر عام 2016.

لكن بصفتها الحاكم السابق لولاية ساوث كارولينا، يبدو أن هايلي في وضع جيد للسيطرة على الولاية، في الانتخابات التمهيدية للجمهوريين، إذ من المؤكد أن جاذبيتها للناخبين المستقلين ونساء الضواحي أقوى من جاذبية ترامب وشعبيته، على الأقل في الوقت الحالي.

وصعدت هايلي بسرعة السلم السياسي في الولاية الجنوبية، إذ اكتسبت سمعة جيدة كنائبة محافظة في مجلس النواب بين عامي 2005 و2011، قبل انتخابها كأول حاكمة لولاية ساوث كارولينا، كما كانت أيضًا أول حاكمة من أصل هندي أمريكي للولاية، واستمرت في الخدمة فترتين.

كما كانت هايلي تمثل التنوع في إدارة ترامب، التي انتُقدت لهيمنة ذوي البشرة البيضاء عليها، كما أنها حين تركت الإدارة عام 2018 أثارت الإعجاب بتصديها لسلوك رئيسها المتقلب.

وأشارت المجلة إلى أنها خلال رئاستها للولاية الجنوبية، تعهدت هايلي بـ"قمع" الهجرة غير القانونية في ساوث كارولينا، ووقعت مشروع قانون يلزم الشرطة بفحص حالة الهجرة لأي شخص يوقفونه، ويشتبه في وجوده بالولايات المتحدة بشكل غير قانوني، كما وقَّعت قانون ولاية عام 2016 يحظر عمليات الإجهاض بعد 20 أسبوعًا من الحمل.

وتصدرت هايلي عناوين الصحف الوطنية عام 2015، بعد أن أصيبت بالاختناق، في ردها على إطلاق النار بتشارلستون، إذ قُتل 9 أمريكيين من أصل إفريقي على يد شخص أبيض.

ودعت آنذاك إلى إزالة علم الكونفدرالية من أراضي العاصمة، وقالت: "هذا العلم، رغم أنه جزء لا يتجزأ من ماضينا، فإنه لا يمثل مستقبل دولتنا العظيمة"، ووقَّعت قانونًا لإزالة علم الكونفدرالية بعد فترة وجيزة من الحادث، ويعد البعض العلم رمزًا للعبودية والعنصرية، بينما يراه آخرون ميراثًا لولايات الجنوب.

لكنها في المقابل، حرصت على إجراء حملة انتخابية لمرشحين يدعمون مزاعم ترامب الوهمية بتزوير الانتخابات، ومع ذلك، فهي ماهرة سياسيًا بما يكفي للإشارة إلى أن سجل ترامب في انتخابات التجديد النصفي -عندما فشل الجمهوريون في الاستيلاء على مجلس الشيوخ وخسروا ولايات رئيسة- بالكاد يمكن وصفه بأنه سيئ للغاية.

وقالت هايلي، التي شغلت منصبها الدولي خلال إدارة ترامب: "نحتاج إلى الاعتراف بأنه خذلنا".

وأضافت أن ترامب "سار في طريق يجب ألا يسلكه، وكان علينا ألا نتبعه وألا نصغي إليه ولا يمكننا أن ندع ذلك يحدث مرة أخرى".

وأوضحت هايلي أن كلمة "غاضبة" أقل مما تشعر به، وأن خيبة أملها بالرئيس السابق كبيرة، لأنه رغم "الولاء والصداقة بينه وبين نائبه مايك بنس، فإنه أقدم على فعل ذلك معه، وهذا يشعرني بالاشمئزاز".

كانت هايلي قد قالت بعد أيام من أحداث الكونغرس، في خطاب ألقته أمام أعضاء اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري، إن ترامب "كان مخطئًا بشدة في كلماته" أثناء تجمع 6 يناير.

وأضافت حينها أن الأمر لا يتعلق بكلماته وحسب، بل أيضًا "بأفعاله منذ يوم الانتخابات، التي سيحكم عليها التاريخ بقسوة".

 

دورها سفيرة

لم تبرز هايلي مهاجمة لترامب فحسب، وإنما أيضًا برز اسمها سفيرة سابقة في الأمم المتحدة.

وأشارت "ناشيونال إنترست" إلى أنها مثل وزير الخارجية السابق مايك بومبيو، تُمثل هايلي الحرس الجمهوري القديم، على الأقل عندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية.

بعبارة أخرى -تضيف المجلة- فهي من صقور السياسة الخارجية التي برز اسمها كثيرًا في الملفات المهمة، إذ كانت ممثلة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة عندما انسحب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني، الذي سبق أن وقَّعه سلفه باراك أوباما.

وقالت نيكي هايلي، مندوبة الولايات المتحدة، بالأمم المتحدة، حينها: إن الرئيس دونالد ترامب اتخذ القرار الصائب بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران.

وأضافت أن هذا الاتفاق كان سيئًا وسمح لسلوك إيران السلبي بالتفاقم.

لكن التحدي الأهم أمام الجمهوريين -حسب المجلة الأمريكية- الحرب الدائرة في أوكرانيا، والطريقة التي يفكر بها الحزب في التعامل معها.

وأوضحت المجلة، أن تأييد الحرب داخل الولايات المتحدة آخذ في التآكل، على الأقل بين الجمهوريين، خصوصًا بعد كشف أن واشنطن أنفقت أكثر من 27 مليار دولار مساعدات عسكرية، العام الماضي لأوكرانيا.

ووفقًا لاستطلاع جديد أجراه مركز بيو للدراسات والأبحاث، زادت نسبة البالغين الذين يعتقدون أن أمريكا تقدم مساعدات مفرطة لأوكرانيا بست نقاط مئوية منذ سبتمبر الماضي.

وفي الوقت الحالي، يقول 40 في المئة من الجمهوريين والمستقلين ذوي الميول الجمهورية، إن أمريكا تقدم مساعدات أكثر من اللازم لأوكرانيا.

ورغم ذلك، فإن استغلال الحرب في الدعاية الانتخابية لا يغيب، فها هو رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون يزور الولايات المتحدة لمحاولة حشد الدعم للحرب من جهة، ولتعزيز آفاقه السياسية في وطنه من جهة أخرى.

فمثل ترامب، يريد جونسون أن يعود لمنصبه رئيسًا لوزراء بريطانيا، لكن على عكس الرئيس الأمريكي السابق، الذي كان ينتقد المساعدات المقدمة إلى أوكرانيا، مدعيًا أنه يستطيع حل الحرب "في غضون أربع وعشرين ساعة"، بتسليم كييف إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على طبق من فضة، يناشد رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، الجمهوريين في مجلس النواب الصمود في دعم كييف ضد الهجمات الروسية.

ومن المقرر أن يجتمع جونسون هذا الأسبوع مع لجنة الدراسة الجمهورية بمجلس النواب، لإقناعهم بدعم أوكرانيا، لكن -وفق وليام روغر، رئيس المعهد الأمريكي للأبحاث الاقتصادية- فإن إقناع الجمهوريين المتمردين بدعم أوكرانيا، قد يجعل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يبدو كأنه حفل شاي.

وأضاف: "على الجمهوريين الاختيار بين العودة إلى نهج الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش، الذي يمثله أشخاص مثل هايلي، أي التشدد واختيار دعم الحرب، أو الانحياز إلى نهج ترامب الذي يرفع شعار (أمريكا أولاً)".

وأشارت المجلة الأمريكية، إلى أن الجدل الدائر داخل الحزب الجمهوري بشأن الحرب في أوكرانيا، يُسلط الضوء على التوترات داخل الحزب، لافتة إلى أنه "إذا قفز الصقور مثل هايلي وبنس وبومبيو إلى السباق، سيوفر ذلك فرصة لترامب أو رون دي سانتيس أو أي مرشح آخر لجذب أصوات الأمريكيين، الذين يؤيدون فكرة إنهاء الحروب التي لا نهاية لها، ووضع مصالح بلادهم الحيوية في المقام الأول.

وتعليقًا على ذلك، ترى المجلة الأمريكية أن هذا النهج -شعار أمريكا أولًا ووضع نهاية للحروب- ساعد ترامب عام 2016 في الفوز بالرئاسة.

واستطردت: "الحقيقة الواضحة أن الحزب الجمهوري ربما يبتعد أكثر عن مواقفه المتشددة التقليدية"، مشيرة إلى أن ترامب سيحاول الاستفادة من اتجاه أغلبية الأمريكيين لرفض الحرب، كسلاح ضد خصومه الجمهوريين.

وتابعت المجلة: "قد تكون هناك معركة على وشك الاندلاع، داخل الحزب الجمهوري، بشأن التزامات الولايات المتحدة في الخارج".