نيويورك تايمز: لماذا يُثير برنامج إيران الصاروخي قلقًا أمنيًا؟

بينما تُصر إيران على أنها تقوم بالمشاريع النووية للأغراض المدنية، تؤكد المخابرات الأمريكية أن طهران لديها القدرات لإنتاج قنبلة النووية في المستقبل القريب، لكنها لم تجمع التكنولوجيا اللازمة لإنتاجها

نيويورك تايمز: لماذا يُثير برنامج إيران الصاروخي قلقًا أمنيًا؟

ترجمات - السياق

أعاد الهجوم على منشأة عسكرية إيرانية، الأسبوع الماضي، تسليط الضوء على برنامج إيران الصاروخي، الذي لطالما كان مصدر قلق للولايات المتحدة ودول في المنطقة، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.

وتعد مدينة أصفهان، الواقعة وسط إيران،  مركز إنتاج وأبحاث وتطوير الصواريخ، بما فيها تجميع صواريخ شهاب البالستية المتوسطة المدى، التي يُمكنها ضرب إسرائيل، وأبعد من ذلك.

وأشارت الصحيفة، إلى أن إيران عززت -بشكل مطرد- قدراتها الصاروخية بعيدة المدى خلال السنوات الأخيرة، وتخشى إسرائيل أن تستخدم هذه الصواريخ -في يوم من الأيام- لحمل رأس حربي نووي.

 

لماذا أصفهان؟

وتساءلت "نيويورك تايمز" عن سبب استهداف أصفهان تحديدًا، فأجابت: "لأن فيها موقعين ومنظمتين لهما علاقة بالصواريخ ومدى إطلاقها، حسب تقرير لمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية ومقره لندن".

وتضم المدينة أيضًا أربعة مواقع للبحث النووي، إلا أن المنشأة التي استُهدفت السبت الماضي يبدو أنها ليست نووية.

من جانبه، أبلغ مدير الموساد السابق، داني ياتوم، إذاعة الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، بأن الهجوم استهدف موقعًا لتطوير صواريخ عابرة للصوت طويلة المدى وقادرة على الانطلاق بسرعة تفوق 15 ضعف الصوت، وبدقة رهيبة، ويمكن أن تحمل الرؤوس النووية، لو طورت إيران أسلحة في ما بعد.

إلا أن وزارة الدفاع الإيرانية وصفت المنشأة المستهدفة بأنها مصنع للذخيرة.

ووصف الجنرال كينث أف ماكينزي، الذي تقاعد عن رئاسة القيادة المركزية في الشرق الأوسط، وأشرف على استراتيجية التعامل مع إيران، في شهادة، العام الماضي، أمام لجنة القوات المسلحة، ما وصلت إليه إيران من تقدم في المجال الصاروخي، بقوله: "لديهم أكثر من 3 آلاف صاروخ بالستي بأنواع عدة، بعضها قادر على الوصول إلى تل أبيب".

وأضاف أنهم استثمروا خلال السنوات السبع الماضية بشكل كبير في الصواريخ البالستية، كاشفًا أن هذه الصواريخ تتمتع بمدى أكبر بكثير ودقة معززة بشكل كبير.

ونقلت الصحيفة عن مارك فيتزباتريك، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية، المسؤول عن انتشار السلاح النووي، المسؤول بالمعهد الدولي للدراسات الدولية والاستراتيجية، قوله: الصواريخ البالستية تعد نظامًا ناقلاً ممكنًا للرؤوس النووية.

وأوضح فيتزباتريك أنه رغم أن العلماء الإيرانيين لم يثبتوا قدرتهم على إتقان المهمة الصعبة، المتمثلة في إطلاق صاروخ بالستي يمكنه حمل سلاح نووي وإطلاقه إلى هدفه بنجاح، إذا طورت إيران هذا السلاح في المستقبل، فإنه أكد أن إيران تمتلك تسعة صواريخ بالستية على الأقل، قد تكون قادرة على هذا العمل الفذ.

وبينما تُصر إيران على أنها تقوم بالمشاريع النووية للأغراض المدنية، تؤكد المخابرات الأمريكية أن طهران لديها القدرات لإنتاج قنبلة النووية في المستقبل القريب، لكنها لم تجمع التكنولوجيا اللازمة لإنتاجها.

أمام ذلك، خلصت تقييمات المخابرات الأمريكية، إلى أن إيران أوقفت برنامج أسلحتها النووية.

 

قلق إقليمي

وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن وقف إيران عن امتلاك السلاح النووي، من أهم أولويات إسرائيل في السياسة الخارجية.

ونقلت عن علي فائز، مدير الملف الإيراني بمجموعة الأزمات الدولية ببروكسل، قوله: "تنظر إسرائيل للأجندة النووية، لإنتاج السلاح النووي والمعدات الناقلة لها، كتهديد".

كما تخشى إسرائيل تدخل إيران في الدول القريبة من حدودها أيضًا، فقد سلمت طهران مجموعة من الصواريخ البالستية والذخائر الدقيقة لوكلائها في حزب الله بلبنان وفي سوريا.

وحسب الصحيفة، يُنظر إلى الغارة الأخيرة على أصفهان، على أنها جزء من استراتيجية إسرائيلية أوسع لضرب القدرات الإيرانية، ومنعها من تسليح الميليشيات التي تعمل بالوكالة في المنطقة.

وتساءلت إن كانت الصواريخ الإيرانية تساعد الحرب الروسية في أوكرانيا، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي حددت فيه الولايات المتحدة إيران كمزود رئيس للطائرات المُسيرة، ومحاولات روسيا للحصول على الصواريخ الإيرانية لاستخدامها في أوكرانيا، إلا أن المسؤولين الأمريكيين يعتقدون أن هجوم أصفهان تدفعه اعتبارات أمنية إسرائيلية خاصة.

ولكن، يبدو أن إيران تعمق علاقاتها بروسيا في ما تراه إدارة بايدن شراكة دفاعية، وقال فائز: "لا شهية للتعامل مع إيران في الوقت الحالي، لكن الواقع أن هناك قنبلة موقوتة هي البرنامج النووي، الذي لم يختفِ".

ووفقًا للخبراء، أصبح برنامج إيران النووي أكثر تقدمًا من أي وقت مضى، مشيرين إلى أنه منذ عام 2019، أحرزت طهران تقدمًا كبيرًا لدرجة أن الوقت المقدر الذي يستغرقه إنتاج ما يكفي من اليورانيوم المستخدم في صناعة الأسلحة لصنع قنبلة، تقلص من عام إلى أقل من أسبوع.

ونقلت الصحيفة عن رفائيل غروسي، مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قوله: إيران لديها كميات كافية من اليورانيوم المخصب، تستطيع من خلالها إنتاج القنبلة لو أرادت.

وفي ذلك، يوضح فائز أن إيران قريبة من إنتاج قنبلة نووية عادية، مشيرًا إلى أنها تمتلك "مواد مخصبة تكفي لصناعة رؤوس نووية"، متابعًا: "طهران لا تحتاج إلا لأيام لتخصيب المواد لإنتاج أول رأس نووي".

وأضاف: "سيستغرق الأمر ما لا يزيد على أربعة أيام لتخصيب ما يكفي من المواد لرؤوسها الحربية الأولى"، مشيرًا إلى أنه بحلول شهر من الآن، من المحتمل أن يكون لديها رأسان نوويان أو ثلاثة".

ويرى المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون أن المادة المخصبة المتوفرة للقنبلة، لا تعني أن إيران لديها القدرات لتحويلها وإنتاج القنبلة، إلا أن خبراء مثل ديفيد أولبرايت، من معهد العلوم والأمن الدولي في واشنطن يُقدر أن إيران تستطيع إنتاج القنبلة في 6 أشهر.

وعرجت الصحيفة الأمريكية للحديث عن الاتفاق النووي الإيراني، فأشارت إلى أن اتفاق 2015 الذي سعى إلى كبح جماح برنامج إيران النووي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية لم يعد ساري المفعول.

وأشارت إلى أنه طالما عارضت إسرائيل الصفقة، بينما تنازل عنها الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018، واصفًا إياها بأنها "أسوأ صفقة جرى التفاوض عليها".

وبينت الصحيفة أنه بعد الامتثال سنوات، استأنفت إيران تخصيب اليورانيوم إلى ما بعد الحدود التي كان التفاوض عليها عام 2019، لافتة إلى أنه يمكن استخدام اليورانيوم المخصب إلى مستويات منخفضة لإنتاج الطاقة، بينما يمكن استخدام اليورانيوم عالي التخصيب لصُنع سلاح نووي.

وأضافت: "لم يضع الاتفاق النووي القديم أي قيود على برامج الصواريخ الإيرانية، وهو أحد الأسباب التي عارضتها إسرائيل بشدة".