التطبيع بين مصر وتركيا... هل يعرقله ملف الإخوان؟
وأوضح الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإرهابية منير أديب لـ السياق، أن تركيا لم تستجب للحكومة المصرية في تسليم الإخوان، واكتفت فقط بتقليل نبرة انتقاد هؤلاء، وبغلق بعض الوسائل الإعلامية، التي كانت تتطلق من اسطنبول وتنتقد الحكومة المصرية.

السياق
خطوات متسارعة، قطعتها القاهرة وأنقرة، على طريق تطبيع العلاقات، إلا أن ملفات عدة لم تحسم، رغم البوادر الإيجابية التي أبدتها مصر وتركيا، في الوصول إلى نقاط مشتركة بشأنها.
فمن مصافحة المونديال والاتصال الهاتفي من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى نظيره التركي رجب طيب أردوغان، إبان كارثة زلزال 6 فبراير الماضي، مرورًا بإرسال المساعدات المصرية لتركيا وزيارة وزير خارجية القاهرة سامح شكري إلى أنقرة، إلى زيارة وزير خارجية تركيا مولود تشاووش أوغلو إلى مصر، قبل أيام، خطوات عدة خطاها البلدان، على طريق إعادة العلاقات بينهما، التي قطعت قبل قرابة عشرة أعوام.
إلا أن ملف الإخوان، كان أحد أبرز الملفات التي لم تحسم، رغم أن أنقرة اتخذت خطوات عدة في ذلك الاتجاه، بدءًا من التضييق على أذرع التنظيم الإرهابي الإعلامية، وترحيل بعض الإعلاميين، وغير ذلك من إجراءات بناء الثقة مع القاهرة، التي اتخذتها في ذلك الاتجاه.
ذلك الملف أثار تساؤلات عن إمكانية حسمه قريبًا، وما إذا كانت تركيا تعثرت في تلبية مطالب القاهرة، وهل يعرقل ذلك مفاوضات التطبيع؟
يقول الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإرهابية منير أديب، في تصريحات لـ«السياق»: لا شك في أن ملف تنظيمات الإسلام السياسي ودعم تركيا لها، وأيضًا استضافة أفراد من الإخوان المصريين الصادرة بحقهم أحكام نهائية من محاكم مصرية، أدانتهم في جرائم لها علاقة بالعنف، أحد أهم الملفات في مسألة التطبيع.
وأوضح أن تركيا لم تستجب للحكومة المصرية في تسليم هؤلاء المتطرفين، واكتفت فقط بتقليل نبرة انتقاد هؤلاء، وبغلق بعض الوسائل الإعلامية، التي كانت تتطلق من اسطنبول وتنتقد الحكومة المصرية.
كنز إخواني
وأشار الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإرهابية، إلى أن تركيا رفضت قبول ملف تسليم الإخوان المصريين المتورطين في أعمال عنف، إذ ترى أنهم يمثلون لها كنزًا، تستطيع من خلاله الحصول على بعض المكاسب، في الضغط على الحكومة المصرية، على حد قوله.
ويرى أديب، أن الإخوان، ورقة تحاول من خلالها أنقرة أن تؤرق الحكومة المصرية، عبر توجيههم إلى إطلاق سهام الشائعات تحت مزاعم انتقاد البلد الإفريقي، لإثارة الفوضى، عبر دعوات التظاهر أو نشر الأكاذيب.
لكن الباحث في شؤون الحركات الإرهابية، عبَّـر عن آماله بأن تبدأ تركيا تسليم المطلوبين إلى الحكومة المصرية، ورغم ذلك، شكك في أن يعرقل ملف الإخوان مسار التطبيع بين مصر وتركيا.
وأشار أديب إلى أن الإخوان بدأوا البحث عن وطن بديل لهم، عبر نقل معظم استثماراتهم إلى صوماليا لاند، وألمانيا وهولندا وماليزيا، حتى يكونوا على استعداد لأي موقف قد تتخذه الحكومة التركية، خاصة أن الانتخابات المقبلة ربما تأتي بتغيير في سياسات أنقرة الداعمة لجماعة الإخوان.
موطن الإخوان
وأكد الباحث في شؤون الحركات الإرهابية، أن أنقرة لا تدعم جبهة ضد أخرى، إذ إن جبهة محمود حسين تقيم في اسطنبول، بينما انتقلت جبهة الراحل إبراهيم منير، التي تولاها صلاح عبد الحق، إلى تركيا في الآونة الأخيرة، مشيرًا إلى أن أنقرة الحاضن الرئيس لمجموعات الإخوان المنشقة.
ويقول الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإرهابية، إن هناك ملفات أخرى، تسيطر على مسار التطبيع بين مصر وتركيا، أبرزها شرق المتوسط وليبيا، مشيرًا إلى أن القاهرة وأنقرة تحاولان إيجاد أرضية مشتركة، لتجاوز ما يعرقل هذا المسار، خاصة بعد البناء عليها، وفق تفاهمات سياسية ظهر مردودها على الأرض.
عبء ثقيل
رؤية أخرى للباحث في شؤون حركات الإسلام السياسي محمود علي، الذي قال في تصريحات لـ«السياق»، إن تنظيم الإخوان أصبح عبئًا ولم يعد منه فائدة، مشيرًا إلى أن هناك دولًا بدأت تتحرر من دعمه سياسيًا، لأنه لم يحقق أي نجاح على الإطلاق، سواء في ملفاته الداخلية أم الخارجية.
وأوضح الباحث في شؤون حركات الإسلام السياسي، أن تنظيم الإخوان فشل في أن يكون ورقة ضغط فاعلة في ملفات إقليمية، مؤكدًا أنه حتى التغيرات السياسية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط والمصالحات والتقلبات في العلاقات بين الدول، لم يعد للتنظيم فيها ثقل.
تسريع التطبيع
وعن التطبيع بين القاهرة وأنقرة، قال الباحث في شؤون حركات الإسلام السياسي، إن العملية ستظل مستمرة، مشيرًا إلى أنه حال نجاح الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي، والتركي رجب طيب أردوغان، في الانتخابات الرئاسية المقبلة، سيكون هناك تقارب وتطوير للعلاقات بشكل أكبر.
وقلل الباحث في شؤون حركات الإسلام السياسي، من الوزن النسبي لملف الإخوان في هذه المسألة، موضحًا أن القاهرة تسعى في صراعها مع الإخوان، إلى القضاء على التنظيم، لذا ترى أن من حقها المطالبة باستعادة قيادات إخوانية.
لكن، هذا المطلب، من المرجح أن تتجاوزه مرحلة التطبيع بين البلدين، بعد أن أصبح على هامش مناقشات التصالح بينهما، وحلت محله قضايا جوهرية مثل ليبيا والتطبيع مع إسرائيل ودور الدولتين في تقليل النفوذ الإسرائيلي بالمنطقة، إلى جانب قضية غاز المتوسط، بحسب علي.
وأكد الباحث في شؤون حركات الإسلام السياسي، أن نحو 70% من الإخوان أصبح معه الجنسية التركية، الأمر الذي جعل بدائله في الحركة سهلة جدًا، خاصة إلى أوروبا وإفريقيا، لذا لم تعد معضلة التحرك أزمة لهؤلاء، بعدما أتيحت لهم بدائل عدة.