كيف أسهم غزو العراق في صعود إيران؟

أسوأ إرث لحرب العراق.. مواجهة لا نهاية لها مع إيران.

كيف أسهم غزو العراق في صعود إيران؟

ترجمات -السياق 

بعد مرور عشرين عامًا على غزو الولايات المتحدة للعراق عام 2003، ما تسبب في إراقة الدماء، دفعت بغداد وواشنطن الثمن غاليًا، بينما كانت جارة العراق ومنافستها إيران، المنتصر الوحيد من الفوضى التي أحدثها الغزو.

وتقول صحيفة ذا ناشيونال إنترست، في تقرير ترجمته السياق، إن الغزو الأمريكي أزال قبضة العراق من على إيران، مشيرة إلى أن طهران لم تعد مضطرة إلى الخوف من الأمة التي غزتها عام 1980. 

وأشارت إلى أنه منذ ذلك الحين، كان على استراتيجية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، أن تتعامل مع عواقب وجود طهران أكثر قوة. 

كان وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، قال في تصريحات على هامش زيارته العاصمة بغداد في 7 مارس الجاري، إن القوات «مستعدة للبقاء في العراق. لقد أصبح منع إيران هناك وفي أماكن أخرى مهمة أمريكية لن تنتهي».

وأدى الغزو والتفكيك اللاحق للدولة العراقية، إلى الفوضى وظهور نظام جديد متجذر في العنف والطائفية والفساد، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إن العراق الضعيف ترك الباب مفتوحًا للنفوذ الإيراني. 

استهداف المصالح الأمريكية

وأشارت إلى أن طهران بنت ميليشيات وحركات سياسية، ضمن الأغلبية الشيعية في العراق، واستخدمت هذه الجماعات لاستهداف المصالح الأمريكية، وطالبتها باستخدام حق النقض (الفيتو) في السياسة العراقية، مستخدمة القوة إن لم تحصل على ما تريد.

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن الميليشيات أسهمت في إضفاء الطابع الطائفي على السياسة والمجتمع، الأمر الذي جعل بغداد تفصل نفسها، بينما هربت منها الأقليات الدينية، مشيرة إلى أن جهود رئيس الوزراء السابق نوري المالكي أسهمت في جعل الجيش العراقي مواليًا له وحده، في انهياره ضد «داعش» عام 2014. 

وأشارت إلى أن الجيش الذي تلقى -طوال عقد من الزمان- تدريبات ومعدات أمريكية، هجر ثاني أكبر مدينة في العراق، تحت ضغط فرقة صغيرة، مؤكدة أن صعود داعش -الذي يعد ارتدادًا لغزو العراق، الذي ولّد تنظيم القاعدة سلف داعش في العراق- عزز يد إيران. 

مسكنات للأزمة

ومع فشل الجيش العراقي، استجابت الميليشيات للنداءات التي كان معظمها مدعومًا من إيران، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إن جهود دمج الميليشيات في القوات المسلحة العراقية، كانت مسكنات للأزمة، فلا تزال هذه الميليشيات خارج سيطرة الدولة، إضافة إلى أنها تطلق الصواريخ بشكل روتيني على السفارة الأمريكية والقواعد الأمريكية. 

وعام 2019، اقتحمت تلك المليشيات المنطقة الخضراء، ما جعل موازنة نفوذ هذه الميليشيات مبررًا لاستمرار الآلاف من القوات الأمريكية في العراق، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إن مواجهة الميليشيات مهمة لن تنتهي.

وتقول «ذا ناشيونال إنترست»، إن الميليشيات تهرب الأسلحة إلى سوريا ولبنان، مشيرة إلى أن هذه الأسلحة التي اعترضتها إسرائيل، شكلت صداعًا لجهود الولايات المتحدة في المنطقة. 

الحرب المقبلة

وأكدت أن استمرار تدفق الأسلحة، جعل الجيش الإسرائيلي يطلق تحذيرات، من أن حربه المقبلة ستكون مع حزب الله اللبناني الحليف لإيران، من خلال حملة جوية سريعة وعدوانية، قد تكون لها تكاليف باهظة في لبنان. 

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن سقوط القنابل الأمريكية الصنع على المجمعات السكنية في بيروت، حتى لو كانت تستهدف ملاجئ حزب الله، ستضر بصورة أمريكا في المنطقة، مشيرة إلى أن قطع خطوط الإمداد الإيرانية في المنطقة أصبح مبررًا لإبقاء القوات الأمريكية في سوريا، وإغلاق الطرق التي فتحها الغزو العراقي.

برنامج إيران النووي

وأكدت «ذا ناشيونال إنترست»، أن برامج إيران النووية والصاروخية، التي باتت عند مستويات عالية من التخصيب، ومنشآت تخصيب متعددة، ومجموعة متنوعة من الصواريخ البالستية قصيرة ومتوسطة المدى، لا يمكن فصلها عن حرب العراق. 

وأشارت إلى أنه من دون الخوف من العراق، تمتلك إيران مزيدًا من القوة لتستهدف الولايات المتحدة، مؤكدة أن بناء القدرات العراقية بصواريخ بالستية قصيرة المدى، ستكون أكثر ملاءمة لمهمة مواجهة إيران، بعيدًا عن جهود طهران الهادفة لتطوير أدوات لمحاربة أمريكا وإسرائيل.

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن بعض التطورات الإيرانية في الصواريخ البالستية قصيرة المدى، التي تستهدف العراق كانت ستزيد أيضًا التهديد الإيراني للقواعد الأمريكية في المنطقة، مشيرة إلى أن هذه المخاطر ليست بحجم التهديد النووي والصاروخي الإيراني، الذي نواجهه اليوم. 

ومع تخصيب إيران اليورانيوم بما يصل إلى درجة نقاء الأسلحة، تتزايد المخاوف من أن إسرائيل قد تضرب مواقع طهران النووية، وهي خطوة قد تشعل فتيل حرب كبرى. 

وتقول «ذا ناشيونال إنترست»، إنه رغم عدم إمكانية معرفة كيف سيكون شكل الشرق الأوسط اليوم، لو لم تذهب الولايات المتحدة إلى العراق، فإنه من الصعب تصور مسار من شأنه أن يشهد صعودًا مماثلاً في القوة الإيرانية. 

وختمت تقريرها بقولها، إن غزو العراق جلب عديد الشرور، لكن المواجهة الطويلة مع إيران -التي قد تؤدي إلى الحرب- من أكثر المواجهات ديمومة.