ماذا وراء إنشاء معسكرات للحشد الشعبي خارج المدن العراقية؟

يرى مراقبون أن إعلان رئيس الوزراء العراقي، عزمه إنشاء معسكرات للحشد الشعبي خارج المدن، الهدف منه تحجيم دور الحشد المتعاظم في العراق، والحد من نفوذه سياسيًا وأمنيًا.

ماذا وراء إنشاء معسكرات للحشد الشعبي خارج المدن العراقية؟

السياق

في خطوة ظاهرها "تكريم" وباطنها "تهميش" بحسب مراقبين، أعلن رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، عزم الحكومة على إنشاء معسكرات خاصة لقوات الحشد الشعبي، مشيدًا بدورها خلال الفترات الماضية بجانب القوات العراقية، مؤكدًا أنه لا يمكن التفريط فيه، بعدما أصبح جزءًا أساسيًا من حالة الاطمئنان في الشارع العراقي.

وقال رئيس الوزراء العراقي، في كلمة بمناسبة الذكرى التاسعة لتأسيس الحشد الشعبي، إن الحكومة تعمل على وضع قانون، يضمن لأبناء الحشد تقاعدًا كريمًا، مثل إخوتهم في بقية القوات الأمنية.

الخطوات التي أعلنها السوداني، يرى مراقبون أنها تهدف إلى تحجيم دور الحشد المتعاظم في العراق، والحد من نفوذه سياسيًا وأمنيًا، لاسيما في محافظات السُنة التي يتهم نوابها بالبرلمان وقوى سُنية وكردية الحشد بتنفيذ أجندات طائفية في مناطقها واستفزاز الناس، ما دفع السوداني قبيل تصديق الحكومة، إلى التعهد بإخراجهم من المدن، للموافقة على تشكيلها.

تشكل الحشد الشعبي عام 2014، استجابة لفتوى المرجع الشيعي علي السيستاني، إثر سقوط أربع محافظات شمالي وغربي البلاد في يد تنظيم داعش، واقترابه من العاصمة بغداد.

 

شيء من الماضي

تمكن الحشد الشعبي، بدعم الجيش وقوات الأمن العراقية، من وقف زحف داعش، وتحرير المحافظات الأربع ذات الأغلبية السنية، ما منحه شرعية قانونية عام 2016، بعد اعتراف البرلمان به "كقوة رديفة وساندِة للقوات الأمنية العراقية، ولها الحق في الحفاظ على هويتها وخصوصيتها، ما دام لا يشكل ذلك تهديدًا للأمن الوطني".

ويرى السوداني أن التحديات الأمنية التي واجهها العراق، أصبحت من الماضي "بفضل يقظة قواتنا الأمنية"، مشيرًا إلى أن دور تشكيلات الحشد الشعبي لم يقتصر على تحرير الأرض، بل ساند الجيش لحفظ مؤسسات الدولة والنظام السياسي في العراق. اللافت في حديث السوداني، أنه رغم مدحه للحشد الشعبي، شدد على الدور الذي لعبته قوات الأمن العراقية والجيش في مواجهة داعش، في الوقت الذي يسيطر خطاب أن الحشد هو الذي أنقذ العراق من داعش وهزمه، ويهمش دور قوات الأمن العراقية والجيش.

وأوضح السوداني -خلال كلمته- أن للحشد -بعد صدور قانونه- الشرعية المستندة للدستور، ويخضع لإشراف القائد العام للقوات المسلحة مثل بقية الأجهزة الأمنية.

 

الحشد بلا رأي سياسي

في السياق ذاته، قال فالح الفياض رئيس هيئة الحشد الشعبي، إن الأيام المقبلة ستكون فرصة لانطلاق تقنين مؤسسة الحشد، مشيرًا إلى أن الحشد ليس له رأي سياسي، ويأتمر بأمر القائد العام للقوات المسلحة، ويخضع لأوامر قيادة العمليات المشتركة، وأنه لا  يسمح باستضعاف الأقليات، ولم ولن يسمح بالتعامل بدونيّة مع العشائر.

تأتي تصريحات الفياض، في الوقت الذي يوجه عراقيون وأحزاب سياسية معارضة اتهامات لبعض فصائل الحشد بالتفلت والتبعية لإيران.

وتقول أوساط سياسية عراقية، إن الحشد أصبح قوة مهددة لاستقرار البلاد، ليس بسبب سطوته الأمنية وأنشطته الطائفية فقط، وإنما أيضا لأنه تحول إلى قوة بديلة لأجهزة الدولة، ويعمل على استنساخ تجربة الحرس الثوري في إيران، من خلال سعيه لتعزيز نفوذه الاقتصادي.

 

تعزيز السيطرة

بعد انتهاء العمليات القتالية الكبرى ضد تنظيم داعش، فرضت ميليشيات الحشد سيطرتها على الملف الأمني في المحافظات المحررة نينوى والأنبار وصلاح الدين.

 وافتتحت مكاتب تعزز قدراتها الاقتصادية، عبر السيطرة على منافذ حدودية غير شرعية مع سوريا، والشراكة في عقود إعادة الإعمار، وفرض الرسوم على الشركات المحلية، وابتزاز رجال الأعمال والمستثمرين، واستيفاء رسوم شهرية من أصحاب المقاهي والمطاعم والتجار، إضافة إلى فرض رسوم على شاحنات نقل البضائع التي تدخل بعض المدن الخاضعة لنفوذها.

كما عزّزت هذه الميليشيات انتشارها على الحدود، لتأمين مرور الأسلحة والمقاتلين المرتبطين بفيلق القدس الإيراني إلى سوريا، وتحقيق مزيد من المكاسب الاقتصادية، من خلال المنفذ الحدودي، أو عبر منافذ برية غير رسمية تشرف عليها الفصائل الموجودة في منطقتي القائم العراقية والبوكمال السورية.

وخصصت 38% من ميزانية العراق لصالح قوات الحشد بـ 2.8 مليار دولار، ما عدَّها مراقبون زيادة ضخمة وغير مبررة، في الأموال المخصصة للحشد.