زعيم إخوان تونس يورط وزيرين في حكومة بودن... غضب عارم ومصير غامض
فوجئ التونسيون، مساء الجمعة، بتداول صورة جمعت وزيري التربية محمد علي البوغديري والشؤون الدينية إبراهيم الشايبي، في الحكومة التونسية، برئيس حركة النهضة راشد الغنوشي

السياق
رغم لفظها شعبيًا وطي صفحتها سياسيًا، فإن جماعة الإخوان في تونس، لم تقبل بالهزيمة، محاولة البحث عن أي ثغرة للنفاذ منها إلى البلد الإفريقي، أملًا بأن تعود للمشهد الذي تجاوزها بكثير.
تلك الثغرات التي تترقبها جماعة الإخوان بكل دأب، تأمل من خلالها القفز على المسار السياسي في تونس، الذي استبعدت منه، بقرارات استثنائية أصدرها الرئيس التونسي قيس سعيد في يوليو 2021، وأيدها التونسيون في مسارات عدة، بدأت بالاستفتاء الشعبي، مرورًا بمرحلتي الانتخابات الأولى والثانية.
فماذا حدث؟
فوجئ التونسيون، مساء الجمعة، بتداول صورة جمعت وزيري التربية محمد علي البوغديري والشؤون الدينية إبراهيم الشايبي، في الحكومة التونسية، برئيس حركة النهضة راشد الغنوشي والسياسي التونسي عصام الشابي.
وبحسب الصورة المتداولة، فإن الرباعي ظهر رفقة السفير الإيراني، يمسكون بأيدي بعضهم، في لقطة جمعتهم، خلال تقطيع «الكعكة» بمناسبة الذكرى الـ44 للثورة الإيرانية.
وأثارت الصورة المتداولة جدلًا واسعًا في أوساط التونسيين، الذين شن بعضهم هجومًا حادًا على الوزيرين، مطالبين بإقالتهما من منصبيهما، خاصة أن تلك الصورة تعكس توجه البلد الإفريقي، الذي يقطع التواصل مع من تلوثت أيديهم بدماء التونسيين، بينما حاول آخرون أن يكونوا أكثر انضباطًا في انتقادهم، متسائلين عن الأسباب التي جمعت الوزيرين بالغنوشي، التي وضعتها وحكومة نجلاء بودن «في ورطة».
إلا أن الجدل قطعته أرملة محمد البراهمي مباركة عواينية، التي نشرت في "فيسبوك" تعليقًا على الصورة، قائلة إنها التقطت في السفارة الإيرانية بمناسبة عيدها الوطني، مشيرة إلى أنها حضرت لحظة التقاط الصورة.
كشف خداع الإخوان
وقالت أرملة البراهمي، إن «الصورة خبيثة جدًا (...) حضور راشد الغنوشي في كل مناسبة حضور أخبث»، مضيفة: «كان سعادة السفير سيقطع الكيكة مع الوزيرين، لكنّ راشد الغنوشي تغنّج ثم قفز من مكانه، بعد أن ابتسم له السفير وتبعه عصام الشابي».
من جانبه، قال رياض جراد الإعلامي التونسي، المعروف بتأييده الشديد للرئيس التونسي قيس سعيد، في «فيسبوك»: «سي محمد علي البوغديري وإبراهيم الشايبي، فيبالكم بأرواحكم ماشين تمثلوا في الدولة التونسية ماهو ولّا؟! فيبالكم ماهو إنّو أبسط حاجة في الأعراف إنّو انت تشترط شكون حاضر معاك في نفس المناسبة واللّقطة و الصورة و..و.. إلخ ؟!».
وأضاف الإعلامي التونسي موجهًا سهام انتقاداته للوزيرين: «ما كنتوش تنجموا تكتفيو ببرقية تهنئة وأكهو؟! أخطانا من هذا الكل... تحتفلوا مع راشد الغنوشي بابا؟ تقصّوا في "القاطو" اليد في اليد مع الغنوشي؟ مع اليد الملطخة بدم الشهداء من أمنيّين وعسكريّين؟ مع رئيس العصابة المتهم باغتيال الشهيدين شكري والبراهمي؟ والتسفير والجهاز السرّي والإرهاب؟! أنا كمواطن تونسي بريء من هذه الصورة العار».
إدانات وغضب
بينما قالت سعيدة قراش المستشارة السياسية السابقة للرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، في «فيسبوك»: «بعد لمّة الأحباب اليوم عاد في سفارة إيران سلطة ومعارضة، ما عادش تآمر وغيرو، هاو ما حلانا تبارك الله يد وحدة الناس الكل... علاش العذاب والتهديد والوعيد؟».
إلا أن انتقادات الصورة لم تقف عند هذا الحد، بل إن مطالبات بإقالة الوزيرين، نادى بها العديد من مغردي مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرين إلى ضرورة إقالة من وضع يديه بيد من تلوثت يداه بدماء التونسيين.
إلى ذلك، قال المدون التونسي سيف الدين محمد، في «فيسبوك»: محمد علي البوغديري وزير التربية وإبراهيم الشابي وزير الشؤون الدينية رفقة راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة بمقر سفارة إيران (...) إقالات قريبة وتحوير وزاري في الأفق».
الأمر نفسه، أشار إليه المدون التونسي جلالي نور الدين، قائلًا، في «فيسبوك»: «وفي الأثناء... هرج ومرج وغضب في صفوف أنصار الصعود الشاهق ومطالبة بإقالة وزير التربية ووزير الشؤون الدينية... بعد الصورة التي انتشرت على هذا الفضاء... جمعت الوزيرين بالغنوشي بالسفارة الايرانية... أثناء إحياء ذكرى الثورة الإيرانية».
وبينما كانت تلك الصورة تجد انتشارًا كبيرًا وتعليقات غاضبة من المغردين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كان الرئيس التونسي قيس سعيد يعقد اجتماعًا بقصر قرطاج، مع وزيرة العدل ليلى جفال، لمناقشة ملفات عدة، خاصة تلك المتعلقة بمصير عدد من القضايا التي ظلت من دون بتّ لمدّة أعوام.
إفساد الأدلة
وقالت الرئاسة التونسية، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إن الرئيس قيس سعيد، تطرق إلى موضوع اللجنة التي المستحدثة لمتابعة سير قضيتي شكري بلعيد ومحمد البراهمي، مشيرًا إلى أن السير الطبيعي للعدالة لا يقتضي إحداث هذه اللجان، لكن هذه القضية وغيرها بقيت عالقة، فضلًا عن إتلاف بعض المؤيدات والوثائق.
وأوضح الرئيس التونسي، أنه كان على النيابة العمومية إثارة دعاوى ضدّ من قام بهذه الأعمال، التي هي في الواقع جرائم حدثت لطمس معالم جرائم أخرى، في إشارة إلى يد الإخوان التي عبثت بالملفات، لعدم العثور على أدلة تدينها في جريمتي اغتيال بلعيد والبراهمي.
وجدّد الرئيس سعيد تأكيد الدور الذي يضطلع به القضاء، في هذه المرحلة الدقيقة التي تعيشها تونس، مشدّدا على ضرورة محاسبة كل من أجرم على قدم المساواة فـ«من غير المعقول أن يبقى خارج دائرة المحاسبة من له ملف ينطق بإدانته قبل نطق المحاكم، فالأدلة ثابتة وليست مجرّد قرائن».
وأشار الرئيس سعيد إلى أن الشعب التونسي يريد محاسبة كل من تلوثت أيديهم بدماء التونسيين، مؤكدًا أن الأمر طال انتظاره، بينما الواجب المقدّس يقتضي الاستجابة لهذا المطلب في أسرع الأوقات، لأنه مطلب شعبي مشروع.