بعد 20 عامًا.. إعلاميون أمريكيون روجوا لغزو العراق باتوا أكثر ثراءً ونفوذًا

فكرة أن الولايات المتحدة وإسرائيل والمملكة المتحدة وأي قوى غربية أخرى ستحاكم بتهمة ارتكاب جرائم حرب في لاهاي، غير مطروحة على الإطلاق.

بعد 20 عامًا.. إعلاميون أمريكيون روجوا لغزو العراق باتوا أكثر ثراءً ونفوذًا

بعد 20 عامًا من غزو العراق... إعلاميون أمريكيون روجوا بالكذب لأكثر حروب القرن 20 دمارًا باتوا أكثر ثراءً ونفوذًا

ترجمات -السياق 

لاشك أن وسائل الإعلام الأمريكية لعبت دورًا مهمًا في دعم القرار الذي اتخذه الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش، قبل نحو 20 عامًا لغزو العراق، ورغم مراجعات كثيرين منهم، وتبرؤهم منها، إلا أن كثيرين آخرين مازالوا يتمتعون بنفوذ كبير داخل الولايات المتحدة حتى الآن.

شبكة ريال نيوز نتورك الأمريكية، سلطت الضوء على الدور الإعلامي خلال عملية الغزو، بعد عقدين من الزمن على سقوط بغداد، متسائلة: (أين هؤلاء الإعلاميون الآن)؟، مشيرة إلى أن الأمر لا يقتصر على أن الشخصيات الإعلامية -التي باعت أكثر جرائم الحرب تدميرًا في القرن الحادي والعشرين- لم تواجه أي عواقب مهنية، وإنما الأكثر خطورة أنهم أصبحوا أكثر قوة وتأثيرًا.

واستشهدت الشبكة، في تحليل للكاتب والروائي الأمريكي آدم جونسون، بمحاولة وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" وقف الجهود التي يبذلها الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، لتبادل المعلومات المتعلقة بجرائم الحرب الروسية مع المحكمة الجنائية الدولية (آي سي سي)، محذرة من أن قرارات المحكمة قد يعوّل عليها في "أمور سابقة"، وكذلك محاكمة الأمريكيين على جرائم الحرب في العراق وأفغانستان ومجالات أخرى من المشاركة العسكرية الأمريكية.

يذكر أن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت مذكرتي توقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمفوضة الروسية لحقوق الطفل ماريا لفوفا بيلوفا، بشأن جرائم الحرب في أوكرانيا.

وبما أن هذه المحاكمات لا تُجرى غيابيًا، فإن على السلطات الروسية تسليم بوتين أو توقيفه خارج روسيا.

وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي أدريان واتسون، في بيان: "ليس هناك شك في أن روسيا ترتكب جرائم حرب وفظائع في أوكرانيا، وقد أوضحنا أنه يجب محاسبة المسؤولين عنها".

وأضافت: "المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مسؤول مستقل ويتخذ قراراته بناءً على الأدلة المعروضة عليه"، وتابعت: "نحن نؤيد محاسبة مرتكبي جرائم الحرب".

ويلاحظ أن البيان لم يعبر صراحةً عن دعمه لجهود المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة الرئيس الروسي على جرائم الحرب.

تملص

وأشارت "ريال نيوز" إلى أنه عشية الذكرى العشرين لغزو العراق، بدت الولايات المتحدة كأنها تتملص من أي اتهام يوجه لروسيا بشأن جرائمها في أوكرانيا، وكأنها تعترف بأنها لا تملك أي سلطة قانونية أو أخلاقية، للمساعدة في مقاضاة جرائم الحرب الروسية في أوكرانيا لأنها، هي نفسها، ارتكبت عديد الجرائم، بما في ذلك غزو بلد آخر.

رغم ذلك، فإن الشبكة الأمريكية رجحّت إبطال محاولات مماطلة "البنتاغون"، خاصة بعد طمأنة المشرعين والمسؤولين بشكل كافٍ بأن "السابقة" لا تعني شيئًا عندما يتعلق الأمر بالقانون الدولي والمحكمة الجنائية الدولية، التي وجهت -حصريًا- بين 41 لائحة اتهام علنية، اتهامات لأفارقة بشأن جرائم حرب في أكثر من 20 عامًا من وجودها.

ورغم تأكيد الكاتب أن إجراءات المحكمة تكون ضد الدول الضعيفة، خصوصًا الأفارقة، فإنه لم يستبعد جر روسيا إلى هذا المجال، مضيفًا: "نظرًا لوضع روسيا المنبوذ نسبيًا على المسرح العالمي، وناتجها المحلي الإجمالي الضئيل، وتجاهلها الصارخ للضحايا المدنيين، قد يتمكنون من صُنع التاريخ وكسر حاجز اللون العكسي".

رغم ذلك فإنه استبعد توجيه أي اتهام لدول بعينها، موضحًا أن فكرة أن الولايات المتحدة وإسرائيل والمملكة المتحدة وأي قوى غربية أخرى ستحاكم بتهمة ارتكاب جرائم حرب في لاهاي، غير مطروحة على الإطلاق.

ويضيف جونسون: "لم يُحاسب أي من الصقور الذين روجوا للغزو الإجرامي للعراق أو شجعوا أو سمحوا بذلك فحسب، بل لقد ازدهروا منذ ذلك الحين، وحققوا نجاحًا في وسائل الإعلام، ودوائر المتحدثين، والوظائف الحكومية، بل يشغل بعضهم أهم الوظائف في المكتب البيضاوي".

بينما في المقابل، أبعِد أصحاب التيار المعارض للحرب، مثل فيل دوناهو وكريس هيدغز، أو نُقلوا إلى وسائل إعلام بديلة.

أمام ذلك، يرى الكاتب، أن ما سماه "النجاح شبه الموحد لمشجعي حرب العراق، يُقدم أعظم درس لما يساعد المرء في المضي قدمًا بالحياة العامة، وهو لاشك ليس اتباع الصواب، أو تحدي القوة، لكن الذهاب مع الريح والسخرية ممن يجرؤ على ذلك"، وفق قوله.

مؤيدو الحرب

بعد 20 عامًا، سلَّط جونسون الضوء على بعض أكبر المؤيدين الإعلاميين في الولايات المتحدة لحرب العراق، وبيّن كيف يعيشون حياتهم بشكل أفضل.

ديفيد فروم

كان ديفيد فروم كاتبًا رئيسًا بالبيت الأبيض في عهد بوش وصاغ مصطلح "محور الشر".

وبعد الفترة التي قضاها بالبيت الأبيض في عهد بوش، تحول فروم إلى "الفصل الثاني" ككاتب عمود ذي أجر جيد ومؤثر في مجلة ذا أتلانتيك، وصاحب حضور قوي على شاشات التلفزيون الأمريكية.

ورغم تقليص دوره نوعًا ما إبان حكم باراك أوباما، فإن مساهمته الأبرز كانت (إنكار جرائم الحرب الإسرائيلية خلال عملية الجرف الصامد عام 2014 من خلال اتهام الفلسطينيين بأنهم الجهة الفاعلة في التسبب بالأزمة).

حقق فروم أرباحًا أكبر مع صعود دونالد ترامب إلى السلطة، ولا يزال ينشر قصصًا إخبارية معادية للأجانب بمجلة ذا أتلانتيك، (بينما يهاجم ترامب بشأن الهجرة).

في الآونة الأخيرة، كان يشغل نفسه بوضع الأساس لانقلاب أمريكي ناعم في المكسيك، عن طريق التهم الهستيرية بالديكتاتورية، من جانب الرئيس أندريس مانويل لوبيز أوبرادور.

وقد أصبح مؤخرًا اسمًا لامعًا في وسائل التواصل الاجتماعي، وآلة تقدم بعض "التفاهات" للمحافظين الجدد على محطة (إم إس إن بي سي)، حسب وصف الكاتب.

ومن خلال هذه المحطة، يظهر فروم يبكي بشأن "الاستبداد" ، و"سيادة القانون"، وغير ذلك من شعارات الحرب الباردة الحماسية المستخدمة لتبرير تدخل الولايات المتحدة في البلدان الأجنبية.

ولم يكتفِ بعدم الاعتذار عن دوره في المتاجرة بحرب العراق، بل يدافع عنها بعبارات شديدة التعصب والعنصرية.

جيفري غولدبيرغ

هو الرئيس المباشر لـديفيد فروم في مجلة أتلانتيك.

كان مراسلاً في صحيفة نيويوركر، وساعد في غسل نظريات المؤامرة التي تربط صدام حسين بأحداث 11 سبتمبر، والعراق بالقاعدة بشكل عام، وهي نظريات فقدت مصداقيتها تمامًا في ما بعد.

قبل ستة أسابيع من الغزو، استغل غولدبرغ أقدس الشبكات الإعلامية في الولايات المتحدة (الراديو الوطني العام) "إن بي آر"، لمناقشة "الروابط المحتملة بين العراق والقاعدة والأدلة على أن العراقيين قد يحاولون التهرب من مفتشي الأسلحة".

وفي تلك المقابلة، ساعد غولدبرغ في نشر المعلومات الخاطئة، التي كان يصيغها حينها ديك تشيني -نائب بوش- حول أن صدام له يد في أحداث 11 سبتمبر.

غولدبيرغ الآن رئيس تحرير مجلة أتلانتيك المرموقة والمؤثرة.

ومثل كثيرين، استخدم التدخل الروسي الأخير في الانتخابات الأمريكية والعدوان على أوكرانيا، لغسل صورته والترويج لنفسه، كبطل للديمقراطية الغربية الليبرالية والنظام القائم على القواعد الليبرالية.

كانت لدى غولدبرغ الجرأة للكتابة والإشراف على سلسلة متعددة الأجزاء في مجلة أتلانتيك عن "نظريات المؤامرة" بين عامي 2020 و2022، حتى أنه شارك في إنتاج سلسلة وثائقية لبيكوك -خدمة بث فيديوهات أمريكية- بدعم من مالكة مجلة أتلانتيك المليارديرة الأمريكية لورين باول، يشرح فيها بالتفصيل صعود المؤامرات في السياسة الأمريكية.

ويقول الكاتب: رغم أن عديد نظريات المؤامرة التي توثقها السلسلة -في الواقع- سامة ومضرة بديمقراطيتنا الهشة، فقد تجاهل غولدبرغ بشكل ملحوظ، إحدى نظريات المؤامرة الأكثر أهمية في العشرين عامًا الماضية، أي اتهام العراق بأنه لعب دورًا في التخطيط والتنفيذ لهجمات الحادي عشر من سبتمبر، متناسيًا أن هذه المؤامرة وحدها ساعدت في قتل ما بين 500 ألف ومليون عراقي.

جو سكاربورو

في أبريل 2003 -أي بعد أسبوعين من الغزو- قدَّم جو سكاربورو برنامجًا عبر محطة (إم إس إن بي سي) بعنوان "سكاربورو كونتري"، وكان أحد أول الأشياء التي فعلها، من خلال منصبه الإعلامي الجديد، السخرية من أولئك الذين شككوا في حكمة الحرب.

الآن... جو سكاربورو مقدم برنامج صباحي يتابعه الملايين على محطة (إم إس إن بي سي).

جوناثان شايت

كان كاتبًا شابًا في مجلة ذا نيو ريببلك (التي كان يديرها في ذلك الوقت مارتي بيرتس المؤيد جدًا لحرب العراق)، وكتب عديد المقالات التي تناقش صراحةً غزو العراق.

أحد هذه المقالات، بعنوان "أعط فرصة للحرب"، عرض فيه قضية "ضرورة دعم الليبراليين للعمل العسكري ضد العراق".

ربما كان شايت البالغ من العمر 51 عامًا أقل المكافأين في قائمة الإعلاميين الذين أيدوا الحرب، إذ بعد سنوات من عمله ترقى أخيرًا إلى درجة محرر أول قبل مغادرته "ذا نيو ريببلك" عام 2011.

انتقل شايت للعمل بمجلة نيويورك، حيث يتولى متابعة شكاوى القراء.

فريد زكريا

كان أحد أكبر المروجين لخطاب "صراع الحضارات" الذي عزز كثيرًا من الحماسة الشوفينية للغزو.

وزكريا هو الذي صاغ المانشيت الشهير "لماذا يكرهوننا؟" لمجلة نيوزويك، بعد أسبوعين من أحداث 11 سبتمبر، مصحوبًا بصورة لطفل يحمل سلاحًا جاهزًا لقتل الأمريكيين البيض الطيبين.

كما حمل تقرير زكريا عام 2002 عن المعارضة الأوروبية الواسعة النطاق لحرب العراق عنوانًا غريبًا "الحمائم الوحيدة في أوروبا".

وفي المقال، يشير زكريا إلى معارضة ألمانيا للحرب بأنها "غريبة" ورسم موقف المستشار جيرهارد شرودر المناهض للحرب على أنه يخاطب الرأي العام، بعيدًا عن المصالح العامة للغرب.

كان زكريا أحد أبرز مقدمي البرامج الإخبارية في العشرين عامًا الماضية.

والآن... يقدم فريد زكريا برنامجًا على شبكة سي إن إن، ويكتب عمودًا أسبوعيًا في صحيفة واشنطن بوست.

آن أبلباوم

كانت أبلباوم عضوًا في هيئة تحرير صحيفة واشنطن بوست، التي دافعت -بصوت عالٍ- عن غزو العراق.

وكتبت في مقالة افتتاحية 6 فبراير 2003: "بعد العرض الذي قدمه وزير الخارجية كولن باول، أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، من الصعب أن نتخيل كيف يمكن لأي شخص أن يشك في أن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل".

وأضافت: "لاشك أن نظام صدام حسين يتعاون مع تنظيم القاعدة للحصول على أسلحة كيماوية وشنّ هجمات في أوروبا".

وتعليقًا على ذلك، يقول الكاتب: "غني عن القول إن كل كلمة كانت كذب... بل وكذب متعجرف بشكل لا يصدق".

ظلت أبلباوم كاتبة رأي في "واشنطن بوست" سنوات، بينما كانت مساهمتها الأكثر إثارة للجدل، دفاعها بشدة عن المخرج الفرنسي، رومان بولانسكي، من تهمة اغتصاب حدثت عام 1973، حينما كانت الضحية قاصرًا في السادسة عشرة من عمرها.

لم يتوقف الأمر عند دفاعها عن بولانسكي، وإنما تدخل زوجها رادوسلاف سيكورسكي، وزير الخارجية البولندي آنذاك، وضغط على وزيرة الخارجية آنذاك هيلاري كلينتون، لإعادة بولانسكي إلى فرنسا.

أبلباوم الآن كاتبة في مجلة أتلانتيك، وزميلة بارزة بمعهد أغورا في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز، الدعامة الأساسية الأخرى للمحافظين الجدد.