هل تحذو أمريكا حذو إسرائيل بشأن إيران؟
إسرائيل طورت نموذجًا لمكافحة العدوان الإيراني بشكل مباشر، ومن ثمّ على أمريكا أن تؤيده بحزم، بحسب مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية

ترجمات - السياق
رأت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، أن الولايات المتحدة وإسرائيل يمكنهما العمل معًا والتنسيق والبحث عن طريقة لمكافحة مخططات إيران، في ضوء التهديدات التي تمثلها أنشطتها في المنطقة.
وأوضحت، في تحليل للكاتب مارك فوكس، العضو في المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي، أن إسرائيل تُعد الدولة الوحيدة التي تواجه -باستمرار وبشكل استباقي- تهديدات إيران للأمن الإقليمي والعالمي، مشيرة إلى أن على واشنطن أن تُشجع تل أبيب وتدعمها وتنضم إليها في اتخاذ إجراءات قوية لمنع إيران من تنفيذ إرهابها، وتعزيز برنامجها النووي.
وأشارت إلى أن إسرائيل طورت نموذجًا لمكافحة العدوان الإيراني بشكل مباشر، ومن ثمّ "على أمريكا أن تؤيده بحزم"، منوهة إلى أنه لسنوات، أرهبت الصواريخ والطائرات من دون طيار الإيرانية، الشرق الأوسط، ومؤخرًا أوكرانيا.
لكن، مع هجماتها الأخيرة على عديد من المصالح العسكرية الإيرانية، بما في ذلك استهداف اجتماع للإيرانيين والسوريين لمناقشة تصنيع الطائرات من دون طيار في 19 فبراير الماضي، يبدو أن إسرائيل الدولة الوحيدة التي تواجه باستمرار وبشكل استباقي تهديدات طهران للأمن الإقليمي والعالمي، ومن ثمّ "على الولايات المتحدة أن تشجع إسرائيل وتدعمها وتنضم إليها في اتخاذ إجراءات قوية ضد الإرهاب الإيراني".
تجدر الإشارة إلى أن إيران كانت قد وسعت نطاق أنشطتها النووية بشكل كبير منذ عام 2019، بعد عام من انسحاب إدارة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، من الاتفاق النووي، بينما فشلت جهود الرئيس الحالي، جو بايدن، لإحياء الاتفاق حتى الآن.
تحركات إسرائيلية
وعن التحركات الإسرائيلية ضد الأهداف الإيرانية، نوهت "ناشيونال إنترست" إلى أن الهجمات الإسرائيلية بطائرات من دون طيار استهدفت ثلاثة أهداف إيرانية بين 28 و30 يناير الماضي (منشأة عسكرية إيرانية في أصفهان ليل 28 يناير، وقافلة من ست شاحنات مرتبطة بالحرس الثوري، ورد أنها تحمل أسلحة إيرانية على طول الحدود السورية العراقية في 29 يناير، وقادة الميليشيات المدعومة من إيران بسوريا في 30 يناير).
وأشارت إلى أن هذه الهجمات تواصل استراتيجية إسرائيل في مواجهة التوسع العسكري الإيراني ودحره وردعه، لافتة إلى أنه منذ أن بدأت إسرائيل "حملتها بين الحروب" عام 2015، شنت غارات جوية لتقويض قدرات إيران والميليشيات الشريكة لها، ومنع طهران من انتشار الأسلحة الدقيقة.
وبينت المجلة أنه في عهد رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، تبنت إسرائيل "عقيدة الأخطبوط" بفرض تكاليف مباشرة على الرأس الإيراني، إضافة إلى مخالب النظام بالوكالة في الشرق الأوسط.
ووفقًا للبيانات التي جمعها المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي، فإنه على مدى السنوات الثماني الماضية، بلغت النتائج المرئية لنهج إسرائيل أكثر من 400 غارة جوية ضد التوسع العسكري الإيراني على مستوى المنطقة، بما في ذلك 350 في سوريا وأكثر من خمسين في لبنان وأربع في إيران وواحدة في العراق.
في المقابل، كانت الولايات المتحدة أكثر هدوءًا في مواجهة إيران، ففي العامين الماضيين منذ تولي الرئيس جو بايدن منصبه، كان هناك ثمانون هجومًا على القوات الأمريكية أو المتعاقدين في العراق وسوريا، حيث أطلقت الجماعات المدعومة من إيران أكثر من 230 قذيفة، بما في ذلك 170 صاروخًا و60 طائرة من دون طيار، وفقًا للمعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي.
ومع ذلك، شنت إدارة بايدن ثلاث جولات فقط من الضربات الجوية على الميليشيات المدعومة من إيران في العراق وسوريا.
الضغط الأقصى
وأشارت "ناشيونال إنترست" إلى أنه رغم حملة "الضغط الأقصى" المهمة والمترتبة على ذلك لشل إيران اقتصاديًا، لم تكن إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أكثر عدوانية من الناحية العسكرية من خليفتها.
الاستثناء من ذلك -حسب المجلة- غارة يناير 2020 التي قتلت قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني وقائد كتائب حزب الله أبو مهدي المهندس، التي قوَّضت شبكة الإرهاب الإيرانية.
وترى المجلة الأمريكية أن الضربات الأمريكية المنتظمة، ضد أولئك الذين يسعون إلى إلحاق الضرر الوشيك بالمصالح الأمريكية، مثل سليماني والمهندس، ستكون رادعًا قويًا ووسيلة لتقليص القدرات الإيرانية.
وأوضحت أنه رغم أن الولايات المتحدة وإسرائيل حذرتا -مرارًا وتكرارًا- من أن الأسلحة الإيرانية تشكل تهديدات، فإن إسرائيل وحدها هي التي تضر بشكل منتظم واستباقي بقدرة إيران على تطوير وتصنيع ونشر هذه الأسلحة.
ونوهت إلى أن الإجراءات أبلغ عنها لإسرائيل -استهداف بعض مصانع الطائرات من دون طيار الإيرانية- دليل إضافي على قيمتها كشريك أمني، لافتة إلى أنه بينما ضغطت واشنطن وكييف على تل أبيب لتزويد أوكرانيا بالسلاح، فإن إسرائيل الدولة الوحيدة التي تعيق الآن تدفق الطائرات من دون طيار القاتلة إلى روسيا.
في الوقت نفسه، اعترف المسؤولون الأمريكيون بأنهم لم يوقفوا نقل الطائرات من دون طيار الإيرانية إلى روسيا، بينما تسمح الدول الأوروبية لشركات الطيران الإيرانية الإرهابية، التي تقدم طائرات من دون طيار إلى روسيا باستخدام المطارات الأوروبية.
وذكرت المجلة أنه وفقًا لما تعرف بـ"حرب الظل" بين تل أبيب وطهران منذ سنوات، تواصل إسرائيل هجماتها الاستراتيجية، في مواجهة التوسع العسكري لإيران ودحره ولتقويض قدراتها والميليشيات التابعة لها، بخلاف منعها من الحصول على الأسلحة الدقيقة.
وأفادت أنه بينما تعد إسرائيل شريكًا أمنيًا للولايات المتحدة منذ عقود، إلا أنها في الوقت الحالي تخدم المصالح الأمريكية في ما يتعلق بإعاقة تدفق الطائرات من دون طيار الإيرانية إلى روسيا، من خلال شن ضربات دقيقة على المصانع العسكرية المعنية.
وأضافت المجلة أنه مع تركيز الولايات المتحدة على مساعدة أوكرانيا وهزيمة القوات الروسية، على إدارة بايدن استخدام أدوات تتجاوز العقوبات والدبلوماسية، بما في ذلك "القوة العسكرية والعمل السري"، لتعطيل الدعم الإيراني المميت لموسكو.
وتابعت أنه من خلال التنسيق الوثيق مع إسرائيل، على الولايات المتحدة أن تتبنى سياسة واضحة -مماثلة لعقيدة الأخطبوط الإسرائيلية- لردع وإحباط الهجمات الإيرانية وانتشار الأسلحة من خلال استخدام "قوة عسكرية استباقية متسقة"، بعد "الفشل الواضح لحسن نية إدارة بايدن" واستخدام الدبلوماسية مع النظام الإيراني.
وفق المجلة -أيضًا- يمكن للولايات المتحدة أن تبني على التنسيق الدبلوماسي والعسكري الأخير مع إسرائيل، بما في ذلك مناورات "جونيبر أوك" الواسعة النطاق التي أجريت الشهر الماضي، لتحسين وبث الاستعداد المشترك.
فقد كثفت الولايات المتحدة وإسرائيل الأنشطة العسكرية المشتركة، إذ إنهما -للمرة الثانية- تجريان مناورات عسكرية مشتركة في غضون ثلاثة أشهر، كانت الأولى مناورات جوية مشتركة (نوفمبر 2022)، بينما أجرتا (من 23 إلى 27 يناير الماضي) المناورة "جونيبر أوك 2023" الشاملة.
ورغم اقتصار البيانات الرسمية على أن المناورات تهدف إلى تعزيز قدرات التشغيل بين القوات الأمريكية ونظيراتها الإسرائيلية، فإن البيانات العملية، وتقارير وسائل الإعلام في إسرائيل والولايات المتحدة، نقلت عن مسؤولين من البلدين، أن الهدف هو التدريب على محاكاة هجوم مشترك على إيران ضد مواقع نووية، والتصدي لهجوم بحري إيراني، كرد فعل على أي تحرك أمريكي إسرائيلي ضد أي تحرك إيراني محتمل.
كما نقلت الإدارة الأمريكية عن الرئيس جو بايدن، بالتزامن مع ختام المناورات الأخيرة، أنه لا يستثني الخيار العسكري ضد إيران.
أمام ذلك -تضيف المجلة الأمريكية- على إدارة بايدن التعجيل بتسليم ناقلات تزويد الطائرات بالوقود من طراز بوينغ كيه سي-46 بيغاسوس إلى إسرائيل، التي ستكون ضرورية إذا أصبح من الضروري لإسرائيل ضرب المنشآت النووية الإيرانية، كما يجب على البنتاغون أيضًا تجديد مخزونه الاحتياطي الحربي في إسرائيل، المعروف بـ (دبليو آر إس إيه آي)، الذي لم يُحدث منذ فترة طويلة.
ومع ذلك، بعد أن نقلت الولايات المتحدة المدفعية من (دبليو آر إس إيه آي) إلى أوكرانيا، هناك مساحة مفتوحة لتخزين الذخائر الموجهة بدقة، التي ستحتاجها إسرائيل في حرب شاملة مع إيران وحزب الله.
وأشارت المجلة إلى أنه مع تهديد إيران بالرد عن طريق استهداف السفن التي لها علاقات بإسرائيل، كما حدث عام 2021 عندما زُعم أن إسرائيل خربت محاولات طهران لتهريب النفط إلى سوريا، على القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية أيضًا الضغط لإدراج إسرائيل في القوات البحرية المشتركة، التي تركز على حرية الملاحة والقرصنة ومكافحة المخدرات والأنشطة غير المشروعة.
تضيف المجلة: "على الولايات المتحدة أن تكون في شراكة وثيقة مع إسرائيل لتقويض القدرات الإيرانية على نطاق أوسع"، مشددة على أن إسرائيل طورت نموذجًا لمكافحة العدوان الإيراني بشكل مباشر ومن ثمّ "على الولايات المتحدة أن تؤيده بحزم".