واشنطن بوست: مستقبل أوكرانيا ليس في الناتو
الانضمام إلى الناتو أم الخروج من هذا الصراع، كواحدة من أهم القوى العسكرية في أوروبا؟، خياران يلوحان في الأفق أمام أوكرانيا.

ترجمات -السياق
الانضمام إلى «الناتو» أم الخروج من هذا الصراع، كواحدة من أهم القوى العسكرية في أوروبا؟، خياران يلوحان في الأفق أمام أوكرانيا، التي أنهكتها الحرب الدائرة على أراضيها منذ 24 فبراير 2022.
وبينما تقف تحديات عدة أمام الخيار الأول، بات الثاني أقرب إلى الواقع، خاصة أن قوات أوكرانيا تعبر حقبة التسليح بالمعدات السوفيتية إلى المعدات القياسية لحلف شمال الأطلسي، ما يجعلها قاب قوسين أو أدنى من أن تصبح إحدى الكتل العسكرية في أوروبا.
فماذا عن الخيارين؟
تقول «واشنطن بوست»، في تحليل ترجمته «السياق»، إنه خلال الحرب العالمية الثانية، بدأ الحلفاء التخطيط لعصر ما بعد الحرب قبل أن يلوح النصر في الأفق، مشيرة إلى أنه حان الوقت لكي تحذو كييف والغرب الشيء نفسه، بعد مرور عام على الصراع في أوكرانيا.
وأكدت الصحيفة الأمريكية، أن أوكرانيا لم تنتصر في الحرب، بالنظر إلى الهجوم الروسي، مشيرة إلى أن التسوية قد تستغرق أشهرًا أو حتى سنوات، لكن الاتفاق على خريطة للسلام، يتطلب من أوكرانيا ضمان أمنها ضد النظام الروسي، الذي بالكاد يعترف بحقه في الوجود.
وبحسب «واشنطن بوست»، عندما تنتهي الحروب، يمكن أن تستمر الظروف التي خلفتها، مشيرة إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يسعى إلى السيطرة على أكبر قدر ممكن من الأراضي الأوكرانية، لأنه لا يعتقد أن كييف دولة حقيقية تستحق سيادة.
وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أنه إذا اضطر بوتين، أو من يخلفه، إلى إبرام اتفاق سلام، أو ببساطة خفض حدة هذا الصراع، يمكن لموسكو تجديد «عدوانها» في الوقت المناسب.
الخطة (أ)
وفي ضوء تلك الأوضاع، تكون الخطة «أ» لأوكرانيا العضوية في منظمة حلف شمال الأطلسي، وهو طموح منصوص عليه في دستور البلاد، بحسب «واشنطن بوست»، التي قالت إنه ليس من الصعب معرفة السبب، فعضوية «الناتو» تأتي حاملة معها المعيار الذهبي للضمانات الأمنية: تعهد من أقوى تحالف في العالم، يضم القوة العظمى الوحيدة فيه، بالتعامل مع أي هجوم على أي عضو فيه، على أنه هجوم على الجميع، ما يجعله السبيل الأضمن لأي تأمين ضد الغزو في العالم.
إلا أن الصحيفة الأمريكية، قالت إنه من غير المحتمل أن يحدث ذلك، فـ «الناتو» لا يقبل البلدان التي تشهد نزاعات حدودية، ناهيك عن النزاعات شبه المجمدة على أراضيها، لأنه لا يريد الارتباط بمشكلات الأعضاء الجدد.
وأكدت أنه إن لم تنتهِ الحرب بانسحاب روسي واستسلام، بشأن مسائل تتعلق بوحدة أراضي أوكرانيا، قد تُترك كييف في الخارج، ضحية المفارقة القاسية.
وتقول «واشنطن بوست»، إنه يمكن لأي نادٍ يضع قواعده الخاصة تغييرها بالطبع، لكن «الناتو» يعمل بمبدأ الإجماع، ومن المشكوك فيه أن أعضاءه الثلاثين سيكونون على استعداد لمواجهة روسيا إذا استؤنفت الحرب، كما قال الرئيس جو بايدن: «لن نخوض الحرب العالمية الثالثة في أوكرانيا».
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن أوكرانيا قد تستحق عضوية «الناتو»، فقد أظهرت شجاعة وقدرة لا تصدق في مواجهة روسيا، لكن في السياسة العالمية، «تستحق» لا تعني الكثير.
الخطة (ب)
الخطة ب، هي أوكرانيا التي تنتمي إلى الغرب لكنها ليست متحالفة رسميًا معه، ولديها جيش قوي للغاية لحماية استقلالها، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي رجحت خروج أوكرانيا من هذا الصراع كواحدة من أهم القوى العسكرية في أوروبا.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية، أن أوكرانيا لديها أيضًا احتياطات ضخمة من القوى العاملة المدربة، إضافة إلى أن جيشها الذي ينتقل من المعايير السوفيتية إلى المعدات القياسية لـ «الناتو»، سيمتلك أسلحة ذات جودة أعلى مما كانت عليه عندما بدأ الصراع، بما في ذلك القدرات المتطورة مثل نظام الصواريخ عالية الحركة ودبابات أبرامز.
وأشارت إلى أن هذا الأمر يتعلق بالمكون الثاني لأمن أوكرانيا: شراكة وثيقة ومستمرة تقدم فيها الدول الغربية المشورة والمساعدة في تدريب الجيش الأوكراني، مع الاستمرار في تزويد كييف بالأسلحة والإمدادات التي تحتاجها للدفاع عن النفس.
وأكدت الصحيفة الأمريكية، أن هذا النموذج آخذ في الظهور، فدبابات أبرامز التي تعهد بايدن بتقديمها لأوكرانيا، قطع معقدة من المعدات تشكل تحديات لوجستية كبيرة وتحديات الاستدامة، مشيرة إلى أن تلك الأسلحة ليست من نوع القدرة التي تقدمها واشنطن، إلا إذا كانت تخطط للبقاء بعمق مع المتلقي.
حلف وارسو جديد
وقد تذهب دول «الناتو» الفردية إلى أبعد من ذلك، فدول الجبهة الشرقية -بولندا ودول البلطيق على وجه الخصوص- تشترك مع أوكرانيا في مخاوفها من روسيا وتعمل على تعزيز جيوشها، ما يجعل إمكانية تشكيل «حلف وارسو جديد» -كتلة عسكرية من دول أوروبا الشرقية- أقرب إلى التحالف الرسمي، لحماية الحرية بدلاً من خنقها.
إلا أن هذه الاستراتيجية تقف أمامها تحديات، فتاريخ العلاقات بين بولندا وأوكرانيا، على سبيل المثال، ليس جيدًا، لذا فإن أحد الأسئلة المطروحة هو ما إذا كانت التحديات الحالية يمكن أن تسمح لأوروبا الشرقية بتجاوز الانقسامات.
وتعد الخطة «ب» ثاني أفضل حل لأوكرانيا، حيث -كما توضح الحرب الحالية- يمكن أن يكون الاختلاف بين «حليف الناتو» و«شريك أمني وثيق» وجوديًا.
وتقول «واشنطن بوست»، إن أوكرانيا تبني جيشًا هائلًا، لكنها ستواجه صعوبات كبيرة في الحفاظ عليه، بالنظر إلى أن الحرب دمرت اقتصاد البلاد، مشيرة إلى أنه ليس هناك ما يكفي من الأصول الروسية المجمدة لدفع تكاليف إعادة الإعمار، حتى لو اتبعت واشنطن ودول أخرى هذا النهج.
لذلك من المرجح أن تظل أوكرانيا جناحًا اقتصاديًا للغرب، حيث تمول واشنطن وحلفاؤها الدفاع عن البلاد في المستقبل المنظور، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إنه حتى لو لم تكن كييف متجهة إلى «الناتو»، فإن نهاية الحرب قد تكون مجرد بداية لالتزام غربي طويل تجاه أوكرانيا.