هل يحل زعيم فاغنر محل بوتين في رئاسة روسيا؟
يتردد أن زعيم مجموعة فاغنر الروسية، يتطلع إلى السلطة السياسية، لدرجة أن هناك من يقترح توليه منصب الرئيس خلفًا لبوتين

ترجمات - السياق
بعد تراجع القوات الروسية، في عدد من المدن والمحاور الأوكرانية المهمة، كان اللجوء إلى قوات فاغنر الخاصة طوق الإنقاذ، حيث نجحت هذه المجموعات "المرتزقة" في ترجيح كفة الروس بمدن عدة، على رأسها باخموت وخيرسون، فهل يُعد ذلك بداية لتقديم رئيسها يفغيني بريغوزين، كوريث شرعي لفلاديمير بوتين في رئاسة روسيا؟
شبكة يورونيوز الأوروبية، سلطت الضوء على الخليفة المحتمل لـبوتين في الكرملين، مشيرة إلى أن بريغوزين -رجل الأعمال المقرب من الرئيس الروسي، الذي يُطلق عليه "طباخ بوتين"- قد يكون الرئيس المقبل للاتحاد الروسي.
ووصفت الشبكة يفغيني بريغوزين، بأنه "يعرف كيف يُحدث ضجة حوله"، مشيرة إلى أنه يتصدر عناوين الصحف يوميًا تقريبًا، بسبب تعليقاته الحادة على حرب أوكرانيا، لافتة إلى أنه يتردد أن زعيم مجموعة فاغنر الروسية، يتطلع إلى السلطة السياسية، لدرجة أن هناك من يقترح توليه منصب الرئيس خلفًا لبوتين.
وفي باخموت، أعلن يفغيني بريغوزين، قائد قوات فاغنر الروسية، التي تشكل رأس حربة في السيطرة على تلك المدينة الأوكرانية، أعلن -قبل أيام- أن قواته قتلت خلال المعارك 38 ألف جندي أوكراني.
كان بريغوزين أعلن أن قواته تسيطر على 80 في المئة من باخموت، لكن الجيش الأوكراني ذكر أن النسبة مُبالغ فيها.
أدوار مشبوهة
وعن توسع دوره خلال الفترة الأخيرة، خصوصًا في ما يتعلق بالحرب الدائرة في أوكرانيا، ونجاحه في تغيير الدفة لصالح موسكو، نقلت "يورونيوز" عن الخبير الأمريكي، أستاذ السياسة الدولية في جامعة نيويورك مارك جاليوتي، قوله: "بريغوزين اكتسب شهرته من خلال تنفيذ ما يريده بوتين والكرملين بحرفية شديدة، ومن الواضح أنه يستفيد -على المستوى الشخصي- مما تفعله مجموعته المرتزقة في ساحة القتال".
وأشارت الشبكة إلى أنه حتى قبل أن يرسل جيشه المرتزقة، إلى بعض أكثر المعارك شراسة في أوكرانيا، تورط بريغوزين بالتدخل في انتخابات التجديد النصفي الأمريكية الأخيرة.
وقال بريغوزين، المتهم بإدارة "مصنع ترول" للتأثير في نتائج التصويت بدول غربية عدة، في بيان نقله فريقه: "أيها السادة، تدخلنا، نتدخل وسنتدخل".
وأضاف ساخرًا: "بعناية، بدقة، جراحيًا، والطريقة التي نقوم بها، بالطريقة التي نستطيع بها".
من جانبه، أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي "إف بي آي"، وضع رجل الأعمال الملقب بـ"طباخ بوتين"، الذي يشرف على خدمات الطعام في الكرملين، على قائمة المطلوبين بمكافأة تصل إلى 250 ألف دولار، حال توافر أي معلومات تؤدي لاعتقاله.
ويُتهم بريغوزين أيضًا باستخدم مقاتليه من الميليشيات الخاصة في أعمال مشبوهة عبر القارة الإفريقية.
وبحسب ما ورد، كانت آخر مناوراته محاولة الاستيلاء على حزب سياسي في روسيا ، وهو ما حذر محللون في معهد دراسة الحرب، من أنه قد يؤدي إلى "انقسام داخل الكرملين".
فقد أفاد موقع ميدوزا الإخباري المستقل الناطق بالروسية، نقلًا عن مصادر مقربة من الكرملين، بأن بريغوزين يحاول السيطرة على حزب روسيا العادلة، الذي وصف زعيمه سيرغي ميرون القوة المرتزقة فاغنر مؤخرًا بأنها "تشكيل عسكري بطولي".
وهو ما علق عليه مارك بيسينغر، أستاذ السياسة في جامعة برينستون، بالقول: "من الواضح أنه يحاول وضع نفسه ليلعب دورًا عامًا في السياسة الروسية"، مضيفًا: "هناك سؤال معلق بشكل متزايد على السياسة الروسية: ماذا يحدث بعد بوتين"؟
ورغم هذا النفوذ، فإن بيسينغر استبعد أن ينقلب بريغوزين على بوتين، مضيفًا: "بوتين ليس في خطر الانقلاب عليه، لكنه يتقدم في السن، ومع تقدم الطغاة في السن، يحاول أصحاب الطموحات وضع أنفسهم لملء الفراغ الذي قد يخلفه موت الزعيم".
وحسب الشبكة الأوروبية، تعتمد سلطة بريغوزين السياسية على فاغنر -مع عدم وجود أي سياسي روسي آخر يقود هذه القوة العسكرية- وقد تراكمت ثروته الهائلة جراء حمايته للأنظمة الإفريقية الضعيفة، مقابل مناجم الذهب الخاصة بها.
ويرى بيسينغر، أن بريغوزين -مدعومًا بالنجاحات المزعومة في أوكرانيا- تسبب بالتأكيد في عاصفة داخل السياسة الروسية.
وفي مارس الماضي، تحدى علانيةً رواية الكرملين، بأنه كان يُقاتل النازيين في أوكرانيا، وهي حجة زائفة استخدمها بوتين مرارًا وتكرارًا لتبرير الغزو.
ويصف بيسينغر، بريغوزين بأنه "شخص يمكنه اكتشاف طريقه نحو السلطة، لكن في حدود ما هو مقبول حتى الآن"، مشيرًا إلى أنه رغم تعاطفه مع النخبة الأوليغارشية فإنه مازال غريبًا عنها.
يذكر أن بريغوزين يتحدر من خلفية الطبقة العاملة، وسبق أن قضى نحو تسع سنوات في السجن، بتهمة السرقة خلال ثمانينيات القرن الماضي.
ويرى بيسينغر أن بقاء بريغوزين على الساحة السياسية مسموح به لأنه "مفيد لبوتين"، خصوصًا أنه يقدم خدمات للدولة أثناء الحرب، لا يستطيع الجيش تقديمها.
"فينديتا هوايته"
وعن بعض العوائق التي قد تمنع بريغوزين من صعود سلم السلطة، بينت "يورونيوز" أن الوحشية التي اتسمت بها "مرتزقة فاغنر"، جعلتها متهمة بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، وهو أمر قد يقف عائقًا أمام نية بريغوزين للوصول إلى الكرملين يومًا.
ونقلت الشبكة عن بيسينغر قوله: "يمكن أن ينهار كل شيء بسرعة كبيرة بالنسبة له، لكنه قد يكون أيضًا قادرًا على استغلال ذلك في التأثير إذا أقام تحالفات قوية وذات تأثير في الداخل".
بينما كان الخبير الأمريكي جاليوتي أكثر تشككًا في مستقبل بريغوزين السياسي، وقال لـ "يورونيوز": "لا أرى أي بادرة على أي نوع من الطموحات السياسية لبريغوزين"، مضيفًا: "كل هذا الحديث عن أنه يمكن أن يكون الرئيس أو وزير الدفاع القادم هراء".
وأشارت الشبكة إلى أنه حتى قبيل إرسالهم إلى باخموت جنوبي أوكرانيا، كان عدد مرتزقة فاغنر نحو 30 ألفًا مقارنة بـ 800 ألف جندي في الجيش التقليدي، فضلًا عن أنهم يعتمدون -بشكل كبير- على الجيش الروسي، في الحصول على الذخيرة والعتاد.
ويعلق جاليوتي على ذلك قائلًا: "حتى لو سُمح له بسلطة أكبر، سيكون أداة في يد الكرملين، بدلاً من أن يتمتع بأي استقلالية".
ورغم ذلك، فإن الخبير الأمريكي، رفض استبعاده تمامًا من الصورة السياسية في روسيا، واصفًا إياه بأنه "انتهازي لا يرحم"، ومن ثمّ قد يفعل كل ما يتطلبه الأمر للوصول إلى مبتغاه في النهاية".
وأفادت الشبكة الأوروبية، بأن شركة كونكورد كاترينغ، التابعة لشركة بريغوزين، فازت بعقود بمليار دولار لإطعام المدارس والجيش الروسيين واستضافة مآدب الكرملين.
في المقابل، هناك من يرى أن قتل المدون العسكري البارز فلادلين تاتارسكي الشهر الماضي، في انفجار قنبلة كان تحذيرًا لبريغوزين، لأنهما كانا حليفين، وحدث ذلك في مقهى كان يملكه، إلا أن هناك من يتهم أوكرانيا بالوقوف وراء التفجير.
ويرى جاليوتي أن أحد المصادر الرئيسة للتكهنات بما تسمى طموحات بريزوغين السياسية، أنه يتحدث بصراحة شديدة، مشيرًا إلى أن أعداءه السياسيين "سعداء للغاية" لتشجيع هذه الفكرة على دق إسفين بينه وبين بوتين.
وأشارت الشبكة الأوروبية، إلى أنه منذ بداية حرب أوكرانيا، عُثر على عدد غير قليل من الأوليغارشية ومنتقدي بوتين قتلى، ما أثار تساؤلات عمن يقف وراء ذلك؟
بينما ذكرت وكالات أنباء روسية أن بعض هؤلاء سقطوا بطريق الخطأ من نوافذ المستشفيات، بينما تعثر آخرون مرات عدة على السلالم، ولقوا حتفهم.
بالنسبة لجاليوتي، فإن التكهنات والاهتمام ببريغوزين عكسا -في النهاية- شيئًا ربما يكون أكثر إثارة للقلق، قائلًا: "هناك افتتان مروع بهذه القوة المرتزقة، التي تبدو قادرة على تجاهل المعايير الأساسية للسلوك الحضاري"، مضيقًا: "هؤلاء المرتزقة يجعلون الجيش الروسي النظامي يبدو كأنه فتيان الكشافة".
وفي الآونة الأخيرة، انتشرت مقاطع فيديو على الإنترنت لمرتزقة فاغنر يعدمون فارين بمطارق ثقيلة، بينما اتهمت القوة بالاغتصاب في أوكرانيا.