جنرال أمريكي يتوقع حربًا مع الصين عام 2025... هل تتحقق نافذة ديفيدسون؟
من غير المرجح أن يشكل استخدام القوة العسكرية من القوتين العظميين في المياه الآسيوية تهديدًا وجوديًا لأي دولة أو المخاطرة بحرب نووية

ترجمات -السياق
«الصين تمثل تحديًا سريعًا لوزارة الدفاع الأمريكية»، بهذه الكلمات عبَّـرت الولايات المتحدة عن قلقها من سياسة بكين التوسعية، التي تنتهجها في الفترة الأخيرة.
فبينما تعد الولايات المتحدة، الصين مصدر قلقها على المدى الطويل، مستشهدة بالتوسع العسكري السريع لبكين، لم يخفِ مسؤولوها حقيقة أن يتطور ذلك القلق إلى حرب بين القوتين العظميين، وحثت كل منهما قواتها على الاستعداد للقتال بدءًا من هذا العام.
الجنرال مايكل مينيهان، الذي ينتمي إلى سلاح الجو الأمريكي، توقع نشوب حرب بين بكين وواشنطن عام 2025، قائلًا: «آمل أن أكون مخطئًا(...) حدسي يخبرني بأننا سنُقاتل عام 2025».
الجنرال الأمريكي، الذي يعد رئيس قيادة التنقل الجوي، الذي يشرف على أسطول الخدمة من طائرات النقل والتزود بالوقود، قال في مذكرة، إن الرئيس الصيني شي جين بينغ «لديه فريق ودافع وفرصة عام 2025»، مشيرًا إلى أن «الانتخابات التايوانية لعام 2024 ستمنح الزعيم الصيني سببًا للتحرك».
وأوضح مايكل مينيهان، أن السباق الرئاسي للوصول إلى البيت الأبيض، المقرر إجراؤه عام 2024، سيوفر للصين فرصة وجود «أمريكا مشتتة»، بحسب «واشنطن بوست»، التي قالت إن الجنرال الأمريكي دعا قوّاته إلى التدرب على القتال، خصوصًا من خلال التوجه إلى ميادين الرماية والتصويب على أهداف محددة ونحو الرأس.
وبينما قال إن المسؤولين الأمريكيين يعملون مع الحلفاء والشركاء لـ «الحفاظ على منطقة المحيطين الهندي والهادئ سلمية وحرة ومنفتحة»، مطالبًا قواته بتسريع استعداداتهم لصراع محتمل.
ووجه مينيهان الطيارين المؤهلين لاستخدام سلاح «لإطلاق مقطع على هدف طوله 7 أمتار مع فهم أن القتل هو الأكثر أهمية»، مطالبًا الموظفين الذين يرفعون تقاريره إليه بأن «يأخذوا في الاعتبار شؤونهم الشخصية، وأن يكونوا أكثر جرأة في ما يتعلق بالتدريب».
وتابع: «اركضوا عمدًا، لا بتهور. إذا كنت مرتاحًا لأسلوبك في التدريب، فأنت لا تخاطر بما يكفي».
تصريحات الجنرال الأمريكي جاءت في مذكرة داخلية مؤرخة للعرض في 1 فبراير المقبل، إلا أنه بعد مشاركته مع وسائل الإعلام، بدأت المذكرة تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي.
تحدٍّ جوهري
يقول المتحدث باسم البنتاغون، الجنرال باتريك رايدر، إن استراتيجية الدفاع الوطني الأمريكية توضح «أن الصين تمثل تحديًا جوهريًا لوزارة الدفاع».
وقال مسؤول دفاعي أمريكي في تصريحات لـ«واشنطن بوست»، بشرط عدم كشف هويته بسبب حساسية القضية، إن تعليقات مينيهان «لا تمثل وجهة نظر الوزارة بشأن الصين».
قبل توليه قيادة التنقل الجوي عام 2021، خدم مينيهان بمجموعة من الأدوار المؤثرة في المحيط الهادئ، بدءًا من عام 2013، بينها نائب قائد قيادة المحيطين الهندي والهادئ.
وتقول «واشنطن بوست»، إن مذكرة الجنرال تتزامن مع محاولة البنتاغون لإعادة 20 عامًا من حروب مكافحة التمرد في الشرق الأوسط، ومع استمرار إدارة بايدن في تزويد أوكرانيا بمليارات الدولارات من المساعدات الأمنية، في الوقت الذي تسعى فيه جاهدة لمحاربة العملية العسكرية الروسية.
وحذر كبار المسؤولين الأمريكيين، من أن الصين الصاعدة قد تشن هجومًا على تايوان، بينما أعلنت وزارة الدفاع في عهد الرئيس بايدن وسلفه الرئيس دونالد ترامب، أن الصين مصدر قلقها على المدى الطويل، مستشهدة بالتوسع العسكري السريع لبكين وسلوكها الحازم في السنوات الأخيرة.
نافذة ديفيدسون
لكن المسؤولين الأمريكيين عرضوا رسائل متضاربةعما إذا كانت الصين تحاول الاستيلاء على تايوان ومتى، فعام 2021 توقع الأدميرال فيل ديفيدسون، رئيس القيادة الأمريكية في المحيطين الهندي والهادئ، أن تقوم بكين بهذه المحاولة عام 2027، ليطلق بعض علماء الأمن القومي على هذا الجدول الزمني «نافذة ديفيدسون».
وفي ضوء مخاوفه بشأن الصين، سعى البنتاغون إلى توسيع الشراكات العسكرية مع شركاء راغبين في الهادئ، ففي الشهر الجاري كشفت الحكومتان الأمريكية واليابانية أن وحدة مشاة البحرية في جزيرة أوكيناوا اليابانية، ستتم إعادة تشكيلها لتصبح قوة قادرة على شن عمليات في جزر المنطقة، وتوجيه الصواريخ بعيدة المدى ضد الخصوم.
وقال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، في 11 يناير، خلال مؤتمر صحفي إلى جانب مسؤولين يابانيين، إن الولايات المتحدة لاحظت بعض «السلوك الاستفزازي للغاية» من القوات الصينية، في محاولة لدفع المعايير الدولية، لكنه قلل من أهمية المخاوف من أن الصين قد تشن هجومًا على تايوان، في أي وقت قريب.
أوستن أضاف: «لقد شهدنا نشاطًا جويا متزايدًا، وكذلك للسفن السطحية حول تايوان. مرة أخرى، نعتقد أنهم يسعون إلى وضع طبيعي جديد، لكن سواء كان ذلك يعني أن الغزو وشيك أم لا، فإنني أشك في ذلك بجدية».
يأتي ذلك، بينما قالت «فورين بوليسي»، في تقرير، إن 2022 رغم أنه كان أكثر الأعوام اضطرابًا وتحويلًا في السياسة الدولية منذ ثورات عام 1989، فإنه كان عاملاً تحوليًا في الطريقة التي اعترفت بها الولايات المتحدة بالصين كقوة عظمى.
نظام عالمي جديد
ففي استراتيجية الأمن القومي الأمريكية الصادرة في أكتوبر الماضي، لم تقل إدارة بايدن إن الصين أهم تحدياتها الأمنية فحسب، بل أعلنت أيضًا بشكل لا لبس فيه أن حقبة ما بعد الحرب الباردة انتهت، بحسب «فورين بوليسي»، التي قالت إنه إذا كان موقع القوة أحادية القطب للولايات المتحدة السمة المميزة لحقبة ما بعد الحرب الباردة، فإن التحول إلى هيكل قوة ثنائي القطب بين الولايات المتحدة والصين سيشكل نظامًا عالميًا جديدًا.
وأشارت إلى أنه من حيث توازن القوى، فإن التنافس بين الولايات المتحدة والصين يشبه الحرب الباردة، وهي عداء آخر بين قوتين عظميين، مؤكدة أن القطبية الثنائية الجديدة بين الولايات المتحدة والصين حقيقة هيكلية.
5 عوامل
وتقول الصحيفة الأمريكية، إن هناك أسبابًا وجيهة للاعتقاد بأن هيكل التنافس الثنائي القطب بين أمريكا والصين، سيجعل الحقبة الجديدة أقل استقرارًا من الحرب الباردة، لـ5 عوامل:
أولاً، يتميز التنافس بين الولايات المتحدة والصين بديناميكية انتقال غير مستقرة للسلطة، فالأدلة التاريخية تظهر أن هناك خطرًا من اندلاع حرب كبرى، عندما تهدد قوة صاعدة بالتغلب على قوة مهيمنة آخذة في التراجع.
وأشارت التصريحات الأخيرة، إلى أن الصين ربما تكون قد تجاوزت الولايات المتحدة في عدد الرؤوس الحربية النووية على صواريخها البالستية العابرة للقارات، لكن في ما يتعلق بالمخزون النووي الكلي -بما في ذلك الرؤوس الحربية المنتشرة على الصواريخ البالستية العابرة للقارات، والصواريخ البالستية التي تطلق من الغواصات، والقاذفات الاستراتيجية، وكذلك الرؤوس الحربية النووية غير النشطة- لا يزال مخزون الصين من الأسلحة النووية صغيرًا نسبيًا، مقارنة بمخزون الولايات المتحدة.
ثانيًا: على عكس الحرب الباردة، فإن المسرح الرئيس للتنافس العسكري بين الولايات المتحدة والصين هو البحرية، التي بطبيعتها أقل استقرارًا ومعرضة لخطر حرب محدودة.
ومن غير المرجح أن يشكل استخدام القوة العسكرية من القوتين العظميين في المياه الآسيوية تهديدًا وجوديًا لأي دولة أو المخاطرة بحرب نووية، بحسب "فورين بوليسي"، التي قالت إن الصين قد تستخدم الأسلحة النووية إذا جرى غزوها، لكن من غير المرجح أن يخاطر القادة الصينيون بحرب شاملة مع الولايات المتحدة إذا تم تدمير بعض سفنهم.
ثالثًا: تعد تايوان مصدرًا آخر لعدم الاستقرار في النظام ثنائي القطب الجديد، فالجزيرة تمثل الخطر الأكبر لحرب القوى العظمى في عصر التنافس بين الولايات المتحدة والصين، مع ديناميكيات تصعيد غير مؤكدة، من حيث الانتشار الجغرافي واستخدام الأسلحة.
رابعًا: توفر مجالات القتال الجديدة في الفضاء وعالم الإنترنت لواشنطن وبكين سبلًا إضافية لتعطيل أي حرب محتملة، فهجوم إلكتروني مفاجئ كبير ومتطور من شأنه منع نشوب صراع عسكري أو تأخير أو ردع رد المنافس.
خامسًا: على عكس النظرية القائلة إن الاعتماد المتبادل يقلل مخاطر الحرب، فإن المستوى المرتفع من الترابط الاقتصادي والتكنولوجي بين الولايات المتحدة والصين، من المحتمل أن يكون أكثر عرضة للصراع من الاكتفاء الذاتي النسبي للكتلتين، خلال الحرب الباردة.
وأكدت الصحيفة الأمريكية، أن تطوير حواجز الحماية من نشوب حرب بين أمريكا والصين لن يكون سهلًا، فسيكون من الصعب تحقيق الحد من التسلح في المستقبل القريب، لأن الصين لا تزال تلحق بالركب عسكريًا.
وفي ما يتعلق بتايوان، مارست بكين وواشنطن الغموض الاستراتيجي لعقود، بينما ستكون هناك حاجة ماسة إلى الحِكمة السياسية على الجانبين، لتطوير قواعد اللعبة ثنائية القطب الجديدة، وتعديلها باستمرار.